أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
1758
التاريخ: 2024-07-02
531
التاريخ: 27-11-2014
1492
التاريخ: 11-10-2014
1690
|
ذكر بدر الدين الزركشي ان الاَمثال على قسمين : ظاهر وهو المصرّح به ، وكامن وهو الذي لا ذكر للمثل فيه وحكمه حكم الاَمثال. (1)
وقد نقل السيوطي ذلك النص بنفسه وحاول تفسير المثل الكامن ، وقال ما هذا نصّه : فمن أمثلة الاَوّل ، قوله تعالى : {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا...} [البقرة : 17] ضرب فيها للمنافقين مثلين : مثلاً بالنار ومثلاً بالمطر ـ ثمّ قال ـ : وأما الكامنة : فقال الماوردي : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم ، يقول : سمعت أبى يقول : سألت الحسين بن فضل ، فقلت : إنّك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن ، فهل تجد في كتاب الله : "خير الاَمور أوسطها"؟ قال : نعم في أربعة مواضع :
قوله تعالى : {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة : 68]
وقوله تعالى : {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا } [الفرقان : 67]
وقوله تعالى : {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء : 29]
وقوله تعالى : {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء : 110]
قلت : فهل تجد في كتاب الله "من جهل شيئاً عاداه" ؟ قال : نعم ، في موضعين :
{بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} [يونس : 39]
{وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ } [الأحقاف : 11]
قلت : فهل تجد في كتاب الله "احذر شر من أحسنت إليه"؟ قال : نعم.
{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة : 74]
قلت : فهل تجد في كتاب الله "ليس الخبر كالعيان"؟ قال : في قوله تعالى : {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة : 260]
قلت : فهل تجد "في الحركات البركات"؟ قال : في قوله تعالى : { وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً } [النساء : 100]
قلت : فهل تجد "كما تدين تدان"؟ قال : في قوله تعالى : {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } [النساء : 123]
قلت : فهل تجد فيه قولهم "حين تَقْلي تدري"؟ قال : { وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان : 42]
قلت : فهل تجد فيه : "لا يُلدغ الموَمن من جحر مرّتين"؟ قال : {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} [يوسف : 64]
قلت : فهل تجد فيه "من أعان ظالماً سُلّط عليه"؟ قال : {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } [الحج : 4]
قلت : فهل تجد فيه قولهم : "ولا تلد الحية إلا حيّة"؟ قال : قوله تعالى : { وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح : 27]
قلت : فهل تجد فيه : "للحيطان آذان"؟ قال : {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة : 47]
قلت : فهل تجد فيه : "الجاهل مرزوق والعالم محروم"؟ قال : {مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مريم : 75]
قلت : فهل تجد فيه : "الحلال لا يأتيك إلا قوتاً ، والحرام لا يأتيك إلا جزافاً"؟ قال : {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ} [الأعراف : 163].(2)
وقد أخذ عليه "بأنّه لو حققْتَ النظر فيما أورده الماوردي ، لما وجدت مثلاً قرآنياً واحداً بالمعنى الذي يراد التعبير عنه بأنّه مثل كامن ، على أنّ الماوردي لم ينقل عن الحسين بن الفضل بأنّ متخيّره هذا مثل كامن ، ولا سمَّى الماوردي ذلك به ، وإنّما أورد رواية للمقارنة بما يمكن أن يعد أمثالاً من كلام العرب والعجم ، ووضع قائمة مختارة ازاءه من كتاب الله بما يبذّ كلامهم ويعلو على أمثالهم.
فالتسمية إذن اختارها السيوطي متابعاً فيها الزركشي. وطبّق عليها هذه الاَمثلة . فهي فيما عنده أمثال كامنة ولكنّه من الواضح أن هذه العبارات القرآنية لا تدخل في باب الاَمثال ، فإن اشتمال العبارة على معنى ورد في مثل من الاَمثال ، لا يكفى لإطلاق لفظ المثل على تلك العبارة ، فالصيغة الموروثة ركن أساس في المثل ، لذلك نرى أنّ اصطلاح العلماء على تسمية هذه العبارات القرآنية (أمثالاً كامنة) محاولة لا تستند على دليل نصّي ولا تاريخي. (3)
تفسير آخر للمثل الكامن :
ويمكن تفسير المثل الكامن بالتمثيلات التي وردت في الذكر الحكيم من دون أن يقترن بكلمة "مثل" أو "كاف" التشبيه ، ولكنّه في الواقع تمثيل رائع لحقيقة عقلية بعيدة عن الحسن المجسّد بما في التمثيل من الاَمر المحسوس ، ومن هذا الباب قوله سبحانه :
1. {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة : 109]
إنّه سبحانه شبَّه بنيانهم على نار جهنم بالبناء على جانب نهر هذا صفته ، فكما أنّ من بنى على جانب هذا النهر فإنّه ينهار بناءه في الماء ولا يثبت ، فكذلك بناء هؤلاء ينهار ويسقط في نار جهنم ، فالآية تدلّ على أنّه لا يستوي عمل المتقي وعمل المنافق ، فإنّ عمل الموَمن المتقي ثابت مستقيم مبني على أصل صحيح ثابت ، وعمل المنافق ليس بثابت وهو واهٍ ساقط. (4)
2. {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ} [الأعراف : 40]
كانت العرب تمثّل للشيء البعيد المنال ، بقولهم : لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب ، وحتى يَبْيَضَّ القار ، إلى غير ذلك من الاَمثال .
يقول الشاعر :
إذا شاب الغراب أتيت أهلي وصار القار كاللبن الحليب
ولكنّه سبحانه مثّل لاستحالة دخول الكافر الجنّة بأنّهم يدخلون لو دخل الجمل في ثقب الاِبرة ، وقال : ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط ، معبراً عن كونهم لا يدخلون الجنة أبداً.
ففي الآية تمثيل وليس لها من لفظ المثل وحرف التشبيه أثر.
3. {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} [الأعراف : 58]
إنّ هذا مثل ضربه الله تعالى للموَمن والكافر فأخبر بأنّ الاَرض كلّها جنس واحد ، إلا أنّ منها طيّبة تلين بالمطر ، ويحسن نباتها ويكثر ريعها ، ومنها سبخة لا تنبت شيئاً ، فإن أنبتت فممّا لا منفعة فيه ، وكذلك القلوب كلّها لحم ودم ثمّ منها ليّن يقبل الوعظ ومنها قاسٍ جافٍ لا يقبل الوعظ ، فليشكر الله تعالى من لانَ قلبه بذكره.(5)
وفي ذيل الآية (كَذلِكَ نُصَرّفُ الآيات )إلمام إلى كونه تمثيلاً ، كما في الآية التالية.
4.قال سبحانه : {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة : 266]
أخرج البخاري عن ابن عباس ، قال : قال عمر بن الخطاب يوماً لأصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيمن ترون هذه الآية نزلت (أَيَوَدُّ أَحدكُمْ أَنْ تَكُون لَهُ جَنَّة مِنْ نَخيل وَأَعْناب )؟
قالوا : الله أعلم ، فغضب عمر ، و قال : قولوا : نعلم أو لا نعلم. فقال ابن عباس : في نفسي منها شيء ، فقال : يا بن أخي : قل ولا تحقِّر نفسك ، قال ابن عباس : ضربت مثلاً لعملٍ ، قال عمر : أي عمل؟ قال ابن عباس : لرجل غني عمل بطاعة الله ، ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله. (6)
وحصيلة البحث : إنّ التمثيل الوارد في القرآن الكريم ، تارة يقترن بكلمة المثل ، وأُخرى يقترن به مع لفظ الضرب حيث اختار سبحانه مادة الضرب لقسم كبير من أمثال القرآن ، وثالثة بحرف كاف التشبيه ، ورابعة بذكر مادة المثل بدون اقتران بواحد منهما مثل قوله : {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} [الأعراف : 58] .
_____________________
1 ـ البرهان في علوم القرآن : 1/571.
2 ـ الاِتقان في علوم القرآن : 2/1045ـ 1046.
3 ـ الصورة الفنية في المثل القرآني : 118 ، نقلاً عن كتاب "الاَمثال في النثر العربي القديم".
4 ـ مجمع البيان : 3/73.
5 ـ مجمع البيان : 2/432.
6 ـ صحيح البخاري : التفسير : تفسير سور ة البقرة ، باب قوله : (أيودّ أحدكم ) رقم 4264.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|