المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6242 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



بيان طرق مشيخة التهذيب (القسم الثاني).  
  
1259   08:27 صباحاً   التاريخ: 2023-07-31
المؤلف : الشيخ محمد آصف محسني.
الكتاب أو المصدر : بحوث في علم الرجال.
الجزء والصفحة : ص 330 ـ 340.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علم الرجال / مقالات متفرقة في علم الرجال /

إشكال ودفع:

لقائل أن يقول: إنّ للشيخ الطوسي رحمه الله إلى الشّيخ الكليني رحمه الله، طرقا بعضها ضعيف، بناء على إضرار جهالة شيخ الاجازة باعتبار الحديث. وبعضها معتبر، فيحتمل أنّه رحمه الله روى بعض الأحاديث بالطريق المعتبر، وبعضها بالطريق الضعيف، ولا تصريح ولا قرينة في كلامه أنّه لا يروي إلّا بالطريق الصحيح، كيف ولو كان نقله بالطريق الصحيح دائما لم يكن وجه لذكر الطرق الضعيفة؟ وحيث إنّه لا تمييز عندنا في ذلك يسقط جميع الأحاديث المنقولة منه من درجة الاعتبار (1).

وهذا الإشكال غير مختصّ بالمقام، بل يجري في كثير من أسانيد المشيخة والفهرست.

قلت: بل توجد في كلامه قرينة على أنّه يذكر جميع الأحاديث المنقولة عمّن يبدأ باسمه في التهذيبين بجميع طرقه المعتبرة وغير المعتبرة، لا أنّه قد يروي بأحد الطريقين، أو الطرق، وقد يروى بالآخر منهما أو منها، وهذه القرينة كلمة: (أيضا) المصدر بها الطريق اللاحقّ بعد السّابق، فدقّق النظر في عبارته.

بل أقوى من هذه القرينة هو ظهور عباراته في ذلك، فإنّ قوله وأخبرنا بها بعد قوله أخبرنا بجميع كتبه ورواياته، ظاهر في ذلك، بل هو المراد وإن فرض حذف الضمير المجرور (بها) والاكتفاء بقوله وأخبرنا ... بعد الطريق الأوّل فافهم ذلك.

قال قدّس سره: وما ذكرته عن علي بن إبراهيم بن هاشم، فقد رويته بهذه الأسانيد، عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم.

وأخبرني أيضا برواياته الشّيخ أبو عبد الله محمّد بن النعمان والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون كلّهم، عن أبي محمّد الحسن بن حمزة العلوي الطبري عن علي بن إبراهيم بن هاشم.

أقول: الطريقان كلاهما معتبران.

أمّا الطريق الأوّل، فقد عرفته، وأمّا الطريق الثّاني فالمفيد حاله ظاهر، والغضائري ثقة أو حسن، وكذا الحسن بن حمزة فإنّه ثقة.

وقال في الفهرست بعد الطريق الثّاني ظاهرا: وأخبرنا بذلك الشّيخ المفيد قدّس سره عن محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه، عن أبيه ومحمّد بن الحسن وحمزة بن محمّد العلوي ومحمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم إلّا حديثا واحدا استثناه (2) من كتاب الشّرائع في، تحريم لحم البعير، وقال لا أروي؛ لأنّه محال.

وهذا الطريق الثالث أيضا صحيح.

وحمزة بن محمّد وإن لم يرد فيه توثيق ومدح، إلّا انّه نقل عن التعليقة أنّه يكثر الصدوق رحمه الله من الرّواية عنه مترضيا (3).

أقول: وهو على فرض ثبوته أمارة المدح خلافا لسيّدنا الأستاذ الخوئي رحمه الله، ومثله ماجيلويه، بل يظهر أنّ ترضي الصدوق عنه أكثر من حمزة بكثير، كما يظهر من البحث الثّاني عشر، فهما حسنان. وقد ترحم عليه وترضى عنه، 15 مرّة من مجموع 23 مرّة ذكره.

قال قدّس سره: وما ذكرته عن محمّد بن يحيى العطار، فقد رويته بهذه الأسانيد عن محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى العطار.

وأخبرني أيضا الحسين بن عبيد الله وأبو الحسين بن أبي جيد القمّي جميعا، عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن أبيه محمّد بن يحيى العطار.

أقول: محمّد بن يحيى شيخ أصحابنا في زمانه ثقة عين كثير الحديث له كتب، كما قال النجّاشي، ثمّ إنّ الطرب الأوّل بأسانيده قد تقدّم بحثه، وأمّا علي بن أحمد بن محمّد أبي جيد أبو الحسين في الطريق الثّاني، فعن السّيد في الكبير: وظاهر الأصحاب الاعتماد عليه، والطريق إليه يعدّ حسنا وصحيحا، وعن الشّيخ الحرّ: والأصحاب يعدون حديثه حسنا وصحيحا. وعن البحراني: إن إكثار الشّيخ رحمه الله الرّواية عنه في الرجال وكتابي الحديث يدلّ على ثقته وعدالته وفضله، كما ذكره بعض المعاصرين.

قال المامقاني: روي النجّاشي عنه في مواضع منها ترجمة الحسين بن المختار، وكذلك الشّيخ قد أكثر الرّواية عنه في الفهرست، فهو من مشائخ الشّيخ والنجّاشي؛ ولأجله وثّقه السّيد الأستاذ رحمه الله.

أقول: في كلّ ذلك نظر، والله العالم.

وأمّا أحمد بن محمّد يحيى، فقد وثقه الشّهيد الثاني رحمه الله وغيره، بل يظهر من أحمد بن نوح السيرافي التعويل عليه (4)، لكن الفصل بين الشّهيد وأحمد ستمائة سنة أو ما يقرب منها، فلا يحتمل احتمالا غير موهوم استناد مثل هذا التّوثيق إلى الحسّ. ولا سيّما لم يصل إلينا توثيق من سبقه إياه، وأمّا التعويل فهو لا يقيدنا؛ لأنّ جمعا من الضعفاء قد أكثر عنهم بعض الثقات الحديث وعولوا عليهم، فهو أعمّ من التوثيق.

والعمدة في حسنه كثرة ترحّم الصدوق عليه وترضيه عنه، أمّا الكبرى فقد تقدّم ذكرها في البحث الثّاني عشر؛ وأمّا الصغرى فقد روي عنه الصدوق في معاني الإخبار (5) في أربعة مواضع، وأردف ذكره بالترضيّة في الثّلاثة الاولى. وفي توحيده في ستّة عشر موضعا، مترضيّا ومترحما عليه في اثني عشر موضعا، وهي في أبواب: السادس والتّاسع والحادي عشر، والثّاني عشر والثامن والعشرين والثامن، والثلاثين والثّاني والأربعين والخامس والأربعين، والواحد والخمسين والخامس والخمسين، والثالث والستّين. وكذا أكثر الترضّي عنه في مشيخة الفقيه (6).

فيظهر من هذا الاعتناء الشّديد جلالة أحمد المذكور وكبره في عين الصدوق، ولا يحتمل من الصدوق مثل هذا التجليل والإكبار لِمَن لا يعلم أنّه كاذب مفترٍ على الله وخلفائه، أم صادق، بل يفهم منه أنّه كان ثقة صادقا جليلا عنده، فالحكم بجهالة أحمد المذكور، كما صدر عن سيّدنا الأستاذ الخوئي (قدّس سرّه) ضعيف جدا.

قال قدّس سره: وما ذكرته عن أحمد بن إدريس، فقد رويته بهذا الأسناد عن محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن إدريس، وأخبرني به أيضا الشّيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان والحسين بن عبيد الله جميعا، عن أبي جعفر محمّد بن الحسين بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس.

وفي الفهرست: أحمد بن إدريس أبو علي الأشعري القمّي كان ثقة في أصحابنا فقيها كثير الحديث صحيحه، وله كتاب النوادر، كتاب كثير الفائدة، أخبرنا بسائر رواياته الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمّد بن جعفر بن سفيان البزوفري (7)، عن أحمد بن إدريس ووثقّة النجّاشي أيضا.

ثمّ إنّ الطّريق الأوّل صحيح كما مرّ، وأمّا الطّريق الثّاني؛ فلأجل محمّد بن الحسين ضعيف، فإنّ الرّجل مهمل، وإن كان أبوه الحسين بن علي بن سفيان ثقة عند النجّاشي؛ وأمّا إذا قلنا أنّ والد حسين هو سفيان دون علي، فهو كابنه محمّد مهمل.

وفي المستدرك (8) وخاتمة المستدرك (9) عند ذكر المشائخ العظام: أبو جعفر محمّد بن الحسين البزوفري، كما في أمالي أبي علي مكرّرا، عن والده، عن المفيد عنه مع الترحّم عليه ....

أقول: إن ثبتت نسبة الأمالي إلى الشّيخ أو ابنه، وثبتت كثرة الترحّم عليه، فالرجل حسن. لكن في صحّة نسبة الأمالي إلى مؤلّفها إشكال.

والطريق الثالث أيضا ضعيف بجهالة أحمد بن محمّد المذكور وإن وثّقه بعض العلماء، وكيفما كان، فهو مذكور في كتب الرجال باسم أحمد بن جعفر بن سفيان.

قال قدّس سره: وما ذكرته عن الحسين بن محمّد، فقد رويته بهذه الأسانيد عن محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد.

أقول: الحسين بن محمّد بن عامر الأشعري ثقة، والأسناد قد عرفت صحتها.

قال قدّس سره: وما ذكرته عن محمّد بن إسماعيل، فقد رويته بهذا الأسناد عن محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل.

أقول: السند صحيح، وإنّما الكلام في محمّد بن إسماعيل، وليس هو ابن بزيع الثّقة، كما قيل: لأنّه أدرك الجواد والرضا والكاظم عليهم ‌السلام، وروي عنهم وليس في تمام الكافي رواية عن الكليني عن محمّد بن إسماعيل عن الإمام عليه‌السلام، بل عن الفضل بن شاذان، وهذا دليل على أنّه غيره، وأقوى منه الفصل البعيد بين الكليني وبين ابن بزيع (10) فأمره دائر بين البرمكي الّذي وثّقه النجّاشي وضعّفه ابن الغضائري، وبين النيسابوري المجهول، كما هو الظاهر.

وكلّ ما قيل في اعتبار رواية النيسابوري غير قوي، فالحقّ هو التوقف عن قبول الرّوايات الّتي فيه محمّد بن إسماعيل هذا.

ثمّ أنّي وقفت عند إعداد الكتاب للطبعة الرابعة على كلام جديد لسيّدنا الأستاذ الخوئي رحمه الله، حيث قال: إنّ روايات الكليني رحمه الله عن الفضل بن شاذان في الأغلب لا تكون منحصرة بطريق محمّد بن إسماعيل، بل يذكر كثيرا منضّما إليه: علي بن إبراهيم عن أبيه. وفي بعض الموارد مكان علي بن إبراهيم شخص آخر، مثل: محمّد بن عبد الجبار أو محمّد بن الحسين وغيرهما، وقد أحصينا هذه الموارد، فبلغت أكثر من ثلاثمائة مورد.

ومن جهة أخرى أنّ الشّيخ رحمه الله ذكر في المشيخة طريقه إلى روايات الفضل، فروي عن مشائخه عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل.

وبعض الرّوايات المذكورة في التهذيبين عن الفضل نفس الرّوايات، الّتي ذكرها الكليني رحمه الله بطريق واحد يعني عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل.

فيظهر من ذلك أنّ للكليني أكثر من طريق واحد إلى روايات الفضل، وإنّما اكتفي بواحد منها في بعض الموارد اختصارا، أو لغير ذلك، وبهاتين الجهتين تصبح روايات الكليني عن محمّد بن إسماعيل معتبرة (11).

أقول: هذا الاستدلال ضعيف، والمتيقّن أنّ للكلينيّ طريقان إلى جملة من روايات الفضل دون جميعها، والقول: بأنّ الطريق الصحيح ـ علي بن إبراهيم، عن أبيه ـ طريق إلى جميع روايات الفضل بشهادة المشيخة ؛ ضعيف، فإنّ الشّيخ قال فيها: ومن جملة ما ذكرته عن الفضل بن شاذان ما رويته بهذا الأسناد عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه ... (12) فالطريق ليس طريقا إلى جميع ما رواه الشّيخ عن الفضل في التهذيب، فضلا عن كونه طريقا إلى جميع روايات الفضل، بل إلى جملة منه، نعم، سائر طرقه في المشيخة عامّة، كما سيأتي على أنّه قد تقدّم عن السّيد السيستاني إنّ مثل هذا الطّريق، وأمثاله ليس طريقا مستقلا

إلى كتب المؤلّفين، بل هو طريق بواسطة الكليني وكتاب الكافي، وإن الشّيخ يروي بواسطة الكافي روايات الفضل، فافهمه جيّدا.

ثمّ إنّ بعض تلاميذ سيّدنا الأستاذ ذكر في كتابه أنّه هو الّذي انتقل ذهنه إلى هذا الوجه، فذكر للسيد الأستاذ وأدرجه في الطّبعة الخامسة في معجم الرجال (13) وجاليته لم يدرجه فيه، لما يأتي بعد وريقات في بيان طريق الشّيخ إلى الفضل.

وقال هذا القائل: وورد في الكافي أكثر من ألف رواية عن محمّد بن إسماعيل، وما رواه الكليني عن محمّد بن إسماعيل، وما رواه الكليني عن محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان يبلغ خمسمائة رواية تقريبا، وما يرويه عن محمّد بن إسماعيل عن غير الفضل يبلغ أربعمائة وثمان وسبعين.

كما انّه روي عن الفضل بغير واسطة محمّد بن إسماعيل يبلغ: 16 رواية.

أقول: الظاهر أن محمّد بن إسماعيل لا كتاب له، فهو بالنسبة إلى روايات الفضل وكتابه شيخ إجازة، وظاهر الحال أنّ كتب الفضل كانت مشهورة في عصر الكليني، فلا يضرّ وساطة رجل مجهول بصحتها، وإنّما أجازه عنه لمجرّد إخراج الرّوايات من المراسيل إلى المسندات فقط، لا يقال: إذا فرضنا ضعف هذا الرجل، فما هو المؤمّن من عدم دسّه في بعض روايات الفضل؛ إذ لا دليل على أنّ الكليني طبقّ النسخ بعضها على بعض. فإنّه يقال: إنّ كتب الفضل لم تصل إلى الكليني من يد هذا الشّيخ، بل من الأسواق والأفراد، ولم يقل الكليني أنّه أخذ الفضل منه، بل استجاز منه نقل الرّواية. والمهمّ إحراز شهرة كتب الفضل بين الناس من زمان الفضل إلى زمان الكليني.

كتب وسؤال التطبيق باق على فرض وثاقة المجير وعدم وثاقته، ولا جواب له سوى الاعتماد على إخبار الكليني رحمه الله فلا بأس بالاعتماد على رواياته إن شاء الله.

ثمّ إنّ السّيد الخوئي رحمه الله ذكر في بعض طبعات كتابه السّابقة إنّ روايات محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان تبلغ: 761 موردا، ونقل في الطّبعة الخامسة عن بعضهم أنّ الكليني روى عنه زهاء ستمائة مورد.

وقال قدّس سره: وما ذكرته عن حميد بن زياد، فقد رويته بهذه الأسانيد عن محمّد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، وأخبرني ايضا أحمد بن عبدون، عن أبي طالب الأنباري عن حميد بن زياد.

وقال في الفهرست (14): حميد بن زياد ... ثقة كثير التصانيف ... أخبرنا برواياته كلّها وكتبه ... (ذكر الطريق الثاني) وأخبرنا أيضا عدّة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة عنه، وأخبرنا أيضا أحمد بن عبدون، عن أبي القاسم علي بن حبشي بن قوني بن محمّد الكاتب، عن حميد.

وفي رجال النجّاشي (15): كان ثقة واقفا وجها فيهم، فالرجل موثق.

وقول العلّامة رحمه الله فالوجه عندي قبول روايته إذا خلت عن المعارض، مبني على ترجيح رواية الأوثق على الثّقة، ورواية الثّقة على الموثق عند التعارض، أو قصر حجيّة روايات غير الإمامي على صورة عدم تعارضها مع روايات الإماميّة.

وكلا الوجهين لا يمكن اتمامهما بدليل.

ثمّ إنّ الطريق الأوّل بأسانيده قد اتّضح حاله؛ وأمّا الطريق الثّاني، ففي أبي طالب الأنباري، وهو عبد الله بن أبي زيد كلام طويل ضعفه الشّيخ الطوسي قدّس سره، ووثقه النجّاشي وغيره، ويشكل الاعتماد على رواياته، وابن عبدون مجهول، فالطريق الثّاني ضعيف.

ومثله الطّريق الثالث: فإنّ أبا المفضل قد مرّ ضعفه، ومحمّد بن جعفر بن بطّة أيضا لا يعتمد عليه لشهادة ابن الوليد عليه فلاحظ؛ وأمّا العدّة من أصحابنا، ففيها المفيد رحمه الله ظاهرا مع أنّه لا يحتمل ضعف جميعهم، بل نطمئن بصدق إخبارهم، ولو بصدق بعضهم، وقد أشير إليه فيما مضى أيضا.

والطريق الرابع أيضا ضعيف، فإنّ علي بن حبشي، مثل: ابن عبدون مجهول.

والعمدة في اعتبار روايات الشّيخ عنه، هو الطريق الأوّل.

قال قدّس سره: ومن جملة ما ذكرته عن أحمد بن محمّد بن عيسى، ما رويته بهذه الأسانيد عن محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عيسى.

أقول: أحمد بن محمّد عيسى ثقة بتوثيق الشّيخ في رجاله، والطريق أيضا معتبر، لكن هذا المقدار غير مفيد؛ لأنّ نحكم بصحّة جميع الرّوايات الّتي رواها الشّيخ عنه؛ إذ ليس جميعها مرويّة بهذه الأسانيد الثّلاثة، بل من جملة ما ذكره عنه ما يكون بها (16).

بل الظاهر أنّه ليس بطريق مستقلّ من الشّيخ إليه، بل إلى الكليني ومن طريق الكليني إليه. وأمّا طريق الشيخ إلى ساير أحاديث أحمد من دون طريق الكليني، فسيأتي بعد ذلك، فلا إشكال في الطريقين.

وقال قدّس سره: بعد ذكر أسناده إلى محمّد بن علي بن محبوب: ومن جملة ما ذكرته عن أحمد بن محمّد بن عيسى ما رويته بهذا الأسناد عن محمّد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمّد، والأسناد هكذا: قد أخبرني به الحسين بن عبيد الله، عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطار، عن أبيه محمّد بن يحيى عن محمّد بن علي بن محبوب.

أقول: الطريق حسن على الأظهر، ولكنّه غير نافع للعموم، كما عرفته (17).

وقال قدّس سره: في موضع ثالث من المشيخة: وما ذكرته عن أحمد بن محمّد بن عيسى الّذي أخذته من نوادره، فقد أخبرني به الشّيخ أبو عبد الله والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون كلّهم، عن الحسن بن حمزة العلوي ومحمّد بن الحسين البزوفري جميعا، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وأخبرني به أيضا الحسين بن عبيد الله وأبو الحسين بن أبي جيد جميعا، عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن أبيه محمّد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى.

أقول: الطريق الأوّل معتبر لوثاقة الحسن وابن إدريس، والطريق الثّاني حسن كما مرّ، وكيفما كان فجميع ما روي الشّيخ عن نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى معتبر سندا، ولكن تمييز روايات النوادر عن غيرها من كتب أحمد المذكور في التهذيبين عند عدم تصريح الشّيخ به (18) غير ميسور (ولا ثمرة له)

وقال في الفهرست (19) أخبرنا بجميع كتبه ورواياته عدّة من أصحابنا، منهم الحسين بن عبيد الله، وابن أبي جيد، عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطار، عن أبيه وسعد بن عبد الله عنه وأخبرنا عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفّار وسعد جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى.

وروي ابن الوليد المبوبة ـ وهو كتاب النوادر كما يظهر من صدر كلامه، فراجع ـ عن محمّد بن يحيى والحسن بن محمّد بن إسماعيل، عن أحمد بن محمّد.

أقول: إنّ كلمة سعد عطف على أبيه في الطريق الأوّل في الفهرست، لا على أحمد وعلى كلّ، يكون الطريق معتبرا.

والطريق الثّاني فيه نظر؛ لأنّ أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد؛ لا نوثقه بتوثيق ابن طاووس في محكي فرج الهموم في النجوم؛ لعدم احتمال عقلائي في استناد توثيقه إلى الحسّ بعد الفصل بينه وبين أحمد بأكثر من ثلاثمائة سنة، وعدم وجود السلسلة المستقلة إلى زمانه كوجودها إلى زمان الشّيخ والنجّاشي فتأمّل.

وأمّا توثيق الشّهيد الثّاني وغيره، فعدم الاعتماد عليه ـ رغم إنكار المامقاني ـ أظهر كما لا يخفى.

وفي المستدرك (20): قال السّيد السند في تلخيصه: لم أر إلى الآن ولم أسمع من أحد تأمّل في حديثه ويروي عنه الشّيخ المفيد كثيرا، والحسين بن عبد الله ... وهذا ما يوجب الاحتياط في رواياته وعدم ردها. وعن السّيد بحر العلوم في رجاله (21)؛ ولذا اتفقوا على صحّة (روايات) أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد مع اعترافهم بعدم التنصيص على توثيقه.

وقال السّيد المذكور رحمه الله: والحاصل أنّه لا خلاف في صحّة رواية أحمد بن الوليد رحمه الله، ودخوله في القسم الصحيح بالمعنى المصطلح، وإن اختلف في الوجه المقتضى للصحة، فقيل الوجه فيه كونه ثقة. وقيل: بل من مشائخ الإجازة وخروجه عن سند الرّواية في الحقيقة.

وعلى الأوّل، فالوجه في التوثيق: إما شهادة الحال بتوثيق مثله نظرا إلى ما يظهر من الشّيخ والمفيد رحمه الله وغيرهما من الثقات الأجلاء من الاعتناء به والإكثار عنه، أو مجرّد رواية الثّقة، كما ذهب إليه جماعة من علماء الاصول، أو دلالة تصحيح الحديث من أصحاب الاصطلاح على توثيقه أو توثيق الشّهيد الثاني رحمه الله، وغيره من المتأخّرين بالقياس إلى من تأخّر عنهم (22).

أقول: الواقف على كتابنا هذا يعلم أنّ هذه الوجوه لا تفيد توثيقا، لكن القلب لا يرضى بردّ رواياته، فلا بدّ من الأخذ بها من باب الاحتياط هذا، ولكن كونه شيخ إجازة للمفيد يوجب اعتبار رواياته إذا فرضنا شهرة الكتب الّتي هي مصادر رواياته، من زمن مؤلّفيها إلى زمن المفيد، وهكذا قلنا في حقّ محمّد بن إسماعيل شيخ الكليني.

والطريق الثالث معتبر وإن كان الحسن بن محمّد بن إسماعيل مجهولا أو مهملا، فقد ثبت إنّ جميع ما يرويه الشّيخ عن أحمد بن محمّد عيسى معتبر السند؛ لأجل الأسناد الثاني في المشيخة والإسناد الأوّل في الفهرست (23) وهنا طريق آخر إلى تصحيح إسناد الشّيخ إلى أحمد بن محمّد بن عيسى، مع قطع النظر عن حسن أحمد بن محمّد بن يحيى المذكور، وهو ما ذكره السّيد الأستاذ الخوئي رحمه ‌الله (24).

قال: وللشيخ إليه طرق في المشيخة، وفي كلّ طريق يذكر جملة ممّا رواه.

وقد يتخيّل أنّ بعض تلك الطّرق ضعيف بأحمد بن محمّد بن يحيى العطار، وحينئذ يتوقّف في كلّ ما يرويه في التهذيب عن أحمد بن محمّد بن عيسى؛ لاحتمال أن يكون ما يرويه من جملة ما يرويه بواسطة أحمد بن محمّد بن يحيى ...

ولكن ذلك بمكان من الفساد، والوجه في ذلك هو أن الجملة التي يرويها الشّيخ عن أحمد بن محمّد بن عيسى بواسطة أحمد بن محمّد بن يحيى، إنّما يروي عنه عن أبيه عن محمّد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري.

وقد ذكر في الفهرست في ترجمة محمّد بن علي بن محبوب إنّ جميع ما رواه عن محمّد بن علي بن محبوب بواسطة أحمد بن محمّد بن يحيى، عن أبيه عنه فله إليها طريقان آخران أحدهما ضعيف ... ثانيهما صحيح ... وعليه يكون طريق الشّيخ إلى جميع رواياته عن أحمد بن محمّد بن عيسى صحيحا في المشيخة. انتهى كلامه الشّريف.

أقول: إذا كان أحمد العطار ضعيفا لا يثبت لنا أنّ محمّد بن علي بن محبوب، روى عن أحمد بن محمّد بن عيسى رواياته، حتّى تصحّ بصحّة طريق الشّيخ إليه، فلعلّ أحمد كذب على محمّد بن علي بن محبوب.

وثانيا، وهو العمدة، إنّه لا يستفاد من المشيخة أنّ جميع ما يرويه الشّيخ عن أحمد بن محمّد بن عيسى داخل في الأسانيد المذكورة فيها، فلعلّه لم يذكر أسناد جميع ما يرويه عنه، بل يذكر أسناد بعض ما يرويه، فتسقط جميع رواياته عن أحمد الأشعري عن درجة الاعتبار، كما لا يخفى (25).

وقد أهمل السّيد الأستاذ هذا الإشكال المهم، ويرد عليه ايضا ما تقدّم عن السيّد البروجردي موردا على الأردبيلي مؤلّف جامع الرواة من فقدان الدليل على ذكر جميع روايات أحمد بن محمّد بن عيسى في كتب محمّد بن علي بن محبوب، وكيف كان فالذي أفاده الأستاذ ضعيف، والعمدة في اعتبار سند الشّيخ إلى أحمد بن محمّد بن عيسى على نحو الإطلاق، حسن أحمد العطار، كما أثبتناه.

لكن مرّ عن قريب أنّ صحّة السند في الفهرست لا تصحّح سند روايات التهذيبين، إلّا أنّ الأستاذ قدّس سره كغيره غافل عن هذه الجهة ظاهرا، وما أفاده لم يكن متوقّعا منه، وعلى كلّ لا بدّ لصحة طريق الشّيخ إلى أحمد المذكور من التماس وجه آخر. وقد حصّلناه من جهة أخرى ذكرنا في الحاشية السابقة ولله الحمد.

وينبغي أنّ يعلم أنّ ما رواه الشّيخ عن أحمد بن محمّد بن عيسى يقرب من مئتين وألف كما ذكر السّيد البروجردي في حاشية مقدّمته على جامع الرّواة.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وهذا مع قطع النظر عن تواتر الكافي، كما لا يخفى.

(2) الظاهر رجوع الضمير المرفوع إلى المفيد رحمه الله والله العالم.

(3) ولاحظ: خاتمة مستدرك الوسائل: 3 / 797، ذيل عنوان: حمزة بن محمّد القزويني العلوي. وقال: من مشايخ الصدوق يروي عنه مترضيا، وقد نقل نسبه عن العيون إلى زيد بن علي بن الحسين عليه‌السلام. ولاحظ: عدد الترضي عنه، والترحيم عليه، في البحث الثّاني عشر.

(4) رجال النجاشي: 46.

(5) معاني الإخبار: 177، 234، 251 و395، طبع المطبعة الحيدري 1379.

(6) ولعلّ عدد الترحيم والترضي عنه يتجاوز عن: 130 مرّة.

(7) لاحظ: معجم رجال الحديث: 2 / 66. الطبعة الخامسة، حيث حكم السّيد الأستاذ: بأنّ نسخة الفهرست المطبوعة غلط، والصحيح أحمد بن جعفر، وكلمة محمّد زائدة.

(8) المستدرك: 3 / 521،

(9) خاتمة المستدرك: 3 / 244 الطبعة الحديثة.

(10) خاتمة تنقيح المقال: 3 / 96.

(11) معجم الرجال: 16 / 99.

(12) عرفت المراد الحقّ في هذه العبارة سابقا.

(13) لاحظ كلامه في أصول علم الرجال: 603.

(14) الفهرست: 85.

(15) رجال النجاشي: 102.

(16) واستظهر من عبارة العلّامة عدم الفرق بين قول الشّيخ: (ومن جملة ما ذكرنا)، وبين قوله: (وما ذكرته)، وهو ضعيف جدّا، فإنّ الأوّل يدلّ على الموجبة الجزئيّة، والثّاني مطلق يفيد الموجبة الكلّيّة. لكن حقّ مراد الشيخ ما عرفت منّا سابقا.

(17) بملاحظة ما حققه السّيد السيستاني، وما علّقت عليه في آخر مقدّمة هذا البحث ظهر كفاية هذا الطريق المعتبر لعموم روايات أحمد المذكور وان المراد ب: من جملة ما ذكرته ... رواياته المرويّة بغير وساطة الكليني رحمه الله فافهم واغتنم ولله الحمد، ج: 2 / 1431، 12 / 2 / 89 ش.

(18) واعلم: أنّه لا يعتمد على نسخة النوادر المطبوعة أو المخطوطة مستقلة عمّا رواه الشّيخ، فما رواه عنها الحرّ في وسائله، والنوري في مستدركه، غير معتبر، لعدم وصول النسخة بسند معتبر إلى المجلسي، والحرّ العاملي وغيرهما رحمه الله، وسيأتي تفصيل هذا الموضوع في البحث الثّاني والخمسين، إن شاء الله.

(19) الفهرست: 49.

(20) المستدرك: 3 / 780.

(21) هامش، خاتمة المستدرك: 721، الطبعة القديمة.

(22) رجال بحر العلوم: 2 / 20.

(23) بل ولأجل الأسناد الثّاني أيضا على وجه سبق في المتن.

(24) معجم رجال الحديث: 2 / 307 ـ 308.

(25) وعدم ذكر الأسناد إلى أحد من الشّيخ في المشيخة غير عزيز، كما يعرفه أهل التتبع في التهذيبين.

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)