أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-31
1167
التاريخ: 2024-02-28
770
التاريخ: 2023-11-18
1198
التاريخ: 2023-06-20
1153
|
ذكروا لحجيّة خبر الواحد شروطا في رواية:
1. البلوغ: وفي الفصول: بلا خلاف بين أصحابنا، كما حكاه جماعة ووافقنا عليه أكثر مخالفينا، ونحوه في المعالم، واحتجوا بأنّ الصّبي لا يتمكّن من الضبط، فلا وثوق بخبره. وبأنّ عدم قبول خبر الفاسق يقتضي عدم قبول خبر الصبي بطريق أولى؛ لأنّه باعتبار علمه بانتفاء التكليف عنه لا حاجز له عن الكذب.
2. العقل: ووجه اعتباره واضح، نعم، لو كان الرّاوي إداريا يقبل خبره حال إفاقته، وفي حكم المجنون، غير المميّز في عدم قبول خبره.
3. الإسلام: والإجماع على اعتباره محكي في كلام الخاصّة والعامّة، فلا يقبل رواية الكافر وإن انتحل الإسلام.
واحتجوا على اعتباره بالإجماع وبآية النبأ فإنّ الكافر فاسق في العرف المتقدّم وإن اختصّ في العرف المتأخّر بالمسلم الفاسق بجوارحه، قال اللّه تعالى: ... ومَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ.
وعلى فرض العدم تدلّ الآية بمفهوم الموافقة على عدم قبول نبأ الكافر.
4. الإيمان: ذكره جماعة ونسبه في الدّراية والمعالم إلى المشهور فلا يقبل رواية غير الاثني عشري.
وفي الدراية (1): قطعوا به في كتب الأصول الفقهيّة وغيرها هذا مع عملهم بأخبار ضعيفة بسبب فساد عقيدة الرّاوي في كثير من أبواب الفقه معتذرين بإنجبار الضعف بالشّهرة ولكن في الفصول: لم يثبت- أي: نسبة هذا الشّرط إلى المشهور غير ثابتة- وعن جماعة عدم اعتباره واستدل المثبتون بآية النبأ؛ إذ لا فسق أعظم من عدم الإيمان، والنافون بإجماع الطائفة على العمل بروايات جماعة غير مؤمنين كما ذكره الشّيخ في العدّة. لكن أجاب عنه المحقّق رحمه اللّه كما في معالم الدين (2): بأنّا لم نعلم إلى الآن إنّ الطائفة عملت بأخبار هؤلاء.
5. العدالة: ذكرها جماعة ونسب إلى المشهور
ويقول الشّهيد الثّاني في درايته (3): وجمهورهم على اشتراط عدالته.
ويقول صاحب الفصول أيضا: والشّهرة غير ثابتة.
وفي المعالم: وظاهر جماعة من متأخّريهم الميل إلى العمل بخبر مجهول الحال.
6. الضبط: وهو أن يكون حفظه غالبا على سهوه ونسيانه، ولا خلاف ظاهرا في اعتباره فإنّ من لا ضبط له لا وثوق بخبره؛ لاحتمال الزيادة والنقصان والتغيير والتحريف في روايته، احتمالا مساويا لعدمها أو قريبا منه.
ومعه لا مجال لأصالة عدمها عند العقلاء، وربّما يقال بعدم اعتباره في شيخ الإجازة، وهو غير بعيد في الجملة.
أقول: الشّرط الثّاني مسلّم، وكذا السادس، نعم، الضبط يحرز بالأصل الثابت ببناء العقلاء بلا حاجة إلى دليل آخر، وإن شئت فقل: إنّ كثرة السهو والنسيان وأو تساويهما مع الذكر مانعة فما لم تثبت يعتبر الخبر ببناء العقلاء (4):
وأمّا الشّرط الأوّل فغير معتبر؛ إذ غير البالغ إذا تميّز وكان فطنا قد يكون ضابطا صادقا، وعلمه بعدم حرمة الكذب عليه لا يوجب كذبه، كما هو المحسوس خارجا، بل قد يكون المراهق أورع من البالغ فاعتباره غالبي لا دائمي.
وأمّا الشّرط الرابع والخامس، فالصحيح حذفهما وتبديلهما باشتراط الوثاقة أي: الصدق في الكلام لبناء العقلاء على حجيّة خبر الثّقة دون الكاذب والمجهول حاله.
وأمّا التّمسك بآية النبأ لإثباتهما، فيردّ عليه أنّه ليس مدلول الآية ردّ خبر الفاسق مطلقا، بل هو وجوب التبين، أي: عدم جواز قبوله قبل التبين.
وعليه فإحراز الوثاقة نوع تبيّن فلا يحتاج معه إلى تبيّن آخر، فإنّه من تحصيل الحاصل. وبالجملة:
الاطمئنان والوثوق تبيّن وعلم عرفا، ومعه لا حاجة إلى أمر زائد عليه.
ولا فرق في ذلك بين الوثوق بالخبر والوثوق بالمخبر، فإذا كان الرّاوي مجهولا أو ضعيفا، لكن قامت القرينة المفيدة للاطمئنان على صدق روايته، وأنّه لم يكذب في خصوص هذا المورد؛ إذ ليس الفسق يستلزم الكذب دائما، ضرورة أنّ الكاذب قد يصدق: فيجب الأخذ بالرواية المذكورة، فإنّها موثوق بها والوثوق حجّة عقلائية، بل هو أقوى من خبر الثقة.
نعم، يبقى البحث في تعيين القرينة المذكورة ولا ضابط لها، فرب قرينة توجب الوثوق لفقيه ولا توجبه لآخر، وإذا كانت الرّواية غير موثوق بها، لكن كان راويها ثقة يجب الأخذ بها أيضا، وإن فرضنا فسقه في غير أقواله لبناء العقلاء عليه لحصول الوثوق النوعي بأخباره.
وبعبارة أخرى:
إنّما أوجبت الآية الكريمة التبيّن في خبر الفاسق لاحتمال عدم إصابة الواقع، كما يشهد به التعليل في ذيلها: ... أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ، فإنّ الفاسق لا رادع له عن الكذب، فإذا فرض الفاسق صدوقا في كلامه، فقد ارتفع الاحتمال المذكور احتمالا عقلائيا وكان كالعادل، فلا معنى لوجوب التبيّن فالبناء عليه ليس من الجهالة، كيف والعقلاء بالنون عليه في جميع الأمصار والأعصار؟
ومنه يظهر عدم دلالة الآية على إيمان الرّاوي وعدالته فافهم.
والمتحصّل:
أنّ الرّاوي إذا كان عاقلا صادقا يقبل قوله، إذا كان ذكره أكثر من سهوه ولو بالأصل.
وأمّا اشتراط الإسلام، فهو وإن يجري فيه ما قلنا في اعتبار العدالة والإيمان، إلّا أنّ ارتكاز المتشرّعة يوجب القول باعتباره، خلافا لما يظهر من سيّدنا الأستاذ الخوئي في بعض الموارد من معجمه (5)، وربّما يلوّح من كلام الحرّ العاملي أيضا، كما مرّ.
ولاحظ: ما يأتي من كلام الشّيخ في عدّته على خلاف نظرهما.
ولكن ليس له ثمرة مهمّة؛ إذ لا أذكر عاجلا في الرّواة المحكومين بالكفر- كالغلاة والنصاب- ولا في غير المنتحلين بالإسلام، كالمشركين وأهل الكتاب من ثبت وثاقته وروي الحديث.
ولا أقول: إنّه لا يوجد في الكفّار ثقات، فإنّ هذا الإنكار تعصّب وكذب، بل أقول لم أجد عاجلا كافرا روي الحديث، وقد وثقّه أهل الرجال.
وعلى كلٍّ الرّاوي الّذي يقبل روايته هو المميّز المسلم العاقل الصّادق الضابط.
وأمّا الإيمان والعدالة والبلوغ، فهي من فضائل الرّاوي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
مكتبة العتبة العباسية.. خدمات رقمية متطورة وجهود لتلبية احتياجات الباحثين
|
|
|