التعريف بعدد من الكتب / الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا (عليه السلام) |
1423
12:51 صباحاً
التاريخ: 2023-05-18
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-4-2016
1317
التاريخ: 2023-05-18
1424
التاريخ: 2023-06-20
1447
تمييز المشتركات وتعيين المبهمات في جملة من الأسماء والكنى والألقاب / عنه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر.
التاريخ: 2024-07-06
587
|
الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا (عليه السلام) (1):
تنبّه المرحوم السيد حسن الصدر (2) (طاب ثراه) إلى أنّ هذا الكتاب هو في الأصل ليس سوى كتاب (التكليف) للشلمغاني الذي كان من فقهاء أصحابنا متقدّماً فيهم مستقيم الطريقة، ولكن حمله الحسد لأبي القاسم الحسين بن روح (رضوان الله عليه) على ترك المذهب والقول بالحلول ونحوه من المذاهب الرديئة، حتى خرجت فيه توقيعات من الإمام (عليه السلام)، وأخذه السلطان وقتله وصلبه. وقد ذكر خبره باختصار في كتب أصحابنا ومفصلاً في المصادر التاريخية الأخرى.
ومن الكتب التي عملها في حال الاستقامة ــ كما نصّ عليه أصحابنا ــ هو كتاب (التكليف)، ويبدو أنّه كان الغرض من تأليفه هو أن يكون بمثابة رسالة عملية للشيعة الإمامية يعملون بها في عصر غيبة الإمام (عليه السلام).
وهناك روايتان بشأن علاقة السفير الثالث الحسين بن روح (قدس سره) بتأليف هذا الكتاب:
إحداهما: ما رواها الشيخ (قدس سره) (3) بإسناده عن الشيخ محمد بن أحمد [بن] الزكوزكي (رحمه الله) أنه قال: (أيش كان لابن أبي العزاقر في كتاب التكليف، إنّما كان يصلح الباب ــ أي كلّ باب من أبواب الكتاب ــ ويدخله إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (فيعرضه عليه ويحكّكه، فإذا صحّ الباب خرج فنقله وأمرنا بنسخه). يعني أنّ الذي أمرهم به الحسين بن روح (رضوان الله عليه).
وهذه الرواية واضحة الدلالة على أنّ تأليف كتاب (التكليف) قد تم بإشراف مباشر من الحسين بن روح وأنّه قد صحّحه بنفسه.
ثانيتهما: ما رواه الشيخ (قدس سره) أيضاً (4) قائلاً: (لمّا عمل محمد بن علي الشلمغاني كتاب التكليف، قال الشيخ ــ يعني أبا القاسم: (اطلبوه إليّ لأنظره، فجاؤوا به، فقرأه من أوله إلى آخره. فقال: ما فيه شيء إلا وقد روي عن الأئمة إلا موضعين أو ثلاثة، فإنّه كذب عليهم في روايتها لعنه الله). وظاهر هذه الرواية أنّ تأليف كتاب (التكليف) كان بعد انحراف الشلمغانيّ وأنّ الحسين بن روح لم تكن له أيّ علاقة بتأليفه وإنّما اطّلع عليه بعد تأليفه وقد كذّب مؤلفه فيما حكاه عن الأئمة (عليهم السلام) في بعض المواضع. وهذه الرواية الثانية مستبعدة جداً بل غير صحيحة، لما تقدم من تنصيص الأصحاب على تأخر انحراف الشلمغاني عن تأليفه لكتاب (التكليف). وأمّا الرواية الأولى فالظاهر أنّه مبالغ فيها وأنّ تأليف كتاب (التكليف) لم يكن بإشراف مباشر من الحسين بن روح قدس سره.
نعم الظاهر أنّه كان يحظى بعناية خاصّة منه، وقد سعى لاستحصال موافقة فقهاء قم عليه، فقد روى الشيخ (قدس سره) (5) أنّه (أنفذ الشيخ الحسين بن روح (كتاب (التأديب) إلى قم، وكتب إلى جماعة الفقهاء بها، وقال لهم: أنظروا في هذا الكتاب، وانظروا فيه شيء يخالفكم؟ فكتبوا إليه: إنّه كلّه صحيح، وما فيه شيء يخالف إلا قوله: في الصاع في الفطرة..)، ولفظ (التأديب) في هذه الرواية محرّف (التكليف).
والقرينة عليه أنّ المورد الذي استثناه فقهاء قم موجود بعينه في هذا الكتاب، فليراجع (6).
وبذلك يظهر: أنّ ما بنى عليه المحقّق الشيخ آغا بزرك الطهراني (قدس سره) من كون كتاب (التأديب) من تأليفات الحسين بن روح استناداً إلى ما ورد في النص المذكور غير تام.
وكيف كان فإنّ هذا الكتاب قد حاز موقعاً متميزاً بين الشيعة وملئت منه البيوت، إلا أنّ انحراف مؤلفه لاحقاً أسقطه عن الاعتبار إلى حدّ بعيد حتى أنّ الشيخ (قدس سره) (7) حكى عن ابن تمّام أنّه قال: (كان عندنا أنّه ــ أي كتاب التكليف ــ لا يكون إلا مع غالٍ).
ومع ذلك فقد ظلّ هذا الكتاب متداولاً بين الشيعة، حتى إنّه سئل السيد المرتضى (قدس سره) عن بعض ما ورد فيه (8) بل استفتاه بعضهم في الرجوع إلى هذا الكتاب فيما يُشكل عليهم من الفقه فلم يأذن لهم في ذلك (9). وقد بقي الكتاب معروفاً باسمه منسوباً إلى مؤلفه إلى عدّة قرون، ثم حصلت ملابسات لا نعرفها بالضبط أدّت إلى نسبته إلى الإمام الرضا (عليه السلام)، والنسخ الموجودة اليوم منه لا تخلو من خلل في الترتيب واضطراب في مواضع عديدة. ولكن لا يشك الناظر فيه أنّ مؤلفه كان فقيهاً متمكّناً من الجمع بين الروايات واستنباط الأحكام.
وممّا يجدر ذكره هنا هو أنّ الشيخ علي بن الحسين بن موسى بن بابويه والد الشيخ الصدوق (قدس سره) الراوي لهذا الكتاب عن مؤلفه الشلمغاني (10) ــ قد اعتمد عليه كثيراً في تأليف رسالته المسماة بـ(الشرائع) التي كتبها لابنه الصدوق، وهذه الرسالة وإن لم يوجد منها اليوم بأيدينا إلا قطعة صغيرة من أوائلها ومقاطع مبثوثة في كتب الصدوق ومختلف الشيعة للعلامة (قدس سره) (11)، إلا أنّه فيما وصل إلينا دلالة واضحة على مدى اعتماد ابن بابويه على الكتاب المذكور.
واعتماده عليه يشبه اعتماد المرجع المتأخّر على رسالة المرجع السابق في تأليف رسالته العمليّة، حيث يأخذ من عباراتها ما يطابق فتاواه، ولم يكن اعتماده عليه من جهة حجية ذلك الكتاب بتمامه. ولذا نجد أنّه قد غيّر في مواضع عديدة ما لم يكن موافقاً عليها.
ولكن جمعاً منهم الشيخ صاحب الحدائق (قدس سره) جعلوا من مطابقة ما حكي عن ابن بابويه مع ما يوجد في هذا الكتاب دليلاً قاطعاً على صحة انتسابه إلى الإمام الرضا (عليه السلام).
وقد كرّر صاحب الحدائق هذه المقالة مراراً، وممّا ذكره قوله (12): (إنّ اعتماد هذا الشيخ الجليل ــ أي ابن بابويه ــ على الفتوى بعبائر الكتاب ــ أي الفقه الرضويّ ــ مع مخالفتها للأخبار الكثيرة كما هنا، وقد تقدّم أمثاله أيضاً في غير موضع، أدلّ دليل على اعتماده على الكتاب المذكور، وجزمه بأنّه كلامه (عليه السلام).
ولكن متأخّري أصحابنا (رضوان الله عليهم) حيث لم يصل الكتاب إليهم تكلّفوا للاستدلال له ــ أي لابن بابويه ــ ببعض الأخبار، واعترضوا عليها كما هنا بعدم الدلالة أو بنحو ذلك، وهو غفلة عما ذكرناه مما وفقنا الله إليه، ويسر لنا الوقوف عليه).
ولكن قد ظهر ممّا تقدّم أنّه لا أساس لما ذكره (طاب ثراه) أصلاً.
وفي كل الأحوال لا ينبغي الشك في عدم كون الكتاب المذكور من تأليف الإمام (عليه السلام)، لشواهد كثيرة لا يتسع المقام لبيانها.
يبقى هنا الإشارة إلى أمر وهو: أنّ السيد الاستاذ ذكر في بعض كلماته (13) أنّ كتاب الفقه الرضوي غير معتبر عنده وعند أستاذه المحقّق النائيني (قُدِّس سرُّهما) جميعاً.
ولكن هذا ليس بتام، فانّه لم يثبت عنده (قدس سره) كون ما في الكتاب المذكور مروياً عن الامام الرضا (عليه السلام) فضلاً عن كونه معتبراً، وأمّا المحقّق النائيني (قدس سره) فقد فصّل فيه قائلاً (14): (الذي أظنّه قوياً أنّ أحمد بن محمد بن عيسى هو مؤلف هذا الكتاب الشريف الموسوم بالفقه الرضوي، ويشتمل على ما في نوادره.
ولا يخفى أنّ جملة ما يتضمنه هذا الكتاب بين طوائف ثلاث:
الأولى: ما يظهر من سياقه أنّ من نطق به يرى نفسه أنّه الإمام (عليه السلام) وابن الأئمة، والمظنون قوياً أنّه من إملاء الرضا (عليه السلام) وكتبه المؤلف المذكور.
الثانية: روايات عن آبائه الطاهرين (صلوت الله عليهم) جمعها ــ أي أحمد بن محمد بن عيسى ــ عن الرواة عنهم وأدرجها في طيّ هذا الكتاب وفي نوادره.
الثالثة: ما اشتبه حاله، ويظن أنّ جملة منه من اجتهادات المؤلف في الجمع بين ما تعارضت ظواهرها ونحو ذلك. ولا يبعد أن يكون اشتمال هذا المؤَلَف الجليل على الطائفة الأخيرة وعدم تميّزها عن الأولى هو الذي أوجب عدم اشتهار الكتاب بين الأصحاب).
هذا كلامه (قدس سره) ويظهر منه أنّه (قدس سره) يرى اعتبار هذا الكتاب وما ورد فيه من الروايات عن الأئمة (عليهم السلام) دون ما يشتبه حاله وأنّه مروي عن الإمام (عليه السلام) أو أنّه مؤدّى اجتهاد المؤلف في الجمع بين الروايات.
والظاهر إنّ المنشأ فيما ظنّه (قدس سره) من أنّ مؤلفه هو أحمد بن محمد بن عيسى ما لاحظه في نسخه المتداولة ــ ومنها المطبوعة الحجريّة ــ من ذكر اسمه في ابتداء سند الرواية الأولى (15) من مجموعة روايات في عدة أبواب تبتدأ بباب فضل صوم شعبان وصلته برمضان، فاعتقد أن هذه المجموعة هي نوادر أحمد بن محمد بن عيسى وأن الكتاب له أيضاً أي أنه أدرج فيه النوادر وما أملاه الرضا (عليه السلام) عليه وما رواه من سائر الروايات بالإضافة إلى ما توصل إليه في الجمع بين الروايات المتعارضة في بعض الموارد.
ولكن هذا الكلام لا يمكن المساعدة عليه بوجه؛ لأنّ مبناه كون الروايات المشار إليها جزءاً من الكتاب وأنها لأحمد بن محمد بن عيسى، ولكن الممارس لا يشك في أنه لا صلة لتلك الروايات بالكتاب بل كونها قد أقحمت فيه، لوضوح أنها لا تناسب نسقه ولا الموضع الذي ذكرت فيه هو الموضع المناسب لها، والظاهر بل المقطوع به أنها كانت مجموعة روايات قد جمعت مع الكتاب في مجلد واحد ثم تبعثرت وتفرقت أوراق هذا المجلد ولما لم تكن مرقمة كما هو المتداول في كتب السابقين حصل عند جمعها وإعادة التجليد تقديم وتأخير في الأوراق فصارت هذه المجموعة من الروايات في وسط الكتاب، كما أنّه قد أحدث هذا خللاً في ترتيب الكتاب نفسه فنرى أنّه قد توسّط باب الحيض والاستحاضة بابي الاعتكاف والزكاة، وتوسّط باب ما يكره من اللباس في الصلاة بابي الصناعات والعتق وهكذا.
وبالجملة: لا ينبغي الريب في أنّ الروايات المشار إليها ليست من أصل الكتاب حتى يزعم أنّ راويها هو المؤلف له.
وأمّا كونها هي نوادر أحمد بن محمد بن عيسى فهو أيضاً خالٍ من الدليل. نعم ظن هذا المعنى صاحب الوسائل (قدس سره)، ولكن احتمل معاصره العلامة المجلسي كونها من كتب الحسين بن سعيد.
وبالجملة: لا يمكن الاستشهاد بورود تلك الروايات في ثنايا ما وصل إلينا من نسخ ما يسمى بالفقه الرضوي على كون الكتاب لأحمد بن محمد بن عيسى. مضافاً إلى أنّ هذا الرجل من أجلّ وأشهر رواة الإمامية، وكان ــ كما قال الشيخ والنجاشي ــ شيخ القميّين ووجيههم وفقيههم غير مدافع، ولو كان له كتاب في الفقه من أوله إلى آخره لذكر في الفهارس ولما أغفل ذكره النجاشي والشيخ ولذكروه في عداد كتبه.
مع أنّه وإن لقي الرضا (عليه السلام) إلا أنّه لم ترد له ولا رواية واحدة عنه (عليه السلام) فكيف يحتمل أن الإمام (عليه السلام) أملى عليه الفقه من أوله إلى آخره وهو أدرجه في هذا الكتاب؟!!
وبالجملة: احتمال كون الكتاب المذكور لأحمد بن محمد بن عيسى ممّا ينبغي القطع بخلافه، بل هو كتاب التكليف للشلمغاني كما مرّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|