أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2016
3872
التاريخ: 20-3-2016
4456
التاريخ: 2024-08-17
331
التاريخ: 2024-08-13
385
|
ضاقت الدنيا على بضعة النبي (صلّى الله عليه وآله) وأرهقت إرهاقاً شديداً من الإجراءات الصارمة التي اتخذها أبو بكر ضدّها ويقول الرواة : إنّها (سلام الله عليها) استقلت غضباً فلاثت خمارها واشتملت بجلبابها وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حتّى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها ملأة , ثمّ أنّت أنّة أجهش لها القوم بالبكاء وارتجّ المجلس فأمهلتهم حتّى إذا سكن نشيجهم وهدأت فورتهم افتتحت خطابها بحمد الله والثناء عليه وانحدرت في خطابها كالسيل فلم يسمع أخطب ولا أبلغ منها وقد تحدّثت في خطابها الرائع عن معارف الإسلام وفلسفته وألقت الأضواء على علل أحكامه وحِكم تشريعاته وعرضت إلى ما كانت عليه حالة الاُمم قبل أن يشرق عليها نور الإسلام من التناحر والانحطاط ووهن العقول وضحالة التفكير خصوصاً الجزيرة العربية ؛ فقد مُنيت بالذل والهوان فكانت على شفا حفرة من النار مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام وقد بلغت من الانحطاط في حياتها الاقتصادية إلى حدّ كانت الأكثرية الساحقة ؛ تقتاد القد وتشرب الطرق وظلت على هذا الحال المرير ترسف في قيود الفقر إلى أن أنقذها الله بنبيّه ورسوله (صلّى الله عليه وآله) فدفعها إلى واحات الحضارة وجعلها سادة الاُمم والشعوب فما أعظم فضله على العرب وعلى الناس جميعاً ؛ وعرضت سيّدة النساء (عليها السّلام) إلى فضل ابن عمّها الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) وجهاده المشرق في نصرة الإسلام والذبّ عن حياضه في حين أنّ المهاجرين من قريش كانوا في رفاهية من العيش وادعين آمنين لم يكن لهم أي ضلع في نصرة القضية الإسلامية وإنما كانوا ينكصون عند النزال ويفرّون من القتال كما كانوا يتربّصون بأهل البيت الدوائر ويتوقّعون بهم نزول الأحداث ؛ وأعربت (عليها السّلام) في خطابها عن أسفها البالغ على ما مُني به المسلمون من الزيغ والانحراف والاستجابة لدواع الهوى والغرور وتنبّأت عمّا سيواجهونه من الأحداث الخطيرة والكوارث المؤلمة نتيجة لِما ارتكبوه من الأخطاء والانحراف عمّا أراده الله منهم من التمسّك بالعترة وبعدما أدلت بهذه النقاط المشرقة عرضت إلى حرمانها من إرث أبيها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقالت : وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لي من أبي! أفحكم الجاهليّة تبغون ومَن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون.
أفلا تعلمون بلى قد تجلّى لكم كالشمس الضاحية أنّي ابنته؟ ويهاً أيها المسلمون! أاُغلب على تراث أبي؟ يابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئاً فرياً أفعلى عمدٍ تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول : {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16] وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ يقول : {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 5، 6] ؛ وقال : {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] , وقال : {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] , وقال : {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180] , وزعمتم أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي ولا رحم بيننا؟ أفخصّكم الله بآية أخرج منها أبي؟ أم تقولون أهل ملّتين لا يتوارثان؟ أوَلست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي؟ ؛ ثمّ وجّهت خطابها إلى أبي بكر فقالت له : فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون ولا ينفعكم إذ تندمون ولِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ؛ واتّجهت نحو فئة المسلمين تستنهض هممهم وتوقظ عزائمهم للمطالبة بحقّها والثأر لها قائلة : يا معشر الفتية وأعضاد الملّة وحضنة الإسلام ما هذه الغميزة في حقّي والسّنة عن ظلامتي؟! أما كان رسول الله أبي يقول : المرء يحفظ في ولده؟ سرعان ما أحدثتم وعجلان ذا إهالة ولكم طاقة بما أحاول وقوة على ما أطلب وأزاول أتقولون : مات محمد فخطب جليل استوسع وهيه واستنهر فتقه وانفتق رتقه واظلمّت الأرض لغيبته وكسفت الشمس والقمر وانتشرت النجوم لمصيبته وأكدت الآمال وخشعت الجبال واُضيع الحريم وأديلت الحرمة عند مماته فتلك والله النازلة الكبرى والمصيبة العظمى التي لا مثلها نازلة ولا بائقة عاجلة أعلن بها كتاب الله جلّ ثناؤه في ممساكم ومصبحكم هتافاً وصراخاً وتلاوةً وألحاناً ولقبله ما حلت بأنبياء الله ورسله حكم فصل وقضاء حتم : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] , وأخذت تحفّز الأنصار وتذكّرهم بجهادهم المضيء وكفاحهم المشرق في نصرة الإسلام وحماية أهدافه ومبادئه طالبةً منهم الانتفاضة والثورة على قلب الحكم القائم قائلةً : إيهاً بني قيلة ! أاُهضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع ومنتدى ومجمع تلبسكم الدعوة وتشملكم الخبرة وأنتم ذوو العدد والعدّة والأداة والقوة وعندكم السلاح والجُنّة توافيكم الدعوة فلا تجيبون وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون وأنتم موصوفون بالكفاح معروفون بالخير والصلاح والنخبة التي انتخبت والخيرة التي اختيرت لنا أهل البيت , قاتلتم العرب وتحمّلتم الكدّ والتعب وناطحتم الاُمم وكافحتم البُهم فلا نبرح وتبرحون نأمركم فتأتمرون حتّى إذا دارت بنا رحى الإسلام ودرّ حلب الأيّام وخضعت نعرة الشرك وسكنت فورة الإفك وخمدت نيران الكفر وهدأت دعوة الهرج واستوسق نظام الدين فأنى جرتم بعد البيان وأسررتم بعد الإعلان ونكصتم بعد الإقدام وأشركتم بعد الإيمان بؤساً لقوم نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ؛ ولمّا رأت وهن الأنصار وتخاذلهم وعدم استجابتهم لنداء الحق وجّهت لهم أعنف اللوم وأشدّ العتب والتقريع قائلة : ألا وقد قلت ما قلتُ على معرفة منّي بالخذلة التي خامرتكم والغدرة التي استشعرتها قلوبكم ولكنها فيضة النفس وبثة الصدر ونفثة الغيظ وتقدمة الحجة فدونكموها فاحتقبوها دَبرة الظهر نقية الخف باقية العار موسومة بغضب الله وشنار الأبد موصومة بـ {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} [الهمزة: 6 - 8] فبعين الله ما تفعلون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. وأنا ابنة نذيركم بين يدي عذاب شديد فاعملوا إنّا عاملون وانظروا إنّا منتظرون ؛ وقد وجلت القلوب وخشعت الأبصار وبخعت النفوس وأوشكت أن تردّ شوارد الأهواء ويرجع الحقّ إلى نصابه ومعدنه إلاّ أنّ أبا بكر قد استطاع بلباقته الهائلة وقابلياته الدبلوماسية أن يسيطر على الموقف وينقذ حكومته من الانقلاب ؛ وقد قابل بضعة الرسول (صلّى الله عليه وآله) بكل تكريم واحتفاء وأظهر لها أنه يخلص لها أكثر مما يخلص لابنته عائشة وأنه يكنّ لها في أعماق نفسه الاحترام والتقدير كما أظهر لها حزنه العميق على وفاة أبيها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنه ودّ أن يكون مات قبل موته وعرض لها أنه لم يتقلّد منصب الحكم ولم يتخذ معها الإجراءات الصارمة عن رأيه الخاص وإنما كان عن رأي المسلمين وإجماعهم وقد جلب له بذلك القلوب بعد ما نفرت منه وأخمد نار الثورة وقضى على جميع معالمها.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|