المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



إعطاء النبي القصاص من نفسه  
  
4431   10:07 صباحاً   التاريخ: 20-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج1, ص207-209.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /

ألم المرض بالنبي (صلّى الله عليه وآله) فكان يعاني منه أشدّ العناء فاستدعى الفضل بن عباس فقال له : خذ بيدي يا فضل ؛ فأخذ بيده حتّى أجلسه على المنبر وأمره أن ينادي بالناس الصلاة جامعة فنادى الفضل بذلك فاجتمعت الناس فقال (صلّى الله عليه وآله) : أيها الناس إنّه قد دنا منّي خلوف من بين أظهركم ولن تروني في هذا المقام فيكم وقد كنت أرى أنّ غيره غير مغنٍ عنّي حتّى أقومه فيكم ؛ ألا فمَن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقد ومَن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه ومَن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستقد ولا يقولنّ قائل أخاف الشحناء من قِبَل رسول الله ألا وإنّ الشحناء ليست من شأني ولا من خُلقي وإنّ أحبّكم إليّ مَن أخذ حقّاً إن كان له عليّ أو حللني فلقيت الله عزّ وجلّ وليس لأحد عندي مظلمة ؛ وقد أسس (صلّى الله عليه وآله) بذلك معالم العدل ومعالم الحقّ بما لم يؤسسه أيّ مصلح في العالم فقد أعطى القصاص من نفسه ليخرج من هذه الدنيا وليس لأيّ أحد حقّ أو مال أو تبعة عليه فانبرى إليه رجل فقال له : يا رسول الله لي عندك ثلاثة دراهم ؛ فقال (صلّى الله عليه وآله) : أمّا أنا فلا اُكذّب قائلاً ولا مستحلفه على يمين فبم كانت لك عندي؟.

قال الرجل : أما تذكر أنه مرّ بك سائل فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم ؛ فأمر (صلّى الله عليه وآله) الفضل أن يعطيها له وعاد (صلّى الله عليه وآله) في خطابه فقال : أيها الناس مَن عنده من الغلول شيء فليردّه ؛ فقام إليه رجل فقال له : يا رسول الله عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله.

قال (صلّى الله عليه وآله) : لِمَ غللتها؟.

ـ كنت إليها محتاجاً.

فأمر (صلّى الله عليه وآله) الفضل أن يأخذها منه فأخذها وعاد (صلّى الله عليه وآله) في مقالته فقال (صلّى الله عليه وآله) : أيها الناس مَن أحسّ من نفسه شيئاً فليقم أدع الله له.

فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله إنّي لمنافق وإنّي لكذوب وإنّي لشؤوم ؛ فزجره عمر فقال له : ويحك أيها الرجل! لقد سترك الله لو سترت على نفسك ؛ فصاح به النبي (صلّى الله عليه وآله) : صه يابن الخطاب فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة.

ودعا للرجل فقال : اللّهمّ ارزقه صدقاً وإيماناً واذهب عنه الشؤم ؛ وانبرى إليه رجل من أقصى القوم يسمّى سوادة بن قيس فقال له : يا رسول الله إنك ضربتني بالسوط على بطني وأنا أريد القصاص منك فأمر (صلّى الله عليه وآله) بلالاً أن يحضر السوط ليقتصّ منه سوادة وانطلق بلال وهو مبهور فراح يجوب في أزقّة يثرب وهو رافع عقيرته قائلاً : أيها الناس أعطوا القصاص من أنفسكم في دار الدنيا فهذا رسول الله قد أعطى القصاص من نفسه.

ومضى إلى بيت النبي فأخذ السوط وجاء به إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله) فأمر أن يناوله إلى سوادة ليقتصّ منه فأخذه سوادة وأقبل نحو رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقد اتّجه المسلمون بقلوبهم إلى هذا الحادث الرهيب فالرسول (صلّى الله عليه وآله) قد فتك به المرض وألمّ به الدّاء وهو يعطي القصاص من نفسه.

ووقف سوادة على رسول الله فقال له : يا رسول الله اكشف لي عن بطنك ؛ فكشف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن بطنه فقال له سوادة بصوت خافت حزين النبرات : يا رسول الله أتأذن لي أن أضع فمي على بطنك؟ فأذن له رسول الله فوضع سوادة فمه على بطن رسول الله يوسعها تقبيلاً ودموعه تتبلور على خديه قائلاً : أعوذ بموضع القصاص من رسول الله من النار يوم النار.

فقال له رسول الله : أتعفو يا سوادة أم تقتص؟.

ـ بل أعفو يا رسول الله.

فرفع النبي (صلّى الله عليه وآله) يديه بالدعاء قائلاً : اللّهمّ اعفو عن سوادة كما عفا عن نبيّك .

وذهل المسلمون وهاموا في تيارات من الهواجس والأفكار وأيقنوا بنزول القضاء من السماء فقد انتهت أيّام نبيّهم ولم يبقَ بينهم إلاّ لحظات هي أعزّ عندهم من الحياة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.