أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
4553
التاريخ: 10-10-2014
1304
التاريخ: 27-11-2014
3006
التاريخ: 10-10-2014
2397
|
بعد ، فإذ قد تبيّن حديث تواتر القرآن ، وثبات نصّه الأصل مدى الأجيال ، فإنّ مِلاك صحّة القراءة هي : موافقة ذاك النصّ المحفوظ لدى عامّة المسلمين .
وتتحقّق هذه الموافقة في كلّ قراءة إذا ما توفّرت فيها الشروط التالية :
أوّلاً : موافقتها مع الثبْت المعروف بين عامّة المسلمين ، في مادّة الكلمة وصورتها وموضعها من النَظم القائم ، حسب تعاهد المسلمين خَلَفاً عن سلَف .
ثانياً : موافقتها مع الأفصح في اللغة والأفشى في العربية ، ويُعرف ذلك بالمقارنة مع القواعد الثابتة يقيناً من لغة العرب الفصحى .
ثالثاً : أن لا يعارضها دليل قطعي ، سواء أكان برهاناً عقلياً ، أم سُنّة متواترة ، أمْ رواية صحيحة الإسناد مقبولة عند الأئمّة .
فإذا اجتمعت في قراءة هذه الشروط جميعاً فإنّها هي القراءة المختارة ، الجائزة في الصلاة وغيرها ، أمّا الفاقدة لجميعها أو لبعضها فإنّها تصبح شاذّة ، ولا أقلّ من الشكّ في ثبوتها قرآناً ، فلا تجوز قراءتها في صلاة ولا في غيرها بعنوان أنّها قرآن .
وتوضيحاً لهذه البنود الثلاثة نعرض ما يلي :
* * *
أمّا موافقة الثبْت المعروف ففي أمور ثلاثة حسبما أشرنا :
1 ـ في مادّة الكلمة الأصلية : ففي مثل قوله تعالى : { فَتَبَيَّنُوا } من التبيّن ، أو هي ( فتثبّتوا ) من التثبّت (1) أيّهما النصّ الأصل ؟ .
وكذا قوله : ( نُنشِزُهَا ) بالزاي ، أو ( ننشرها ) بالراء (2) .
وقوله : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ ) بفتح اللام والقاف المشدّدة من التلقّي بمعنى الأخْذ ، أو ( تلِقُونه ) بكسر اللام وضمّ القاف من وَلقَ الكذِب (3) .
وقوله : { ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ } بضمّ الهمز وتشديد الميم المفتوحة بمعنى المُدّة ، أو ( بعد أمَه ) بفتح الهمز وتخفيف الميم المفتوحة والهاء بمعنى السفَه (4) .
وقوله : { فُزِّعَ ) بالزاي والعين من التفزيع وهو إزالة الفزع بمعنى الخوف ، أو وقوله : { يَقُصُّ الْحَقَّ } بالصاد ، أو ( يقضي الحقّ ) بالضاد مع الياء (5) .
وقوله : { وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ } بالضاد بمعنى ( بخيل ) ، أو بالظاء بمعنى ( متّهم ) (6) .
وقوله : { وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ } بتقديم الهمز على التاء وتخفيف اللام بمعنى القصور ، أو ( يتألّ ) بتقديم التاء على الهمز وتشديد اللام بمعنى الحَلْف (7) .
وقوله : { فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } أو ( فامضوا إلى ذكر الله ) (8) .
ومن هذا الباب القراءة بالزيادة والنقصان ، نحو قوله تعالى : ( وما عملت أيديهم ) أو ( وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ } بزيادة هاء الضمير (9) .
وقوله : { فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } أو ( إنّ الله الغنيّ الحميد ) بإسقاط ضمير الفصل (10) .
وقوله : { تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ } أو ( من تحتها الأنهار ) بزيادة ( من ) (11) .
وتقدّمت أمثلة كثيرة على ذلك (12) .
لا شكّ أنّ الصحيح في مثل ذلك : هي إحدى القراءتين وتكون الأخرى باطلة ؛ لأنّ المصحف أوّل ما شُكّل ونُقّط كان تشكيله وتنقيطه على أحد الأمرين ، وهو الّذي كان معروفاً ومتعاهداً بين عامّة المسلمين ، ولم يكن أبو الأسود ولا تلميذاه متردّدين في وضع العلائم المذكورة ، وثبت الكلمات والحروف وفْق مرتكزهم العامّ ، كما تلقّوها يداً بيد من غير ترديد أصلاً .
وإنّما الاختلاف جاء من قِبل اجتهاد القرّاء المتأخّرين ، شيئاً خارجاً عن النصّ الأصل المعروف عند عامّة الناس .
ومن ثمّ لمّا سأل الفضيل بن يسار الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن حديث ( نزل القرآن على سبعة أحرف ) قال : ( كذبوا أعداء الله ، ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد ) (13) .
ثمّ لتعيين هذا الحرف الواحد جعل الإمام ( عليه السلام ) المقياس معهود عامّة المسلمين قال : ( اقرأ كما يقرأ الناس ) ، وفي رواية أخرى : ( اقرأوا كما عُلّمتم ) (14) .
فجعل المقياس ( كما يقرأ الناس ) أي عامّة المسلمين ، ولم يَعتبر من قراءة القرّاء شيئاً ، والرواية الأخرى أصرح ( كما عُلّمتم ) أي تعاهدتموه جيلاً عن جيل وأمّة عن أمّة ، لا قراءة أفراد وآحاد .
وعلى ضوء هذا المقياس فقراءة ( ننشزها ) بالزاي هي الصحيحة ؛ لأنّ ثبْت المصحف قديماً وحديثاً ـ والّذي تعاهدته الأمّة ـ هو بالزاي .
وهكذا الصحيح : ( فتبيّنوا ) ، و( بعد أمّة ) ، و( فُزّع ) ، و( يقصّ ) وهكذا ، لنفس التعليل ، والقراءة الأخرى ساقطة عندنا وغير جائزة إطلاقاً .
أمّا الجماعة فحيث وجدوا أنفسهم تجاه أمر واقع ، وهو حجّية القراءات ـ ولاسيّما السبع ـ جميعاً ، ومن ثمّ جعلوا يؤوّلون بركن ( موافقة المصحف ) بزيادة قيد ( ولو احتمالاً ) .
وما ذاك إلاّ تعليل بعد الوقوع ، وتطبيق للمقياس على القراءات ، لا عَرْض القراءات على المقياس .
ونحن في فُسحة عن هذا المأزق ، بعد أن لا نرى من حجيّة القراءات سوى واحدة ، وهي الّتي وافقَت ثبْت المصحف المعروف ، وغيرها ساقطة رأساً .
* * *
2 ـ في صورة الكلمة : ونعني بها بُنية الكلمة الاشتقاقية ، ففي مثل قوله تعالى : { رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا } بصيغة الطلب ، أو ( باعدَ ) بصيغة الماضي (15) ، حيث المادّة واحدة ، والاختلاف في بُنية الكلمة الاشتقاقية ، يتردّد الأمر ـ لا محالة ـ في اختيار إحدى القراءتين .
وكذا قوله : { قَالَ أَعْلَمُ } بصيغة المتكلّم ، أو بصيغة الأمر (16) .
وقوله : { وَهَلْ نُجَازِي إِلاّ الْكَفُورَ } بصيغة المتكلّم المعلوم ، أو ( يُجازى ) بصيغة الغائب المجهول (17) .
وقوله : { حَتَّىَ يَطْهُرْنَ } ثلاثياً بمعنى انقطاع الدم ، أو ( يطّهّرن ) مزيداً فيه من باب التفعّل على معنى التطهّر بالماء (18) .
وقوله : { أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء } من باب المفاعلة كناية عن الجماع ، أو ( لمَستم ) بمعنى مطلق الإمساس (19) .
ومن هذا القبيل : اختلاف إعراب الكلمة بما يؤدّي إلى اختلاف المعنى ، كقوله : { وَأَرْجُلَكُمْ } بالخفْض فيجب المسْح ، أو بالنصب فيجب الغَسل (20) على احتمال مرجوح ـ عطفاً على مدخول ( فاغسلوا ) ـ زيّفه الشيخ أبو جعفر الطوسي بإيفاء وتفصيل (21) ، وأمّا النصب عطفاً على المحلّ من مدخول ( وامسحوا ) ، فهو الصحيح المختار حسبما يأتي .
وقوله : { فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ } برفع ( آدم ) فاعلاً ، ونصب ( كلمات ) مفعولاً به ، أو بنصب ( آدم ) ورفع ( كلمات ) بمعنى أنّ الكلمات استنقذت آدم من سخط ربّه (22) .
وقوله : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء } برفع اسم الجلالة ونصب العلماء ، أو بالعكس (23) .
وفي مثل هذا الاختلاف أيضاً تكون أحدى القراءتين صحيحة والأخرى باطلة ، على أصولنا حسبما تقدّم .
لكن وجه الاختيار هنا يختلف عن صورة اختلاف المادّة ، فقد يكون وجه الاختيار هو العُرف العامّ كما هناك ، وقد يكون بالاعتبار القطعي ، وقد يكون بمرجّح رواية صحيحة الإسناد ، أو نحو ذلك ممّا سنتعرّض له .
ففي مثل : ( باعِد ) نختار صيغة الطلب لإجماع القرّاء المعروفين ، وإجماعهم طريق إلى معرفة النصّ الأصل المعروف بين عامّة المسلمين .
وفي : ( أعلم ) نختار صيغة المتكلّم ؛ حيث قراءة الأكثريّة ، ولاعتبار عدم وجود مَن يَطلب منه العلم سوى نفسه .
وفي : ( نجازي ) نرجّح قراءة النّون بقرينة صدر الآية : { ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سبأ: 17] .
وفي : ( يطهُرن ) نرجّح التخفيف ؛ نظراً لأنّ شرط جواز إتيانهنّ بلا كراهة أمران : انقطاع الدم ، والاغتسال ، وأمّا على قراءة التشديد فيبقى أمر انقطاع الدم مسكوتاً عنه .
وفي : ( لامَستم ) يكون الترجيح مع الألف ؛ لأنّه إجماع المحقّقين من الفقهاء ، وعليه روايات أهل البيت ( عليهم السلام ) .
وفي : ( أرجلَكم ) نختار النصب ؛ لأنّ وجه الخفْض عطفاً على لفظ المجرور يتنافى والنظرة الفقهية القائلة بوجوب الاستيعاب في مسح الرجلين طولاً ؛ نظراً لبيان حَدَّي الممسوح في الآية ، على ما يأتي في نهاية المقال ، مضافاً إلى ورود روايات أهل البيت ( عليهم السلام ) بذلك ، وهم أدرى بما في البيت .
وأمّا قراءة نصب ( آدم ) ورفع ( كلمات ) ، فيستبشعها الذوق السليم ، فضلاً عن مخالفتها لمتبادر أذهان العموم في أمثال هذه التراكيب ، ومثلها قراءة أبي حنيفة المستنكَرة .
نعم ، ليس الاختلاف في مثل قراءة : ( كفواً ) ، أو ( هزءاً ) ، أو ( هيت لك ) (24) ، أو ( أُفّ ) (25) ، أو في مثل الإمالة ، والإشباع ، والتخفيف ، والتحقيق ، والإشمام ، والرَوم وأمثال
ذلك من هذا الباب ، إذ إنّها اختلافات في اللهجات وفي الأداء والتعبير ، وقد أجاز النبي ( صلّى الله عليه وآله ) للعرب أن تقرأ القرآن بلهجاتها المختلفة ، حسبما فسّرنا حديث ( أُنزل القرآن على سبعة أحرف ) بذلك ، كما ورد قوله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( فاقرأوا كيف شئتم ) (26) .
وعليه : فبأيّها قُرئت كانت صحيحة ، اللّهمّ إلاّ إذا خرجت عن متعارف العامّة إلى حدٍّ يُستبشَع منه ، كما في أكثر إدغامات أبي عمرو والمَدّ الزائد والتحقيق البالغ والنبْر ونحو ذلك ، فإنّها غير جائزة ولا تصحّ القراءة بها في الصلاة إطلاقاً .
* * *
3 ـ في موضع الكلمة : فالقراءة بالتقديم والتأخير باطلة ؛ لأنّها خارجة عن الرسم المعهود بين المسلمين ، كما في قوله تعالى : {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة: 111] ، قرأ حمزة والكسائي بتقديم المفعول على الفاعل ، والباقون بتقديم الفاعل على المفعول ، والثانية هي المشهورة (27) وكقراءة أبي بكر : ( وجاءت سكرة الحقّ بالموت ) ، والقراءة المأثورة هي : {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [ق: 19] (28) .
ولا شكّ أنّ الترجيح في مثل هذا الاختلاف أيضاً مع المشهورة والأخرى باطلة ، لمخالفتها الرسم والمتعاهَد بين عامّة المسلمين جميعاً .
* * *
وأمّا موافقة الأفصح في اللغة والأفشى في العربيّة ؛ فلأنّ القرآن نزل على درجة أعلى من البلاغة ، ويستحيل أن يستعمل كلمة يمجّها الذوق العربيّ السليم ، أو يخالف قياساً تسلّمته العرب الفصحى عادة طبيعية متعارفة ؛ وإلاّ لكانت العرب تستغرب من القرآن في بدْء أمرِه ، أو تستنكر منه ما يبطل به التحدّي الّذي يصرخ به القرآن علانية على رؤوس الأشهاد .
إنّ إجازة القراءات الضعيفة وإسنادها إلى العهد الأوّل ، إجرام بشأن القرآن الكريم وحطّ من عظمته الغالية .
إنّنا لا نجيز مثل : تاءات البزّي (29) ، وإدغامات أبي عمرو (30) ، ونبْرات الكسائي (31) ، ومَدّات حمزة ، وكثير من تكلّفات ابتدعها القرّاء تفنّناً بالقرآن وابتعاداً عن مألوف العرب الّذين نزل القرآن على لُغتهم ، وعلى أساليب كلامهم الدارج الفصيح .
وقد قال تعالى : {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28] ، {وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا} [الأحقاف: 12] ، {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت: 3] ، فقد شاء الله أن لا يكون في القرآن عِوَج ، ولكنّ القرّاء تكلّفوا فاعوجّوا بكثير من كلماته المستقيمة !! .
وفي ضوء هذا البيان نُخطّئ ـ صريحاً ـ كثيراً من قراءات القرّاء المعروفين جاءت على خلاف أساليب لُغة العرب الفصحى ، فإنّ رعاية كتاب ــ هو لأمّةٍ كبيرة ـ أَولى من رعاية نفَر كانت تعوزهم المعرفة بأساليب الكلام الفصيح ، وقد طعن ابن قتيبة في قرّاء لَحَنوا في القراءة ، ممّن ليس لهم طبع اللغة ولا علم التكلّف ، فهفَوا في كثير من الحروف وزلّوا وقرأوا بالشاذّ وأخلّوا (32) .
فقراءة الحسن ـ وهو من الأربعة ـ : ( وما تنزّلت به الشياطون ) غلط بلا ريب (33) .
وكذلك قراءة ابن عامر ـ وهو من السبعة ـ : ( قتل أولادَهم شركائهم ) (34) بإضافة ( قتل ) إلى ( شركائهم ) ، وفصل ( أولادهم ) ـ وهو مفعول به ـ بين المضاف العامل والمضاف إليه الفاعل .
قال أبو البركات ابن الأنباري : وأمّا نصب ( أولادهم ) وجرّ ( شركائهم ) ، فهو ضعيف في القياس جدّاً ... ومثل هذا لا يكون في اختيار الكلام بالإجماع ، واختلفوا في ضرورة الشِعر ، فأجازه الكوفيّون وأباهُ البصريّون ، وهذه القراءة ضعيفة في القياس بالإجماع (35) .
وهكذا قراءة حمزة ـ من السبعة ـ : {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1] ، بخفْض ( الأرحام ) عطفاً على العائد المجرور . قال أبو محمّد : وهو قبيح عند البصريّين ، قليل في الاستعمال ، بعيد في القياس ؛ لأنّ المضمر في ( به ) عوَض من التنوين ، ولأنّ المضمر المخفوض لا ينفصل عن الحرف ولا يقع بعد حرف العطف ، ولأنّ المعطوف والمعطوف عليه شريكان ، فكما لا يجوز ( واتّقوا الله الّذي تساءلون بالأرحام ) ، فكذلك لا يجوز الخفْض عطفاً (36) ؛ لأنّ الضمير المعطوف عليه ـ على هذا التقدير ـ عائد ، ولا يصلح المعطوف أن يحلّ محلّ العائد .
وقراءة قنبل ـ صاحب قراءة ابن كثير ـ : ( أرسِله معنا غداً يرتعي ويلعب ) بإثبات الياء في ( يرتعي ) وإسكان الباء في ( يلعب ) (37) ، في حين أنّه يجب الجزم في جواب الطلب ، فَرفعُ ( يرتعي ) وجزم ( يلعب ) ممّا يدلّ على أنّ لا معرفة له بأصول العربية إطلاقاً ، كما قال ابن قتيبة : وما أقلّ مَن سَلِم من هذه الطبقة في حرفه من الغلط والوهْم (38) .
وكذا قراءته : ( إنّه مَن يتّقي ويصبر ) بإثبات الياء في الفعل الأوّل وإسكان الثاني (39) ، ولا وجه لهذا الافتراق في حين أنّهما معاً في حيّز ( من ) الجازمة ، بدليل الفاء بعدها .
وقد تقدّم كثير من قراءات وقعت موضع إنكار أئمّة العربيّة ، كانت مخالفة لقواعد اللغة التي تجري عليها لغة العرب الفصحى (40) .
وإنّا لنُحكّم قواعد العربية الفصحى على قراءات القرّاء ، حيث لا نأتمن وقوفهم على أصول اللغة ، ولا معرفتهم التامّة بأساليب الكلام البليغ الفصيح (41) .
دفاع مثلوم :
قرأ أبو عمرو بن العلاء : ( بارئكم ) ، و( يأمركم ) ، و( ينصركم ) ، و( يشعركم ) ونحو ذلك بالإسكان ، حيث وقع في القرآن (42) ، وهو إسقاط لحركة إعرابية من غير سبب معروف ؛ وعُلِّل بأنّه شبَّه حركة الإعراب بحركة البناء ، فأسكنَ حركة الإعراب استخفافاً لتوالي الحركات ، تقول العرب : ( أراك منتفخاً ) بسكون الفاء .
قال أبو محمّد : وهو ضعيف مكروه ، قال : فإنّه فرّق بين حركة الإعراب التي تدلّ على معنى ، وبين حركة البناء التي لا تدلّ على معنى ، وأيضاً فإنّ حركة الإعراب تتغيّر حسب تغيّر المعنى ، فلم يجز أن يلحقها تغييرٌ آخَر ، وحركة البناء ثابتة ، فجاز أن تتغيّر بالإسكان استخفافاً ، وإسكان حرف الإعراب بعيد ضعيف ، وإسكان حركة البناء إذا استثقلت مستعمل كثير ، قال : والاختيار تمام الحركات ؛ لأنّه الأصل ، وعليه جماعة القرّاء ، ولأنّ الإسكان إخلال بالكلام وتغيير للإعراب (43) ، وقد أنكر سيبويه قراءة الإسكان ، ورآها باطلة في مذهب العرب الأصيل (44) .
هذه قراءة أبي عمرو الرديئة ، وهذا كلام جهابذة الفنّ وأساطين العربية المعترَف بهم لدى الأئمّة أجمَع .
ولكنّ أبا عمرو الداني ـ في كتابه ( جامع البيان ) ـ بعد أن ذكر إسكان ( بارئكم ) و( يأمركم ) في قراءة أبي عمرو ، وبعد حكاية إنكار سيبويه لذلك ، قال : والإسكان أصحّ في النقل وأكثر في الأداء ، وهو الّذي أختارُه وآخُذ به ـ إلى أن قال : ـ وأئمّة القرّاء لا تعتمد في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية ، بل على الأثبت في الأثر والأصحّ في النقل ، والرواية إذا ثبتت عندهم لا يردّها قياس عربية ولا فُشُوّ لُغة ؛ لأنّ القراءة سُنّة متّبعه يلزم قبولها والمصير إليها .
قال الزرقاني ـ تعقيباً على هذا الكلام ـ : وهذا كلام وجيه ؛ فإنّ علماء النحو إنّما استمدّوا قواعده من كتاب الله وسنّة رسوله وكلام العرب ، فإذا ثبتت قرآنية القرآن بالرواية المقبولة كان القرآن هو الحكَم على علماء النحْو وما قعّدوا من قواعد ، ووجب أن يرجعوا هم بقواعدهم إليه ، لا أن نرجع نحن بالقرآن إلى قواعدهم المخالفة نُحكّمها فيه ، وإلاّ كان ذلك عكساً للآية ، وإهمالاً للأصل في وجوب الرعاية (45) .
قلت : عدم اعتماد القرّاء على الأفشى في اللّغة والأقيس في العربية ، إنّما هو لضآلة معرفتهم بأصول الكلام الفصيح ، ومن ثمّ خلطوا وخبَطوا ، كما خلَط أبو عمرو الداني مسألة ( أصالة القرآن ) بمسألة ( القراءات ) ، وتبِعه في هذا التخليط الغريب الأستاذ الزرقاني تقليداً من غير تفكير .
إذ المتّبع هو نصّ القرآن الأصل المتواتر بين المسلمين ، وعليه اعتمد أئمّة العربية في استقاء القواعد العامّة المعتمد عليها . أمّا القراءات فشيء يرجع إلى اجتهادات القرّاء ، واللحن متفشٍّ بينهم ، وما أقلّ مَن سَلِم من هذه الطبقة من الغلط والوهْم ، ولا يجعل لحْن اللاحنين حجّة على الكتاب ، على حدّ تعبير ابن قتيبة (46) .
إنّا إذا وجدنا لحناً في قراءة قارئ نقوم في وجهه دفاعاً عن سلامة القرآن عن الاعوجاج ، عِلماً بأنّ القرآن نزل على الصحيح الأفصح { قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28] .
ويُعذَر القوم حيث حسِبوا من أنفسهم تجاه أمر واقع ، ومن ثمّ زعموا من كلّ قراءة أنّها متّبعة ، وفاتَهم أن لا مستند لهذا التعبّد الأعمى ، ولا تثبُت قرآنيّة القرآن بقراءةٍ رُويت عن فلان أو فلان ، وقد أوضحنا أن لا سنَد لآحاد القراءات متّصلاً إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، ولا مَساس لها بمسألة ( تواتر القرآن ) إطلاقاً .
إذاً فتحكيم القواعد على القراءات ليس تحكيماً لها على القرآن ، بل تحكيماً للتوصّل إلى واقع القرآن ، فكلّ قراءة وافقَت الأفصح في اللغة والأفشى في العربية ، وتوفّرت فيها سائر الشرائط ، نعتبرها صحيحة ونتسلّمها قرآناً ، بكاشف هذا التوافق .
والقواعد ـ الّتي نعتبرها مقاييس لمعرفة القرآن ـ هي المعترف بها لدى الجميع ، والّتي تسالَمت عليها علماء اللّغة والأدب ، المستقاة من كلام العرب الأصيل ، الأمر الّذي يوجد عند نُحاة البصرة أكثر وأدقّ ممّا عند الكوفيّين ، ومن ثمّ فإنّ وقْفة مثل ( الداني ) المغربي في وجه مثل ( سيبويه ) غريبة جدّاً .
ونتساءل القوم : بماذا أنكر الإمام أحمد على حمزة قراءاته ، لولا أنّه وجدها خارجة عن أساليب التعبير العربيّ الأصيل في مَدّاته ، وتوالي سكَناته وما إلى ذلك ؟! .
وهل نتسلّم قراءة مَن قرأ : ( قل لو شاء الله ما تلَوته عليكم ولا أدرأتكم به ) بالهمز لمجرّد أنّها قراءة بعض المتقدّمين (47) ؟ في حين أنّها تقلِب معنى الآية ؛ لأنّها من ( درى ) بمعنى عَلِم ، لا من ( دَرأ ) بمعنى دفَع .
وقراءته أيضاً : ( وما تنزّلت به الشياطون ) وهي غلط محض (48) .
وقراءة ابن محيصن : {فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ} [الأعراف: 150] بفتح تاء المضارعة ونصب ( الأعداء ) ، وإنّما هو من أشمت الله العدوّ ، ولا يقال : شمت الله العدوّ (49) .
وقراءة ابن عامر : ( كُن فَيَكُونُ ) [البقرة : 117][ آل عمران : 47 و 59][ الأنعام : 73][ النحل : 40][ مريم : 35][ يس : 82][ غافر : 68] بالنصب ، ومن الغريب أنّ مثل الكسائي تابعَه في النحل ويس (50) .
وقد أجمع المحقّقون على أنّ النصب هنا ضعيف ، كما اتّفق باقي القرّاء على الرفع ؛ لأنّ ( كن ) ليس أمراً على حقيقته ، لأنّه ليس خطاباً لموجود ، وإنّما معناه : فإنّما يكوِّنه فيكون (51) .
وهكذا قراءات ضعيفة ـ تقدّم بعضها ـ من السبعة وغيرهم تَشي بضَعف مقدرة قُرّائها ، وأنكرها المحقّقون من العلماء النقّاد ، سواء في مجال الفقاهة أمْ في حقل الأدب الرفيع ، فكيف نوافق على قرآنيّتها ونضرب بجميع الأصول والقواعد عَرْض الجدار ؟! فالّذي تقتضيه قواعد التمحيص هو النظر في منشأ القراءة ، فإن كانت عن مستند وثيق وعن دراية صحيحة الأصول تُقبَل ويُعترَف بقرآنيّتها أيضاً ، وكلّ قراءة خالفَت أصول التمحيص الصحيح فهي ضعيفة شاذّة يجب نبذها رأساً ، سواء أكانت عن السبعة أمْ عن غيرهم ، وتقدّم كلام أئمة التحقيق في ذلك .
* * *
وأمّا عدم المعارضة بالأقوى حجّة ؛ فلأنّ القراءة إنّما تكون حجّة إذا لم يعارضها حجّة أقوى ، حسب قانون ( التعادل والترجيح ) في باب الأصول .
فمثل : ( أرجلكم ) قراءةً بالخفْض ، وإن قرأ بها بعض كِبار القرّاء ، لكنّها حيث كانت معارضة للدليل الأقوى فهي مرفوضة كما رفضَها جمهور المسلمين ، وكانت علامة الثبْت الأُولى ، والَّتي كان عليها ثبْت المصاحف هي علامة النصب .
أمّا الدليل الأقوى الذي يرجِّح النصب على الخفْض فهو : اعتبار الاستيعاب ـ طولاً ـ في مسْح الأرجُل ؛ نظراً لذِكر الحدّ ـ بدءً ومنتهى ـ في الآية الكريمة ( من رؤوس أصابع الأقدام إلى الكعبين ) .
ولتوضيح هذا الجانب من المسألة الفقهيَّة المستنبطة من الآية الكريمة لابدَّ من تمهيد مقدَّمة ، هي :
أنَّ مادَّة ( مسَح ) يتعدّى بنفسه إلى المفعول به ، ولا يحتاج في تعدِيَته إلى إضافة حرف في مدخوله ، لكن زيادة الباء في هذا الموضع من الآية كانت لنُكتةٍ ، وهي : أنَّها لو لم تُزَد هنا لاستدعى إضافة الفعل ( مسَح ) إلى متعلّقِه ، استيعاب المسح لمحلّه استدعاءً بالطبع .. كما في كلِّ فعلٍ أُطلق بالنسبة إلى متعلَّقِه ، كما في {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] استدعى استيعاب الغَسل لجميع صفحة الوجه طولاً وعرضاً ، ومن ثمَّ لو لم يقيَّد الغَسل في اليدين بقوله ( إلى المرافق ) ، لاستدعى استيعاب جميع اليد حتّى المِنكَب .
وعليه : فلو لم تُزَد الباء ، وقيل : ( وامسحوا رؤوسكم ) لاستدعى مسح الرأس كلِّه ، نظير الوجه ، حرفاً بحرف ، فزِيدت ؛ لتكون دليلاً على كفاية مجرَّد المَسْح الملصَق بالرأس ، فلو وضَع المتوضّئ رأس إصبعه على رأسه وجرَّها جرّاً خفيفاً ، فقد صدق ( لصوق المَسْح بالرأس ) ، والامتثال يقتضي الإجزاء ـ كما في الأصول ـ ولا امتثال عقيب الامتثال .
هذا في الرأس ، أمّا في الرِجْل ، فلمّا جاء ذِكر الحدّ للمَسْح كان ذلك دليلاً على إرادة استيعاب ما بين الحدّين ( رؤوس أصابع القدَم ـ الكَعْبان ) طولاً ، ومن ثمَّ فإنَّه معطوف على مدخول ( وامسحوا ) بلا زيادة الباء ، أي محلّ المجرور ظاهريّاً ، وهو النَصب .
* * *
نعم ، ليس النصب عطفاً على مدخول ( فاغسلوا ) ، كما زعمه القائل بغَسل الأرجُل ؛ استناداً إلى قراءة النصب في الآية ، وهو فهمٌ مخطئ واستنباط معوَجّ ، بعد ملاحظة أنَّ العطف مع الفصل بالأجنبي مرفوض أو مرجوح في اللغة ، ولا يُحمَل عليه القرآن الكريم .
* * *
أمّا الروايات الواردة عن أئمَّة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، التي تمسَّك بها الشيخ الطوسي ( قدّس سرّه ) (52) دليلاً على ترجيح قراءة الخفْض ، فالصحيح منها لا دلالة فيها على ذلك ؛ لأنّها وردَت بلفظ بأنَّ ( القرآن نزل بالمَسْح ) (53) ، وهي تلتئم مع قراءة النصب على ما أوضحنا بيانه ، ولا دليل فيها على إرادة قراءة الخفْض .
نعم ، وردت رواية ضعيفة ـ لا حجّية في سنَدها بعد وجود الضِعاف فيه ـ بأنَّها بالخفْض (54) ، وهي لا تصلُح مستنداً لتأويل الآية على غير وجهها ، فتدبَّر .
وهذا من إفادات شيخنا الراحل العلاّمة الشيخ محمّد رضا الأصفهاني ( طاب ثراه ) .
___________________________
(1) الحجرات : 6 ، قرأ حمزة والكسائي بالثاء ، وقرأ الباقون بالباء . ( الكشف : ج 1 ص 394 ) .
(2) البقرة : 259 ، قرأ الكوفيّون وابن عامر بالزاي ، وقرأ الباقون بالراء . ( الكشف : ج 1 ص 310 ) .
(3) النور : 15 ، الثانية قراءة محمّد بن السميقع ، والأُولى قراءة الباقين . ( القرطبي : ج 12 ص 204 ) .
(4) يوسف : 45 ، الثانية منسوبة إلى ابن عبّاس ، والأُولى قراءة الباقين . ( القرطبي : ج 9 ص 201 ) .
(5) الأنعام : 57 ، الأُولى قراءة نافع ، وابن كثير ، وعاصم ، والثانية قراءة الباقين . ( القرطبي : ج 6 ص 439 ) .
(6) التكوير : 24 ، الثانية قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو ، والكسائي ، والأُولى قراءة الباقين . ( الإتحاف : ص 434 ) .
(7) النور : 22 ، الثانية قراءة أبي جعفر . ( الإتحاف : ص 323 ) .
(8) الجمعة : 9 ، الثانية قراءة ابن الخطّاب وابن شهاب . ( القرطبي : ج 18 ص 102 ) .
(9) يس : 35 ، الثانية هي المعروفة وعليها ثبت مصحف الكوفة . ( الكشّاف : ج 2 ص 437 ) .
والأُولى قراءة حمزة ، والكسائي ، وأبي بكر . ( الكشف : ج 2 ص 216 ) .
(10) الحديد : 24 ، الثانية قراءة نافع ، وابن عامر ، وكذلك ثبَت إسقاطها في مصاحف المدينة والشام ، والأُولى قراءة الباقين ، وكذلك مصاحف الكوفة والبصرة ومكّة . ( الكشف : ج 2 ص 312 ) .
(11) التوبة : 100 ، الثانية قراءة ابن كثير وفْق ثبْت مصحف مكّة بالإثبات . ( الإتحاف : ص 244 ) .
(12) راجع : ص 298 فما بعد .
(13) الكافي : ج 2 ص 630 .
(14) راجع وسائل الشيعة : ج 4 ص 821 ـ 822 .
(15) سبأ : 19 ، الثانية قراءة يعقوب من العشرة ، والأُولى قراءة الباقين . ( الإتحاف : ص 331 ) .
(16) البقرة : 259 ، الثانية قراءة حمزة والكسائي ، والأُولى قراءة الباقين . ( الكشف : ج 1 ص 412 ) .
(17) سبأ : 17 ، الثانية قراءة نافع ، وابن كثير ، وأبي عمرو ، وابن عامر ، وأبي بكر ، وأبي جعفر ، والأُولى قراءة الباقين . ( الإتحاف : ص 359 ) .
(18) البقرة : 222 ، قرأه الحرَميان ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحفْص مضموم الهاء مخفّفاً ، وقرأ الباقون بفتح الهاء مشدّداً . ( الكشف : ج 1 ص 294 ) .
(19) النساء : 43 ، الثانية قراءة حمزة والكسائي ، والأُولى قراءة الباقين . ( الكشف : ج 1 ص 391 ) .
(20) المائدة : 6 ، الثانية قراءة نافع ، وابن عامر ، والكسائي ، وحفص ، والأُولى قراءة الباقين . ( الكشف : ج 1 ص 406 ) .
(21) راجع التهذيب : ج 1 ص 66 ـ 75 .
(22) البقرة : 37 ، الثانية قراءة ابن كثير ، والأُولى قراءة الباقين . ( الكشف : ج 1 ص 237 ) .
(23) فاطر : 28 ، الثانية قراءة أبي حنيفة . ( تفسير القرطبي : ج 14 ص 344 ) .
(24) قُرئ بكسر الهاء وفتح التاء ، وبفتح الهاء وضمّ التاء ، وبفتحهما ، وبالهمز بدل الياء مع ضمّ التاء ، وبفتح الهاء وكسر التاء ، وبالجمع بين الياء والهاء . ( مجمع البيان : ج 5 ص 222 ) .
(25) قُرئ بضمّ الهمز وفتح الفاء المشدّدة من غير تنوين ، وبكسر الفاء منوّنة وبالكسر من غير تنوين ، وبضمّ الفاء من غير تنوين ، وبتخفيف الفاء أيضاً . ( مجمع البيان : ج 6 ص 408 ) .
(26) راجع تأويل مشكل القرآن : ص 34 .
(27) تفسير القرطبي ، ج 8 ص 268 .
(28) نفس المصدر : ج 17 ص 12.
(29) تقدّم ذلك في صفحة : 263 ، كان يشدّد التاء الواقعة في أوائل الأفعال في حالة الوصل في مثل قوله تعالى : ( وَلا تَنَابَزُوا ) ، و ( فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ ) ، و ( لِتَعَارَفُوا ) ... إلى أحد وثلاثين موضعاً في القرآن ، وهو من الجمع بين الساكنَين على غير حده ، وهو تكلّف محض خارج عن قانون لغة العرب في سهولة التعبير والأداء . ( راجع التيسير : ص 83 ، والنشر : ج 2 ص 232 ، والمرشد الوجيز : ص 174 ).
(30) كان أبو عمرو لا يدغم المِثْلين إذا اجتمعا في كلمة واحدة ، نحو : ( جباههم ) ، و( بشركِكم ) ، و( أتعدانني ) ، سوى موضعَين : أحدهما في البقرة آية 200 ( مَّنَاسِكَكُمْ ) ، والثاني في المدّثر آية 42 ( مَا سَلَكَكُمْ ) فأدغم الكاف في الكاف .
أمّا إذا كان المِثلان من كلمتين فكان يدغم الأوّل في الثاني ، سواء سكَن ما قبله أو تحرّك في جميع القرآن ، نحو : ( لاَ أَبْرَحُ حَتَّى ) ، و ( يَشْفَعُ عِنْدَهُ ) ، و ( قِيلَ لَهُمْ ) ، و ( نُسَبِّحَكَ كَثِيراً ) ، و ( النَّاسَ سُكَارَى ) ، و ( خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ) ، وهو من الجمع بين الساكنَين ، وإسقاط لحركة الكلمة الإعرابية أو الحركة القياسية من غير سبب معروف عند العرب . ( راجع التيسير : ص 20 ) .
(31) تقدّم في صفحة 264 ، وقد نهى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) عنه ، فضلاً عن كونه كالمتقيئ ممّا يستبشعه الذوق وينفر منه الطبع . ( راجع النهاية : ج 5 ص 7 ، واللطائف : ج 1 ص 67 ـ 68 ) .
(32) راجع تأويل مشكل القرآن : ص 58 ـ 63 .
(33) راجع البحر المحيط : ج 7 ص 46 ، والكشّاف : ج 3 ص 129 ، والقراءة المأثورة ( وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ) الشعراء : 210 .
(34) والقراءة المشهورة : ( قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ ) الأنعام : 137 .
(35) البيان في غريب إعراب القرآن ، ج 1 ص 243 ـ 342 .
(36) الكشف عن وجوه القراءات السبع : ج 1 ص 375 ـ 376 .
(37) التيسير : ص 131 ، المرشد الوجيز : ص 175 ، القراءة المأثورة ( يَرْتَعْ ) يوسف : 12 .
(38) تأويل المشكل : ص 61 .
(39) المرشد الوجيز : ص 175 ، والقراءة المعروفة ( يَتَّقِ ) يوسف : 90 .
(40) راجع ص 262 ـ 268 من هذا الجزء .
(41) راجع تأويل المشكِل لابن قتيبة : ص 61 . والمرشد الوجيز : ص 174 .
(42) النشر : ج 2 ص 212 .
(43) الكشف : ج 1 ص 241 .
(44) راجع كتاب سيبويه : ج 2 ص 308 .
(45) مناهل العرفان : ج 1 ص 422 .
(46) تأويل المشكل : ص 58 و 61 .
(47) هي قراءة الحسن . ( راجع البحر المحيط : ج 4 ص 133 ) ، والقراءة المأثورة : ( وَلاَ أَدْرَاكُم ) يونس : 16 .
(48) انظر تفسير القرطبي : ج 13 ص 142 ، والقراءة المأثورة : ( الشَّيَاطِينُ ) الشعراء : 210 .
(49) تأويل المشكل لابن قتيبة : ص 61 ، وانظر البحر المحيط : ج 4 ص 296 .
(50) انظر التيسير : ص 76 .
(51) راجع التفصيل في غريب إعراب القرآن لابن الأنباري : ج1 ، ص119 ـ 120 ، والكشف : ج1 ، ص261 .
(52) في التهذيب : ج1 ، ص70 . والخلاف : ج1 ، ص16 ـ كتاب الطهارة ـ المسألة رقم 39 .
(53) وسائل الشيعة : ج1 ، ص294 ـ 297 .
(54) تهذيب الأحكام : ج1 ، ص70 ، رقم 188 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|