أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2014
15784
التاريخ: 16-11-2014
1997
التاريخ: 16-10-2014
4041
التاريخ: 2024-09-08
202
|
تفسير القرآن بالعقل
إن أحد مصادر علم التفسير وأصول البحث والتحقيق للحصول على المعارف القرآنية هو العقل البرهاني النقي من الوهم والتخيل. والمقصود من العقل البرهاني هو الذي يثبت بأصوله وعلومه المتعارفة أصل وجود مبدأ العالم وصفاته وأسمائه الحسنى.
والتحقيق حول تفسير القرآن بالعقل ، يحتاج إلى بحث شروط البرهان وموانعه بالإضافة إلى ضرورة الإلمام بالعلوم القرآنية حتى يمكن الاستفادة من البرهان العقلي مع تجنب الوقوع في المغالطة ، لأن العقل هو الرسول الباطني لله سبحانه ، وكما أن مدعي الرسالة الظاهرية يكون صادقة تارة أي "نبيا" واقعية وتارة أخرى يكون كاذبة أي "متنبيا" ، فالعقل الذي هو الرسول الباطني كذلك ، تارة يكون ذا رسالة صادقة عندما يفكر ويستنتج طبقا للشروط الخاصة للبرهان ، وتارة يكون كاذبا عندما يبتلي بالمغالطة فيكون كالمتنبي الذي لا حظ له من الرسالة الإلهية. أجل إن الرسول الواقعي في عالم الظاهر معصوم دائما ولا يمكن أن يصير نبي الله متنبيا أبدا ، ولكن الرسول الباطني ليس كذلك لأنه يمكن أحيانا أن يقع في الخطأ كالمدعي للنبوة (المتنبي).
والتفسير العقلي ، كما مر ، إما أن يحصل بالتفات العقل إلى الشواهد في الداخلية والخارجية ، بأن يدرك العقل الفطن والوقاد معنى الآية من الجمع بين الآيات والروايات ، وفي هذا القسم يكون للعقل دور المصباح" لا أكثر ، ومثل هذا التفسير العقلي الاجتهادي يعد جزءا من التفسير بالمأثور وليس تفسيرا عقليا لأنه يتحقق من المصادر النقلية ، وإما أن يحصل باستنباط بعض المبادئ التصورية والتصديقية النابعة من المصدر الذاتي للعقل البرهانية والعلوم المتعارفة ، وفي هذا القسم يكون للعقل دور "المصدر" وليس دور المصباح فقط. وعليه فإن التفسير العقلي يختص بالمورد الذي يقوم فيه العقل باستنباط بعض المبادئ التصديقية والمباني المستورة والمطوية لبرهان الموضوع ، ثم يحمل عليها الآية التي هي مورد البحث.
وهنا نصل إلى قاعدة مهمة في علم التفسير ، وهي أن المفسر على الرغم من أنه يعمل على أساس ما لديه من القطع ، ويفسر الآية وفقا لعلمه اليقيني ، لكن البحث في علوم القرآن وعلم التفسير يحتم عليه الانتباه إلى أنه بأي لون من ألوان القطع يمكن تفسير النص المقدس ، الأن بعض ألوان القطع ، كما سيتضح فيما بعد ، غير قادر على تفسير ظاهر الآية ، وبعض ألوانه له القدرة على ذلك. طبعا من الممكن أن يقوم المفسر بتغيير المسير الظاهري للآية طبقا ليقينه وقطعه الخاص ويكون ل قطعه خطأ وغير مطابق للواقع ، لكن المفسر المذكور يعد معذورة إذا لم يكن مقصرة في المبادئ والمقدمات.
والقطع بالمبدأ التصديقي إذا كان من سنخ اليقين بمواضيع العرفان النظري والفلسفة والكلام والمنطق والرياضيات ، بحيث يكون ثبوت والمحمول للموضوع على نحو الضرورة ، ويكون سلب المحمول عن الموضوع محالا ، فإن مثل هذا القطع يفيد الضرورة ، لأنه على أساس امتناع اجتماع النقيضين يكون سلب المحمول عن الموضوع محالا. ومن هنا فإنه سيتم حتما تفسير الآية القرآنية أو الحديث المأثور بما ينسجم مع مثل هذا القطع المفيد للضرورة.
لكن إذا كان اليقين والقطع بالمبدأ التصديقي من سنخ القطع بالمواضيع التجريبية فإنه يجب الالتفات إلى ما يلي: أولا: إن القطع في الموضوع التجريبي والمختبري صعب ، لأن الاستقراء التام صعب وتحصيل القياس الخفي الذي يحقق التجربة ويميزها عن الاستقراء هو أمر مستصعب. وعليه فليس من السهولة تحصيل اليقين المنطقي في مجال الأمور التجريبية. وثانيا: على فرض حصول قطع تجربي بثبوت المحمول للموضوع ، فإن مثل هذا اليقين في أغلب الأحيان يكون من جانب واحد ، أي إنه يتحقق القطع بثبوت المحمول للموضوع ، ولكن لا يمكن أبدا أن نجد طريقة الحصر المحمول في الموضوع" و "انحصار اتصاف الموضوع بالمحمول" ، لأن نتيجة التجارب المتكررة هي أننا إلى الآن كلما جربنا واختبرنا فقد وجدنا أن هذا الموضوع له هذا المحمول ، وذاك المحمول قد ثبت لذاك الموضوع (أي القطع بالدوام) ، لكن لا يحصل لنا يقين بضرورة ثبوت المحمول للموضوع ، بحيث لو حصل عن طريق الإعجاز خرق هذه العادة والدوام والظاهرة المستمرة العادية وحصلت ظاهرة أخرى للزم الامتناع العقلي ، فتكون الآية محل البحث والتي تدعي الإعجاز وخرق العادة قد ادعت أمرا محا ، أي أن القطع التجريبي لا يفيد أكثر من "الدوام" و"العادة" ولا يثبت "الضرورة". ولذلك فإنه لا منافاة بينه وبين إعجاز الأمور الخارقة للعادة.
إذا فإن اليقين الحاصل من التجربة ، لا يمكن أن يحكم على الآية محل البحث بأنها خلاف العلم لتحمل على خلاف الظاهر ، لأن الإعجاز دائمة يكون على خلاف العادة ، ولكنه لا يكون أبدة مخالفة للضرورة العقلية ، مثلا انت ما جربة الإنسان حول النار يفيد أنه متى ما لامست بدن الإنسان فهو يحترق ، ولكن هل ان هذا الإحراق والاحتراق أمر ضروري أم عادي؟ وهل انت مجرد تماس ، النار مع بدن الإنسان هو علة تامة للإحراق والاحتراق حتى لا يمكن الفصل بينهما ، أم أن مثل هذا الأمر ليس أكثر من عادة مستمرة وظاهرة دائمة ، وذلك لا يرقى إلى إثبات "الضرورة العقلية و"امتناع الانفكاك"؟ وعليه فإن قصة إبراهيم الخليل علا والمحافظة عليه بعد إلقائه في النار محال عادي وليس محالا عقلية ، ولذلك يثبت بالمعجزة ، ولا حاجة ولا مسوغ لحمل الآية الكريمة: {يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69] على خلاف ظاهرها. أو مثلا في قصة توقف ماء النهر وظهور الطريق اليبس في وسط النيل الجاري وسائر مواضع الإعجاز فهي كلها من سنخ المحال العادي لا المحال العقلي.
والأصل الكلي في جميع هذه الموارد هو أنه لم يقم فيها برهان منطقي على "ضرورة ثبوت المحمول للموضوع" أو "انحصاره فيه". و ولذلك فإن من الممكن أن ينفصل المحمول عن موضوعه العادي والمألوف ويمكن أيضا أن يثبت ذلك المحمول لموضوع أجنبي غير الموضوع المعتاد ، لأنه لا دليل على الضرورة في المورد الأول ، ولا برهان على الانحصار في المورد الثاني. اذن عند حمل الآية على خلاف الظاهر مي أو النص ، لابد أن نرى هل ان القطع الموجود في المسألة منطقي أم نفسي؟ وإذا كان منطقيا فهل هو يفيد "الضرورة" أم "الدوام"؟ وإذا كان مفيدة للضرورة فهل هو على نحو "الانحصار" أم لا؟ لأنه إذا كانت ثمرة الدليل في المسألة هي دوام المحمول للموضوع لا ضرورته ، فإن انفكاك المحمول عن الموضوع بصورة الإعجاز ممكن ، وإذا كانت الضرورة ليست على نحو الانحصار ، فإن تحقق ذلك المحمول لموضوع آخر غير مألوف على نحو خرق العادة أمر ميسر وممكن. إذن في تفسير الآية أو الحديث لا يمكن الحمل على خلاف الظاهر أو النص بمجرد حصول القطع بموضوع ما.
وإذا لم تكن الآية محل البحث بصدد التحدي والاعجاز بل كانت الغرض بيان موضوع عادي ، فإنه يمكن تفسيرها وفقا للأصول والقواعد الموضوعة ، لأن الغرض هو كونها في مقام بيان السير الطبيعي للأشياء وليست في مقام خرق العادة والتحدي ، فهنا ينظر فيها إلى المبدأ الفاعلي والغائي للشيء وهو الله سبحانه ، وإن تحقق ذلك الشيء يمكن أن يتم بعدة وجوه ، وإن أي واحد من تلك الوجوه لا يتصف بالضرورة العقلية ولا بالامتناع ، وإذا ظهر فيما بعد خلاف ذلك فإن هذا التخلف يعود إلى فهم المفسر لا إلى الوحي الإلهي ، كما في استنباط الأحكام الفرعية من المباني الأصلية ، حيث تارة يكون الاستنباط مطابقاً للواقع ، وتارة أخرى يكون مخالفاً له دون كشف الخلاف ، وفي بعض الحالات يكون مخالفاً للواقع مع كشف الخلاف وفي صورة كشف الخلاف فإن خطأه يعود إلى فهم الفقيه لا إلى الشريعة الغراء. نعم ، يجب في إسناد أي موضوع إلى صاحب الشريعة أن يؤخذ بنظر الاعتبار مقدار فهم المستنبط وقوة الدليل الذي يعتمده ونوع اليقين والقطع الذي في نفسه ، أي ان الإسناد تارة يكون قطعياً وأحياناً يكون ظنيا ، والإسناد اليقيني يختص بحال القطع والإسناد الظني للذي لا يملك إلا الظن.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|