أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-1-2023
1482
التاريخ: 10-10-2014
2000
التاريخ: 5-05-2015
1945
التاريخ: 4-2-2016
3968
|
هناك من أصحاب الفكر الإسلامي الحديث ـ حسب مصطلحهم ـ من يستنكر على القائل بأنّ تلك الآيات حوادث واقعة ، ويراها قَصصاً شعبيّة تسلّمها الخصوم فاستغلّها القرآن جدلاً بالتي هي أحسن !
يقول الأُستاذ خليل عبد الكريم ، ردّاً على الأُستاذ محمّد أحمد خلف اللّه ، مذهبه في إضفاء الصفة التأريخيّة على هذه الأحداث ـ : أمّا الأوعر من ذلك فإنّه ( الأُستاذ خلف اللّه ) يعتبر حكاية موسى وفرعون ، وخروج بني إسرائيل من مصر ، وضرب ملأ فرعون بالجراد والقُمّل والضفادع والدّم ، وتحدّي موسى للسَحَرة ، وانقلاب العِصي إلى حيّة أو ثعبان أو جانّ... نقول : إنّه يعتبر كلّ هذه الحكايا تأريخاً ، مع أنّه لا يوجد في العالم بلدٌ حرص على تدوين تأريخه كتابةً كمصر ، وليس في التأريخ المصري شيء من هذا ، ومع ذلك فقد عدّها المؤلّف قصصاً تأريخيّاً... (2)
لمّا أخذت فرعون العزّة بالإثم وعتا عن أمر اللّه تعالى وتمادى في تكذيب موسى وهارون ، واستمرّ في إعنات بني إسرائيل وإيقاع ضروب الإذلال والإهانة بهم ، أمر اللّه تعالى موسى أن يُعلن فرعون وقومه بوقوع العذاب بهم ، فكانوا كلّما وقع بهم عذاب بعد إنباء موسى إيّاهم به وَعَدوه بالإيمان تارة وبإرسال بني إسرائيل أُخرى إن كشف اللّه عنهم العذاب ، وكلّما كشف اللّه عنهم عادوا إلى طغيانهم وغدروا بعهدهم وخانوا بوعدهم ، وهكذا إلى أن وقعت الآية الكبرى والبطشة العُظمى ، وهي إغراق فرعون في اليمّ ونجاة بني إسرائيل .
والآيات ـ حسبما ذكره المفسرون ـ هي :
1 ـ الجدب ( أخذناهم بالسنين ) بأن قلّ عنهم ماء النيل وقصر عن إرواء أراضيهم .
2 ـ النقص من الثمرات بسبب ما أتى عليها من الجوائح والعاهات .
3 ـ الطوفان ، قيل بطغيان النيل حتّى دخل بيوتهم ومساكنهم فخرّبها ، وفاض على مزارعهم فأفسدها في وقت كان الزرع فيها نامياً .
4 ـ الجراد ، بأن هجمتهم جحافل الجراد فأكل الزرع واجتاح الثمار .
5 ـ القُمّل ، قيل : هو السوس الذي يُفسد الحبوب . وقيل : القراد ، دويبة تتعلّق بالبعير ونحوه وهي كالقُمّل للإنسان تلسعه وتأخذ راحته . وأبدلتها التوراة بالبعوض ، كما يأتي .
6 ـ الضفادع ، كَثُرت عليهم حتّى نغّصت عليهم عِيشتهم بسقوطها على فرشهم وأوانيهم وطعامهم .
7 ـ الدم ، قال زيد بن أسلم : سلّط اللّه عليهم الرعاف بحيث أزعج عليهم الحياة .
8 ـ الطمس على أموالهم ، فتوالت عليهم الخسران في مكاسبهم .
9 ـ اليد البيضاء ، إذ كان يضع يده في جيبه ثُمّ يخرجها بيضاء من غير سوء .
والأُستاذ عبد الوهاب النجّار ـ بعد أن ذَكر كلام المفسّرين ـ رجّح أن تكون الآيات التسع كما يلي :
1 ـ السنون ، 2 ـ نقص الأموال ، 3 ـ نقص الأنفس ، 4 ـ نقص الثمرات ، 5 ـ الطوفان ، 6 ـ الجراد ، 7 ـ القُمّل ، 8 ـ الضفادع ، 9 ـ الدّم (3) .
* * *
وقد ذَكرت التوراة الآيات التي جاء بها موسى إلى فرعون وملأه ، وجعلتها اثنتي عشرة آية :
1 ـ انقلاب العصي حيّة . ( الإصحاح 7 من سفر الخروج عدد 12 )
2 ـ انقلاب نهر النيل دماً سبعة أيّام وموت السمك فيه ونتن مائه . ( أص 7 : 17 ـ 24 )
3 ـ صعود الضفادع من النهر إلى أرض مصر ومضايقتها للمصريّين حتى غطّت أرض مصر كلّها . ( أص 8 : 1 ـ 10 )
4 ـ كثرة البعوض بأرض مصر على الناس والبهائم . ( أص 8 : 16 ـ 19 )
5 ـ كثرة الذباب في أرض مصر وبيوت المصريّين كثرة فاحشة حتى تنغّصت عيشتهم . ( أص 8 : 20 ـ 24 )
6 ـ تفشّي الوباء في مواشي المصريّين . ( أص 9 : 1 ـ 7 )
7 ـ فشوّ الدماميل في الناس والبهائم .
8 ـ نزول البرد العظيم فأهلك الحرث والنسل . ( أص 9 : 13 ـ 35 )
9 ـ كثرة الجراد فأفسدت الزرع والثمار . ( أص 10 : 1 ـ 15 )
10 ـ إظلام السماء ثلاثة أيّام . ( أص 10 : 21 ـ 23 )
11 ـ موت كلّ بِكر من الناس والبهائم . ( أص 11 : 1 ـ 9 )
12 ـ اليد البيضاء . ( أص 4 : 6 ـ 9 )
* * *
رأى فرعون الآيات ولكنّه تمادى في كفره وأصرّ على عناده ، وعاد في اضطهاد بني إسرائيل ، معتزّاً بما له عليهم من القهر والغلبة والسلطان ، فطبيعيّ أن يضجّ بنو إسرائيل بالشكوى إلى موسى ممّا حاق بهم من الحيف والجور ، فوصّاهم موسى بالصبر والاستعانة باللّه ، ووعدهم بالنصر وحسن العاقبة ، فلم يكفكف ذلك دموعهم وقالوا له : {أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} [الأعراف : 129] ! فمنّاهم هلاك عدوّهم وإخراجهم من الضيق إلى السعة وأن يكونوا خلفاء في الأرض التي وعدوا بها .
وأراد فرعون أن يبطش بموسى متحدّياً إلهه ؛ حتّى لا يكون منه تبديل لدين القوم ، ولكنّ موسى عاذ باللّه من شرّ هذا المتكبّر العاتي ، فكان عياذاً (4) ، فأُصيب فرعون وقومه بالدمار والهلاك {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [طه : 78] .
انطلق موسى بقومه من أرض مصر ، ذاهباً إلى أرض فلسطين ، كما قال تعالى : {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} [طه : 77] .
فهل كان هذا الانطلاق بناءً على أمر صدر له من فرعون ، بعد أن أمضّه اللّه وقومه بسوء العذاب ، في الآيات التسع ؟
تقول التوراة : إنّ ذلك كان بناءً على سماح فرعون لهم بالانطلاق ؛ ليخلص من ضروب العذاب التي حاقت بقومه .
جاء في الإصحاح 12 : 29 ـ 33 من سِفر الخروج : ( فحدث في نصف الليل أنّ الربّ ضرب كلّ بكر في أرض مصر... وكان صراخ عظيم ؛ لأنّه لم يكن بيت ليس فيه ميّت... فدعا فرعونُ موسى وهارون وقال : قوموا اخرجوا من بين شعبي ، أنتما وبنو إسرائيل جميعاً ، واذهبوا اعبدوا الربّ كما تكلّمتم ، خذوا غنمكم أيضاً وبقركم كما تكلّمتم واذهبوا ، وباركوني أيضاً ، وكذلك ألحّ المصريّون على بني إسرائيل ليخرجوا من أرض مصر ، حيث خوفهم من الفناء ...
لكن فرعون ندم على سماحه لخروج بني إسرائيل ـ وقد كان هو وقومه يستعبدونهم ـ فعزم على اتّباعهم ؛ ليردّهم عبيداً أذلاّء ... وكان بنو إسرائيل قد بلغوا ساحل البحر الأحمر ـ على خليج السويس ـ وأطلع عليهم فرعون مع شروق الشمس ، وأيقن بنو إسرائيل بالهلاك وأنّ فرعون باطش بهم .
فسكّن موسى روعَهم وضرب البحر ، فكان فلقتَينِ وظهرت اليابسة بينهما ، فأمر بني إسرائيل بالعبور ، فعبروا من الشاطئ الغربي إلى الشاطئ الشرقي ...
وأشرف فرعون في ذلك الحين على الموضع الذي عَبر منه بنو إسرائيل ، فرأى طريقاً في البحر لا وعورة فيه ، وبنو إسرائيل بين فرقَي الماء لم يمسّهم أذى ، فطمع أن يعبر في أثرهم هو وجنوده ، فاقتحموا الطريق اليابس في البحر خلف بني إسرائيل .
فلمّا جاز بنو إسرائيل البحر عن آخرهم وكان فرعون وكان فرعون وجنوده قد توسّطوه انطبق عليهم البحر فكانوا من المغرقين...
___________________________
(1) النمل 27 : 12 . الإسراء 17 : 101 : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْألْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً ) راجع : قصص الأنبياء للأُستاذ النجّار ، ص197 ـ 198 .
(2) الفنّ القصصي في القرآن الكريم ، مع شرح وتعليق خليل عبد الكريم ، ص415 ـ 416 .
(3) قصص الأنبياء ، ص198 .
(4) غافر 40 : 24 ـ 27 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|