طرائق توثيق الرواة / الطريقة العاشرة / كون الراوي أحد مشايخ الإجازة. |
1483
04:24 مساءً
التاريخ: 8/11/2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-4-2016
1039
التاريخ: 21-4-2016
1375
التاريخ: 2023-07-12
1193
التاريخ: 17-8-2016
2815
|
كون الراوي أحد مشايخ الإجازة:
من ادّعى في حقّه أنّه ثقة دون الرجوع إلى كتب الرجال والجرح والتعديل كون الراوي من مشايخ الإجازة.
تعريف مشايخ الإجازة:
قال السيد علي الفاني (رحمه الله): "والمراد من مشايخ الإجازة مَن كان لديهم كتب أو روايات أجازوا غيرهم نقلها وروايتها ولو لم يكن بالسماع منهم أو بالقراءة عليهم، بل كان بمجرد إجازتهم النقل والرواية وغير ذلك" (1).
في حين عرّفه السيد حسن الصدر (رحمه الله) في التكملة عند ترجمة أحمد بن محمد بن الوليد: "أنّ الفرق بين شيخ الإجازة وشيخ الرواية أنّ شيخ الإجازة يخبر عن كتب غيره ويذكر في السند المحض اتصال السند، فلو كان ضعيفا لم يضر ضعفه، والثاني هو من تضر جهالته في الرواية، وطريق العلم بأحد الأمرين هو أنّه إن ذكر له كتاب كان من مشايخ الرواية، وإلا كان من مشايخ الإجازة على إشكال في الثاني" (2).
وقال الشيخ السبحاني في الكليات: "أن يجيز الشيخ كتاب نفسه، فيشترط في الشيخ المجيز ما يشترط في سائر الرواة من الوثاقة والضبط، وحكم شيخ الإجازة في هذا المجال حكم سائر الرواة " (3).
وقال أيضا: "إذا أجاز كتاب غيره وكان انتساب الكتاب إلى مصنّفه مشهورة فالإجازة لأجل مجرد اتصال السند، لا لتحصيل العلم بالنسبة إلى مصنفه.." (4).
وقد ظهر من الأقوال الثلاثة أنّ الاختلاف واقع في بيان المراد من شيخ الإجازة، فالسيد الصدر جعل من له كتاب شيخ رواية وإلا فشيخ إجازة، بينما يقول الفاني بأنّ شيخ الإجازة من كان لديه كتاب لنفسه أو رواية يرويها لغيره، في حين يعتبر السيد الصدر هذا الفرد من مشايخ الرواية.
اللهم إلا أن يقال: إنّ مراد الفاني لا من كان لديه كتب أو روايات ليست له يرويها عن غيره، فهو مجرد طريق وواسطة في الإيصال فيتحد حينئذ مع شيخ الإجازة الأول، لكن لئن تم هذا فإنه لا يتم فيها ذكره صاحب الكليات إذ جعل الشيخ الإجازة قسمين: الأول: أن يجيز الشيخ كتاب نفسه، والثاني: إذا أجاز كتاب غيره.
هذا ولم نلحظ القدماء بل الطبقة الأولى من المتأخرين من استشكل في المراد من شيخ الإجازة، إنّما وبحسب تتبعي بدأ بيان المراد من شيخ الإجازة في القرن العاشر، وذلك لوضوح المقصود منه عند القدماء ومتقدمي المتأخرين، لأنّه كان أمراً متداولاً، بل لا يمكن تركه، نعم، لمّا انتفت الحاجة إليه باشتهار الكتب ولم يعد الفقهاء بحاجة إلى إجازة لرواية الكتاب اختلف في المراد منه كما اختلف في توثيقه وعدمه.
نعم، يمكن الجمع ما بين قول السيدين المتقدمين وصاحب الكليات وغيرهم في الكشف عن المراد من شيخ الإجازة، إذ من المحتمل جدا أن يكون مرادهم أنّ شيخ الإجازة من يروي كتاب غيره سواء كان عنده كتاب له يرويه أم لا، فالمدار أن يكون الراوي واسطة لنقل ورواية كتاب غيره، فإذا كان كذلك سمّي شيخ الإجازة.
أقول: هذا هو الحق الحقيق بالاتباع، فإنّ شيخ الإجازة من يكون واسطة في النقل ما بين الشيخ والتلميذ لكتاب لا لرواية، ومحل الكلام حينئذ في احتياج الشيخ إلى التوثيق أو لا؟
محل البحث:
بعدما عرفت المراد من مشايخ الإجازة، يقال: هل يحتاج شيخ الإجازة إلى التنصيص على وثاقته كغيره من الرواة أم لا؟
قال الشهيد الثاني (رحمه الله): "إنّ مشايخ الإجازة لا يحتاجون إلى التنصيص على تزكيتهم".
وقال المحقق البحراني (5) "مشايخ الإجازة في أعلى درجات الوثاقة والجلالة".
وقال (رحمه الله) "لا ينبغي أن يرتاب في عدالتهم".
وقال المحقّق الشيخ محمد في شرحه على الاستبصار - ابن ابن الشهيد الثاني - عادة المصنّفين عدم توثيق المشايخ".
وقال الوحيد البهبهاني في الفوائد الرجالية والمتعارف عده من أسباب
الحسن، وربما يظهر من جدي دلالته على الوثاقة" في حين أنكر آخرون وثاقة المشايخ دون تنصيص على وثاقتهم كالسيد الصدر في التكملة والسيد الخوئي في المعجم، قال (رحمه الله): "إنّ مشايخ الإجازة - على تقدير تسليم وثاقتهم - لا يزيدون في الجلالة وعظمة الرتبة عن أصحاب الإجماع وأمثالهم ممّن عرفوا بصدق الحديث والوثاقة، فكيف يتعرض في كتب الرجال والفقه لوثاقتهم ولا يتعرض لوثاقة مشايخ الإجازة لوضوحها وعدم الحاجة إلى التعرض لها!
والصحيح أنّ شيخوخة الإجازة لا تكشف عن وثاقة الشيخ، کما لا تكشف عن حسنه"(6).
أدلة القائلين بعدم كفاية المشيخة:
استدلّ القائلون على عدم كفاية مشيخة الإجازة للقول بوثاقتهم بأنّ جمعاً ممّن صرّح الأصحاب بكونهم من مشايخ الإجازة قد صرّحوا بضعفهم، كالحسن بن محمد بن يحيى، قال النجاشي في ترجمته: "الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أبو محمد المعروف بابن أخي طاهر.
روى عن جده يحيى بن الحسن وغيره، وروي عن المجاهيل أحاديث منكرة، رأيت أصحابنا يضعفونه، له كتاب المثالب، وكتاب الغيبة وكتاب القائم (عجّل الله فرجه الشريف)" (7).
وأمثال الحسين بن حمدان الخصيبي، قال النجاشي في ترجمته "الحسين بن حمدان الخصيبي الجنبلائي، أبو عبد الله، كان فاسد المذهب، له كتب منها: كتاب الإخوان" (8).
وكذا أمثال سهل بن زياد، فقد ترجمه النجاشي بقوله: "أبو سعيد الآدمي الرازي، كان ضعيفة في الحديث غير معتمد فيه، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب.. له كتاب التوحيد.. وله كتاب النوادر" (9).
وكذا في ترجمة الحسن بن محمد بن سهل النوفليّ، إذ ترجمه النجاشي بقوله: "الحسن بن محمد بن سهل النوفلي ضعيف، لكن له كتاب حسن كثير الفوائد" (10).
وكذا الحسين بن أحمد المنقري فقد قال النجاشي فيه: "الحسين بن أحمد المنقري التميمي، أبو عبد الله، روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) رواية شاذة لا تثبت، وكان ضعيفا.." (11).
وغيرهم من مشايخ الإجازة الذين صرّح الأصحاب بضعفهم، فكيف والحال هذه يقال بأنّ مشايخ الإجازة بغنىً عن التوثيق، أو في أعلى درجات الوثاقة والجلالة! وهل خفي حال هؤلاء على أمثال الشهيد الثاني وولده وابنه محمد والبحراني والشيخ سليمان وغيرهم، وكيف يمكن الجمع ما بين أقوال هؤلاء وتضعيف بعض مشايخ الإجازة كالمذكورين وغيرهم؟!
قيل في الجواب:
أولا: إنّ تضعيف بعض من ذكر من مشايخ الإجازة محل كلام ...
ثانيا: إنّ مشايخ الإجازة بعضهم معروف مشهور قد أخذ عنه معالم الدين كسهل بن زياد الذي روى عنه الكليني في كتابه والذي اعتمده ما يقارب ألفي رواية، وغيره الكثير من المشايخ من كان معروفا بتوسطه للرواية عن كتب الأصحاب، فالشهيد الثاني وولده لعل مرادهما هو خصوص مشهوري الرواية والواسطة، وهذا ما يمكن استظهاره من كلاتهم، قال الشهيد الثاني (رحمه الله) "تعرف العدالة.. وبالاستفاضة بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل وغيرهم من أهل العلم كمشايخنا السالفين من عهد الشيخ محمد بن يعقوب الكليني وما بعده إلى زماننا هذا لا يحتاج أحد من هؤلاء المشايخ إلى تنصيص على تزكيته، ولا تنبيه على عدالته لما اشتهر في كل عصر من ثقتهم وضبطهم وورعهم زيادة على العدالة"(12).
ومنه يظهر أنّ مشايخ الإجازة مشهورون معروفون فيخرج بذلك غير المشهورين بالمشيخة.
وقال ولده صاحب المعالم: "يروي المتقدّمون من علمائنا (رضي الله عنهم) عن جماعة من مشايخهم الذين يظهر من حالهم الاعتناء بشأنهم وليس لهم ذكر في كتب الرجال - كأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، وأحمد بن محمد بن يحيي العطار - والبناء على الظاهر يقتضي إدخالهم في قسم المجهولين، ويشكل بأن قرائن الأحوال شاهدة بعد اتخاذ أولئك الأجلاء الرجل الضعيف والمجهول شيخا يكثرون الرواية عنه ويظهرون الاعتناء به.."(13).
ومنه يتبيّن لك أنّ الشهيد الثاني وولده يقصدان من اشتهر في كل عصر، وليس كل من أجاز غيره من غير المشهورين بالرواية.
ثالثا: لعلّ محل كلام مثل صاحب المنتقى وغيره غير من نص الأصحاب على تضعيفه، فإنّه خارج تخصّصا عن محل كلامه، إذ كلامه ناظر إلى خصوص مجهول الحال كأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد وأحمد بن محمد بن يحيى العطار، بل من المطمئن به أنّ مورد الإشكال غير مراده، وعليه فلا تعارض ما بين التوثيق العام والتضعيف الصريح.
رابعا: يظهر من كلام غير واحد من الرجاليّين أنّ مراده العمل بروايته دون توثيقه كما ذكره الشيخ عبد النبي الكاظمي إذ قال: "ويذكر في السند لمحض اتصال السند، فلو كان ضعيفاً لا يضرّ ضعفه".
هذا غاية ما يقال في جواب الإشكال المذكور.
لكنّه يقال: إنّ كل ما قيل في الجواب محل نقاش وإشكال، أمّا ما قيل من تصحيح بعض مشايخ الإجازة كسهل بن زياد، فإنّه لا يفي بالغرض، إذ حتى على القول بوثاقته فإن الإشكال لا يرفع بغير سهل كما هو واضح.
وأما ما قيل في الجواب الثاني: من أن المراد به ما اشتهر كونه شيخ إجازة فإنه إن صح أن هذا مراد الشهيد وابنه الشيخ حسن، إلا أنه لا يتم على ظاهر إطلاق جمع من الأصحاب إذ مرادهم بالشيخ مطلق شيخ الإجازة وعليه فلا يتم الجواب الثاني أيضا.
أما الجواب الثالث: فقد قيل في جوابه: إن مراد الرجاليين مطلق شيخ الإجازة وأنه غني عن التوثيق، بل في أعلى درجات الوثاقة والعدالة، فيتعارض حينها مع المضعفين من المشايخ.
وأما جواب الجواب الرابع: فإنّ كلامه - الكاظمي - وإن كان صحيحا في نفسه، لكنه لا يصح جوابا على الإشكال القائل بورود التضعيف على جملة من مشايخ الإجازة.
وعليه فما قيل من أجوبة على الإشكال لا يمكن اعتاده، ولا الركون إليه.
وتحقيق الحال: بعدما تبين أن كثيرة من مشهوري مشايخ الإجازة قد صرح القدماء بضعفهم، بل ضعف بعضهم كان مشهورة، ومع ذلك فقد كانوا لا يدعون روايتهم، بل هي محل عمل وفتيا واعتبار، فمقتضى الجمع بين العمل برواياتهم من جهة وتضعيفهم من جهة أخرى هو صحة اعتاد أخبارهم مع عدم القول بتوثيقهم، ولهذا نرى الكليني قد عمل برواية سهل بن زياد وجعله طريقة إلى مسائل الدين في أكثر من ألفي فرع فقهي، ولعله من أكثر من روى عنه بواسطة العدة، فلو كانت روايته مرفوضة معرضا عنها من قبل الأصحاب لترك روايته وأعرض عنها، فعمل مثل الكليني واعتماده عليه جدة يكشف عن إمكان العمل بالرواية، وضعفه حينئذ لا يضر، وذلك لأنه مجرد واسطة وطريق في الإيصال بعدما كان الكتاب المروي مشهورة معروفا كثيرة نسخه، آب عن الدس والتزوير، فسهل بن زياد حينئذ حتى لو كان ضعيفة في نفسه لا يمكنه الدس والزيادة والنقيصة بعدما صار الكتاب مشهورة، وهذا لا يعني وثاقة الراوي إنها وثاقة الرواية والمروي، وهذا هو المصحح للعمل بالرواية عند القدماء مع النص على التضعيف.
ومنه يعلم أنّ ما قيل من وثاقة مشايخ الإجازة في غير محله، لأنّ الواقع يكذبه، وعليه فيجب التفريق ما بين كتابه والكتاب الذي يرويه عن غيره، ففي مثل كتابه الذي صنفه لا يمكن اعتماده لإمكان الدس والتزوير فيما كتبه، أما بالنسبة للكتاب الذي هو طريق إليه فهو معتمد إذ لا يحتمل في حق الصدوق والكليني وأمثالهما أن يعتمدا في كتبهم التي هي معالم الدين وسنة سيد المرسلين على الضعيف الوضاع الكذاب، ولهذا نرى الكليني والتلعكبري وغيرهما قد اعتمدوا مشايخ الإجازة، خاصة أن الكتاب بتناقله يكون مشهورا آبياً عن الزيادة والنقيصة.
وقد تلخص أن القول بالتفصيل هو الأصح، وينتج من ذلك عدم تصحيح مشايخ الإجازة والقول بوثاقتهم، نعم يصح خبرهم الذي هم في طريق إيصاله، فليسوا هم سوى واسطة في الإيصال وحينئذ لا يضر توسطهم مع ضعفهم، والله العالم بحقيقة الحال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقرير السيد علي مكي، ص158.
(2) تكملة أمل الامل، ج1، ص149.
(3) كليات في علم الرجال، ص355.
(4) كليات في علم الرجال، ص257.
(5) هو الشيخ أبو الحسن سليمان بن عبد الله البحراني الستري الماحوزي.
(6) معجم رجال الحديث، ج1، ص 61.
(7) رجال النجاشي، ج 1، ص182.
(8) رجال النجاشي، ج1، ص187
(9) رجال النجاشي، ج1، ص417.
(10) رجال النجاشي، ج1، ص135.
(11) رجال النجاشي، ج1، ص163 .
(12) دراية الحديث، ص69.
(13) منتقى الجمان، ج1، ص39.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
مكتبة العتبة العباسية.. خدمات رقمية متطورة وجهود لتلبية احتياجات الباحثين
|
|
|