المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

ترجمة ولد ابن عبد الملك
2024-08-09
آثار غير مباشرة للحشائش الأرضية
7-12-2015
أنواع الزجاج من حيث الاستخدام
2023-12-12
تحنيط الميت
7-11-2016
Directed Graphs-Acyclic digraphs
24-7-2016
THE PONTRYAGIN MAXIMUM PRINCIPLE-MORE APPLICATIONS
9-10-2016


المخزومي الأعمى ونزهون الغرناطية  
  
1837   10:21 صباحاً   التاريخ: 7/11/2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج1، ص: 190-192
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-6-2022 2385
التاريخ: 2024-08-01 493
التاريخ: 18-1-2023 1076
التاريخ: 2024-02-24 737

المخزومي الأعمى ونزهون الغرناطية

ومع كون أهل الأندلس سباق حلبة الجهاد، مهطعين إلى داعيه من الجبال والوهاد، فكان لهم في الترف والنعيم والمجون ومداراة الشعراء خوف الهجاء محل وثير المهاد، وسيأتي في الباب السابع من هذا القسم من ذلك وغيره ما يشفي ويكفي، ولكن سنح لي أن أذكر هنا حكاية أبي بكر المخزومي الهجاء المشهور الذي قال فيه لسان الدين بن الخطيب في الإحاطة (1) : إنه كان أعمى شديد الشر، معروفا بالهجاء، مسلطا على الأعراض، سريع الجواب، ذكي الذهن، فطنا للمعاريض، سابقا في ميدان الهجاء، فإذا مدح ضعف شعره. والحكاية هي ما حكاه أبو الحسن ابن سعيد في الطالع السعيد، إذ قال حكاية عن أبيه فيما أظن: قدم المذكور - يعني المخزومي - على غرناطة أيام ولاية أبي بكر ابن سعيد،

(190)

ونزل قريبا مني، وكنت أسمع به بنار صاعقة يرسلها الله على من يشاء من عباده، ثم رأيت أن أبدأه بالتأنيس والإحسان، فاستدعيته بهذا الأبيات:

يا ثانيا للمعري ... في حسن نظم ونثر

وفرط ظرف ونبل ... وغوص فهم وفكر

صل ثم واصل حفيا ... بكل بر وشكر (2)

وليس إلا حديث ... كما وهى عقد در

وشادن يتغنى ... على رباب وزمر

وما يسامح فيه ال ... غفور من كأس خمر

وبيننا عهد حلف ... لياسر حلف كفر

نعم فجدده عهدا ... بطيب سكر (3) ويسر

والكأس مثل رضاغ ... ومن كمثلك يدري ووجه له الوزير أبو بكر (4) ابن سعيد عبدا صغيرا قاده، فلما استقر به المجلس، وأفعمته روائح الند والعود والأزهار، وهزت عطفه الأوتار، وقال:

دار السعيدي ذي أم دار رضوان ... ما تشتهي النفس فيها حاضر داني

سقت أباريقها للند سحب ندى ... تحدى برعد لأوتار وعيدان (5)

والبرق من كل دن ساكب مطرا ... يحيا به ميت أفكار وأشجان

هذا النعيم الذي كنا نحدثه ... ولا سبيل له إلا بآذان فقال له أبو بكر ابن سعيد: وإلى الآن لا سبيل له إلا بآذان؟ فقال: حتى

 (191)

يبعث الله ولد زنى كلما أنشدت هذه الأبيات قال: إن قائلها أعمى، فقال: أما أنا فما أنطق بحرف، فقال: من صمت نجا. وكانت نزهون بنت القلاعي حاضرة فقالت: وتراك يا أستاذ قديم النعمة بمجمر ند وغناء وشراب، فتعجب من تأتيه وتشبهه بنعيم الجنة، وتقول: ما كان يعلم إلا بالسماع، ولا يبلغ إليه بالعيان؟ ولكن من يجيء من حصن المدور، وينشأ بين تيوس وبقر، من أين له معرفة بمجالس النعيم؟ فلما استوفت كلامها تنحنح الأعمى (6) ، فقالت له: ذبحة، فقال من هذه الفاضلة؟ فقالت: عجوز مقام أمك، فقال: كذبت، ما هذا صوت عجوز، إنما هذه نغمة قحبة محترقة تشم روائح هنها على فرسخ؛ فقال له أبو بكر: يا أستاذ، هذه نزهون بنت القلاعي الشاعرة الأديبة، فقال: سمعت بها، لا أسمعها الله خيرا، ولا أراها إلا أيرا. فقالت له: يا شيخ سوء تناقضت، وأي خير للمرأة مثل ما ذكرت؟ ففكر ساعة ثم قال:

على وجه نزهون من الحسن مسحة ... وإن كان قد أمسى من الضوء عاريا

قواصد نزهون توارك غيرها ... ومن قصد البحر استقل السواقيا فأعملت فكرها ثم قالت:

قل للوضيع مقالا ... يتلى إلى حين يحشر

من المدور أنشئ ... ت والخرا منه أعطر

حيث البداوة أمست ... في مشيها تتبختر

لذاك أمسيت صبا ... بكل شيء مدور

خلقت أعمى ولكن ... تهيم في كل أعور

جازيت شعرا بشعر ... فقل لعمري من أشعر

 (192)

إن كنت في الخلق أنثى ... فإن شعري مذكر فقال لها اسمعي:

ألا قل لنزهونة ما لها ... تجر من التيه أذيالها

ولو أبصرت فيشة شمرت ... كما عودتني سربالها فحلف أبو بكر ابن سعيد أن لا يزيد أحدهما على الآخر في هجوه كلمة، فقال المخزومي: أكون هجاء الأندلس وأكف عنها دون شيء؟ فقال: أنا أشتري منك عرضها فاطلب، فقال: بالعبد الذي أرسلته فقادني إلى منزلك، فإنه لين اليد رقيق المشي، فقال أبو بكر: لولا كونه صغيرا كنت أبلغك به مرادك، وأهبه لك، ففهم قصده وقال: أصبر عليه حتى يكبر، ولو كان كبيرا ما آثرتني به على نفسك! فضحك أبو بكر، وقال: إن لم تهج نظما هجوت نثرا، فقال: أيها الوزير لا تبديل لخلق الله. وانفصل المخزومي بالعبد بعدما أصلح الزوير بينه وبين نزهون، انتهى.

وفي كتاب " الدر المنضد، في وفيات أعيان أمة محمد " تأليف الأمير صارم الدين إبراهيم بن دقماق (7) ، قال أبو القاسم بن خلف: كان - يعني المخزومي المذكور - حيا بعد الأربعين وخمسمائة، انتهى.

 

__________

(1) الإحاطة 1: 432 - 435.

(2) ق الإحاطة: بكل شكر وبر.

(3) في النسخ: شكر. دوزي: فقم نجدده.

(4) أبو بكر: سقطت من ق.

(5) ق ط ج: وألحان.

(6) الأعمى: سقطت من ك.

(7) إبراهيم بن محمد بن ايدمر بن دقماق القاهري صارم الدين ( - 809) مؤرخ مصر، كان مكثرا من التأليف في التاريخ، وهو صاحب كتاب " الانتصار لواسطة عقد الأمصار " في تاريخ مصر (الضوء اللامع 1: 145)؛ وفي ك: الإمام صارم الدين.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.