المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



محمد بن القاسم ((أبو بكر بن الأنباري))  
  
2548   04:54 مساءاً   التاريخ: 12-08-2015
المؤلف : ياقوت الحموي
الكتاب أو المصدر : معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة : ج5، ص410-414
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-12-2015 4287
التاريخ: 9-04-2015 2063
التاريخ: 25-12-2015 2820
التاريخ: 26-06-2015 2608

 ابن محمد بن بشار بن الحسين بن بيان بن سماعة بن فروة بن قطن بن دعامة أبو بكر بن الأنباري النحوي اللغوي الأديب كان من أعلم الناس بنحو الكوفيين وأكثرهم حفظا للغة وكان صدوقا زاهدا متواضعا فاضلا أديبا ثقة خيرا من أهل السنة حسن الطريقة أخذ عن أبي العباس ثعلب وخلق.

 وروى عنه الدارقطني وجماعة وكتب عنه وأبوه حي وكان يملي في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى ومرض فعاده أصحابه فرأوا من انزعاج والده أمرا عظيما فطيبوا نفسه فقال كيف لا أنزعج وهو يحفظ جميع ما ترون وأشار إلى خزانة مملوءة كتبا.

وقال أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي: كان أبو بكر بن الأنباري يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن وكان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها وقال له أبو الحسن العروضي قد أكثر الناس في حفظك فكم تحفظ فقال ثلاثة عشر صندوقا قال وسألته جارية الراضي يوما عن تعبير رؤيا فقال أنا حاقن ثم مضى من يومه فحفظ كتاب الكرماني في التعبير وجاء من الغد وقد صار معبّرا للرؤيا.

 وقال حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق: كان أبو بكر بن الأنباري يملي كتبه المصنفة ومجالسه المشتملة على الحديث والتفسير والأخبار والأشعار كل ذلك من حفظه وقال محمد بن جعفر التميمي أما أبو بكر بن الأنباري فما رأينا أحفظ منه ولا أغزر منه علما وكان يحفظ ثلاثة عشر صندوقا وهذا مما لم يحفظه أحد قبله ولا بعده.

 وقال أبو العباس يونس النحوي: كان أبو بكر آية من آيات الله تعالى في الحفظ وكان أحفظ الناس للغة والشعر وحكى أبو الحسن الدارقطني أنه حضر مجلس إملائه في يوم جمعة فصحف اسما أورده في إسناد حديث إما كان حبان فقال حيان قال الدارقطني فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته وهم وهبت أن أوقفه على ذلك فلما فرغ من إملائه تقدمت إليه فذكرت له وهمه وعرفته صواب القول فيه وانصرفت ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه فقال أبو بكر للمستملي عرف جماعة الحاضرين أنا صحفنا الاسم الفلاني لما  أملينا حديث كذا في الجمعة الماضية ونبهنا ذلك الشاب على الصواب وهو كذا وعرف ذلك الشاب أنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قال.

 وقال أحمد بن يوسف الأصبهاني: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فقلت يا رسول الله عمن آخذ علم القرآن فقال عن أبي بكر بن الأنباري وقال أبو الحسن العروضي اجتمعت أنا وأبو بكر بن الأنباري عند الراضي بالله على الطعام وكان الطباخ قد عرف ما يأكل أبو بكر وشوى له قلية بائسة قال فأكلنا نحن ألوان الطعام وأطايبه وهو يعالج تلك القلية ثم فرغنا وأتينا بحلوى فلم يأكل منها فقمنا وملنا إلى الخيش فنام بين يدي الخيش ونمنا نحن في خيشين ولم يشرب ماء إلى العصر فلما كان بعد العصر قال يا غلام الوظيفة فجاءه بماء من الحب وترك الماء المزمل بالثلج فغاظني أمره وصحت يا أمير المؤمنين فأمر بإحضاري وقال ما قصتك فأخبرته وقلت يا أمير المؤمنين يحتاج هذا إلى أن يحال بينه وبين تدبير نفسه لأنه يقتلها ولا يحسن عشرتها فضحك وقال له في هذا لذة وقد جرت له به عادة وصار آلفا لذلك فلن يضره ثم قلت له يا أبا بكر لم تفعل هذا بنفسك فقال أبقي على حفظي ويحكى أنه كان يأخذ الرطب ويشمه ويقول أما إنك طيب ولكن أطيب منك ما وهب الله لي من العلم وحفظه.

 وحكي أنه مر يوما بالنخاسين فرأى جارية تعرض حسنة الصورة كاملة الوصف قال فوقعت في قلبي ثم مضيت إلى دار أمير المؤمنين الراضي بالله فقال أين كنت إلى الساعة فعرفته الأمر وأخبرته بالجارية فأمر بشرائها وحملت  إلى منزلي ولم أعلم فجئت فوجدتها في المنزل فقلت لها اعتزلي إلى الاستبراء وكنت أطلب مسألة قد خفيت علي فاشتغل قلبي بالجارية فقلت للخادم خذها وامض بها إلى النخاس فليس يبلغ قدرها أن يشغل قلبي عن علمي فأخذها الغلام فقالت دعني حتى أكلمه فقالت لي أنت رجل لك محل وعقل فإذا أخرجتني ولم تبين ذنبي لم آمن أن يظن الناس بي ظنا قبيحا فعرفنيه قبل أن تخرجني فقلت ما لك عندي ذنب غير أنك شغلتني عن علمي فقالت هذا سهل عندي قال فبلغ الراضي ما كان من أمري فقال لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى منه في قلب هذا الرجل ولابن الأنباري شعر لطيف فمن ذلك قوله: [الطويل]

 (إذا زيد شرا زاد صبرا كأنما ... هو المسك ما بين الصلاية والفهر)

 (فإنَّ فَتيت المسك يزداد طيبه ... على السحق والحُرَّ اصطبارا على الضر)

 ومن أماليه: [الطويل]

 (فهلا منعتم -إذ منعتم كلامها -... خيالا يوافيني على النأي هاديا)

 (سقى الله أطلالا بأكثبة الحمى ... وإن كن قد أبدين للناس ما بيا)

 (منازل لو مرت بهن جنازتي ... لقال الصدى يا صاحبي انزلا بيا)

وأملى أيضا: [الطويل]

 (وبالهضبة البيضاء إن زرت أهلها ... مها مهملات ما عليهن سائس)

 (خرجن لخوف الريب من غير ريبة ... عفائف باغي اللهو منهن آئس)

 ولأبي بكر بن الأنباري من التصانيف: غريب الحديث قيل إنه خمس وأربعون ألف ورقة أملاه من حفظه.

 ومما أملاه أيضا من مصنفاته: كتاب الهاءات نحو ألف ورقة وشرح الكافي نحو ألف ورقة وكتاب الأضداد وما ألف في الأضداد أكبر منه وكتاب المذكر والمؤنث ما صنف أحد أتم منه ورسالة المشكل رد فيها على ابن قتيبة وأبي حاتم السجستاني وكتاب المشكل في معاني القرآن بلغ فيه إلى طه وأملاه سنين كثيرة ولم يتمه وشرح الجاهليات سبعمائة ورقة وكتاب الوقف والابتداء والكافي في النحو والزاهر وكتاب اللامات وشرح المفضليات والأمالي وأدب الكاتب والواضح في النحو والموضح في النحو أيضا وشرح شعر النابغة وشرح شعر الأعشى وشرح شعر زهير وشعر الراعي والمقصور والممدود وكتاب الألفات وكتاب الهجاء والمجالسات وكتاب مسائل ابن شنبوذ وكتاب الرد على من خالف مصحف عثمان وغير ذلك وكانت ولادة أبي بكر بن الأنباري يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة إحدى وسبعين ومائة وتوفي ليلة عيد النحر سنة سبع وعشرين وثلاثمائة ا.هـ.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.