أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-08-2015
3312
التاريخ: 3-08-2015
1063
التاريخ: 3-08-2015
1199
التاريخ: 3-08-2015
1520
|
النبيّ صلى الله عليه وآله يجب أن يكون معصوما عن العصيان والنسيان ، بل عن جميع ما يوجب تنفّر الإنسان.
اعلم أنّ العصمة
ملكة إلهيّة موهوبيّة بكمال الفطانة ، لا كسبيّة ولا ذاتيّة ، مانعة عن حصول
الذنوب وصدور القبائح والعصيان في حالتي العمد والنسيان في مدّة عمر بعض أفراد
الإنسان ، على وجه الاختيار لا على وجه الإكراه والإجبار ؛ كما هو ظاهر قوله :
{إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف: 53]
وظاهر إطلاق لفظ « المعصوم » ، مضافا إلى أنّ الذاتيّة تقتضي نفي المدح والفضيلة
مع أنّه لا إكراه في الدين.
وبعبارة أخرى : هي
حالة نفسانيّة ـ غريزة ـ يمتنع بها صدور داعي الذنوب امتناعا وقوعيّا ، لا عقليّا
وذاتيّا ، فيمتنع صدور الذنوب مع القدرة عليها.
وبالقيد الأوّل
تمتاز عن العدالة ؛ إذ لا يعتبر فيها كون الملكة موجبة لامتناع صدور الذنوب. ويمكن
الامتياز من جهة أخرى وهي إمكان صدور الذنوب مع العدالة ولكن مع التعسّر سيّما
الصغيرة ، فيكون المنع عن صدور الذنوب فيها أغلبيّا لا كلّيّا. بخلاف العصمة ؛
فإنّ صدورها معها ممتنع وإن كان القدرة عليها متحقّقة ؛ إذ الامتناع بسبب عدم
الداعي ، أو وجود المانع لا ينافي القدرة ، كما أنّ الوجوب بسبب وجود الداعي لا
ينافيها.
وظهر من القيد
الأخير عدم امتناع صدور العصيان على وجه الإجبار ؛ إذ لا إكراه في الدين.
والأنسب أن يفسّر
العصمة بحالة إلهيّة مانعة عن صدور مطلق القبيح والعصيان عن العمد والنسيان ،
ونحوهما ممّا يعرض الإنسان مدّة العمر ، لا على وجه الإكراه.
وأمّا عصمة خاتم
الأنبياء وأوصيائه فهي مانعة عن صدور ترك الأولى مطلقا وما يوجب النفرة والنقص ،
وعدم إتمام الحجّة ، والشبهة في إتمام الحجّة أيضا ، كما هو مقتضى الوصول إلى
مرتبة حقّ اليقين المشار إليه بقوله عليه السلام : « لو كشف الغطاء لما ازددت
يقينا » (1) ، ومقتضى الخشية فـ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ
الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
وبالجملة :
فالعصمة لطف خصّصه الله تعالى بجمع يتوقّف حصول الغرض من وجودهم عليه وهم الأنبياء
والأوصياء ، والغرض من وجودهم تبليغ أحكام الله إلى المكلّفين ، والغرض من التبليغ
حصول العلم اليقيني بالأحكام ليسهل الغرض من خلق الإنسان وهو إيصال النعيم الأبدي
الموقوف على القابليّة الموقوفة على العمل على وفق الحسن والقبح النفس الأمريّين
بارتكاب الأوّل والاجتناب عن الثاني ، ولا يحصل ذلك إلاّ بالعلم بهما ، وهو لا
يحصل إلاّ ببيان من الله بواسطة ، أو بدونها لنقصان عقولنا ، والأخير غير ممكن في
الكلّ لنقص القابل ، فلا بدّ من الواسطة التي يحصل من بيانها العلم ، ولا يحصل ذلك
إلاّ بالعصمة المانعة عن صدور الكذب ، بل السهو والنسيان ، فتجب عصمة الأنبياء من
وجوه ثلاثة :
الأوّل : أنّها
لطف للأنبياء في التبليغ الذي هو لطف مخصوص بهم ؛ إذ اللطف ما يقرّب المكلّف إلى
أداء التكليف ، وهي كذلك بالنسبة إليهم.
والثاني : أنّها
لطف للمكلّفين في تصديق الأنبياء الذي هو تكليف بالنسبة إليهم ؛ لما ذكر.
الثالث : أنّها
لطف لهم في سائر التكاليف المعدّة لإيصال النعيم الأبدي ، فثبت أنّ عدمها نقض لغرض
الله وهو قبيح ، فوجودها واجب.
مضافا إلى أنّ
اختيار غير المعصوم ـ مع إمكان بعث المعصوم وعدم المانع عنه ـ ترجيح للمرجوح ، وهو
قبيح لا يصدر عن الله ، فبعث المعصوم واجب ، فذانك برهانان من ربّك من جهة العقل ،
ويطابقهما النقل ، كقوله تعالى : {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة:
124]. وقوله تعالى : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ
أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]. الدالّ على حصر
إرادته التي لا تتغيّر في إذهاب الرجس الممكن بحسب البشريّة ، ووجود قوّتي
الغضبيّة والشهويّة ، وتطهيرهم عنه بالكلّيّة ، ونحو ذلك على ما يدلّ على أنّ بعث
المعصوم عليه السلام واجب.
وطريق العلم بها
لنا أن يعلم أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله أتى بالمعجزة ... ويحكم بها من جهة هذا
العلم من قبيل البرهان الإنّي ، أو يخبر المخبر الصادق المعصوم بعصمة شخص آخر
كإخبار النبيّ صلى الله عليه وآله بعصمة أمير المؤمنين عليه السلام أو بإمامته
الموقوفة عليها ، وهكذا.
وقد نقل الخلاف في
أنّ عصمة الأنبياء يجب أن تكون في الكذب فقط ، أو في غيره أيضا ، وعلى الأوّل هل
يجب أن يكون في الكذب في التبليغ فقط ، أو في غيره أيضا؟ وعلى الثاني هل يجب أن
تكون بالنسبة إلى الكبيرة فقط ، أو إلى الصغيرة أيضا؟ وعلى الثاني هل يجب أن تكون
بالنسبة إلى الخسيسة فقط ، أو بالنسبة إلى غيرها أيضا؟ وعلى التقادير هل يجب أن تكون
بالنسبة إلى حال العمد فقط ، أو يجب أن تكون بالنسبة إلى حال السهو أيضا؟ وعلى أيّ
تقدير هل يجب أن تكون بالنسبة إلى ما بعد البعثة فقط ، أو يجب أن تكون بالنسبة إلى
ما قبلها أيضا؟(2)
والحقّ وجوب
عصمتهم مطلقا من جهة الكذب مطلقا ، وغيره صغيرة وكبيرة مطلقا ، عمدا وسهوا ، بعد
البعثة وقبلها.
أمّا عن الكذب في
التبليغ فلمنافاته له. وأمّا عنه في غيره وعن غيره مطلقا فلوجوب الاتّباع المنافي
لصدور الذنب عنه مطلقا ، أمّا بعد البعثة فظاهر ، وأمّا قبلها فلحصول النفرة
المانعة عن الاتّباع ولو بعد البعثة ، ولصيرورته محلّ المناقشة والمشاجرة ،
والمقصود أن يكون بعثهم بحيث لا يكون للناس على الله حجّة.
وهذا الوجه عامّ
يقتضي امتناع صدور جميع المعاصي عنه في أيّ حال كان عمدا وسهوا ، وبعد البعثة
وقبلها ، بل يقتضي لزوم تنزّههم : عن جميع العيوب الجسمانيّة ، والأخلاق الذميمة
النفسانيّة ، والأمراض المزمنة ، وخساسة الذات ودناءتها وكفر الآباء والأمّهات ،
ورذالة القبيلة، وغيرها ممّا يوجب تنفّر الطبائع المانع عن الاتّباع والإرادة ، بل
يجب اتّصافهم : بجميع صفات الكمال والأخلاق الحسنة ، والأقوال الممدوحة وكرامة
الآباء وشرافة القبيلة ، ونحوها ممّا يوجب رغبة الناس إليهم وانقيادهم لهم ليحصل
الغرض ، ويتحقّق اللطف الواجب على الله تعالى كما لا يخفى.
__________________
(1) « بحار
الأنوار » 40 : 153 ، ح 54.
(2) انظر تفصيل هذا الخلاف في « كشف المراد »
: 349 ، المسألة الثالثة في وجوب العصمة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|