أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-2-2018
1402
التاريخ: 1-07-2015
1918
التاريخ: 1-08-2015
1533
التاريخ: 5-12-2017
1768
|
ان الناظر للتاريخ الاسلامي وللمذاهب التي نشأت في هذا الدين وما ذكرته كل منها في مسألة الخلافة والحاكمية، يرى كم هو البون الشاسع بين المبدأ والمنتهى وبين التنظير والتطبيق لدى اكثر المذاهب الاسلامية، فكثير ممن رفعوا راية الشورى لم يثبتوا على مبدأ واحد وقول متحد منذ بداية الخلافة الاسلامية وحتى يومنا هذا، لا يوجد تطابق بين ما ادعوه من شوروية الحكم وما طُبق. كما ان بعض القائلين بالنص في عصرنا لم يثبتوا على مقولتهم بل نرى ذلك البعض يحاول ان يخفف من وطأتها ويدمجها مع الشورى ويحاول ان يجعلها شورى عند التطبيق وهكذا.
بعض الباحثين في
شؤون الملل والنحل ذكروا لنا اتجاهاً ثالثاً بين الشورى والنص وهو التلفيق بين
هاتين النظريتين، ولم يعدوها من القول بالنص بل يجعلونها من القول بالشورى، وأوضح
مثال على ذلك هو ما سارت عليه الزيدية والاسماعيلية. حيث حسبوا ان هناك تصادماً
بين القول بالنص وبين لزوم اقامة الحكم الاسلامي، وهذا التصادم هو الذي ألجأهم الى
التلفيق.
وهذا المنزلق
استطاعت الامامية ان تخرج منه وحافطت على وتيرة القول بالنص من دون تلفيق مع
الشورى. وقد يكون من الامور التي دفعت الى التلفيق هو احجام مَن نُص عليه عن اقامة
الحكم السياسي، مع عدم الالتفات الى أن الأئمة (عليهم السلام) كانت لهم حكومة
حقيقية مبسوطة على كل مَن شاء الرجوع اليهم. وان المتتبع للروايات المتناثرة هنا
وهناك يرى ان الأئمة كانوا يمارسون كل انواع السلطة وكافة شؤونها وأنهم لم يحجموا
في واقع الأمر وانما قد أدبر الناس عنهم.
واكثر مؤلفي
الشيعة ممن تعرضوا للملل والنحل ردوا شبه الزيدية فراجع اكمال الدين والغيبة
للطوسي وأصول الكافي للكليني والكشي في رجاله.
فنرى الشهرستاني
في الملل والنحل يقول: والاختلاف في الإمامة على وجهين: أحدهما: القول بأن الإمامة
تثبت بالاتفاق والاختيار. والثاني: القول بأن الإمامة تثبت بالنص والتعيين. فمن
قال: إن الإمامة تثبت بالاتفاق والاختيار قال بإمامة كل من اتفقت عليه الأمة أو
جماعة معتبرة من الأمة: إما مطلقاً وإما بشرط أن يكون قرشياً على مذهب قوم، وبشرط
أن يكون هاشمياً على مذهب قوم (1) .
وقال: الخلاف
الخامس: في الإمامة، وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الامامة، إذ ما سُلّ سيف في الإسلام
على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان..
ـ ثم نقل كلام عمر
حين حضر مع أبي بكر سقيفة بني ساعدة ـ فقبل أن يشتغل الأنصار بالكلام مددت يدي
إليه فبايعته وبايعه الناس، وسكنت الفتنة، إلا أن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله
المسلمين شرها فمن عاد الى مثلها فاقتلوه، فأيما رجل بايع رجلاً من غير مشورة من
المسلمين فإنها تغرّة يجب أن يقتلا... وهذه البيعة هي التي جرت في السقيفة (2) .
وقال: الخلاف
الثامن: في تنصيص أبي بكر على عمر بالخلافة وقت الوفاة فمن الناس من قال: قد وليت
علينا فظاً غليظاً. وارتفع الخلاف.. (3) .
وقال في الباب
السادس: الشيعة: هم الذين شايعوا علياً (رضي الله عنه) على الخصوص، وقالوا بإمامته
وخلافته: نصاً ووصيةً إما جلياً وإما خفياً واعتقدوا أن الامامة لا تخرج من أولاده
وقالوا: ليست الإمامة قضية مصلحة تناط باختيار العامة وينتصب الإمام بنصبهم، بل هي
قضية أصولية، وهي ركن الدين لا يجوز للرسل (عليهم السلام) اغفاله وإهماله، ولا
تفويضه الى العامة وارساله. ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص وثبوت عصمة
الأنبياء والأئمة وجوباً عن الكبائر والصغائر والقول بالتولي والتبري: قولا وفعلا،
وعقداً، الا في حال التقية ويخالفهم بعض الزيدية في ذلك" (4) .
وقال في الزيدية:
اتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ساقوا الإمامة في
أولاد فاطمة (رضي الله عنها) ، ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم، إلا أنهم جوزوا
أن يكون كل فاطمي، عالم، زاهد شجاع، سخي، خرج بالإمامة أن يكون إماماً واجب
الطاعة.. وجوزوا خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال ويكون كل واحد منهما
واجب الطاعة.. ثم ذكر السليمانية من فرق الزيدية ـ أصحاب سليمان بن جرير وكان يقول
إن الامامة شورى بين الخلق ويصح أن تنعقد بعقد رجلين من خيار المسلمين وأنها تصح
في المفضول مع وجود الأفضل وأثبت إمامة أبي بكر وعمر حقا باختيار الأمة حقاً
اجتهادياً وربما كان يقول: إن الأمة أخطأت في البيعة لهما مع وجود علي (رضي الله
عنه) خطأ لا يبلغ درجة الفسق.. قالوا: الإمامة من مصالح الدين، ليس يحتاج اليها
لمعرفة الله تعالى وتوحيده، فإن ذلك حاصل بالعقل لكنها يحتاج اليها لإقامة الحدود
والقضاء..." (5) .
وقال عن الصالحية
والبترية من الزيدية وقوله في الإمامة كقول السليمانية.. وأكثرهم ـ في زماننا ـ
مقلدون لا يرجعون الى رأي واجتهاد أما في الأصول فيرون رأي المعتزلة حذو القذة بالقذة
ويعظمون الاعتزال أكثر من تعظيمهم أئمة اهل البيت وأما في الفروع فهم على مذهب أبي
حنيفة.." (6) .
ويقول سعد بن
عبدالله الاشعري القمي، وهو من الفقهاء اخذ اصل كتابه في الفرق عن النوبختي وهو من
المتكلمين له كتاب الفرق والمقالات، الا ان سعد اضاف على ما أخذه: واختلف أهل
الاهمال في إمامة الفاضل والمفضول فقال أكثرهم: هي جائزة في الفاضل والمفضول اذا
كانت في الفاضل علّة تمنع عن إمامته ووافق سائرهم أصحاب النص على أن الإمامة لا
تكون إلا الفاضل المتقدم، واختلف الكل في الوصية فقال أكثر أهل الاهمال: توفي رسول
الله (صلى الله عليه وآله) ولم يوص الى أحد من الخلق... ثم عدّ البترية
والسليمانية من فرق الزيدية من أهل الاهمال" (7) ، وقال عن الجارودية من
الزيدية.. فقالوا بتفضيل علي ولم يروا مقامه لأحد سواه، وزعموا
أن من رفع علياً عن هذا المقام فهو كافر، وأن الامة كفرت وضلت في تركها
بيعته ثم جعلوا الإمامة بعده في الحسن بن علي ثم في الحسين بن علي ثم هي شورى بين
أولادهما فمن خرج منهم وشهر سيفه ودعا الى نفسه فهو مستحق للإمامة" (8) ..
وزعموا أن الإمامة صارت بالنص من رسول الله لعلي بن أبي طالب ثم الحسن بن علي وبعد
أن مضى الحسين بن علي لا يثبت الا باختيار ولد الحسن والحسين وإجماعهم" (9) .
وفي المقالات لابن
الحسن الاشعري المتوفى 324 هـ في ص 451 ـ 467 قال: وأجمعت الروافض على ابطال
الخروج وانكار السيف ولو قتلت، حتى يظهر لها الإمام، وحتى يأمرها بذلك..".
فهو يشير الى نفس
النكتة التي ألمح اليها الشهرستاني من حصر الحاكمية لدى الإمامية في النص وفي
قبالهم المعتزلة والزيدية والخوارج والمرجئة حيث يرون خلاف ذلك.
ومن خلال هذه
اللمحة التاريخية يتضح لنا امران:
1 ـ هي ان
الصياغات المختلفة للشورى والتلفيق بينها وبين النص معدود عند اصحاب التراجم
والمؤرخين في منهج يقابل النص.
2 ـ ان بعض الفرق
الشيعية ـ في الأصل ـ انتقلت من النص الى الشورى او الى التلفيق بسبب ما رأوه من
تصادم بين النص وبين مسلمة لزوم اقامة الحكومة الاسلامية، حيث عجزت افكارهم عن
ايجاد حل ضمن اطار النص بخلاف فقهاء الامامية الاثني عشرية الذين مع بقائهم
وتمسكهم بالنص استطاعوا ايجاد صيغ بديلة عن الشورى او التلفيق.
ومن أمثلة هذه
الفرق: الزيدية الذين نتيجة هذا التصادم ذهبوا الى ما ذهبوا اليه، وقد عقد الشيخ
الصدوق في كتابه اكمال الدين واتمام النعمة ص 77 فصلاً في الجواب عنه.
____________
1- الملل والنحل ـ الشهرستاني ص 33.
2- الملل والنحل ـ
الشهرستاني ص 30 ـ 31.
3- المصدر السابق ص 31.
4- المصدر السابق ص 131.
5- المصدر السابق:
ص 137 ـ 142.
6- المصدر السابق: ص 142 ـ 143.
7- المقالات والفرق لسعد بن عبدالله الاشعري: ص 72.
8- المصدر السابق: ص 18.
9- المصدر السابق:
ص 19.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|