أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-26
888
التاريخ: 24-1-2023
1070
التاريخ: 2023-05-20
1242
التاريخ: 18-11-2014
2358
|
اختلف المفسرون والمؤرخون في تاريخ الكعبة : هل كانت قبل إبراهيم ( عليه السلام ) ثم عرض لها الخراب ، فجددها هو وولده إسماعيل بأمر اللَّه تعالى ، أو ان تاريخ بنائها وانشائها يبتدئ بإبراهيم ؟ .
ذهب أكثر أهل التفسير والتاريخ من المسلمين إلى انها أسبق بكثير من إبراهيم ، وقال البعض : بل ولدت الكعبة على يد إبراهيم ( عليه السلام ) ، وتوقف آخرون ، ولم يحكموا بشيء ، وقالوا : اللَّه أعلم . ونحن مع هؤلاء . . ذلك ان العقل لا مجال له في هذا الباب سلبا ولا إيجابا ، والطريق إلى معرفته ينحصر بالآثار والحفريات ، أو بآية قرآنية ، أو سنة قطعية .
ولم أطلع على أقوال الباحثين في الآثار والحفريات ، والقرآن لم يحدد صراحة تاريخ البناء ، وكل ما جاء فيه ان إبراهيم وولده إسماعيل قد باشرا بناء البيت ، وتعاونا معا على إقامته ، وهذا أعم من عدم وجوده إطلاقا من قبل ، أو كان موجودا ، ولكن عرض له الخراب والدمار ، ثم جدده إبراهيم وولده إسماعيل .
والسنة القطعية منتفية ، والأخبار الواردة في هذا الباب كلها آحاد ، والخبر الواحد حجة في الأحكام الشرعية فقط (1) ، أو فيها وفي موضوعاتها على قول ، أما في العقائد ، والمسائل التاريخية ، والموضوعات الخارجية البحتة فليس بحجة الا مع قرينة توجب ركون النفس واطمئنانها ، وعندها يكون الخبر بحكم السنة القطعية .
ومهما يكن ، فنحن غير مسؤولين أمام اللَّه سبحانه ، ولا مكلفين بمعرفة تاريخ بناء الكعبة ، وزمن انشائها وولادتها ، وانها : هل هي جزء من الجنة ، أو قطعة من الأرض ؟ . وان آدم والأنبياء من بعده قد حجوا إليها ، أو لا ؟ .
وانها عند الطوفان : هل ارتفعت إلى السماء ، ثم نزلت بعده إلى الأرض ؟ .
وان الحجر الأسود : هل جاء به جبريل من السماء ، أو صحبه آدم معه من الجنة ، أو تمخض عنه جبل أبي قبيس ؟ . وانه : هل اسودّ من ملامسة المذنبين ؟ .
إلى غير ذلك مما لا سند له الا خبر واحد ، أو قصّاص مخرف .
نحن غير مسؤولين عن شيء من هذه الأشياء ، ولا مكلفين بمعرفتها وجوبا ولا استحبابا ، ولا عقلا ولا شرعا . . ولا فائدة في بحثها دينية ولا دنيوية ، وقد عاشت هذه الأبحاث وما إليها حينا من الدهر ، ثم ذهبت مع الريح . . ومن أراد إحياءها فإنه تماما كمن يحاول إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء .
ان الشيء الذي نسأل عنه ، ونطالب به - فيما يعود إلى الكعبة - هو قصدها للحج والعمرة من استطاع إلى ذلك سبيلا ، واحترامها وتقديسها ، والمحافظة عليها ، والذب عنها بالنفس والنفيس اقتداء بالرسول الأعظم وأهل بيته ( صلى الله عليه واله ) ، وأصحابه والتابعين والعلماء وجميع المسلمين . . فإنهم يؤمنون ايمانا لا تشوبه شائبة بأن تعظيم بيت اللَّه تعظيم للَّه ، والحرص عليه حرص على حرمات اللَّه ، والذب عنه ذب عن دين اللَّه . . قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
« فرض اللَّه عليكم حج بيته الحرام الذي جعله قبلة للأنام يردونه ورود الانعام ، ويألهون - أي يفزعون - إليه ولوه الحمام ، جعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته ، وإذعانهم لعزته . . جعله سبحانه للإسلام علما ، وللعائذين حرما » .
{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} [البقرة: 127]. هذا دعاء من إبراهيم وإسماعيل أن يثيبهما اللَّه على هذا العمل ، لأن معنى القبول عند اللَّه هو الثواب على العمل الذي يقبله ، كما ان عدم الثواب على العمل معناه رده ورفضه ، ولا تفكيك بموجب كرم اللَّه وجوده ، وليس من شك ان اللَّه قد قبل دعاءهما ، وأجزل لهما الثواب على هذه الطاعة ، لأنه هو الذي فتح باب الدعاء ، وما كان ليفتح على عبد باب الدعاء ، بخاصة المتقي ، ويغلق عنه باب الإجابة ، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام ) .
{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} [البقرة : 128] . المسلم ، والمسلَّم ، والمستسلم بمعنى واحد ، وهو الذي يذعن وينقاد ، والمراد به هنا من أخلص للَّه في عقيدته وأعماله ، وليس من شك ان السعيد الحميد هو الذي يسلم للَّه جل وعز جميع أموره وشؤونه .
( ومِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ) وقد استجاب اللَّه دعاءهما ، وجعل في ذريتهما ملايين الملايين من المسلمين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ أغرب ما قرأت في هذا الباب قول السيد الطباطبائي في تفسير الميزان ج 1 ص 196 : « ان عدم صحة أسانيد الأخبار لا يوجب طرحها ما لم تخالف العقل أو النقل الصحيح » . . ومن المعلومات البديهية ان عدم مخالفة العقل والنقل الثابت شرط لما ثبت صحته من الاخبار سندا ، لا لما لم يثبت منها ، فان عدم ثبوت صحة السند كاف لطرح الخبر ، من غير إضافة شرط آخر . . والا لزم العمل بكل خبر غير صحيح إلا إذا خالف العقل أو النقل الثابت . . وفساده ظاهر بالبديهة.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|