المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

معنى {سَنَفْرُغُ لَكُمْ}
16-11-2015
الظالمون للحسين (عليه السلام)
7-5-2019
The mathematics of interference
2024-03-20
Quantum Stochastic Calculus
14-7-2020
ما يعتبر في العمل بالأصول (ما يعتبر في الاحتياط)
1-8-2016
Physical Properties (Luster, Malleability and Ability to be drawn into a thin wire)
6-9-2020


العرجي  
  
2739   02:51 صباحاً   التاريخ: 8-4-2021
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : تاريخ الادب العربي - العصر الاسلامي
الجزء والصفحة : ص:358-359
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-04-2015 1895
التاريخ: 19-06-2015 2694
التاريخ: 29-12-2015 2020
التاريخ: 24-7-2016 2519

 

  •  

العرجي (1)

لقب هذا اللقب لضيعة له قرب الطائف تسمي العرج كان ينزل بها، وهو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان، من أهل مكة. ويقول الرواة إنه كان أشقر جميل الوجه، وإنه شهر بالغزل ونحا فيه نحو عمر بن أبي ربيعة وتشبه به فأجاد.

وهو يختلف عنه من وجوه كثيرة، إذ لم تكن له نباهته في أهله، وكان مشغوفا باللهو والصيد، وكانت فيه فتوة وفروسية، حتي عد في الفرسان، ومن ثم اجتذبته حروب مسلمة بن عبد الملك بأرض الروم، فأبلي فيها بلاء حسنا، إذ كان من أفرس الناس وأرماهم وأبراهم لسهم. وهو لا يختلف في ذلك عن عمر فحسب، بل هو يختلف معه أيضا في أنه كان يسرف في فتوته، حتي ليخرج الى شئ من الإباحية، على شاكلة قوله:

قالت رضيت ولكن جئت في قمر … هلا تلبثت حتي تدخل الظلم

  •  

باتا بأنعم ليلة حتي بدا … صبح تلوح كالأغر الأشقر

فتلازما عند الفراق صبابة … أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر (2)

وهو لا يقف بمثل هذه المعاني عند نفسه، بل يرمي بها حتي الحواج الناسكات، يقول في إحداهن وقد سفرت عن وجه جميل:

أماطت كساء الخز عن حر وجهها … وأدنت على الخدين بردا مهلهلا

من اللاء لم يحججن يبغين حسبة … ولكن ليقتلن البرئ المغفلا

ونجده يختلف الى دار جميلة في المدينة، ويبدو منه ما يجعلها تقسم أن لا تدخله منزلها لكثرة عبثه وسفهه، ويشفع له الأحوص عندها، فتستقبله وتغنيه في قوله:

  1.  

 

ألا قاتل الله الهوي كيف أخلقا … فلم تلفه إلا مشوبا ممذقا (3)

وما من حبيب يستزير حبيبه … يعاتبه في الود إلا تفرقا

لقد سن هذا الحب من كان قبلنا … وقاد الصبا المرء الكريم فأعنقا (4)

وكان يمضي في التغني بهذا الغزل لا يخجل ولا يستحيي من الجموح فيه، إذ كان جريئا، بل كان عنيفا، وهو عنف نراه في تتبعه للنساء المتزوجات يتغزل بهن، كما نراه في ظلمه لمولي لأبيه قتله وسلط عبيده على امرأته، وأيضا فإننا نري هذا العنف في هجائه لمحمد بن هشام المخزومي، إذ أخذ يتغزل بزوجه جبرة المخزومية وأمه جيداء بنت عفيف ليفضحه بمثل قوله:

عوجي على فسلمي جبر … فيم الصدود وأنتم سفر

  •  

عوجي علينا ربة الهودج … إنك إن لا تفعلي تحرجي

أيسر ما نال محب لدي … بين حبيب قوله عرج

نقض إليكم حاجة أو نقل … هل لي مما بي من مخرج

فلما ولي محمد إمارة مكة لهشام بن عبد الملك أقامه على البلس وحبسه، وظل في سجنه تسع سنوات الى أن مات، وله أشعار كثيرة يأسي فيها على ما صار إليه من عذاب السجن، يقول فيها بيته المشهور:

أضاعوني وأي فتي أضاعوا … ليوم كريهة وسداد ثغر (5)

ومما يستجاد له قوله:

ارجع الى خلقك المعروف ديدنه … إن التخلق يأتي دونه الخلق

ويقال إن الوليد بن يزيد اقتص للعرجي من محمد بن هشام المخزومي حين صارت الخلافة إليه، إذ لم يرع حرمة قرشيته ونسبه في بني أمية.

  1.  

 

  •  

(1) انظر في ترجمة العرجي وأخباره الأغاني (طبع دار الكتب) 1/ 383 وما بعدها، 8/ 184، 230، 276 والشعر والشعراء 2/ 556 والاشتقاق ص 78 وحديث الأربعاء 1/ 316 وقد طبع ديوانه في العراق.

(2) تلازما: تعانقا. الغريم هنا: الدائن.

(3) أخلق: بلي. ممذقا: مشوبا ومخلوطا.

(4) أعنق: سار سيرا منبسطا، يريد أن الصبا إذا قاد المرء الكريم انقاد له وجري في ميدانه.

(5) السداد: ما يسد به الخلل. وسداد الثغر: ما يسده من الخيل والشجعان.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.