أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
1547
التاريخ: 8-10-2014
3579
التاريخ: 15-11-2015
1712
التاريخ: 8-10-2014
1638
|
يبتدئ تاريخ التقية بتاريخ الإسلام يوم كان هذا الدين ضعيفا . . وبطلها الأول الصحابي الشهير عمار بن ياسر ، حيث أسلم هو وأبوه وأمه ، وعذبوا في سبيل اللَّه ، فاحتملوا الأذى والعذاب من غير شكاة . . مر رسول اللَّه بآل ياسر ، وهم يعذبون ، فلم يزد ياسر على ان قال : الدهر هكذا يا رسول اللَّه . فقال النبي ( صلى الله عليه واله ) : صبرا آل ياسر ، فان موعدكم الجنة ، وكان ياسر وامرأته سمية أول شهيدين في الإسلام .
وأكره المشركون عمارا على قول السوء في رسول اللَّه ، فقاله دفعا للضرر
عن نفسه ، فقال بعض الأصحاب : كفر عمار . فقال النبي : كلا ، ان عمارا يغمره الايمان من قرنه إلى قدمه . . وجاء عمار إلى النبي ، وهو يبكي نادما . فمسح النبي عينيه وقال له : لا تبك ان عادوا لك فعد لهم بما قلت .
فنزل في عمار قوله تعالى : {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] . ولم يختلف اثنان في أن هذه الآية نزلت في عمار . .
وبديهة ان العبرة بعموم اللفظ ، لا بسبب النزول ، واللفظ هنا عام يشمل كل من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان .
ثم نزلت الآية 28 من سورة آل عمران التي نحن في صددها تؤكد آية عمار ابن ياسر ، ومثلها الآية 27 من سورة المؤمن : {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} [غافر: 28] . والآية 119 من سورة الانعام : {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]. .
وكما جاءت الرخصة في كتاب اللَّه بالتقية فقد جاءت أيضا في سنة رسوله ، قال الرازي في تفسيره الكبير ، والسيد رشيد رضا في تفسير المنار ، وغيرهما كثير ، قالوا : ان مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب رسول اللَّه ، فقال لأحدهما : أتشهد اني رسول اللَّه ؟ قال : نعم . فأطلقه . وقال للثاني : أتشهد اني رسول اللَّه ؟ فلم يشهد . فقتله . ولما بلغ رسول اللَّه ذلك قال : أما المقتول فمضى على يقينه وصدقه ، فهنيئا له ، وأما الآخر فقبل الرخصة فلا تبعة عليه .
وجاء في تفسير المنار : « ان البخاري نقل في صحيحه عن عائشة ان رجلا استأذن على رسول اللَّه ، فقال النبي : بئس ابن العشيرة ، ثم أذن له ، ولما دخل ألان له الرسول القول . وبعد أن خرج قالت عائشة للنبي : قلت في هذا الرجل ما قلت ، ثم ألنت له القول ؟ فقال : ان من شر الناس من يتركه الناس اتقاء فحشه . وفي البخاري أيضا في حديث أبي الدرداء : إنّا لنكشر - أي نبتسم - في وجوه قوم ، وان قلوبنا لتلعنهم » .
هذا ، بالإضافة إلى أحاديث أخرى تدل بعمومها على جواز التقية مثل حديث :
« لا ضرر ولا ضرار » . وحديث : « رفع عن أمتي ما اضطروا إليه » . .
وهذان الحديثان متواتران عند السنة والشيعة .
واستنادا إلى كتاب اللَّه ، وسنة نبيّه المتواترة أجمع السنة والشيعة قولا واحدا على جواز التقية ، قال الجصاص - من أئمة الحنفية - في الجزء الثاني من كتاب
أحكام القرآن ص 10 طبعة 1347 ه ما نصه بالحرف : « الا أن تتقوا منهم تقاة » ، يعني أن تخافوا تلف النفس ، أو بعض الأعضاء ، فتتقوهم بإظهار الموالاة من غير اعتقاد لها . . وعليه جمهور أهل العلم » . ونقل الرازي في تفسيره عن الحسن البصري انه قال : التقية جائزة إلى يوم القيامة ، وأيضا نقل عن الشافعي انه أجاز التقية وعممها للمسلم إذا خاف من المسلم لما بينهما من الاختلاف فيما يعود إلى مسائل الدين .
وقال صاحب تفسير المنار عند تفسير قوله تعالى : {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28] ما نصه بالحرف : « من نطق بكلمة الكفر مكرها وقاية لنفسه من الهلاك ، لا شارحا للكفر صدرا ، ولا مستحبا للدنيا على الآخرة لا يكون كافرا ، بل يعذر ، كما عذر عمار بن ياسر ، وقال الشيخ مصطفى الزرقا في كتاب الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد مادة 600 : « التهديد بالقتل للإكراه على الكفر يبيح للشخص التظاهر به مع اطمئنان قلبه بالإيمان » . إلى غير ذلك كثير .
وبالإضافة إلى كتاب اللَّه ، وسنّة رسوله ، واجماع المسلمين سنّة وشيعة على جواز التقية فإن العقل يحكم بها أيضا ويبررها لقاعدة : « الضرورات تبيح المحظورات » .
وبهذا يتبين معنا ان التقية قاعدة شرعية يستند إليها المجتهد الشيعي والسني في استنباط الأحكام ، وان الدليل عليها الكتاب والسنة والإجماع والعقل ، وعليه تكون التقية مبدأ اسلاميا عاما تؤمن به جميع المذاهب الإسلامية ، وليست مذهبا خاصا بفريق دون فريق ، ومذهب دون مذهب ، كما يتوهم - الا الخوارج - وهنا سؤال يفرض نفسه ، وهو إذا كانت التقية جائزة كتابا وسنة وعقلا واجماعا من الشيعة والسنة فلما ذا نسبت إلى الشيعة فقط ، حتى ان كثيرا من شيوخ السنة شنعوا على الشيعة ، ونسبوهم إلى البدعة من أجلها ؟ .
الجواب : أما نسبتها إلى الشيعة فقط ، أو اشتهار الشيعة بها فقد يكون سببه ان الشيعة اضطروا للعمل بها أكثر من غيرهم بالنظر لما لا قوه من الاضطهاد في
العصر الأموي والعصر العباسي ، وما تلاهما (1) ومن أجل اضطرار الشيعة إلى الأخذ بالتقية كثيرا أو أكثر من غيرهم اهتم بها فقهاؤهم ، وذكروها في مناسبات شتى في كتب الفقه ، وحددوا مفهومها ، وبينوا قيودها وحدودها ، متى تجوز ؟
ومتى لا تجوز . . وخلاصة ما قالوه : انها تجوز لرفع الضرر عن النفس ، ولا تجوز لجلب المنفعة ، ولا لإدخال الضرر على الغير .
أما من خصّ التقية بالشيعة فقط ، وشنّع بها عليهم فهو اما جاهل ، واما متحامل ، ومهما يكن ، فلا موضوع اليوم ولا موجب للعمل بالتقية من غير فرق بين السنة والشيعة فتوى وعملا بعد أن ولَّى زمن الخوف والاضطهاد .
(ويُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) . أي ذاته التي تعلم كل شيء ، وتقدر على كل شيء ، وتجازي كل انسان حسب عمله . ( وإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) . والمرجع ، وهناك توفى كل نفس ما عملت .
( قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ويَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرْضِ ) . بعد ان أجاز سبحانه التقية ، ورخّص بها للمضطر قال : ان المعول عند اللَّه على ما في القلوب ، وهو يعلم ما تنطوي عليه ، سواء أسررتم ، أم أعلنتم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ انظر كتابنا « الشيعة والحاكمون » وكتاب « مقاتل الطالبيين » . وأول الجزء الثالث من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد . . وستجد في هذه الكتب ألوانا من اضطهاد الحكام للشيعة لا يتصورها العقل .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|