أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
1672
التاريخ: 1-12-2014
1615
التاريخ: 28-01-2015
1477
التاريخ: 7-12-2015
1470
|
ينبع عشق الإنسان للحرية من عشقه الملتهب للتكامل والرقي ، ولا يمكن لأي موجود سجين أن يستمر في سيره التكاملي ، وحتى الحيوانات تتغرب في أقفاصها مهما تهيأت لها ظروف العيش في تلك الأقفاص ، فهي ترجح الحرية على أسر القفص وإن كانت الأخطار تهددها خارج القفص.
ولهذا ، فإنّ الحيوانات الاسيرة في الأقفاص لا تبدي أي مظهر من مظاهر الفرح والراحة كالتغريد واللعب إلّا إذا كانت قد ولدت في نفس تلك الأقفاص ولم تذق طعم الحرية.
وإذا كان ذلك غريزة كامنة في الحيوانات ، ففي الإنسان يتلاحم هذا الشعور العاطفي مع الإدراك العقلي ، فيطلب الإنسان بالدليل والبرهان حريته ، ولهذا الدليل نفسه يعتبر السجن وسلب الحرية منه نوعاً من أنواع العقاب الصعب والمُرِّ.
ولا شك في أنّ أكثر السجون على طول التاريخ كانت تعبر عن أبشع صور الظلم من قبل الطغاة والحاقدين للوصول إلى مقاصدهم الدنيئة اللامشروعة ، ولكن ذلك لا يمنع في أن يكون للسجن فلسفة وأهميّة واقعية ، وآثار إيجابية في إصلاح الأفراد ومحاربة الفساد الاجتماعي.
فالاعتقال وسلب الحرية ، يُعدُّ وسيلة ثقيلة للضغط على المسجونين لتحقيق أحد الامور العشرة التالية التي تشكل فلسفة الحبس.
1- السجن الايذائي
هذا النوع من السجن يكون عادة للأشخاص الذين يرتكبون المخالفات ، فالسجن يسلبهم الحرية ليقفوا على قبح أفعالهم ، ويردعهم عن تكرارها في المستقبل ، ولكي يعتبر الآخرون بذلك. وهذا السجن موجود منذ القدم وحتى الآن ، وكل حكومة لها مثل هذا السجن (إلّا في بعض الموارد الاستثنائية).
2- السجن الإصلاحي
وهذا السجن يستفاد منه لحبس الأفراد الذين يعتادون على الامور السيئة (كالمعتادين على المخدرات) والذين لا ينفع معهم النصح والإرشاد ، فلا مهرب من حبسهم في هذا السجن وعزلهم عن المجتمع لمدّة قصيرة أو طويلة ، لإصلاحهم واجبارهم على ترك ما اعتادوا عليه.
3- السجن الاحتياطي
كأن تحدث حادثة مهمة كمقتل نفس محترمة ، ولم يُعرف القاتل ولكن يُتهم البعض بالقتل ، وحينئذٍ لابدّ من التحقيق للتعرف على القاتل ، ولمنع هروب المتهمين وعدم التمكن من القبض على القاتل بعد ثبوت الأدلة الكافية ، لابدّ من توقيف المتهمين فترة التحقيق المؤقتة ، فمن ثبتت براءته قدّم الاعتذار إليه وأُطلق سراحه ، ومن ثبت جُرمه عوقب بالعقاب الذي يستحقه.
وهذا النوع من السجون كالأنواع السابقة كان ولا يزال موجوداً في كل مكان تقريباً ، ومن الطبيعي أنّ التحقيقات لابدّ أن تتمّ على وجه السرعة ، إذ قد يكون المتهم بريئاً في الواقع ، فينبغي أن لا يبقى فترة طويلة في الحبس.
4- السجن التأديبي
وهذا السجن يُستفاد منه عادة في حق الأطفال الذين لا تشملهم القوانين ، والذين لو اطلق عنانهم لأساءوا استغلال الحرية الممنوحة لهم وسلكوا طريق الانحراف ، ومن هنا كان لابدّ من ايداعهم في مثل هذا السجن في مقابل ارتكابهم بعض الذنوب. ليتم تأديبهم وتربيتهم.
5- السجن السياسي
يطلق لفظ «السجين السياسي» على أولئك الأشخاص الذين يقومون بنشاطات سياسية معارضة لمصلحة المجتمع والنظام الحاكم ، وقد تكون تلك النشاطات أحياناً غير معارضة لمصلحة المجتمع ، بل قد تكون في مصلحته ولكنها مخالفة لمطامع الحكم المتسلط على رقاب أبناء المجتمع (كالسجناء السياسيين في أكثر البلاد هذا اليوم ، حيث يتمّ حبس هؤلاء الأفراد حتى لو كان الحق معهم).
6- السجن الاستحقاقي
ونقصد بالاستحقاق هنا ، أخذ الحق ، فمثلًا ، لشخص على آخر دينٌ يمتنع عن أدائه إليه مع أنّه متمكن من الأداء ، فهنا قد يحبس المدين حتى يضطر إلى دفع ما عليه للدائن ، ولكن هنا لابدّ من الافراج عنه فوراً بمجرد أن يقبل دفع حق الدائن إليه ، لأنّ فلسفة الحبس تنتهي بهذا المقدار.
7- سجن الحفظ
وهذا السجن قد يوجد ولكن بندرة ، وهو مورد بعض الأشخاص الذين اشتد غضب الناس عليهم إلى درجة أنّ وجود هؤلاء الأشخاص في المجتمع يشكل خطراً على حياة الناس ، في حين أنّهم على فرض ارتكابهم ذنباً فإنّهم لا يستحقون الاعدام ، ومن هنا تضطر الدولة وهي الحافظة لمصالح الناس إلى نقل هؤلاء الأشخاص إلى سجن معين حتى تهدأ ثائرة المجتمع ضدهم ، ومتى ما عادت الأوضاع إلى حالتها الطبيعية اطلق سراح هؤلاء الأشخاص ، وكما قلنا فإنّ مثل هذا السجن نادر التحقق ، وقد تحققت مصاديقه في حالات الثورات والانتفاضات الشعبية والحركات الاجتماعية.
ما ذكرناه من الاقسام السبعة أعلاه ، فلسفة معقولة يمكن تصورها للسجن.
وفي قبال هذه الفلسفة المعقولة ، توجد أهداف ومبررات لا معقولة وظالمة كانت العامل الأصلي لكثير من السجون في دنيا الأمس واليوم ولا تزال ، ويمكن هنا ذكر عدّة أنواع منها :
1- السجن الانتقامي
سجن ليس له هدف معقول اطلاقاً ، إلّا أنّ الجبّارين والظلمة والاقطاعيين وللانتقام من الاحرار والرعية حيث يحمل هؤلاء الجبّارون حقداً أعمى في قلوبهم على الناس ، فيلقون بهم في السجون ، وكم من شاهد من التاريخ أنّ بعض هؤلاء الناس يبقون في تلك السجون حتى يموتوا وتتهرأ أجسادهم ؟
2- السجون المعدة لقمع التحرر
يحاول الجبّارون كسر روح المقاومة المعنوية أو الجسدية عند المناضلين الثائرين ضدهم ، فيلقون بهم في السجون لأجل ذلك ، وأحياناً يكون الحبس توأماً مع الاهانة والتعذيب الروحي والجسدي ، ومن الواضح أنّ الأفراد المقاومين الصامدين سيخرجون من هذه الحلبة سالمين غانمين ، بل يزدادوا أحياناً صلابة وتجربة وعزيمة كالفولاذ الذي يصهر في الحرارة فيصير أكثر صلابة ونقاءً ، ولكن قد يؤثر هذا السجن سلباً في بعض الأشخاص الضعفاء أو ممن هم في مستوى متوسط من الإيمان والعزيمة ، فنراهم بعد التحرر من السجن يغيرون مسير حياتهم ويتركون نضالهم ، وقد ينحرف بعضهم ويعمل ضمن أجهزة القطاع الظالم ، وذلك للضغوط التي واجهوها في السجن.
3- السجن لعزل القيادة عن القاعدة
هذه السجون خاصة بقادة الدين والقادة السياسيين ، حيث إنّ الجبّارين وعندما يضيقون ذرعاً بجهاد هؤلاء يحاولون التفكيك بينهم وبين قواعدهم ومؤيديهم ، فيلقون بالقادة في السجون ، والملفت للنظر أنّ هذه السجون يكون لها في أكثر الموارد نتيجة معكوسة بحيث تؤدي إلى زيادة الانسجام والتآلف بين القواعد والقيادات ، فتعزر مكانة القادة في قلوب مؤيديهم ، وتزيد من جماهيريتهم.
4- السجن لرفع المضايقات
أحياناً يكون وجود العالم ، المخترع ، القائد ، أو أي فرد لائق ، مزاحماً لوجود الحكام الجبّارين ، فما يكون من الجبّارين إلّا أن يودعوا هؤلاء في السجون ليرتاحوا من مضايقاتهم ومزاحمتهم ، ويستمروا في تسلطهم وتجبّرهم دون مزاحم.
حتى أنّ التاريخ نقل لنا أنّ بعض الجبّارين قام بسجن أزواج نساء جميلات من دون ذنب سوى السيطرة على نسائهم!
5- السجن بسبب النزاهة
ومن أعجب أنواع السجن على طول التاريخ ، السجن الذي يبتلى به بعض الأشخاص بسبب نزاهتهم وبراءتهم ، ولابدّ من الإلتفات إلى النزاهة والطهارة تعدُّ جُرماً في المحيط الملوث بالذنوب والآثام!! لأنّ ذلك يؤدّي إلى افشال مخططات هؤلاء الملوثين ، فكم من يوسفٍ على مرِّ التاريخ أودع السجن بذنب الطهر والعفة والرغبة عن الذنوب.
كما في يوسف الذي دخل السجن بسبب طهارته وعفته.
ومن الواضح أنّ مثل هذه السجون التي ليس لها أية فلسفة عقلية وشرعية خارجة عن موضوع بحثنا ، وإنّما أشرنا إليها للتوضيح والضرورة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جامعة كربلاء: مشاريع العتبة العباسية الزراعية أصبحت مشاريع يحتذى بها
|
|
|