أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-9-2020
22092
التاريخ: 2-9-2020
7200
التاريخ: 4-9-2020
5399
التاريخ: 3-9-2020
5021
|
قال تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [مريم: 27 - 35]
{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} أي: فأتت مريم بعيسى حاملة له وذلك أنها لفته في خرقة وحملته إلى قومها { قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} أي: أمرا عظيما بديعا إذ لم تلد أنثى قبلك من غير رجل عن مجاهد وقتادة والسدي وقيل أمرا قبيحا منكرا من الافتراء وهو الكذب عن الجبائي { يا أخت هارون} قيل فيه أقوال ( أحدها) أن هارون هذا كان رجلا صالحا في بني إسرائيل ينسب إليه كل من عرف بالصلاح عن ابن عباس وقتادة وكعب وابن زيد والمغيرة بن شعبة يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقيل إنه لما مات شيع جنازته أربعون ألفا كلهم يسمى هارون فقولهم يا أخت هارون معناه يا شبيهة هارون في الصلاح ما كان هذا معروفا منك ( وثانيها) أن هارون كان أخاها لأبيها ليس من أمها وكان معروفا بحسن الطريقة عن الكلبي ( وثالثها) أن هارون أخو موسى (عليه السلام) فنسبت إليه لأنها من ولده كما يقال يا أخا تميم عن السدي ( ورابعها) أنه كان رجلا فاسقا مشهورا بالعهر والفساد فنسبت إليه وقيل لها يا شبيهته في قبح فعله عن سعيد بن جبير.
{ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} أي: كان أبواك صالحين فمن أين جئت بهذا الولد { فأشارت إليه } أي: فأومت إلى عيسى (عليه السلام) بأن كلموه واستشهدوه على براءة ساحتي فتعجبوا من ذلك ثم { قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} معناه: كيف نكلم صبيا في المهد وقيل صبيا في الحجر رضيعا وكان المهد حجر أمه الذي تربيه فيه إذ لم تكن هيأت له مهدا عن قتادة وقيل إنهم غضبوا عند إشارتها إليه وقالوا لسخريتها بنا أشد علينا من زناها فلما تكلم عيسى (عليه السلام) قالوا إن هذا الأمر عظيم عن السدي.
{ قال} عيسى (عليه السلام) { إني عبد الله } قدم إقراره بالعبودية ليبطل به قول من يدعي له الربوبية وكان الله سبحانه أنطقه بذلك لعلمه بما يقوله الغالون فيه ثم قال { آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} أي: حكم لي بإتيان الكتاب والنبوة وقيل إن الله تعالى أكمل عقله في صغره وأرسله إلى عباده وكان نبيا مبعوثا إلى الناس في ذلك الوقت مكلفا عاقلا ولذلك كانت له تلك المعجزة عن الحسن والجبائي.
وقيل إنه كلمهم وهو ابن أربعين يوما عن وهب وقيل يوم ولد عن ابن عباس وأكثر المفسرين هو الظاهر وقيل إن معناه أني عبد الله سيؤتيني الكتاب وسيجعلني نبيا وكان ذلك معجزة لمريم (عليهاالسلام) على براءة ساحتها .
ثم بين سبحانه تمام كلام عيسى (عليه السلام) فقال { وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} أي: وجعلني معلما للخير عن مجاهد وقيل نفاعا حيث ما توجهت والبركة نماء الخير والمبارك الذي ينتمي الخير به وقيل ثابتا دائما على الإيمان والطاعة وأصل البركة الثبوت عن الجبائي { وأوصاني بالصلاة والزكاة } أي: بإقامة الصلاة وأداء الزكاة { ما دمت} أي: ما بقيت { حيا} مكلفا { وَبَرًّا بِوَالِدَتِي} أي: واجعلني بارا بها أؤدي شكرها فيما قاسته بسبي { وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا} أي: متجبرا { شقيا } والمعنى أني بلطفه وتوفيقه كنت محسنا إلى والدتي متواضعا في نفسي حتى لم أكن من الجبابرة الأشقياء.
{ والسلام علي } أي: والسلامة علي من الله { يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} أي: في هذه الأحوال الثلاث وقد مر تفسيرها قبل في قصة يحيى وفي هذه الآيات دلالة على أنه يجوز أن يصف الإنسان نفسه بصفات المدح إذا أراد تعريفها إلى غيره لا على وجه الافتخار قيل ولما كلمهم عيسى (عليه السلام) بهذا علموا براءة مريم ثم سكت عيسى (عليه السلام) فلم يتكلم بعد ذلك حتى بلغ المدة التي يتكلم فيها الصبيان { ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} معناه: ذلك الذي قال إني عبد الله عيسى بن مريم لا ما يقوله النصارى من أنه ابن الله وأنه إله { قول الحق} مر معناه في الحجة { الذي فيه يمترون} أي: يشكون يعني اليهود والنصارى فزعمت اليهود أنه ساحر كذاب وزعمت النصارى أنه ابن الله وثالث ثلاثة وقيل وهوافتراء النصارى واختلافهم فبعضهم قالوا هو الله وقال بعضهم ابن الله وقال بعضهم ثالث ثلاثة.
ثم كذبهم الله تعالى فقال { مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ } معناه ما كان ينبغي لله أن يتخذ من ولد أي ما يصلح له ولا يستقيم عن ابن الأنباري قال فنابت اللام عن الفعل وذلك أن من اتخذ ولدا فإنما يتخذه من جنسه لأن الولد مجانس للوالد والله تعالى ليس كمثله شيء فلا يكون له سبحانه ولد ولا يتخذ ولدا وقوله { من ولد} من هذه هي الذي تدل على نفي الواحد والجماعة فالمعنى أنه لا يجوز أن يتخذ ولدا واحدا ولا أكثر ثم نزه سبحانه نفسه عن ذلك فقال {سبحانه} ثم بين السبب في كون عيسى من غير أب فقال { إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون } وقد مر تفسيره فيما مضى والمعنى أنه لا يتعذر عليه إيجاد شيء على الوجه الذي أراده .
________________
1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص419-422.
{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ } . وضعت مريم وليدها ، فحملته إلى قومها ، وهي آمنة مطمئنة لأن الحمل الذي تسبب في اتهامها هوأصدق شاهد على نزاهتها { قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا } بدعواك الحمل من غير دنس ومواقعة . . انها محض افتراء { يا أُخْتَ هارُونَ } هو أخو موسى ، وهي من نسله ، والقصد تذكيرها بأصلها الطيب ، وانه إذا زكا الأصل يجب ان يزكوالفرع ، فكيف صدر منها ما لم يصدر مثله عن أصلها { ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا } . فمن تشبهين أنت بفعلتك هذه التي لا يقدم عليها إلا من كانت بنتا لرجل سوء ، أوبنت امرأة بغي ! .
{ فَأَشارَتْ إِلَيْهِ } تستشهده على براءتها ، وهو أصدق الشاهدين ، لأنه ينطق بلسان اللَّه ( قالُوا ) متعجبين : { كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا } . ولكن الذي في المهد كلمهم قبل ان يكلموه و{ قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وجَعَلَنِي نَبِيًّا } أي سيجعلني نبيا فيما بعد ، لأن الرضيع لا يكون قدوة للناس ، وحجة عليهم ، كيف وهو غير مسؤول عن أقواله وأفعاله فهل يكون مسؤولا عن تبليغ رسالات اللَّه إلى عباده ؟ . وفيما سبق نقلنا عن الأناجيل ان عيسى بعث في سن الثلاثين ، وانما تكلم في المهد لتبرئة أمه من الزنا والفجور ، لا لأنه نبي مرسل ، انظر عيسى ونبوة الأطفال ج 3 ص 144 .
{ وجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ } . وكل من ينفع الناس بجهة من الجهات فهو مبارك وميمون ، وكل من يضار بواحد من الناس فضلا عن الجماعة فهو شر وشؤم وفساد { وأَوْصانِي بِالصَّلاةِ والزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا وبَرًّا بِوالِدَتِي } . لقد أقر بهذا على نفسه بالطاعة والعبودية للَّه ، ونفى أن يكون إلها أوولدا للإله أوشريكا له كما يزعم النصارى { ولَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا } كما يزعم اليهود ، بل هو عبد صالح ، ونبي مرسل كما يعتقد المسلمون { والسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ ويَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا } سبق نظيره قريبا في الآية 15 .
{ ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ } أي يشكون ويختلفون .
هذه هي كلمة الحق والعلم والعدل في السيد المسيح ، لا هو جبار شقي كما قال اليهود ، ولا هو إله أوابنه أوشريكه كما قال النصارى . . انه نبي يبلغ رسالات ربه ، وعبد من عباده يصلي ويزكي ، وهو مبارك ينفع الناس ، ومتواضع محسن لأمه وغيرها .
{ ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } . ولو كان للَّه أولاد لاحتكروا لأنفسهم جميع خيراته وبركاته ، ومنعوها عن كل مخلوق ، وأفسدوا ما أصلح الأب ، وملأوا الكون شرا وضلالا تماما كما يفعل بعض أبناء القادة في هذا العصر . وتقدم نظير هذه الآية في سورة آل عمران الآية 59 ، وسورة الإسراء الآية 111 .
______________
1- التفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص 179-180.
قوله تعالى:{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} الضميران في{به} و{تحمله} لعيسى، والاستفهام إنكاري حملهم عليه ما شاهدوه عن عجيب أمرها مع ما لها من سابقة الزهد والاحتجاب وكانت ابنة عمران ومن آل هارون القديس، والفري هو العظيم البديع وقيل: هو من الافتراء بمعنى الكذب كناية عن القبيح المنكر والآية التالية تؤيد المعنى الأول، ومعنى الآية واضح.
قوله تعالى:{ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} ذكر في المجمع، أن في المراد من هارون أربعة أقوال: أحدها: أنه كان رجلا صالحا من بني إسرائيل ينسب إليه كل صالح وعلى هذا فالمراد بالأخوة الشباهة ومعنى{يا أخت هارون} يا شبيهة هارون، والثاني: أنه كان أخاها لأبيها لا من أمها، والثالث: أن المراد به هارون أخو موسى الكليم وعلى هذا فالمراد بالأخوة الانتساب كما يقال: أخوتميم، والرابع: أنه كان رجلا معروفا بالعهر والفساد انتهى ملخصا والبغي الزانية، ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى:{ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} إشارتها إليه إرجاع لهم إليه حتى يجيبهم ويكشف لهم عن حقيقة الأمر، وهو جرى منها على ما أمرها به حينما ولد بقوله:{ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا } على ما تقدم البحث عنه.
والمهد السرير الذي يهيأ للصبي فيوضع فيه وينوم عليه، وقيل: المراد بالمهد في الآية حجر أمه، وقيل المرباة أي المرجحة، وقيل المكان الذي استقر عليه كل ذلك لأنها لم تكن هيئت له مهدا، والحق أن الآية ظاهرة في ذلك ولا دليل على أنها لم تكن هيئت وقتئذ له مهدا فلعل الناس هجموا عليها وكلموها بعد ما رجعت إلى بيتها واستقرت فيه وهيئت له مهدا أومرجحة وتسمى أيضا مهدا.
وقد استشكلت الآية بأن الإتيان بلفظة كان مخل بالمعنى فإن ما يقتضيه المقام هو أن يستغربوا تكليم من هو في المهد صبي لا تكليم من كان في المهد صبيا قبل ذلك فكل من يكلمه الناس من رجل أوامرأة كان في المهد صبيا قبل التكليم بحين ولا استغراب فيه.
وأجيب عنه أولا أن الزمان الماضي منه بعيد ومنه قريب يلي الحال وإنما يفسد المعنى لوكان مدلول كان في الآية هو الماضي البعيد، وأما لو كان هو القريب المتصل بالحال وهو زمان التكليم فلا محذور فساد فيه.
والوجه للزمخشري في الكشاف،.
وفيه أنه وإن دفع الإشكال غير أنه لا ينطبق على نحوإنكارهم فإنهم إنما كانوا ينكرون تكليمه وتكلمه من جهة أنه صبي في المهد بالفعل لا من جهة أنه كان قبل زمان يسير صبيا في المهد فيكون كان زائدا مستدركا.
وأجيب عنه ثانيا: بأن قوله:{كيف نكلم} لحكاية الحال الماضية و{من} موصولة والمعنى كيف نكلم الموصوفين بأنهم في المهد أي لم نكلمهم إلى الآن حتى نكلم هذا.
وهذا الوجه أيضا للزمخشري في الكشاف،.
وفيه أنه وإن استحسنه غير واحد لكنه معنى بعيد عن الفهم!.
وأجيب عنه ثالثا أن كان زائد للتأكيد من غير دلالة على الزمان، و{من كان في المهد} مبتدأ وخبر، وصبيا حال مؤكدة.
وفيه أنه لا دليل عليه، على أنه زيادة موجبة للالتباس من غير ضرورة على أنه قيل إن:{كان} الزائدة تدل على الزمان وإن لم تدل على الحدث.
وأجيب عنه رابعا بأن{من} في الآية شرطية و{ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} شرطها وقوله:{كيف نكلم} في محل الجزاء والمعنى من كان في المهد صبيا لا يمكن تكليمه والماضي في الجملة الشرطية بمعنى المستقبل فلا إشكال.
وفيه أنه تكلف ظاهر.
ويمكن أن يقال: إن{كان} منعزلة عن الدلالة على الزمان لما في الكلام من معنى الشرط والجزاء فإنه في معنى من كان صبيا لا يمكن تكليمه أوإن كان جيء بها للدلالة على ثبوت الوصف لموصوفه ثبوتا يقضي مضيه عليه وتحققه فيه ولزومه له كقوله تعالى:{ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا}: الإسراء: 93 أي إن البشرية والرسالة تحققا في فلا يسعني ما لا يسع البشر الرسول، وقوله تعالى: { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا } [الإسراء: 33] أي إن النصرة لازمة له بجعلنا لزوم الوصف الماضي لموصوفه ويكون المعنى كيف نكلم صبيا في المهد ممعنا في صباه من شأنه أنه لبث وسيلبث في صباه برهة من الزمان. والله أعلم.
قوله تعالى:{ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} شروع منه (عليه السلام) في الجواب ولم يتعرض لمشكلة الولادة التي كانوا يكرون بها على مريم (عليها السلام) لأن نطقه على صباه وهو آية معجزة وما أخبر به من الحقيقة لا يدع ريبا لمرتاب في أمره على أنه سلم في آخر كلامه على نفسه فشهد بذلك على نزاهته وأمنة من كل قذارة وخباثة ومن نزاهته طهارة مولده.
وقد بدأ بقوله:{إني عبد الله} اعترافا بالعبودية لله ليبطل به غلوالغالين وتتم الحجة عليهم، كما ختمه بمثل ذلك إذ يقول:{وإن الله ربي وربكم فاعبدوه}.
وفي قوله:{آتاني الكتاب} إخبار بإعطاء الكتاب والظاهر أنه الإنجيل، وفي قوله:{وجعلني نبيا} إعلام بنبوته، وقد تقدم في مباحث النبوة في الجزء الثاني من الكتاب الفرق بين النبوة والرسالة، فقد كان يومئذ نبيا فحسب ثم اختاره الله للرسالة، وظاهر الكلام أنه كان أوتي الكتاب والنبوة لا أن ذلك إخبار بما سيقع.
قوله تعالى:{ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} كونه (عليه السلام) مباركا أينما كان هو كونه محلا لكل بركة والبركة نماء الخير كان نفاعا للناس يعلمهم العلم النافع ويدعوهم إلى العمل الصالح ويربيهم تربية زاكية ويبرىء الأكمه والأبرص ويصلح القوي ويعين الضعيف.
وقوله:{وأوصاني بالصلاة والزكاة} إلخ، إشارة إلى تشريع الصلاة والزكاة في شريعته، والصلاة هي التوجه العبادي الخاص إلى الله سبحانه والزكاة الإنفاق المالي وهذا هو الذي استقر عليه عرف القرآن كلما ذكر الصلاة والزكاة وقارن بينهما وذلك في نيف وعشرين موضعا فلا يعتد بقول من قال: إن المراد بالزكاة تزكية النفس وتطهيرها دون الإنفاق المالي.
قوله تعالى:{ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} أي جعلني حنينا رءوفا بالناس ومن ذلك أني بر بوالدتي ولست جبارا شقيا بالنسبة إلى سائر الناس، والجبار هو الذي يحمل الناس ولا يتحمل منهم، ونقل عن ابن عطاء أن الجبار الذي لا ينصح والشقي الذي لا ينتصح.
قوله تعالى:{ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} تسليم منه على نفسه في المواطن الثلاثة الكلية التي تستقبله في كونه ووجوده، وقد تقدم توضيحه في آخر قصة يحيى المتقدمة.
نعم بين التسليمتين فرق، فالسلام في قصة يحيى نكرة يدل على النوع، وفي هذه القصة محلى بلام الجنس يفيد بإطلاقه الاستغراق، وفرق آخر وهو أن المسلم على يحيى هو الله سبحانه وعلى عيسى هو نفسه.
قوله تعالى:{ ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} الظاهر أن هذه الآية والتي تليها معترضتان، والآية الثالثة:{وإن الله ربي وربكم} من تمام قول عيسى (عليه السلام).
وقوله:{ذلك عيسى ابن مريم} الإشارة فيه إلى مجموع ما قص من أمره وشرح من وصفه أي ذلك الذي ذكرنا كيفية ولادته وما وصفه هو للناس من عبوديته وإيتائه الكتاب وجعله نبيا هو عيسى بن مريم.
وقوله:{قول الحق} منصوب بمقدر أي أقول قول الحق، وقوله:{الذي فيه يمترون} أي يشكون أويتنازعون، وصف لعيسى، والمعنى: ذلك عيسى بن مريم الذي يشكون أويتنازعون فيه.
وقيل: المراد بقول الحق كلمة الحق وهو عيسى (عليه السلام) لأن الله سبحانه سماه كلمته في قوله:{ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ}: النساء: 171 وقوله:{يبشرك بكلمة منه}: آل عمران: 45، وقوله:{بكلمة من الله}: آل عمران: 39، وعليه فقول الحق منصوب على المدح، ويؤيد المعنى الأول قوله تعالى في هذا المعنى في آخر القصة من سورة آل عمران:{ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}: آل عمران: 60.
قوله تعالى:{ مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } نفي وإبطال لما قالت به النصارى من بنوة المسيح، وقوله:{إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن} حجة أقيمت على ذلك، وقد عبر بلفظ القضاء للدلالة على ملاك الاستحالة.
وذلك أن الولد إنما يراد للاستعانة به في الحوائج، والله سبحانه غني عن ذلك لا يتخلف مراد عن إرادته إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.
وأيضا الولد هوأجزاء من وجود الوالد يعزلها ثم يربيها بالتدريج حتى يصير فردا مثله، والله سبحانه غني عن التوسل في فعله إلى التدريج ولا مثل له بل ما أراده كان كما أراده من غير مهلة وتدريج من غير أن يماثله، وقد تقدم نظير هذا المعنى في تفسير قوله:{ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ}، الآية: البقرة: 116 في الجزء الأول من الكتاب.
______________
1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج14،ص37-40.
المسيح يتكلم في المهد:
وأخيراً رجعت مريم(عليها السلام) من الصحراء إِلى المدينة وقد احتضنت طفلها { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} فلمّا رأوا طفلا حديث الولادة بين يديها فغروا أفواههم تعجباً، فقد كانوا يعرفون ماضي مريم الطاهر، وكانوا قد سمعوا بتقواها وكرامتها، فقلقوا لذلك بشدّة، حيت وقع شك بعضهم وتعجّل آخرون في القضاء والحكم وأطلق العنان للسانه في توبيخها وملامتها، وقالوا: إِن من المؤسف هذا الإِنحدار مع ذلك الماضي المضيء، ومع الأسف على تلوّث سمعه تلك الأسرة الطاهرة { قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا}(2).
والبعض الآخر واجهها، بالقول: { يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} فمع وجود مثل هذا الأب والأُم الطاهرين، ما هذا الوضع الذي نراك عليه؟ فأي سوء رأيت في سلوك الأب وخلق الأُم حتى تحيدي عن هذا الطريق؟
قولهم لمريم: {يا أخت هارون} وقع مثار الإِختلاف بين المفسّرين، لكن يبدو أنّ الأصح هو أنّ هارون رجل طاهر صالح إِلى الدرجة التي يضرب به المثل بين بني إِسرائيل، فإذا أرادوا أن يصفوا شخصاً بالطهارة والنزاهة، كانوا يقولون: إِنّه أخو أو أخت هارون، وقد نقل العلاّمة الطبرسي في مجمع البيان هذا المعنى في حديث قصير عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)(3).
وفي حديث آخر ورد كتاب سعد السعود، عن المغيرة، أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بعثه إِلى نجران لدعوتهم الى الإِسلام فقالوا (معترضين على القرآن): ألستم تقرؤون {يا أخت هارون} وبينهما كذا وكذا» (حيث تصوروا أنّ المراد هو هارون أخو موسى) فلمّا لم يستطع المغيرة جوابهم ذكر ذلك للنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: «ألا قلت لهم: إِنّهم كانوا يسمّون بأنبيائهم والصالحين منهم»(4) أي ينسبون الاشخاص الصالحين منهم الى الأنبياء.
في هذه الساعة، سكتت مريم بأمر الله، والعمل الوحيد الذي قامت به، هو أنّها أشارت إِلى وليدها (فأشارت إِليه). إِلاَّ أنّ هذا العمل جعل هؤلاء يتعجبون أكثر، وربما حمل بعضها على السخرية، ثمّ غضبوا فقالوا: مع قيامك بهذا العمل تسخرين من قومك أيضاً؟ { قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}.
لقد بحث المفسّرون هنا وتناقشوا كثيراً في شأن كلمة «كان» الدالة على الماضي، إِلاَّ أنّ الظاهر هو أن هذه الكلمة تشير هنا إِلى ثبوت ولزوم وصف موجود، وبتعبير أوضح: إِنّ هؤلاء قالوا لمريم: كيف نكلم طفلا كان ولا يزال في المهد؟
والشاهد على هذا المعنى آيات أُخرى من القرآن، مثل { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} سورة آل عمران / 110، فمن المسلم أن «كنتم» لا تعني الماضي هنا، بل هي بيان لثبوت واستمرار هذه الصفات للمجتمع الإِسلامي.
وكذلك بحثوا حول «المهد»، فإِنّ عيسى لم يكن قد وُضع في المهد، بل إِنّ ظاهر الآيات هو أن مريم بمجرّد أن حضرت بين الناس، وفي الوقت الذي كان عيسى على يديها، جرى هذا الحوار بينها وبينهم.
إِلاّ أنّ الإِلتفات إِلى معنى كلمة «المهد» في لغة العرب سيوضح جواب هذا السؤال، فإِنّ كلمة المهد تعني ـ كما يقول الراغب في مفرداته ـ المكان الذي يهيؤونه للطفل، سواء كان المهد، أو حجر الأم، أو الفراش، والمهد والمهاد ورد كلاهما في اللغة بمعنى: المكان الممهد الموطأ، أي: للإِستراحة والنوم.
على كل حال، فإِنّ الناس قلقوا واضطربوا من سماع كلام مريم هذا، بل وربما غضبوا وقالوا لبعضهم البعض ـ حسب بعض الرّوايات ـ : إِنّ استهزاءها وسخريتها أشدّ علينا من انحرافها عن جادة العفة!
إِلاَّ أنّ هذه الحالة لم تدم طويلا، لأن ذلك الطفل الذي ولد حديثاً قد فتح فاه وتكلم: { قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}، ومفيداً من كل الجهات للعباد { وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}.
وكذلك جعلني مطيعاً ووفياً لأُمي { وَبَرًّا بِوَالِدَتِي (5) وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}.
كلمة «جبار» تطلق على الشخص الذي يعتقد بأنّ له كل الحق على الناس ولا يعتقد بأنّ لأحد عليه حقاً.
وكذلك يطلقونها على الذي يضرب الناس ويقتلهم إِذا غضب، ولا يتبع ما يأمر به العقل، أو أنّه يريد أن يسد نقصه ويغطيه بادعاء العظمة والتكبر، وهذه كلها صفات بارزة للطواغيت المستكبرين في كل زمان(6).
و«الشقي» تقال للشخص الذي يهيء أسباب البلاء والعقاب لنفسه، وبعضهم فسر ذلك بالذي لا يقبل النصيحة، ومن المعلوم أن هذين المعنيين لا ينفصلان عن بضعهما.
ونقرأ في رواية، أن عيسى(عليه السلام) يقول «قلبي رقيق وأنا صغير في نفسي»(7)وهو إِشارة إِلى أن هذين الوصفين يقعان في مقابل الجبار والشقي.
وفي النهاية يقول هذا المولود ـ أي المسيح ـ { وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} وكما قلنا في شرح الآيات المتعلقة بيحيى(عليه السلام)، فإِنّ هذه الأيّام الثلاثة في حياة الإِنسان أيّام مصيرية خطرة، لا تتيسر السلامة فيها إِلاّ بلطف الله، ولذلك جاءت هذه الآية في حق يحيى(عليه السلام) كما وردت في شأن المسيح(عليه السلام)، مع الإِختلاف بأنّ الله هو الذي قالها في المورد الأوّل، أمّا في المورد الثّاني فإِنّ المسيح قد طلب ذلك.
أيمكن أن يكون لله ولد!؟
بعد تجسيد القرآن الكريم في الآيات السابقة حادثة ولادة المسيح(عليه السلام)بصورة حية وواضحة جدّاً، انتقل إِلى نفي الخرافات وكلمات الشرك التي قالوها في شأن عيسى، فيقول: { ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} خاصّة وأنّه يؤكّد على كونه «ابن مريم» ليكون ذلك مقدمة لنفي بنوته لله سبحانه.
ثمّ يضيف: { قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ}(8) وهذه العبارة في الحقيقة تأكيد على صحة جميع ما ذكرته الآيات السابقة في حق عيسى(عليه السلام) ولا يوجد أدنى ريب في ذلك.
أمّا ما يذكره القرآن من أنّ هؤلاء في شك وتردد من هذه المسألة، فربّما كان إِشارة إِلى أنصار وأعداء المسيح(عليه السلام)، وبتعبير آخر: إِشارة إِلى اليهود والنصارى، فمن جهة شككت جماعة ضالة بطهارة أُمّه وعفتها، ومن جهة أُخرى شك قوم في كونه إِنساناً، حتى أنّ هذه الفئة قد انقسمت إِلى مذاهب متعددة، فالبعض اعتقد بصراحة أن ابن الله ـ الابن الروحي والجسمي الحقيقي لا المجازي! ـ ومن ثمّ نشأت مسألة التثليث والأقانيم الثلاثة.
والبعض اعتبر مسأله التثليث غير مفهومة وواضحة من الناحية العقلية، واعتقدوا بوجوب قبولها تعبداً، والبعض الآخر تخبط بكلام لا أساس له في سبيل توجيه المسألة منطقياً. والخلاصة : فإِنّ هؤلاء جميعاً لما لم يروا الحقيقة ـ أو أنّهم لم يطلبوها ولم يريدوها ـ سلكوا طريق الخرافات والأساطير(9)!
وتقول الآية التالية بصراحة: { مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وهذا إِشارة إِلى أن اتخاذ الولد ـ كما يظن المسيحيون في شأن الله ـ لا يناسب قداسة مقام الألوهية والربوبية، فهو يستلزم من جهة الجسمية، ومن جانب آخر المحدودية، ومن جهة ثالثة الإِحتياج، وخلاصة القول: تنزيل الله سبحانه من مقام قدسه إِلى إِطار قوانين عالم المادة، وجعله في حدود موجود مادي ضعيف ومحدود.
الله الذي له من القوّة والقدرة ما إِذا أراد فإِن آلاف العوالم كعالمنا المترامي الأطراف ستتحقق بأمر وإِشارة منه، ألا يعتبر شركاً وانحرافاً عن أصول التوحيد ومعرفة الله بأن نجعله سبحانه كإِنسان له ولد؟ وولد أيضاً الولد في مرتبة ودرجة الأب، ومن نفس طرازه!
إِنّ تعبير {كن فيكون} الذي جاء في ثمانية موارد من القرآن، تجسيد حي جدّاً عن مدى سعة قدرة الله، وتسلطه وحاكميته في أمر الخلقة، ولا يمكن تصور تعبير عن الأمر أقصر وأوجز من (كن) ولا نتيجة أوسع وأجمع من (فيكون)خاصّة مع ملاحظة «فاء التفريع» التي تعطي معنى الفورية هنا، فإِنّها لا تدل هنا على التأخير الزماني بتعبير الفلاسفة، بل تدل على التأخير الرتبي، أي تبيّن ترتب المعلوم على العلة. دققوا جيداً.
_____________
1- تفسير الامثل،ناصر مكارم الشيرازي،ج8،ص36-44.
2- «فرياً» بناء على قول الراغب في المفردات ـ جاءت بمعنى العظيم أو العجيب، وفي الأصل من مادة فري، أي قص وقطع الجلد إِمّا لإِصلاحه أو إِفساده.
3 ـ نور الثقلين، الجزء 3، ص 333.
4 ـ المصدر السّابق.
5- البَر ـ بالفتح ـ بمعنى الشخص المحسن، في حين أن البِر ـ بالكسر ـ بمعنى صفة الإِنسان، وينبغي الإِلتفات إِلى أن هذه الكلمة في الآية عطف على (مباركاً) لا على الصلاة والزكاة، والمعنى في الواقع: جعلني برا بوالدتي.
6 ـ لزيادة التوضيح حول (جبار)، وجواب هذا السؤال، وهو أنّه كيف تكون إِحدى صفات الله سبحانه أنّه جبار؟ يراجع ذيل الآية (59) من سورة هود من هذا التّفسير.
7 ـ تفسير الفخر الرازي، آخر الآية.
8- من أجل زيادة الإِيضاح في مسألة تثليث النصارى، وما حاكوه ونسجوه من الخرافات حولها، راجع ذيل الآية (171) من سورة النساء.
9- لقد بحث المفسّرون في تركيب هذه الجملة كثيراً، إِلاّ أن أصحها على ما يبدو، من الناحية الأدبية، وبملاحظة الآيات السابقة، هو أنّ «قول الحق» مفعول لفعل محذوف، و (الذي فيه يمترون) صفة له، وكان التقدير هكذا: أقول قو الحق الذي فيه يمترون.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|