أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-9-2020
13474
التاريخ: 31-8-2020
9608
التاريخ: 25-8-2020
14251
التاريخ: 29-8-2020
4456
|
قال تعالى: { وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا } [الكهف: 27-29]
قال سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) { وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ} أي: واقرأ عليهم ما أوحى الله إليك من أخبار أصحاب الكهف وغيرهم فإن الحق فيه وقيل: معناه اتبع القرآن واعمل به { لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} أي: لا مغير لما أخبر الله به فيه وما أمر به وعلى هذا فيكون التقدير لا مبدل لحكم كلماته { وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} معناه: إن لم تتبع القرآن فلن تجد من دون الله ملجأ عن مجاهد وقيل: حرزا عن ابن عباس وقيل موئلا عن قتادة وقيل: معدلا ومحيصا عن الزجاج وأبي مسلم والأقوال متقاربة في المعنى يقال لحد إلى كذا أوالتحد إذا مال إليه .
ثم أمر الله سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) بالصبر مع المؤمنين فقال { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} يا محمد أي: احبس نفسك { مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} أي: يداومون على الصلاة والدعاء عند الصباح والمساء لا شغل لهم غيره ويستفتحون يومهم بالدعاء ويختمونه بالدعاء { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} أي: رضوانه وقيل: يريدون تعظيمه والقربة إليه دون الرياء والسمعة { وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} أي: ولا تتجاوز عيناك عنهم بالنظر إلى غيرهم من أبناء الدنيا { تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} تريد في موضع الحال أي: مريدا مجالسة أهل الشرف والغنى وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) حريصا على إيمان العظماء من المشركين طمعا في إيمان أتباعهم ولم يمل إلى الدنيا وزينتها قط ولا إلى أهلها وإنما كان يلين في بعض الأحايين للرؤساء طمعا في إيمانهم فعوتب بهذه الآية وأمر بالإقبال على فقراء المؤمنين وأن لا يرفع بصره عنهم مريدا مجالسة الأشراف { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} قيل في معناه أقوال (أحدها) أن معناه ولا تطع من جعلنا قلبه غافلا عن ذكرنا بتعريضه للغفلة ولهذا قال { وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} ومثله فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ( وثانيها) أغفلنا قلبه أي نسبنا قلبه إلى الغفلة كما يقال أكفره إذا نسبه إلى الكفر وسماه كافرا كقول الكميت :
وطائفة قد أكفروني بحبكم وطائفة قالوا مسيء ومذنب
(وثالثها) أغفلنا قلبه صادفناه غافلا عن ذكرنا كما قالت العرب سألناكم فما أقحمناكم وقاتلناكم فما أجبناكم (ورابعها ) أغفلنا قلبه أي جعلناه غفلا لم نسمة بسمة قلوب المؤمنين ولم نعلم فيه علامة المؤمنين لتعرفه الملائكة بتلك السمة تقول العرب أغفل فلان ماشيته إذا لم يسمها بسمة تعرف (وخامسها) أن معناه ولا تطع من تركنا قلبه خذلناه وخلينا بينه وبين الشيطان بتركه أمرنا عن الحسن { وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} أي: لا تطع من اتبع هواه في شهواته وأفعاله { وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} أي: سرفا وإفراطا عن مقاتل والجبائي وقيل تجاوزا للحد عن الأخفش وقيل ضياعا وهلاكا عن مجاهد والسدي قال الزجاج ومن قدم العجز في أمره أضاعه وأهلكه فيكون المعنى في هذا أنه ترك الإيمان والاستدلال ب آيات الله واتبع الهوى ثم قال سبحانه { وقل} يا محمد لهؤلاء الذين أمروك بتنحية الفقراء { الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} أي: هذا الحق من ربكم يعني القرآن وقيل معناه الذي أتيتكم به الحق عن الزجاج من ربكم يعني لم آتكم به من قبل نفسي وإنما أتيتكم به من قبل الله وقيل معناه ظهرت الحجة ووضح الحق من ربكم وزالت الشبهة.
{ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} هذا وعيد من الله سبحانه وإنذار ولذلك عقبه بقوله { إنا أعتدنا } وإنما جاز التهديد بلفظ الأمر لأن المهدد كالمأمور بإهانة نفسه ومعناه فليختر كل لنفسه ما شاء فإنهم لا ينفعون الله تعالى بإيمانهم ولا يضرونه بكفرهم وإنما يرجع النفع والضر إليهم { إنا أعتدنا } أي: هيأنا وأعددنا { للظالمين } أي الكافرين الذين ظلموا أنفسهم بعبادة غير الله تعالى { نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} والسرادق حائط من نار يحيط بهم عن ابن عباس وقيل هودخان النار ولهبها يصل إليهم قبل وصولهم إليها وهو الذي في قوله إلى ظل ذي ثلاث شعب عن قتادة وقيل أراد أن النار أحاطت بهم من جميع جوانبهم فشبه ذلك في السرادق عن أبي مسلم.
{ وإن يستغيثوا } من شدة العطش وحر النار { يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} وهو كل شيء أذيب كالرصاص والنحاس والصفر عن ابن مسعود وقيل كعكر الزيت إذا قرب إليه سقطت فروة رأسه روي ذلك مرفوعا وقيل كدردي الزيت عن ابن عباس وقيل: هو القيح والدم عن مجاهد وقيل هو الذي انتهى حره عن سعيد بن جبير وقيل أنه ماء أسود وأن جهنم سوداء وماؤها أسود وشجرها أسود وأهلها سود عن الضحاك { يشوي الوجوه } أي: ينضجها عند دنوه منها ويحرقها وإنما جعل سبحانه ذلك إغاثة لاقترانه بذكر الإغاثة { بئس الشراب } ذلك المهل { وساءت } النار { مرتفقا } أي: متكئا لهم قيل: ساءت مجتمعا مأخوذ من المرافقة وهي الاجتماع عن مجاهد وقيل: منزلا ومستقرا عن ابن عباس وعطاء .
_______________
1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص335-339.
{ واتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ } . يقول المولى لنبيه الكريم : بلغ ما أنزلناه إليك فيما يتعلق بأصحاب الكهف وغيرهم مما جاء في القرآن الكريم ، وكن على يقين بما أخبرناك به . . وصدق اللَّه العظيم ، ونبيه الكريم ، فقد أثبتت الأيام والأحداث أن محمدا ( صلى الله عليه واله وسلم ) رحمة مهداة من السماء لأهل الأرض ، وكلما تقدم الزمان وطال قدّم الشواهد والدلائل على هذه الحقيقة { ولَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً } أي ملجأ يمنعك من اللَّه . والخطاب لمحمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، ومعناه الظاهر انك مسؤول يا محمد أمام اللَّه ، ولا ينجيك منه شيء ان شككت في حقيقة من حقائق القرآن ، أوقصرت في تبليغها . . وحاشا نبي الرحمة أن يشك أويقصر ، كيف واللَّه أعلم حيث يجعل رسالته ! . وإنما القصد هوالتعريض بمن شك في نبوة محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، أوخالفه فيما جاء به من عند اللَّه .
{ واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ والْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ولا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا ولا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا واتَّبَعَ هَواهُ وكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } . يقال اصبر نفسك مع فلان أي كن معه . والمراد بالذين يدعون ربهم المؤمنون المخلصون . والغداة والعشي كناية عن مداومتهم على طاعة اللَّه . والمراد بوجهه تعالى مرضاته . ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا معناه لا تحوّل اهتمامك عن أهل الدين إلى أهل الدنيا . ومن أغفلنا قلبه هم الكافرون والمجرمون . وكان أمره فرطا أي تجاوز في أقواله وأفعاله حدود الحق والعدل .
روي أن عيينة الفزاري - أحد رؤوس المشركين - أتى النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) فرأى عنده جماعة من فقراء أصحابه ، فيهم سلمان الفارسي ، وعليه شملة قد عرق فيها ، وبيده خوص - ورقة النخل - فقال عيينة لرسول اللَّه ( صلى الله عليه واله وسلم ) : أما يؤذيك ريح هؤلاء ، ونحن سادات مضر وأشرافها ، فإن أسلمنا أسلم الناس ، وما يمنعنا من اتباعك إلا هؤلاء ، فنحّهم عنك حتى نتبعك ، أواجعل لهم مجلسا ، ولنا مجلسا . . فنزلت الآية .
ونحن لا نعلم مكان هذه الرواية من الصحة سندا ، ومع هذا نرجحها لأنها مطابقة لمقتضى الحال ، ونعني به طبيعة المترفين ، وخلقهم الذميم ، والاستعلاء على الضعفاء والبؤساء ، وقد نص القرآن على ذلك في الآية 27 من سورة هود :
« وما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا » .
وقبل أن يجيب الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) عيينة وأمثاله بلا أوبنعم قال له العلي الأعلى :
كن مع المؤمنين المخلصين ، لأنهم معي وأنا معهم ، واصبر نفسك على ما فيهم مما ينفر المترفين لأن صبرك عليهم صبر في اللَّه وعلى طاعة اللَّه . . ألا ترى إلى ايمانهم وإخلاصهم لي ولك في كل شيء طلبا لثوابي ومرضاتي ؟ . أما الكفرة الفجرة الذين أعمت الأهواء قلوبهم ، ولا يعملون إلا بوحي منها ومن مصالحهم ، ويرفضون العيش مع غيرهم بالحق والعدل ، ويأبون إلا الكبرياء والاستعلاء متجاوزين كل حدود اللَّه والانسانية ، أما هؤلاء فلا تصغ إلى قولهم ، فإنه الجهل والغرور والكذب والضلال ، بل عليك أن تجاهدهم ، وتغلظ عليهم بالقول والفعل :
{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ ولْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهً مَعَ الْمُتَّقِينَ } - 123 التوبة .
{ وقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ } . قل خطاب لرسول اللَّه ( صلى الله عليه واله وسلم ) . وربكم خطاب للذين أغفل اللَّه قلوبهم ، أوللناس أجمعين ، والمعنى المراد تأكيد لما جاء في الآية السابقة ، وهو قوله تعالى : « واتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ » . { فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ ومَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ } هذا كقوله تعالى : « إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وإِمَّا كَفُوراً » - 3 الدهر . وتدل هذه الآية على أن الإنسان مخير ، لا مسير ، وردّ الرازي على من استدل بها بأن مشيئة الإنسان ليست من صنعه ، بل من صنع اللَّه ، وعليه فالإنسان مسير ، لا مخير .
ونقول في جوابه : ان مشيئة الإنسان وليدة الظروف والأسباب المغرية - مثلا - يرى الرجل المرأة الجميلة فتميل إليها نفسه ، وقد أوجب الدين على الإنسان في مثل هذه الحال أن يكبح شهوته ولا يندفع وراءها ، وليس من شك ان هذا في مقدوره ، وقد عبّر الرسول ( صلى اللع عليه واله وسلم ) عن ذلك بالجهاد الأكبر ، فقد روي أنه بعث سرية ، فلما رجعوا قال : مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر ، وبقي عليهم الجهاد الأكبر . فقيل له : وما الجهاد الأكبر يا رسول اللَّه ؟ قال : جهاد النفس ، ان أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه .
{ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهً بِئْسَ الشَّرابُ وساءَتْ مُرْتَفَقاً } . هذا تهديد وإنذار لمن آثر الكفر على الايمان والباطل على الحق . . والسرادق الخيمة ، والقصد ان العذاب محيط بهم من جميع الجهات ، تماما كما تظلل الخيمة من فيها من كل جهاته . والمهل خثارة الزيت ، وهوشديد الاشتعال ، والمرفق المتكأ ، والمعنى ان للطاغين شر العذاب ، وبئس المآب .
______________
1- التفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص121-123.
رجوع وانعطاف على ما انتهى إليه الكلام قبل القصة من بلوغ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حزنا وأسفا على عدم إيمانهم بالكتاب النازل عليه وردهم دعوته الحقة ثم تسليته بأن الدار دار البلاء والامتحان وما عليها زينة لها سيجعله الله صعيدا جرزا فليس ينبغي له (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتحرج لأجلهم إن لم يستجيبوا دعوته ولم يؤمنوا بكتابه.
بل الذي عليه أن يصبر نفسه مع أولئك الفقراء من المؤمنين الذين لا يزالون يدعون ربهم ولا يلتفت إلى هؤلاء الكفار المترفين الذين يباهون بما عندهم من زينة الحياة الدنيا التي ستعود صعيدا جرزا بل يدعوهم إلى ربهم ولا يزيد على ذلك فمن شاء منهم آمن به ومن شاء كفر ولا عليه شيء، وأما الذي يجب أن يواجهوا به إن كفروا أوآمنوا فليس هو أن يتأسف أويسر، بل ما أعده الله للفريقين من عقاب أوثواب.
قوله تعالى:{ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ} إلى آخر الآية في المجمع،: لحد إليه والتحد أي مال انتهى فالملتحد اسم مكان من الالتحاد بمعنى الميل والمراد بكتاب ربك القرآن أواللوح المحفوظ، وكان الثاني أنسب بقوله:{لا مبدل لكلماته}.
وفي الكلام على ما عرفت آنفا رجوع إلى ما قبل القصة وعليه فالأنسب أن يكون قوله:{واتل} إلخ عطفا على قوله:{إنا جعلنا ما على الأرض} إلخ والمعنى لا تهلك نفسك على آثارهم أسفا واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لأنه لا مغير لكلماته فهي حقة ثابتة ولأنك لا تجد من دونه ملتحدا تميل إليه.
وبذلك ظهر أن كلا من قوله:{لا مبدل لكلماته} وقوله{ لَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} في مقام التعليل فهما حجتان على الأمر في قوله:{واتل} ولعله لذلك خص الخطاب في قوله:{ولن تجد} إلخ بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أن الحكم عام ولن يوجد من دونه ملتحد لأحد.
ويمكن أن يكون المراد: ولن تجد أنت ملتحدا من دونه لأنك رسول ولا ملجأ للرسول من حيث إنه رسول إلا مرسله، والأنسب على هذا أن يكون قوله:{لا مبدل لكلماته} حجة واحدة مفادها: واتل عليهم هذه الآيات المشتملة على الأمر الإلهي بالتبليغ لأنه كلمة إلهية ولا تتغير كلماته وأنت رسول ليس لك إلا أن تميل إلى مرسلك وتؤدي رسالته، ويؤيد هذا المعنى قوله في موضع آخر:{ قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ}: الجن: 23.
قوله تعالى:{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} إلى آخر الآية قال الراغب: الصبر الإمساك في ضيق يقال: صبرت الدابة حبستها بلا علف، وصبرت فلانا خلفته خلفة لا خروج له منها، والصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع أوعما يقتضيان حبسها عنه. انتهى مورد الحاجة.
ووجه الشيء ما يواجهك ويستقبلك به، والأصل في معناه الوجه بمعنى الجارحة، ووجهه تعالى أسماؤه الحسنى وصفاته العليا التي بها يتوجه إليه المتوجهون ويدعوه الداعون ويعبده العابدون قال تعالى:{ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا }: الأعراف: 180، وأما الذات المتعالية فلا سبيل إليها، وإنما يقصده القاصدون ويريده المريدون لأنه إله رب علي عظيم ذورحمة ورضوان إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته.
والداعي لله المريد وجهه إن أراد صفاته تعالى الفعلية كرحمته ورضاه وإنعامه وفضله فإنما يريد أن تشمله وتغمره فيتلبس بها نوع تلبس فيكون مرحوما ومرضيا عنه ومنعما بنعمته، وإن أراد صفاته غير الفعلية كعلمه وقدرته وكبريائه وعظمته فإنما يريد أن يتقرب إليه تعالى بهذه الصفات العليا، وإن شئت فقل: يريد أن يضع نفسه موضعا تقتضيه الصفة الإلهية كأن يقف موقف الذلة والحقارة قبال عزته وكبريائه وعظمته تعالى، ويقف موقف الجاهل العاجز الضعيف تجاه علمه وقدرته وقوته تعالى وهكذا فافهم ذلك.
وبذلك يظهر ما في قول بعضهم: إن المراد بالوجه هو الرضى والطاعة المرضية مجازا لأن من رضي عن شخص أقبل عليه ومن غضب يعرض عنه، وكذا قول بعضهم: المراد بالوجه الذات والكلام على حذف مضاف، وكذا قول بعضهم: المراد بالوجه التوجه والمعنى يريدون التوجه إليه والزلفى لديه هذا.
والمراد بدعائهم ربهم بالغداة والعشي الاستمرار على الدعاء والجري عليه دائما لأن الدوام يتحقق بتكرر غداة بعد عشي وعشي بعد غداة على الحس فالكلام جار على الكناية.
وقيل: المراد بدعاء الغداة والعشي صلاة طرفي النهار وقيل: الفرائض اليومية وهو كما ترى.
وقوله تعالى:{ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أصل معنى العدو كما صرح به الراغب التجاوز وهو المعنى الساري في جميع مشتقاته وموارد استعمالاته قال في القاموس،: يقال: عدا الأمر وعنه جاوزه وتركه انتهى فمعنى{لا تعد عيناك عنهم} لا تجاوزهم ولا تتركهم عيناك والحال أنك تريد زينة الحياة الدنيا.
لكن ذكر بعضهم أن المجاوزة لا تتعدى بعن إلا إذا كان بمعنى العفو، ولذا قال الزمخشري في الكشاف،: إن قوله:{لا تعد عيناك عنهم} بتضمين عدا معنى نبا وعلا في قولك: نبت عنه عينه وعلت عنه عينه إذا اقتحمته ولم تعلق به، ولو لا ذلك لكان من الواجب أن يقال: ولا تعدهم عيناك.
وقوله تعالى:{ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} المراد بإغفال قلبه تسليط الغفلة عليه وإنساؤه ذكر الله سبحانه على سبيل المجازاة حيث إنهم عاندوا الحق فأضلهم الله بإغفالهم عن ذكره فإن كلامه تعالى في قوم هذه حالهم نظير ما سيأتي في ذيل الآيات من قوله:{ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}.
فلا مساغ لقول من قال: إن الآية من أدلة جبره تعالى على الكفر والمعصية وذلك لأن الإلجاء مجازاة لا ينافي الاختيار والذي ينافيه هو الإلجاء ابتداء ومورد الآية من القبيل الأول.
ولا حاجة إلى تكلف التأويل كقول من قال إن المراد بقوله:{أغفلنا قلبه} عرضناه للغفلة أوأن المعنى صادفناه غافلا أوأريد به نسبناه إلى الغفلة أو أن الإغفال بمعنى جعله غفلا لا سمة له ولا علامة والمراد جعلنا قلبه غفلا لم نسمه بسمة قلوب المؤمنين ولم نعلم فيه علامة المؤمنين لتعرفه الملائكة بتلك السمة.
فالجميع كما ترى.
وقوله تعالى:{ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} قال في المجمع،: الفرط التجاوز للحق والخروج عنه من قولهم: أفرط إفراطا إذا أسرف انتهى، واتباع الهوى والإفراط من آثار غفلة القلب، ولذلك كان عطف الجملتين على قوله:{أغفلنا} بمنزلة عطف التفسير.
قوله تعالى:{ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} عطف على ما عطف عليه قوله:{واتل ما أوحي إليك} وقوله:{واصبر نفسك} فالسياق سياق تعداد وظائف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبال كفرهم بما أنزل إليه وإصرارهم عليه والمعنى لا تأسف عليهم واتل ما أوحي إليك واصبر نفسك مع هؤلاء المؤمنين من الفقراء، وقل للكفار: الحق من ربكم ولا تزد على ذلك فمن شاء منهم أن يؤمن فليؤمن ومن شاء منهم أن يكفر فليكفر فليس بنفعنا إيمانهم ولا يضرنا كفرهم بل ما في ذلك من نفع أوضرر وثواب أوتبعة عذاب عائد إليهم أنفسهم فليختاروا ما شاءوا فقد أعتدنا للظالمين كذا وكذا وللصالحين من المؤمنين كذا.
ومن هنا يظهر أن قوله:{ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} من كلامه تعالى يخاطب به نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس داخلا في مقول القول فلا يعبأ بما ذكر بعضهم أن الجملة من تمام القول المأمور به.
ويظهر أيضا أن قول:{ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا} إلخ في مقام التعليل لتخييرهم بين الإيمان والكفر الذي هو تخيير صورة وتهديد معنى، والمعنى أنا إنما نهيناك عن الأسف وأمرناك أن تكتفي بالتبليغ فقط وتقنع بقولك:{الحق من ربكم} فحسب ولم نتوسل إلى إصرار وإلحاح لأنا هيأنا لهم تبعات هذه الدعوة ردا وقبولا وكفى بما هيأناه محرضا ورادعا ولا حاجة إلى أزيد من ذلك وعليهم أن يختاروا لأنفسهم أي المنزلتين شاءوا.
قوله تعالى:{ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا} إلى آخر الآية قال في المجمع،: السرادق الفسطاط المحيط بما فيه، ويقال: السرادق ثوب يدار حول الفسطاط، وقال: المهل خثارة الزيت، وقيل: هو النحاس الذائب، وقال: المرتفق المتكأ من المرفق يقال: ارتفق إذا اتكأ على مرفقه انتهى والشيء النضج يقال: شوى يشوي شيا إذا نضج.
وفي تبديل الكفر من الظلم في قوله:{إنا أعتدنا للظالمين} دون أن يقول: للكافرين دلالة على أن التبعة المذكورة إنما هي للظالمين بما هم ظالمون: وقد عرفهم في قوله:{ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ}: الأعراف: 45 والباقي ظاهر.
______________
1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج13،ص244-247.
وفي هذه الآية يتوجَّه الخطاب إِلى الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول الله له: { وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ}. أي لا تُعِر أية أهمية إِلى أقوال الآخرين المخلوطة بالكذب والخرافة والوضع، يجب أن يكون اعتمادك في هذه الأُمور على الوحي الإِلهي فقط. لأنَّهُ لا يوجد شيء يستطيع أن يُغيِّر كلامه تعالى: { لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}. فكلام الله تعالى وعلمه ليس مِن سنخ علم الإِنسان الذي يخضع يومياً للتغيُّر والتبديل بسبب الإِكتشافات الجديدة والمعرفة الحديثة. لذلك لا يمكن الإِعتماد عليها والركون إِليها مائة في المائة، ولهذه الأسباب: { وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا}.
«ملتحد» مُشتقّة مِن «لحد» على وزن «مهد» وهي الحفرة التي يميل وسطها إلى أحد الأطراف (كاللّحد الذي يحفر لقبر الإِنسان).
ولهذا السبب يقال للمكان الذي يميل إِليه الإِنسان (ملتحد)، ثمّ استخدمت بعد ذلك بمعنى «ملجأ».
ومِن المهم أن نلاحظ أنَّ الآيتين الأخيرتين بينتا إِحاطة علم الخالق جلَّ وعلا بجميع كائنات الوجود، وذلك مِن خلال عِدَّة طرق.
* في البداية تبيّن الآيات: أنَّ غيب السماوات والأرض مِن عنده، ولهذا فهو تعالى محيط بها جميعاً.
* ثمّ تضيف: إِنَّهُ سميع وبصير لأقصى حد ولأبلغ غاية.
* مرّة أُخرى تقول: إِنَّهُ الولي المطلق، وإِنَّهُ أعلم الجميع.
* ثمّ تضيف مرّة أُخرى: لا يُشاركه أحد في حكمه حتى يتحدَّد علمه أو معرفته.
* ثمّ تقول: لا يتغيَّر ولا يتبدّل علمه وكلامه.
* وفي آخر جملة تقول الآية: أنّه تعالى هو الملجأ الوحيد في الوجود لا سواه نعلمه محيط بكُلِّ اللاجئين إليه سبحانهُ وتعالى.7
الحفاة الأطهار!
مِن الدروس التي نستفيدها مِن قصّة أصحاب الكهف أنَّ مقياس قيمة البشر ليست بالمنصب الظاهري أو بالثروة، بل عندما يكون المسير في سبيل الله يتساوى الوزير والراعي، والآيات التي نبحثها تؤكّد هذه الحقيقة المهمّة وتعطي للرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الأمر: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربَّهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) إِنَّ استخدام تعبير (اصبر نفسك) هو إِشارة إلى حقيقة أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كانَ قد تعرَّض إلى ضغط الأعداء المستكبرين والمشركين حتى يُبعد عنهُ مجموع المؤمنين الفقراء، لذلك جاءه الأمر الإِلهي بالصبر والإِستقامة أمام هذا الضغط المتزايد وأن لا يستسلم له. إِنَّ استخدام تعبير (الغداة والعشي)إشارة إلى أنّهم كانوا دائماً وأبداً يذكرون الله.
أمّا استخدام مصطلح (يُريدون وجهه)(2) فهو دليل على إِخلاصهم وإشارة إلى أنّهم يعبدون الله لذاته لا طمعاً بالجنة (بالرغم مِن نعمها الكبيرة والثمينة) ولا خوفاً مِن الجحيم وعذابه (بالرغم مِن شدّة عذابها) بل يعبدون الله لأجل ذاته المُنزَّهة، وهذه أعلى مرتبة في الطاعة والعبودية والحبّ والإِيمان بالله تعالى.
ثمّ تستمر الآيات مُؤكّدة خطابها للرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم): { وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(3) فلا تنظر إلى هؤلاء المستكبرين بدل المستضعفين من أجل بهارج الدنيا وزخارفها.
ثمّ مِن أجل التأكيد مجدداً يقول تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا}.
(واتبع هواه) والمطيع لاهوائه النّفسية، والمفرط في أفعاله دائماً {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}(4).
الطريف هُنا أنَّ القرآن وضع هاتين المجموعتين في مقابل بعضهما مِن حيث الصفات، وكانَ الأمر كما يلي:
مؤمنون حقيقيون إِلاَّ أنّهم فقراء، ولهم قلوب مملوءة بحبّ الله، يذكرونه باستمرار ويسعون إليه.
الأغنياء المستكبرون الغافلون عن ذكر الله، والذين لا يتبعون سوى هواهم، وخارجون عن حدَّ الإِعتدال في كل أُمورهم ويُفرطون ويُسرِفون.
إِنَّ الموضوع ـ أعلاه ـ مِن الأهمية بمكان، بحيث أنَّ القرآن يقول للرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ بصراحة ـ في الآية التي بعدها: { وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}.
ولكن اعلموا أنَّ هؤلاء عباد الدنيا الذين يسخرون مِن الألبسة الخشنة التي يرتديها أمثال سلمان وأبي ذر خاصَّة، والذين يعيشون حياة مُرفهة باذخة ومليئة بالزينة، ستنتهي عاقبهم إلى سوء وظلام وعذاب: { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}.
نعم، إِنّهم كانوا اعطشوا في هذه الدّنيا كان الخدم يجلبون لهم أنواع المشروبات، ولكنَّهم عندما يطلبون الماء في جهنَّم يؤتي إليهم بماء كالمهل: { وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ}(5).
{بِئْسَ الشَّرَابُ}.
ثمّ { وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا}(6).
تصوروا هل يمكن شرب الماء الذي إِذا اقترب مِن الوجه فإنَّ حرارته ستشوي الوجه؟ إن ذلك بسبب أنّهم شربوا في الدنيا أنواع المشروبات المُنعشة والباردة، في حين أنّهم أجّجوا في قلوب المحرومين نيراناً، إِنَّ هذه النار هي نفسها التي تجسدت في الآخرة بهذا الشكل.
والطريف في أمر هؤلاء أنَّ القرآن ذكر لهم بعض «التشريفات» وهُم في جهنَّم. لقد كان لهؤلاء في حياتهم الدنيا (سرادق) عالية وباذخة ليسَ فيها نصيب للفقراء، وهذه السرادق ستتحوَّل إِلى خيام عظيمة مِن لهيب نار جهنَّم!
وفي هذه الدنيا تتوفر لديهم أنواع المشروبات التي تحضر بين أيديهم بمجرّد مُناداة الساقي، وفي جهنَّم يوجد أيضاً ساق وأشربة، أمّا ما هو نوع الشراب؟ إِنَّهُ ماء كالمعدن المذاب! حرارته كحرارة دموع اليتامى وآهات المستضعفين والفقراء الذين ظلمهم هؤلاء الأغنياء! نعم، إِنَّ كل ما هو موجود هُناك (في الآخرة) هو تجسيد لما هو موجود هنا (في الدنيا).
_______________
1- تفسير الامثل ،ناصر مكارم الشيرازي،ج7،ص483-501.
2 ـ فيما يخص معنى (وجه) وأنّها تأتي في بعض الأحيان بمعنى (الذات) وأحياناً بمعنى (وجه الإِنسان) وفي سبب انتخاب ذلك في هذه الموارد .. فيما يخصُ كل ذلك يُمكن مُراجعة ما كتبناه مُفصلا لدى تفسير الآية (272) من سورة البقرة في تفسيرنا هذا.
3- (لا تعد) مأخوذة مِن كلمة «عدا يعدو و ...» وهي بمعنى تجاوز الشيء وبذا يصبح مفهوم الجملة (لا تبعد عينيك عنهم كي تنظر إلى الآخرين).
4 ـ «فرط» تعني التجاوز عن الحد، وكل شيء يخرج عن حدّه ويتحول إلى إسراف يُقال لهُ (فُرط).
5 ـ «مُهل» على وزن «قفل» وهي تعني كما يقول الراغب في المفردات: هي المقدار المترسب من الدهن والذي يكون عادة مُلوثاً بأشياءِ وسخة ورديئة الطعم، إِلاَّ أنَّ بعضاً آخر مِن المفسّرين يقولون بأنّها تعني أي معدن مُذاب. والظاهر أنَّ تعبير (يشوي الوجوه) يُرجِّح المعنى الثّاني.
6 ـ «مُرتفق» مِن كلمة «رَفق ورفيق» بمعنى محل اجتماع الأصدقاء.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|