أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-04-2015
5723
التاريخ: 30-3-2016
3568
التاريخ: 30-3-2016
3430
التاريخ: 26-5-2022
1689
|
سُئِلَ ليث الخزاعي عن إنهاب المدينة قال : نعم شدّوا الخيل الى أساطين مسجد رسول اللّه (صلى الله عليه واله) و رأيت الخيل حول القبر و انتهبت المدينة ثلاثا فكنت أنا و عليّ بن الحسين (عليه السلام) نأتي قبر النبي (صلى الله عليه واله) فيتكلّم عليّ بن الحسين بكلام لم أقف عليه، فيحال ما بيننا و بين القوم، و نصلّي و نرى القوم و هم لا يروننا.
و قام رجل عليه حلل خضر على فرس محذوف أشهب بيده حربة مع عليّ بن الحسين (عليه السلام) فكان إذا أومأ الرجل من جيش الشام الى حرم رسول اللّه (صلى الله عليه واله) يشير ذلك الفارس بالحربة نحوه فيموت من غير أن يصيبه، فلمّا أن كفّوا عن النهب دخل عليّ بن الحسين (عليه السلام) على النساء فلم يترك قرطا في إذن صبيّ و لا حليا على امرأة و لا ثوبا الّا أخرجه الى الفارس.
فقال له الفارس: يا ابن رسول اللّه، إنّي ملك من الملائكة من شيعتك و شيعة أبيك لمّا أن ظهر القوم بالمدينة استأذنت ربّي في نصرتكم آل محمد، فأذن لي لأن أدّخرها يدا عند اللّه تبارك و تعالى و عند رسوله (صلى الله عليه واله) و عندكم أهل البيت الى يوم القيامة .
يقول المؤلف: المراد من هذا النهب هو نهب المدينة في وقعة الحرّة، و ذلك لما كثر الظلم و الجور من يزيد و عماله (لعنهم اللّه) و انتشر فسق يزيد و فجوره، و فشى بين الناس ذكره، و بعد استشهاد الحسين (عليه السلام) سنة (60) هـ، ذهب جمع من أهل المدينة الى الشام و رأوا بامّ أعينهم ادمان يزيد لعنه اللّه على شرب الخمر و لعبه بالكلاب و القرود و انّه حليف القمار و الطنابير و آلات اللهو و اللعب.
فلمّا رجعوا أخبروا الناس بما شاهدوه فثار أهل المدينة و أخرجوا عامل يزيد عثمان بن محمد بن أبي سفيان و مروان بن الحكم و سائر بني أمية من المدينة، و بدءوا بسبّ يزيد و شتمه و قالوا: انّ قاتل أولاد النبي (صلى الله عليه واله) و الناكح لمحارمه و التارك لصلاته و الشارب للخمر و النبيذ لا يليق بالخلافة.
فبايعوا عبد اللّه بن حنظلة غسيل الملائكة، فلمّا بلغ ذلك يزيد أرسل مسلم بن عقبة المري- المجرم الفتّاك المعروف بالمسرف - إليهم في جيش جرّار، فسار مسلم بهم حتى وصل الى الحرّة قرب المدينة التي تبعد ميلا واحدا عن مسجد رسول اللّه (صلى الله عليه واله) فخرج أهل المدينة لدفعهم فقامت هناك معركة عظمى و قتل من أهل المدينة جمع كثير.
و كان مروان بن الحكم لعنه اللّه يحرض مسرفا على القتل و الفتك بأهل المدينة، فانهزم أهل المدينة و لجؤوا الى الروضة النبوية المطهرة و جعلوها ملاذا لهم، فتبعهم جيش مسرف حتى دخلوا المدينة، و جالت خيولهم في المسجد النبوي بكلّ وقاحة و جسارة، و قتلوا و فتكوا حتى سال الدم و بلغ القبر المطهّر و بالت خيولهم و رفثت في الروضة المنورة- ما بين القبر و المنبر- التي هي روضة من رياض الجنّة.
و قتل الكثير من أهل المدينة بحيث روى المدائني عن الزهري انّه قتل سبعمائة رجل من وجوه الناس من قريش و الانصار و المهاجرين و الموالي، و قتل عشرة آلاف من سائر الناس الذين لم يعرفوا من الرجال و النساء و العبيد.
قال أبو الفرج: قتل أبو بكر بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب يوم الحرة و قتل أيضا عون بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب و هو عون الاصغر، و الأكبر قتل مع الحسين بن عليّ (عليه السلام) و أم عون هذا جمانة بنت المسيب و هو أحد امراء التوابين الذين دعوا على الخروج على ابن زياد لعنه اللّه و الطلب بدم الحسين (عليه السلام) فقتلوه بعين الوردة .
و قال المسعودي: و قتل من بني هاشم من غير آل أبي طالب، الفضل بن العباس بن ربيعة
بن الحارث بن عبد المطلب، و حمزة بن عبد اللّه بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، و العباس ابن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب، و بضع و تسعون رجلا من سائر قريش و مثلهم من الأنصار، و أربعة آلاف من سائر الناس ممن أدركه الاحصاء دون من لم يعرف . (ثم أباح مسرف بن عقبة أموال الناس و أعراضهم على جيشه ثلاثة أيام).
و قال ابن قتيبة في الامامة و السياسة: و اوّل دور انتهبت و الحرب قائمة دور بني عبد الأشهب، فما تركوا في المنازل من أثاث و لا حلي و لا فراش إلّا نقض صوفه حتى الحمام و الدجاج كانوا يذبحونها، فدخلوا دار محمد بن مسلمة، فصاح النساء، فأقبل زيد بن محمد بن مسلمة الى الصوت فوجد عشرة ينهبون.
فقاتلهم و معه رجلان من أهله حتى قتل الشاميون جميعا و خلّصوا منهم ما أخذوه، فألقوا متاعهم في بئر لا ماء فيها و أبقى عليها التراب، ثم اقبل نفر من أهل الشام فقاتلوهم أيضا حتى قتل زيد بن محمد أربعة عشر رجلا، فضربه بالسيف منهم أربعة في وجهه.
و لزم أبو سعيد الخدري بيته فدخل عليه نفر من أهل الشام، فقالوا: أيّها الشيخ من أنت؟
فقال: أنا أبو سعيد الخدري صاحب رسول اللّه (صلى الله عليه واله) فقالوا: ما زلنا نسمع عنك فبحظك أخذت في تركك قتالنا و كفك عنّا و لزوم بيتك، و لكن أخرج إلينا ما عندك.
قال: و اللّه ما عندي مال، فنتفوا لحيته و ضربوه ضربات ثم أخذوا كلّ ما وجدوه في بيته حتى الصواع و حتى زوج حمام كان له.
و قال أيضا بعد ذكره لمقتل جمع من الوجوه و الاشراف صبرا: فبلغ عدّة قتلى الحرة يومئذ من قريش و الانصار و المهاجرين و وجوه الناس ألفا و سبعمائة، و سائرهم من الناس عشرة آلاف سوى النساء و الصبيان.
قال أبو معشر: دخل رجل من أهل الشام على امرأة نفساء من نساء الانصار و معها صبيّ لها، فقال لها: هل من مال؟ قالت: لا و اللّه ما تركوا لي شيئا، فقال و اللّه لتخرجن إليّ شيئا أو لأقتلنّك و صبيك هذا، فقالت له: ويحك انّه ولد ابن أبي كبشة الانصاري صاحب رسول اللّه (صلى الله عليه واله) و لقد بايعت رسول اللّه (صلى الله عليه واله) معه يوم بيعة الشجرة على أن لا أزني و لا أسرق و لا أقتل ولدي و لا آتي ببهتان افتريه، فما أتيت شيئا فاتق اللّه.
ثم قالت لابنها: يا بني و اللّه لو كان عندي شيء لافتديتك به، قال: فأخذ برجل الصبي و الثدي في فمه فجذبه من حجرها فضرب به الحائط فانتشر دماغه في الأرض، قال: فلم يخرج من البيت حتى اسودّ نصف وجهه، و صار مثلا.
و لما فرغ مسرف من القتل و الفتك و النهب و هتك الأعراض دعا الناس لبيعة يزيد لعنه اللّه و هدّدهم بقتل من يرفض البيعة، فبايع جميع أهل المدينة خوفا و كرها الّا عليّ بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) و عليّ بن عبد اللّه بن عباس، و السبب في عدم تعرّض مسرف لهما هو وجود قرابة عليّ بن عبد اللّه بن عباس من أمّه في جيش مسرف، فمنعوه عنه، و للجوء عليّ بن الحسين (عليه السلام) الى قبر النبي (صلّى اللّه عليه و آله) ، فلمّا ذهب (عليه السلام) الى القبر المنور ألصق نفسه بالقبر و قال: «اللهم رب السماوات السبع و ما أظللن و الأرضين السبع و ما أقللن، رب العرش العظيم، رب محمد و آله الطاهرين، أعوذ بك من شره و أدرأ بك في نحره، اسألك أن تؤتيني خيره و تكفيني شرّه».
ثم جاء (عليه السلام) الى مسلم بن عقبة، و كان مسلم قبل دخول الامام عليه، في غاية الغيظ و الغضب على الامام، و كان يسبّه و يشتم آباءه الكرام (عليهم السّلام) فلمّا دخل الامام (عليه السلام) و وقع نظر مسلم عليه هابه و أحسّ بالرعب منه و ارتعدت فرائصه خوفا و جبنا.
فقام لاستقبال الامام (عليه السلام) و أجلسه الى جنبه، و سأل عن حوائجه و هو في غاية التذلل و الخضوع، فكان لعنه اللّه يقبل شفاعة من شفعه الامام (عليه السلام) ثم خرج الامام (عليه السلام) من عنده مكرما.
و قد ذكر هذه الوقعة الفريقان من الشيعة و السنة و كانت في الثامن و العشرين من شهر ذي الحجة سنة (63) هـ قبل موت يزيد لعنه اللّه بشهرين و نصف الشهر.
و لما استولى مسرف بن عقبة على المدينة تماما تهيّأ للشخوص نحو مكة لحرب عبد اللّه بن الزبير و أهل مكة، فمات لعنه اللّه في الطريق قبل وصوله إليها في ثنية المشلل- اسم جبل على طريق قديد- و دفن هناك.
فلمّا تفرق القوم، أتته أم ولد ليزيد بن عبد اللّه بن زمعة و كانت من وراء العسكر تترقب موته، فنبشت قبره فلمّا انتهت الى لحده وجدت أسود من الأساود منطويا في رقبته فاتحا فاه، فتهيبته، ثم لم تزل به حتى تنحى لها عنه فصلبته على المشلل و مزقت كفنه و كان يرميه بالحجارة كلّ من رآه مصلوبا، و قيل انّها أحرقته، و كان فعل مسرف بن عقبة بأهل المدينة كفعل بسر بن ارطاة بأهل الحجاز و اليمن لمعاوية.
و في الكامل لابن الاثير: انّ يزيدا أراد أن يبعث عمرو بن سعيد لدفع أهل المدينة فامتنع، ثم أراد أن يبعث عبيد اللّه بن زياد فامتنع أيضا و قال: و اللّه لاجمعتهما للفاسق قتل ابن رسول اللّه و غزو الكعبة، فبعث يزيد الى مسلم بن عقبة المريّ و هو الذي سمّي مسرفا (لاسرافه في سفك الدماء) فقبل، و كان شيخا كبيرا مريضا .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|