المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

وليمة زفاف النورين
9-5-2016
البحار في كلام الصادق عليه السلام
8-5-2016
Multilocus Sequence Typing (MLST)
15-11-2020
أفقر دول العالم- ليبيريا
27-8-2018
العناصر الأساسية للخبر- 10. الشهرة
1-1-2023
{انما الـمؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم}
2024-06-05


تفسير الآية (91-95) من سورة هود  
  
3427   04:52 مساءً   التاريخ: 9-6-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الهاء / سورة هود /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-5-2020 4029
التاريخ: 11-6-2020 2449
التاريخ: 4-5-2020 2801
التاريخ: 5-6-2020 3168

 

قال تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} [هود: 91 - 95]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال كان شعيب خطيب الأنبياء {قالوا } أي :قال قوم شعيب له حين سمعوا منه الوعظ والتخويف { يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} أي: ما نفهم عنك معنى كثير من كلامك وقيل : معناه لا نقبل كثيرا منه ولا نعمل به وهذا كقولك إذا أمرك إنسان بشيء لا تريد أن تفعله لا أعلم ما تقول وأنت تعلم ذلك أي لا أفعله وإنما قالوا ذلك بعد ما ألزمهم الحجة .

{ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} أي: ضعيف البدن عن الجبائي وقيل: ضعيف البصر عن سفيان وقيل: أعمى وكان شعيب أعمى عن قتادة و سعيد بن جبير قال الزجاج وحمير تسمي المكفوف ضعيفا وهذا كما قيل:ضرير أي: قد ضر بذهاب بصره وكذلك قد ضعف بذهاب بصره وكف عن التصرف وهذا القول ليس بسديد لأن قوله {فينا} يرده ألا ترى أنه لو قيل إنا لنراك فينا أعمى لم يكن كلاما لأن الأعمى قد يكون أعمى فيهم وفي غيرهم وقيل: ضعيفا أي مهينا عن الحسن.

 واختلف في أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) هل يجوز أن يكون أعمى فقيل لا يجوز لأن ذلك ينفر وقيل: يجوز أن لا يكون فيه تنفير ويكون بمنزلة سائر العلل والأمراض { وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} أي: لو لا رحمة عشيرتك وقومك لقتلناك بالحجارة وقيل معناه لشتمناك وسببناك {وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} أي: لم ندع قتلك لعزتك علينا ولكن لأجل قومك قال الحسن وكان شعيب في عز من قومه وكان من أشرافهم وما بعث نبي بعد لوط إلا في عز من قومه { قال } شعيب { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ} أي: أ عشيرتي وقومي أعظم حرمة عندكم من الله فتتركون أذاي لأجل عشيرتي ولا تتركونه لله الذي بعثني إليكم { وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} أي:اتخذتم الله وراء ظهوركم يعني نسيتموه فالهاء عائدة إلى الله عن ابن عباس والحسن وقيل الهاء عائدة إلى ما جاء به شعيب عن مجاهد والمعنى ونبذتم ما أرسلت به إليكم وراء ظهوركم وقيل الهاء عائدة إلى أمر الله عن الزجاج أي نبذتم أمر الله وراء ظهوركم وتركتموه .

{ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} أي: محص لأعمالكم لا يفوته شيء منها وقيل معناه خبير بأعمالكم فيجازيكم بها عن الحسن .

{وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} أي: اعملوا على حالتكم هذه والمكانة الحال التي يتمكن بها صاحبها من عمل وهذا تهديد في صورة الأمر وتقديره كأنكم إنما أمرتم بأن تكونوا على هذه الحال من الكفر والطغيان وفي هذا نهاية الخزي والهوان وقيل معناه اعملوا على ما يمكنكم أي اعملوا أنتم على ما تقولون وأعمل أنا على ما أقول وقيل: معناه اعملوا على ما أنتم عليه من دينكم ونحوه و قوله لكم دينكم ولي دين وفي هذا دلالة على أنه آيس من قومه {إني عامل} على ما أمرني ربي وقيل: إني عامل على ما أنا عليه من الإنذار {سوف تعلمون} أينا المخطىء الجاني على نفسه وقيل: معناه سوف يتبين لكم وتعلمون في عاقبة الأمر { من يأتيه عذاب يخزيه } أي: يهينه ويفضحه ويظهر الكاذب من الصادق وتقديره { ومن هو كاذب } يخزي بعذاب الله فحذف {وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} أي: انتظروا ما وعدكم ربكم من العذاب إني معكم منتظر حلول العذاب بكم وقيل:معناه انتظروا العذاب واللعنة وأنا أنتظر الرحمة والثواب والنصرة عن ابن عباس وقيل معناه انتظروا مواعيد الشيطان وأنا أنتظر مواعيد الرحمن .

وروي عن علي بن موسى الرضا (عليهماالسلام) أنه قال : ما أحسن الصبر وانتظار الفرج أ ما سمعت قول العبد الصالح: { وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} { وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا} مضى تفسيره { وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} صاح بهم جبرئيل صيحة فماتوا { فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} مضى تفسيره قبل { أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} ألا بعدوا من رحمة الله بعدا كما بعدت ثمود وقيل: ألا هلاكا لهم كما هلكت ثمود وتقديره ألا أهلكهم الله فبعدوا بعدا قال البلخي يجوز أن تكون الصيحة صيحة على الحقيقة كما روي ويجوز أن تكون ضربا من العذاب أهلكهم الله به واصطلمهم تقول العرب صاح الزمان بهم : إذا هلكوا وقال امرؤ القيس :

فدع عنك نهبا صيح في حجراته       ولكن حديث ما حديث الرواحل (2)

ومعنى ((صيح في حجراته)) أذهب وأهلك قالوا وإنما شبه حالهم بحال ثمود خاصة لأنهم أهلكوا بالصيحة كما أهلكت ثمود بمثل ذلك مع الرجفة .

____________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي ،ج5،ص323-325..

2- الشعر مذكور في (جامع الشواهد) وفيه (( دع عنك ا هـ.)).

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ } . لقد فهموا كل ما قاله لهم من الأمر والنهي ، والتهديد والوعيد ، وانما أرادوا بقولهم هذا انهم لا يرون أي مبرر لنزول العذاب الذي هددهم به شعيب ، كيف وهم في زعمهم الأبرياء الأتقياء ؟ فعبادة الأوثان يبررها عمل الآباء ، وتطفيف الكيل والميزان يبرره مبدأ الحرية في كسب المال . . فدعوة شعيب ، إذن ، ما هي إلا وسيلة للشغب والتخريب وهذا هو بالذات منطق القراصنة في كل زمان ومكان ، يسلبون ويقتلون ، فإذا اعترض عليهم معترض قالوا له : أنت مخرب هدّام تثير المشاكل والحروب ، وتعمل ضد الأمن والسلم ، لأن السلم في مفهومهم أن تركع الناس لطغيانهم ، وتسجد لآثامهم .

{ وإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً } لا يمنعنا من البطش بك مانع ، فالسكوت أسلم لك { ولَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ } . قد يسأل سائل : كيف نفوا القوة عنه ، وأثبتوها لقومه ؟ . أليست قوة الرجل من قوة قومه ؟ . قلت : لا تلازم بين القوتين ، فربما كانت قوة قرابة الرجل عليه ، لا له ، فقد كانت قريش أعدى أعداء محمد القرشي ( صلى الله عليه واله وسلم ) . وفي بعض التفاسير أن قوم شعيب كانوا على الشرك ، وان قول المشركين : لولا رهطك أرادوا به لولا احترامنا رهطك لرجمناك . ولفظ الآية لا يأبى هذا المعنى .

{ قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ } ؟ . وأي عجب في هذا عند أهل

الجهل والضلالة ؟ . { إِنَّما يَخْشَى اللَّهً مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ - 28 فاطر } . { واتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا } . وظهريا كناية عن نسيانه وعدم الاهتمام به { ويا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ } على مكانتي . وهذا مثل قوله على لسان الرسول الأعظم : { لِي عَمَلِي ولَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ - 40 يونس } .

وقوله : { لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ } { سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ ومَنْ هُوَ كاذِبٌ وارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } . هذا تهديد من شعيب لقومه بنزول العذاب ولا شيء أدل على نبوته من هذه الثقة بالغيب .

{ ولَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ } . مر نظيره في الآية 66 - 68 من هذه السورة .

____________________

1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية، ج4،ص ٢٦٣-264.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} إلى آخر الآية، الفقه أبلغ من الفهم وأقوى، ورهط الرجل عشيرته وقومه، وقيل: إنه من الثلاثة إلى السبعة أو العشرة وعلى هذا ففي قولهم: رهطك، إشارة إلى قلتهم وهوان أمرهم، والرجم هو الرمي بالحجارة.

لما حاجهم شعيب (عليه السلام) وأعياهم بحجته لم يجدوا سبيلا دون أن يقطعوا عليه كلامه من غير طريق الحجة فذكروا له: أولا: أن كثيرا مما يقوله غير مفهوم لهم فيذهب كلامه لغى لا أثر له، وهذا كناية عن أنه يتكلم بما لا فائدة فيه.

ثم عقبوه بقولهم:{وإنا لنراك فينا ضعيفا} أي لا نفهم ما تقول ولست قويا فينا حتى تضطرنا قوتك على الاجتهاد في فهم كلامك والاهتمام بأخذه، والسمع والقبول له فإنا لا نراك فينا إلا ضعيفا لا يعبأ بأمره ولا يلتفت إلى قوله.

ثم هددوه بقولهم:{ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} أي ولو لا هذا النفر القليل الذين هم عشيرتك لرجمناك لكنا نراعي جانبهم فيك، وفي تقليل العشيرة إيماء إلى أنهم لو أرادوا قتله يوما قتلوه من غير أن يبالوا بعشيرته، وإنما كفهم عن قتله نوع احترام وتكريم منهم لعشيرته.

ثم عقبوه بقولهم:{ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} تأكيدا لقولهم:{لو لا رهطك لرجمناك} أي لست بقوي منيع جانبا علينا حتى يمنعنا ذلك من قتلك بشر القتل، وإنما يمنعنا رعاية جانب رهطك.

فمحصل قولهم إهانة شعيب وأنهم لا يعبئون به ولا بما قال، وإنما يراعون في ترك التعرض له جانب رهطه.

قوله تعالى:{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} الظهري نسبة إلى الظهر بفتح الظاء المعجمة وإنما غير بالنسب وهو الشيء الذي وراء الظهر فيترك نسيا منسيا يقال: اتخذه وراءه ظهريا أي نسيه ولم يذكره ولم يعتن به.

وهذا نقض من شعيب لقولهم:{ولو لا رهطك لرجمناك} أي كيف تعززون رهطي وتحترمون جانبهم، ولا تعززون الله سبحانه ولا تحترمون جانبه وإني أنا الذي أدعوكم إليه من جانبه؟ فهل رهطي أعز عليكم من الله؟ وقد جعلتموه نسيا منسيا وليس لكم ذلك وما كان لكم أن تفعلوه إن ربي بما تعملون محيط بما له من الإحاطة بكل شيء وجودا وعلما وقدرة.

وفي الآية طعن في رأيهم بالسفه كما طعنوا في الآية السابقة في رأيه بالهوان.

قوله تعالى:{ وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ} إلى آخر الآية.

قال في المجمع:، المكانة الحال التي يتمكن بها صاحبها من عمل. انتهى وهو في الأصل.

كما قيل - من مكن مكانة كضخم ضخامة إذا قوي على العمل كل القوة ويقال - تمكن من كذا أي أحاط به قوة.

وهذا تهديد من شعيب لهم أشد التهديد فإنه يشعر بأنه على وثوق مما يقول لا يأخذه قلق ولا اضطراب من كفرهم به وتمردهم عن دعوته فليعملوا على ما لهم من القوة والتمكن فلهم عملهم وله عمله فسوف يفاجئهم عذاب مخز يعلمون عند ذلك من هوالذي يأخذه العذاب.

هم أو هو؟ ويعلمون من هو كاذب؟ فليرتقبوا وهو معهم رقيب لا يفارقهم.

قوله تعالى:{ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا- إلى قوله - جاثمين} تقدم ما يتضح به معنى الآية.

قوله تعالى:{ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} غني في المكان إذا أقام فيه.

وقوله:{ألا بعدا لمدين} إلخ.

فيه لعنهم كما لعنت ثمود، وقد تقدم بعض الكلام فيه في القصص السابقة.

______________________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج10،ص297-298.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

التّهديدات المتبادلة بين شعيب وقومه:

إِنّ شعيباً هذا النّبي العظيم الذي لُقِّبَ بخطيب الأنبياء(2) لخطبة المعروفة والواضحة، والتي كانت أفضل دليل أمين للحياة المادّية والمعنوية لهذه الجماعة، واصل محاججته لقومه بالصبر والأناة والقلب المحترق، ولكن تعالوا لنرى كيف ردّ عليه هؤلاء القوم الضالون؟!

لقد أجابوه بأربع جمل كلّها تحكي عن جهلهم ولجاجتهم:

فأوّلها: أنّهم قالوا: {يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} ... فكلامك أساساً ليس فيه أوّل ولا آخر، وليس فيه محتوى ولا منطق قيم لنفكر فيه ونتدبره وليس لديك شيء نجعله ملاكاً لعملنا، فلا ترهق نفسك أكثر! وامض الى قوم غيرنا...

والثّانية: قولهم {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} فإذا كنت تتصور أنّك تستطيع إثبات كلماتك غير المنطقية بالقدرة والقوّة فانت غارق في الوهم.

والثّالثة: هي أنّه لا تظنّ أنّنا نتردد في القضاء عليك بأبشع صورة خوفاً منك ومن بأسك، ولكن احترامنا لعشيرتك هو الذي يمنعنا من ذلك {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ}!

والطريف أنّهم عبّروا عن قبيلة شعيب: بـ «الرّهط» وهذه الكلمة تطلق في لغة العرب على الجماعة التي مجموع أنصارها ثلاثة الى سبعة، أو عشرة، أو على قول. وهو الحدّ الأكثر ـ تطلق على أربعين نفراً.

وهم يشيرون بذلك الى أنّ قبيلتك تتمتع بالقوة الكافية مقابل قوتنا، ولكن تمنعنا أمور أُخرى، وهذا يشبه قول القائل: لولا هؤلاء الأربعة من قومك وأُسرتك لأعطيناك جزاءك بيدك. في حين أنّ قومه وأسرته ليسوا بأربعة، بل المراد بيان هذه المسألة، وهي أنّهم لا أهمية لقدرتهم في نظر القائل.

وقولهم الأخير: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} فمهما كانت منزلتك في عشيرتك، ومهما كنت كبيراً في قبيلتك إِلاّ أنّه لا منزلة لك عندنا لسلوكك المخالف والمرفوض.

ولكنّ شعيباً دون أن يتأثر بكلماتهم الرخيصة واتهاماتهم الواهية أجابهم بمنطقه العذب وبيانه الشائق متعجباً وقال: {يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ}أفتذروني من أجل رهطي وقبيلتي التي لا تتجاوز عدّة أنفار ولا ينالني منكم سوء، فَلِمَ لا تصغون لكلامي في الله؟ وهل يمكن أن نقارن عدّة أفراد بعظمة الله سبحانه ... وأنتم لم تهابوه وتوقّروه {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا}(3).

وفي الختام يقول لهم: لا تظنوا أنّ الله غافل عنكم أو أنّه لا يرى أعمالكم ولا يسمع كلامكم، بل {إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}.

إِنّ المتحدّث البليغ هو من يستطيع أن يعرّف موقفه من بين جميع المواقف الى الطرف المقابل ويشخصه من خلال أحاديثه.

فحيث أنّ المشركين من قوم شعيب هددوهُ في آخر كلامهم بالرجم، وأبرزوا قوتهم أمامه، كان موقف شعيب من تهديداتهم على النحو التالي: {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ(4) إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ}(5). أي انتظروا لتنتصروا علىّ بقواكم وجماعتكم وأموالكم، وأنا منتظر أيضاً أن يصيبكم الله بعذابه ويهلككم جميعاً.

عاقبة المفسدين في مدين:

قرأنا في قصص الأقوام السابقين مراراً، أنّ الأنبياء كانوا في المرحلة الأُولى يدعونهم الى الله ولم يألوا جهداً في النصيحة والإِبلاغ وبيان الحجّة، وفي المرحلة التي بعدها حيث لم ينفع النصح للجماعه ينذرها نبيّها ويخوّفها من عذاب الله، ليعود الى طريق الحق من فيه الإِستعداد ولتتم الحجّة عليهم، وفي المرحلة الثّالثة، وبعد أن لم يُغن أي شيء ممّا سبق ـ تبدأ مرحلة التصفية وتطهير الأرض، وينزل العقاب فيزيل الأشواك من الطريق.

وفي شأن قوم شعيب ـ أي أهل مدين ـ وصل الأمر الى المرحلة النهائية أيضاً، إذ يقول القرآن الكريم فيهم: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ}.

«الصيحة» كما قلنا سابقاً معناها في اللغة كل صوت عظيم، والقرآن الكريم يحكي عن هلاك أقوام متعددين بالصيحة السّماوية، هذه الصيحة يحتمل أن تكون صاعقةً من السّماء أو ما شابهها، وكما بينا في قصّة ثمود «قوم هود» قد تبلغ الأمواج الصوتية حدّاً بحيث تكون سبباً لهلاك جماعة من الناس.

ثمّ يعقّب القرآن فيقول: {فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} أي: أجساداً هامدة بلا روح، لتبقى أجسادهم هناك عبرة لمن اعتبر ...

وهكذا طُوي سجلّ وطومار حياتهم {كأنّ لم يغنوا فيها}. وانطفأ بريق كل شيء، فلا ثروة ولا قصور ولا ظلم ولا زينة كل ذلك تلاشى وانعدم.

وكما كانت نهاية عاد وثمود ـ وقد حكى عنهما القرآن ـ فهو يقول عن نهاية مدين أيضاً {أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}.

وواضح أنّ المقصود من كلمة «مدين» أهل مدين الذين كانوا بعيدين عن رحمة الله وكانوا من الهالكين.

_________________________

1- تفسير الامثل ،مكارم الشيرازي،ج6،ص152-156.

2 ـ سفينة البحار، مادة: شعيب.

3 ـ هناك في اللغة العربية أُسلوب يستعمل عند عدم الإِعتناء بشيء ما وذلك على نحو الكناية فيقال مثلا «جعلته تحت قدمي» أو يقال مثلا «جعلته دبر أذني» أو «جعلته وراء ظهري» أو «جعلته ظهرياً» و«الظهر» على زنة «قهر»، والياء بعده ياء النسبة وإِنّما كسرت الظاء فذلك لما يطرأ على الاسم المنسوب من تغيرات.

4 ـ المكانة: مصدر أو اسم مصدر ومعناه القدرة على الشيء.

5 ـ الرقيب: معناه الحافظ والمراقب وهو مشتق في الأصل من الرقبة وإِنّما سُمّي بذلك لأنّه يكون حافظاً على رقبة شخص ما «كناية عن أنّه مراقب على روحه» أو يحرك الرقبة ليؤدي دور الرقابة والحفظ.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .