أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-04-2015
2252
التاريخ: 24-11-2014
3130
التاريخ: 7-10-2014
2031
التاريخ: 24-11-2015
2517
|
قال تعالى : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124]
قد توصد أحياناً كلّ أبواب الحياة بوجه الإنسان، فكلّما أقدم على عمل يجد الأبواب المغلقة، وقد تنعكس الصورة فأينما اتّجه يرى الأبواب مفتّحة في وجهه، وقد تهيأت له مقدّمات العمل، ولا يواجه عقبات في طريقه، فيعبّر عن هذه الحالة بسعة العيش ورغده، وعن الأُولى بضيق المعيشة وشظفها، والمراد من قوله تعالى: {مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124] (1) الوارد في الآيات محلّ البحث هو هذا المعنى أيضاً.
وقد يكون ضيق العيش ناتجاً أحياناً من قلّة المورد، وقد يكون المرء كثير المال موفور الثراء. إلاّ أنّ البخل والحرص والطمع يضيق عليه معاشه، فلا يميل إلى فتح باب داره للآخرين لمشاركته نعيمه، بل ولا يميل إلى الإنفاق على نفسه أيضاً، وعلى قول الإمام علي (عليه السلام): «يعيش عيش الفقراء ويحاسب حساب الأغنياء».
حقّاً، لماذا يبتلى الإنسان بهذه الضائقات؟
القرآن يقول: إنّ العامل الأساس هو الإعراض عن ذكر الله، فإنّ ذكر الله يبعث على إطمئنان الروح والتقوى والشهامة، ونسيانه مبعث الإضطراب والخوف والقلق.
عندما ينسى الإنسان مسؤولياته بعد أن ينسى ذكر الله، فإنّه سيغرق في خضمّ الشهوات والحرص والطمع، ومن الوضوح بمكان أنّ نصيبه سيكون المعيشة الضنك، فلا قناعة تملأ عينه، ولا اهتمام بالمعنويات تغني روحه، ولا أخلاق تمنعه أمام طغيان الشهوات.
وأساساً فانّ ضيق الحياة ينشأ في الغالب من النقائص المعنوية وإنعدام الغنى الروحي .. ينشأ من عدم الإطمئنان إلى المستقبل، والخوف من نفاد الإمكانيات الموجودة، والعلاقة المفرطة بعالم المادّة، بينما نجد أنّ الإنسان الذي يؤمن بالله، وتعلّق قلبه بذاته المقدّسة، يعيش بعيداً عن كلّ هذه الإضطرابات، وفي مأمن منها.
إلى هنا كان الكلام عن الفرد، وعندما نأتي إلى المجتمعات التي أعرضت عن ذكر الله، فإنّ المسألة ستكون أشدّ رعباً وخطراً، فإنّ المجتمعات البشرية على رغم تقدّمها الصناعي المذهل، وبالرغم من توفّر كلّ وسائل الحياة، فهي تعيش في حالة إضطراب وقلق شديد، ومبتلاة بضائقات عجيبة وترى نفسها سجينة.
فكلّ فرد يخاف من الآخرين، ولا يعتمد أحد على الآخر، والروابط والعلاقات تتمحور حول محور المصالح الشخصيّة، وسبّاق التسلح ـ نتيجة الخوف من الحرب يلتهم ويستهلك أغلب إمكانياتهم الإقتصادية.
السجون مليئة بالمجرمين، وتقع في كلّ ساعة ودقيقة ـ وطبقاً للإحصاءات الرسميّة ـ حوادث قتل وجرائم مرعبة .. التلوّث بالفحشاء، والإدمان على المواد المخدّرة قد إستعبد هؤلاء، ولا يوجد في عوائلهم نَسمة حبّ، ولا إرتباط عاطفي
يبعث على النشاط .. أجل هذه هي حياتهم القاسية، ومعيشتهم الضنك.
لقد إعترف ريتشارد نيكسون الريئس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية ـ بلد الشيطان الأكبر ـ بهذا الواقع في خطابه الرئاسي الأوّل إذ قال: (إنّنا نرى حولنا دائماً حياة جوفاء، ونحن نأمل أن نرضى، ولكنّنا لا نرضى)!
رجل آخر من رجال المعروفين كانت مهمّته إيجاد السرور والفرح في المجتمع، يقول: (إنّي أرى الإنسانية تعدو في زقاق مظلم لا شيء في نهايته إلاّ القلق المطلق).
ومن الطريف أن نقرأ في الرّوايات الإسلامية أنّه سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن المراد من الآية: (ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكاً)؟ قال: «يعني به [الإعراض عن] ولاية أمير المؤمنين» (2).
عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا " قال: يعني به ولاية أمير المؤمنين عليه السلام
أجل .. فإنّ الذي يستلهم العبرة من حياة علي (عليه السلام)، ذلك الرجل العظيم الذي كانت الدنيا في نظره لا تساوي عفطة عنز، والذي إنقطع إلى الله حتّى صغرت الدنيا في عينه إلى هذا الحدّ، فمن يكن كذلك فستكون حياته في سعة ورفاه، أمّا اُولئك الذين ينسون المُثُل والقدوة فإنّهم في ضنك العيش في كلّ الأحوال.
__________________________
1 ـ الضنك: المشقّة والضيق، وهذه الكلمة تأتي دائماً بصيغة المفرد، وليس لها تثنية ولا جمع ولا تأنيث.
2- الكافي الكليني /ج1/ص 639 / 92 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|