أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-8-2022
1100
التاريخ: 7-8-2022
2654
التاريخ: 6-1-2022
1468
التاريخ: 10-8-2020
4877
|
يعتبر هذا العقد من الزمن عقد التغيرات السريعة والمتلاحقة في مجال صناعة الإعلام بشكل لم يسبق له مثيل لدرجة أن البعض أصبح - وكنتيجة لتلك التغيرات - يسمى هذا العصر الذي نعيش فيه عصر المعلومات أو عصر ثورة المعلومات وذلك مقابل ما كان يعرف بعصر الثورة الصناعية وقبلها عصر المجتمعات الزراعية.
ولكن رغم تلك التغيرات والسرعة التي تحدث بها إلا أنه لا يمكن اعتبارها تغيرات فريدة، فحقل الإعلام الغربي على مر الزمن لم يكن في يوم من الأيام حقلا ثابتاً أو راكداً بل إنه كان مسرحاً لتغيرات متلاحقة وإن كانت تختلف في درجة سرعتها ومدى تأثيرها.
لقد شهد هذا الحقل على الأقل أربع تغيرات رئيسية، اشار بيكر وشونباش إلي ثلاث منها وسأضيف إليها تغيراً رابعاً رأيت أنه لا يقل أهمية عن تلك الثلاث التي سبقته، هذه التغيرات هي بالترتيب :
١ - اختراع الطباعة.
٢- اختراع الراديو.
٣- اختراع التليفزيون.
4- الإنترنت.
فقبل آلاف السنين كانت الكتابة هي الوسيلة الرئيسية للاتصال ويرجع تاريخها بشكل تقريبي إلى سنة ٤٠٠٠ قبل الميلاد في العصر السومري، وعندما ازدهرت التجارة وازدادت أهمية وتنظيماً اصبح التجار يرسلون الرسائل إلى شركاءهم وعوائلهم وأصدقاءهم، تلك الرسائل أصبحت تمثل نشرات مكتوبة يتداولها الناس فيما بينهم للإعلام عن الأحداث التي قد تعوق التجارة مثل الحروب والتشريعات الجمركية الجديدة، ولم تكن هذه الرسائل أو النشرات بالإضافة إلى التقارير الشفهية بأي حال وسائل منتظمة الصدور يمكن الاعتماد عليها لمعرفة ما يدور في الأطراف الأخرى من البلاد أو العالم.
واخترعت الطباعة التي كانت تسمى الكتابة الصناعية حيث بدأت في الصين عام ١٠٠٠ بعد الميلاد تقريباً عندما تم اختراع الورق باستخدام خيوط النسيج، وتم اختراع أحرف الطباعة المتحركة في الصين أيضاً عام ١٠٤١ بواسطة شخص يسمى " باي شنج " ، وطور هذا الاختراع في كوريا ولكن باستخدام الأحرف المعدنية بدلا من الأحرف الفخارية وكان ذلك عام ١٢٤١م.
ثم توالت الاختراعات وطورت ففي عام ١٤٥٦ اخترع جون جينفليسش في المانيا والذي يعرف اليوم باسم (جوتنبرج) طابعة بأحرف معدنية كتجربة قام بتطويرها لاحقا لتصبح قادرة على طباعة الأحرف على الورق، ونظراً لكونه حداداً فقد تمكن من عمل أحرف معدنية يمكن صفها في إطارات لإنتاج صفحة مطبوعة ثم إعادة استخدام تلك الأحرف للطباعة مادة أخرى.
وقبل جوتنبرج كان بإمكان الناسخ المحترف إنتاج كتابين في السنة فقط
بينما كانت المطبعة المستخدمة في مطابع جونتبرج قادرة على طباعة كتاب واحد يومياً مما أدى إلى انتشار الكتب بشكل أكبر.
ويعتبر تاريخ هذا الاختراع لجوتنبرج بداية الصحوة للحضارة الغربية من العصور المظلمة إلى عصر جديد من العلم والمعرفة، بالنسبة للطباعة فهي لم تصبح وسيلة اتصال جماعية إلا بعد مرور ٣٨٠ سنة بعد اختراع جوتنبرج، ثم أصدر بنجامين داي صحيفة النيويورك صن، وهي صحيفة موجهة إلى العامة الأمريكيين، وكانت هذه الصحيفة والصحف التي تلتها متفوقة على وسائل الإعلام القديمة السابقة لها من حيث عامل الوقت وانتظام الصدور، وقد بدأت هذه الصحف الجديدة تطفى على وسائل الإعلام الجماعية القديمة مثل القصص الشفهية والرسائل المكتوبة، علمأ بأن تلك الوسائل لم تختف أو تنقرض نتيجة لظهور الصحافة ولكن وظائفها أصبحت أكثر تحديداً من ذي قبل، فالقصص الشفهية أصبحت تستخدم بشكل أكبر للتسلية فيما أصبحت الرسائل المكتوبة تستخدم لنقل الرسائل الخاصة فيما بين الأفراد أو مجموعة من الأفراد أو المؤسسات.
ومع ظهور هذه الوسيلة الجديدة ظهرت في المقابل أصوات تحذر من استعمالها، من ذلك كتب صدرت في نهاية القرن السادس عشر تقول بأن القراءة المتكررة للصحيفة تؤدي إلى فقدان البصر وإلى انتشار الكسل والخمول بين أولئك الذين يكتفون بقراءتها (Fritsch , 1676 : Von Stieler , 1695) وهذه المخاوف مطابقة تماماً لتلك التي قيلت بعد حوالي ٣٠٠ سنة عندما ظهر الراديو إضافة إلى تلك التي قيلت في فترة لاحقة عندما ظهر التليفزيون وتلك التي تقال اليوم عن الإنترنت.
وتماماً وكما فعلت الصحيفة من قبل فقد أعاد الراديو هيكلة النظام الإعلامي في العالم بأكمله فمن ناحية نجد أن معلوماته أكثر آنية من المعلومات
الموجودة على أي صحيفة ومن ناحية أخرى نجد إنه قادر على النقل الحي للأحداث من أي مكان في العالم، وكنتيجة لذلك لم تعد الصحيفة تعتمد على كونها المصدر الأول للمعلومة بل أصبحت مصدرا ثانوياً لنشر تلك المعلومات التي سبق للإعلام الإلكتروني نشرها قبل ذلك.
وقد استطاع الراديو أيضاً أن يقتطع بشكل جزئي وظيفة أخرى من الإعلام القديم ألا وهي الترفيه فقد جعل الموسيقى في متناول الجميع بما في ذلك أولئك الذين لا يستطيعون شراء الأشرطة الموسيقية، وأوجد الراديو أيضاً أشكالا للترفيه خاصة به مثل المسلسلات اليومية والدراما، وهذه المرة أيضاً توقع البعض فناء الإعلام القديم كنتيجة لظهور الراديو وهو ما لم يحدث.
ثم تلا ذلك ظهور التليفزيون في أواخر العام ١٩٤٠ فجعل من الممكن نقل الأحداث وقت حدوثها ليس بالصوت فقط ولكن بالصورة أيضاً، كما أن المسرحيات والمسلسلات التي ساهمت في نجاح الراديو أصبح من الممكن رؤيتها وليس فقط الاستماع إليها عبر الراديو.
كل هذه التطورات أدت إلى نقل الراديو ليصبح وسيلة ثانوية تستخدم بشكل أكثر تحديدا في إذاعة الموسيقى والمعلومات الموجزة، ومرة أخرى تأثرت الصحافة بظهور هذه الوسيلة الجديدة، وقد أوشكت صناعة الراديو على الانهيار إن لم تكن قد انهارت فعلياً لفترة من الزمن ولكن عاد بعدها الراديو كوسيلة مهمة من وسائل الإعلام مستفيداً من تكنولوجيا جديدة ظهرت وهي الترانزستور، اضافة إلى أنه تمكن من إعادة صياغة محتواه بشكل يركز على قطاعات محددة من المستمعين بشكل أعاد له قوته وأهميته.
والتليفزيون الآن وبعد أكثر من 40 سنة من الأرباح المتصلة والمزايا التي جعلته يشعر وكأنه خارج إطار المنافسة يواجه فترة عصيبة بدأت في أوائل الثمانينات بانخفاض متدرج في نسبة مشاهدي وقت الذروة (Primetime)، فقد ظهرت ثلاثة مصادر للخطر يواجهها التليفزيون الأول هو الكيبل التليفزيوني الذي يعتمد على البث بواسطة الأقمار الصناعية والثاني هو أجهزة الفيديو إضافة إلى زيادة أعداد المحطات التليفزيونية المستقلة، وأخيراً الإنترنت بكل ما تحمله من مزايا وعوامل جذب لجيل الشباب من المشاهدين.
لقد كان ظهور التليفزيون مصحوبا أيضاً بحالة من الخوف والقلق والأصوات التي تردد بأنه مصدر خطر على البصر وعلى الأخلاق والعادات والتقاليد، تماماً كما سبق أن حدث عند ظهور الراديو ومن قبله الصحيفة.
إن صناعة الإعلام تمر حالياً بفترة انتقالية هامة قد تمتد نتائجها لتشمل إعادة تعريف معنى الإعلام الجماهيري، فهناك عنصر رئيسي وضع ذلك موضع التنفيذ هو ظهور الإنترنت، هذه الوسيلة التي تعتمد بشكل أساسي على خطوط الهاتف التقليدية وأجهزة المودم.
فقبل سنوات معدودة كانت الإنترنت تكنولوجيا صغيرة لم يسمع بها إلا القليلون، أما اليوم فإنها تنمو بسرعة لا تضاهيها بها أي شبكة معلومات أخرى وهي لا تنمو فقط من حيث عدد مستخدميها والذي يتزايد سنوياً بمعدلات غاية في السرعة، ولكن أيضاً من حيث مقدار وعدد خدمات المعلومات التي تقدمها.
إن هذه الوسيلة سوف تلعب دورا هاما في إعادة تعريف معنى الإعلام الجماهيري (Mass media) ، وقد بدأ ذلك بالفعل فقد اقترح أنتوني أويتيقر مدير برنامج مصادر المعلومات في جامعة هافارد تغيير الاسم إلى كمبيو اتصالات (Compunication) والجملة عبارة عن مزيج من كلمة Computer وكلمة Communications هناك تسمية أخرى مقترحة هي Information Utility أو مرفق المعلومات وهي تشبر إلى عملية تدفق مصادر الإعلام خلال أنابيب المعلومات الإلكترونية وذلك بشكل مواز لتسمية مرفق الكهرباء ومرفق المياه .
لقد شكلت الإنترنت رغم حداثتها منافسة حادة لجميع وسائل الإعلام
الأخرى وذلك لقدرتها على جذب أعداد كبيرة من المستخدمين إليها ولتنوع مصادر الخدمات التي تقدمها والبسرعة التي تقدمها بها، بالإضافة إلى الانتشار الواسع وانخفاض السعر .
ورغم أن الصحيفة هي أكثر وسائل الإعلام القديمة تضرراً من هذه الوسيلة الجديدة إلا أن هذه الوسيلة فتحت أبوابا جديدة للربح للمؤسسات الصحفية غير مسبوقة، فهذه المعادلة وضعت الصحيفة أمام خيار واحد لا بديل له هو أن على الصحف اكتشاف عالم الإنترنت والاستفادة من الفرص الكبيرة التي أفرزتها وهذا بالفعل ما نراه يحدث اليوم حيت نجد أعداداً كبيرة من مواقع الصحف قد أوجدت لها مواقع على شبكة الإنترنت وما زالت الإعداد تتزايد بشكل ملفت للنظر.
وقد تعرضت الإنترنت ومازالت تتعرض للهجوم كسابقاتها من أولئك الأشخاص الذين انتابهم الخوف والقلق منها مرددين عبارات تحذر من مخاطر استخدام الشبكة على خصوصيات وممتلكات الأفراد والشركات وتأثيرها السلبي على الأطفال والمراهقين نظرا لما تحتويه من مواقع لا تتلاءم مع أعمارهم والانتشار السريع للفايروسات عليها وغير ذلك.
إن ظهور أي وسيلة إعلامية جديدة تقدم خدمة مبتكرة للمستهلك ينتج عنها إجبار الوسيلة القديمة على اتخاذ إجراءات وتعديلات تتأقلم بها مع ذلك التغيير الحاصل، فاستخدام الوسيلة الجديدة يعني بالضرورة اقتطاع وقت معين من الأنشطة الأخرى، فعلى سبيل المثال الوقت الذي يقضيه المشاهد أمام التليفزيون ينتج عنه انخفاض في الوقت الذي يقضيه في الاستماع للراديو أو قراءة الصحف والمجلات أو الكتب.
ونتيجة أخرى يمكن استخلاصها بوضوح هي أن ظهور أي وسيلة
إعلامية جديدة لا يعني اختفاء الوسيلة أو الوسائل السابقة، فكل وسيلة تجد لنفسها موقعاً خاصا (Niche) تتركز فيه كوسيلة للنجاة من التغيير، فعند ظهور التليفزيون غير الراديو من أسلوبه فبدلا من البث إلى عامة الناس أصبحت قنوات الراديو تركز على قطاعات محددة من المجتمع دون غيرها مثل قنوات الحوار(Talk Channels ) والقنوات الخاصة بالاستشارات المالية والعقارية وهكذا.
لقد أدى التطور التكنولوجي الجديد من ناحية أخرى إلى إلغاء الحدود بين وسائل الإعلام المختلفة، فالكيبل التليفزيوني أصبح يستخدم الأقمار الصناعية في بث برامجه والصحف اليومية قفزت على الإنترنت وأصبح بالإمكان قراءتها بالكامل من على شاشة الكمبيوتر، والتلفزيون والإنترنت اندمجا بشكل كامل فأصبح بالإمكان مشاهدة لقطات البرامج والأفلام بواسطة الكمبيوتر، كما أن أجهزة التليفزيون لم تعد تستخدم لمشاهدة برامج التليفزيون فحسب بل كجهاز للإيحار في عالم الإنترنت، وكذلك قنوات الراديو بدأت أيضاً في الانتشار على الإنترنت بشكل ملفت للنظر.
ومن خلال القراءة التاريخية السابقة يمكن استنتاج نقطة هامة أخرى هي أن كل تطور أو ظهور أي وسيلة إعلامية جديدة يكون مصحوباً دائماً بنوع من القلق والخوف والهجوم على تلك الوسيلة، فالوسيلة الجديدة توصف في البداية بأنها تضر أعين الناس وسمعهم أو أي حاسة أخرى تتطلبها تلك الوسيلة، وبعد ذلك وفي المرحلة الثانية توصف الوسيلة بأنها تجعل الناس متبلدي الإحساس قلقين ومضطربين، وفي المرحلة الثالثة يبدأ وصف الوسيلة أخيراً بأنه خطر يهدد المجتمع بأكمله بالتفكك والانحلال.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|