المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



خطبة العقيلة زينب في الكوفة  
  
3232   12:12 مساءً   التاريخ: 7-04-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص177-180.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / الأحداث ما بعد عاشوراء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-3-2016 3306
التاريخ: 15-3-2016 4757
التاريخ: 2024-03-26 764
التاريخ: 16-3-2016 4099

هنا الكوفة وهي تختلف عن دمشق، الكوفة مدينة كانت ومنذ عشرين سنة عاصمة خلافة الإمام علي ومركزاً للشيعة وأهاليها ـ و هم من العراقيين ـ يرغبون في دولة عادلة إسلامية والتحرّر من قيود الطغاة ويميلون إلى أهل البيت، غير انّهم ليسوا مستعدين لدفع ثمن مثل هذه النعمة.

إنّهم يريدون الحياة الدنيا أو الجاه والمنصب كما أنّهم يريدون التحرر من عبودية الطواغيت، ولكنّهم لا يريدون ما فيه خسارة وضرر، فإذا حدث ضيق عليهم أو ما يهدد مصالحهم فانّهم يتخلّون عن جميع مبادئهم، يحمل كلّ منهم ازدواجية في شخصيته، يعانون من تناقض في داخلهم، فمن ناحية يدعون ابن رسول اللّه (صلى الله عليه واله) بكلّ حماس وحرارة، و من ناحية أُخرى لا ينسون عهودهم ووعودهم عندما يرون أنفسهم في خطر فقط بل يتعاونون على قتله، فلا بدّ من إيقاظ هؤلاء وإرشادهم إلى أخطائهم، وأن يقال لهم بأنّكم لا تعلمون أي جريمة عظمى اقترفتم بقتل الحسين بن علي (عليمها السَّلام) ، كانت هذه المهمة على عاتق العقيلة زينب من بين النساء أكثر من غيرها، لأنّ النساء اللواتي تعدّى عمرهن الثلاثين عاماً يعرفن زينب منذ عشرين عاماً عندما كان علي (عليه السَّلام) خليفة المسلمين في هذه المدينة وكنّ يعرفن منزلتها وقدرها لدى علي (عليه السَّلام) ومكانتها عند آبائهن وأزواجهن، كانت زينب شخصية معروفة بالنسبة لهم وهاهنا الآن يُثير مشهد أسرها المحزن وهي بين الأسرى الذكريات الماضية.

فتستغل زينب هذه الفرصة فتبدأ بالحديث، فيسمع الناس صوتاً مألوفاً وكأنّ علياً (عليه السَّلام) هو الذي يتحدث، فالكلام هو كلام علي، والصوت هو نفس صوت الإمام ، أو ليس المتحدث هو علي أم هي ابنته؟! نعم هي الحوراء زينب الكبرى وهي التي تتحدث.

وكتب أحمد ابن أبي طاهر المعروف بابن طيفور (204ـ 280هـ) في كتاب «بلاغات النساء» وهو يحوي مجموعة من الكلمات والخطب الفصيحة والبليغة لنساء العرب والإسلام، وهو من أقدم المصادر:

قال حذام الأسدي دخلت الكوفة سنة إحدى وستين، وهي السنة التي قتل فيها الحسين (عليه السَّلام) ، فرأيت نساء الكوفة يشققن الجيوب ويبكين، ورأيت علي بن الحسين (عليمها السَّلام) و هو يقول بصوت ضئيل وقد نحل من المرض: «يا أهل الكوفة إنّكم تبكون علينا فمن قتلنا غيركم؟» ورأيت أُمّ كلثوم (عليها السَّلام) ولم أر خفرة قط أنطق منها، كأنّما تفرغ على لسان أمير المؤمنين (عليه السَّلام) ، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فلما سكنت الأنفاس وهدأت الأجراس، قالت: «يا أهل الكوفة يا أهل الغدر والختل أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنّة، إنّما مثلكم مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم، ألا وهل فيكم إلاّ الصلف النطف والصدر الشنف وملق الإماء وغمز الأعداء؟ وهل أنتم إلاّ كمرعى على دمنة، أو كفضة على ملحودة، ألا ساء ما قدّمت أنفسكم أن سخط اللّه عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون وتنحبون؟!

أي واللّه فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً، وانّى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة وملاذ خيرتكم ومفزع نازلتكم ومنار محجتكم ومدره حجتكم، سنتكم ألا ساء ما تزرون وبعداً لكم وسحقاً، فلقد خاب السعي وتبت الأيدي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من اللّه وضربت عليكم الذلة والمسكنة، ويلكم يا أهل الكوفة أتدرون أي كبد لرسول اللّه فريتم؟! وأي كريمة له أبرزتم؟! وأي دم له سفكتم؟! وأي حرمة له انتهكتم؟! ولقد جئتم بها صلعاء عنقاء سوداء فقماء خرقاء شوهاء كطلاع الأرض أو ملء السماء، أفعجبتم ان مطرت السماء دماً ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تنصرون؟! فلا يستخفنّكم المهل، فانّه لا يحفزه البدار ولا يخاف الثار وانّ ربكم لبالمرصاد».

 

وقد حرّكت هذه العبارات التي خرجت من روح مفجوعة تتقوى من بحر مفعم بالإيمان باللّه مشاعر الجميع وهيّجتها وقرع الحاضرون أسنانهم يأسفون يتحسرون وفي هذا المشهد المأساوي والدرس الكبير أنشد شيخ من الجعفيين وقد اخضلّت لحيته من البكاء شعراً وقال:
كهولهم خير الكهول ونسلهم         *          إذا عد نسل لا يبور ولا يخزى.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.