المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

دور العبادة والكتاتيب
21-6-2017
Number Field Sieve
14-9-2020
المنافقون‏ وخلودهم الدائم في النار .
18-12-2015
Internet Gaming
10-10-2016
الْمَتْرُوك
ج2[ص:203]
جهد لينارد – جونز Lennard-Jones
26-12-2020


ثورة ابن عفيف  
  
4757   11:24 صباحاً   التاريخ: 15-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج3, ص347-352.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / الأحداث ما بعد عاشوراء /

تخدرت جماهير الكوفة تحت ضغط هائل من الارهاب والعنف حتى تغيرت الأوضاع العامة تغيرا كليا فلم تعد الكوفة كما كانت مسرحا للتيارات السياسية ومركزا للجبهة المعارضة فقد قبعت بالذل والهوان وسرت في اوردتها اوبثة الخوف , من يستطيع ان يتكلم والجو ملبد بالمخاوف فرأس زعيم الأمة وقائدها الأعلى على الحراب وعقائل الرسالة سبايا في المصر فلم يعد في مقدور اي احد ان يتلفظ بحرف واحد فكمت الأفواه واخرست الألسن وملئت السجون بالرؤوس والضروس واستسلم الجميع لحكم ابن مرجانة وقد جاء الطاغية مزهوا الى الجامع الأعظم حيث عقد فيه اجتماعا عاما حضرته القوات المسلحة وسائر ابناء الشعب فاعتلى المنبر مظهرا فرحته الكبرى بهذا النصر الكاذب فقال : الحمد للّه الذي اظهر الحق وأهله ونصر امير المؤمنين يزيد وحزبه وقتل الكذاب ابن الكذاب الحسين بن علي وشيعته.

لقد قال هذه الكلمات في مجتمع عرف عدل علي وصدقه وخبر سيرة ولده الامام الحسين فرآها مشرقة بالحق والصدق ولو قال ذلك في الشام أو في اقليم آخر لعل له وجها الا انه قال ذلك في الكوفة التي هي عاصمة اهل البيت , ولم يتم الخبيث كلماته حتى انبرى إليه البطل الثائر عبد اللّه ابن عفيف الأزدي الغامدي وكان ضريرا ذهبت احدى عينيه يوم الجمل والأخرى بصفين مع الامام امير المؤمنين وكان لا يفارق المسجد يتعبد فيه فصاح فيه : يا ابن مرجانة الكذاب ابن الكذاب أنت وابوك والذي ولاك وابوه يا بن مرجانة أتقتلون أولاد النبيين وتتكلمون بكلام الصديقين  وطاش لب الطاغية فقد كانت هذه الكلمات كالصاعقة على رأسه فصاح بأعلى صوته كالكلب المسعور : من هذا المتكلم.

- أنا المتكلم يا عدو اللّه أتقتلون الذرية الطاهرة التي اذهب اللّه عنهم الرجس وتزعم انك على دين الاسلام وا غوثاه اين أولاد المهاجرين والانصار لينتقموا من طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمد رسول رب العالمين.

وتبدد جبروت الطاغية وذهبت نشوة افراحه وعلا الضجيج وتتطلع الناس من جميع جنبات المسجد لتنظر الى القائل الذي ترجم ما في عواطفهم فقد كانت هذه الصيحة اول رد علني على السلطة في قتلها لريحانة الرسول ؛ وصاح ابن زياد بعنف وقد امتلأ غضبا علي به , فبادرت إليه الجلاوزة لتختطفه فنادى ابن عفيف بشعار اسرته : يا مبرور , وكان في المجالس من الأزد سبع مائة فوثبوا إليه وانقذوه من ايدي الجلاوزة وجاءوا به الى منزله وقال له عبد الرحمن بن مخنف الأزدي منددا به : ويح غيرك لقد اهلكت نفسك وعشيرتك , والتاع ابن زياد واضطرب فقد فتح عليه عبد اللّه باب المعارضة واطاح بهيبة الحكم ثم نزل من المنبر مغضبا ودخل القصر وتسابق الاشراف والعرفاء إليه فقال : أما رأيتم ما صنع هؤلاء.

- نعم ؛ واصدر اوامره الى اهل اليمن والى من كان معه بالقاء القبض على ابن عفيف واشار عليه عمرو بن الحجاج بحبس كل من كان في المسجد من الأزد فحبسوا ثم التحم اهل اليمن مع الأزد التحاما شديدا وجرت بينهم اعنف المعارك فقال ابن زياد لبعض شرطه انطلق وانظر ما بينهم فخف إليهم فرأى الحرب قائمة فقالوا له : قل للأمير : إنك لم تبعثنا الى نبط الجزيرة ولا جرامقة الموصل انما بعثتنا الى الأزد اسود الأجم ليسوا بيضة تحس ولا حرملة  توطأ .

وقتل من الأزد عبد اللّه بن حوزة الوالبي ومحمد بن حبيب وكثرت القتلى من الجانبين الا ان اليمانية قد قويت على الأزد فصاروا الى حصن في ظهر دار ابن عفيف فكسروه واقتحموه وهجموا عليه فبقى وحده فناولته ابنته سيفا فجعل يذب به عن نفسه  وهو يرتجز ويقول :

انا ابن ذي الفضل العفيف الطاهر         عفيف شيخي وابن أم عامر

كم دارع من جمعكم وحاسر               وبطل جندلته مغاور

وكانت ابنته تخاطبه بذرب روحها قائلة : ليتني كنت رجلا اذب بين يديك هؤلاء الفجرة قاتلي العترة البررة , واخذت ابنته تدله على المحاربين له فتقول له : يا ابت اتاك القوم من جهة كذا وتكاثروا عليه واحاطوا به من كل جانب فألقوا القبض عليه وانطلقوا به الى ابن زياد وهو يقول في طريقه : أقسم لو يفسح لي عن بصري شق عليكم موردي ومصدري ؛ ولما مثل بين يدي الطاغية اسرع الخبيث إليه قائلا : الحمد للّه الذي أخزاك ؛ فاجابه ابن عفيف ساخرا منه ومحتقرا له : بما ذا اخزاني؟

واراد ابن مرجانة ان يستحل دمه فسأله عن عثمان لعله أن ينتقصه فيتخذ من ذلك وسيلة الى اباحة دمه فقال له : ما تقول في عثمان؟

وسدد له البطل العظيم سهاما من منطقه الفياض فقال له : ما أنت وعثمان أساء أم احسن اصلح أم افسد ان اللّه تعالى ولي خلقه يقضي بينهم وبين عثمان بالعدل والحق ولكن سلني عن أبيك وعنك وعن يزيد وأبيه ؛ ورأى الطاغية أنه امام بطل صعب المراس فقال له : لا سألتك عن شيء او تذوق الموت غصة بعد غصة ؛ وانبرى إليه ابن عفيف قائلا : الحمد للّه رب العالمين أما اني كنت اسأل ربي أن يرزقني الشهادة من قبل ان تلدك امك وسألت اللّه ان يجعلها على يدي العن خلقه وابغضهم إليه ولما كف بصري يئست من الشهادة أما الآن والحمد للّه الذي رزقنيها بعد اليأس وعرفني الاجابة في قديم دعائي , والتاع الخبيث فأمر جلاديه بضرب عنقه وصلبه بالسبخة ففعلوا ذلك , وانتهت حياة هذا البطل العظيم الذي وهب حياته للّه فقاوم المنكر وناهض الجور وقال كلمة الحق في احلك الظروف وأقساها.

كان ابن معقل من المشتركين في ثورة ابن عفيف فجيء به مخفورا الى ابن زياد فاصدر امرا بالعفو عنه وقال له : قد تركناك لابن عمك سفين بن عوف فانه خير منك .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.