المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

العلم
13-2-2022
قواعد إخراج الاعلانات
16-8-2021
المحاصيل الحقلية Field crops
24-9-2020
Multivariate Normal Distribution
28-7-2019
THE ALGEBRA OF SETS-Properties of set inclusion
12-1-2017
انتقاص المأمون لمعاوية
7-8-2016


مفتتح الشعر مطلعه  
  
2304   01:53 صباحاً   التاريخ: 19-1-2020
المؤلف : ابن طباطبا العلوي
الكتاب أو المصدر : عيار الشعر
الجزء والصفحة : ص:102-103
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-08-2015 2312
التاريخ: 25-03-2015 4423
التاريخ: 4-6-2017 82326
التاريخ: 2-1-2020 1595

مفتتح الشعر مطلعه

 

وينبغي للشاعر أن يحترز في أشعاره ومفتتح أقواله مما يتطير به أو يستجفى من الكلام والمخاطبات، كذكر البكاء ووصف إقفار الديار، وتشتت الألاف ونعي الشباب، وذم الزمان. لا سيما في القصائد التي تضمن المدائح أو التهاني. وتستعمل هذه المعاني في المراثي ووصف الخطوب الحادثة، فإن الكلام إذا كان مؤسساَ على هذا المثال تطير منه سامعه، وإن كان يعلم أن الشاعر إنما يخاطب نفسه دون الممدوح، فيجتنب، مثل

ابتداء قول الأعشى:

ما بكاء الكبير بالأطلال      وسؤالي وهل ترد سؤالي

دمنة قفرة تعاورها الصي       ف بريحين من صباً وشمال

ومثل قول ذي الرمة:

ما بال عينك منها الدمع ينسكب       كأنه من كلى مفرية سرب

وقد أنكر الفضل بن يحيى البرمكي على أبي نواس قوله:

أربع البلى إن الخشوع لبادي       عليك وإني لم أخنك ودادي

وتطير منه فلما انتهى إلى قوله:

سلام على الدنيا إذا ما فقدتم      بني برمك من رائحين وغادي

 

102

 

استحكم تطيره، فيقال إنه لم ينقص إلا أسبوع حتى نزلت به النازلة. وأنشد البحتري أبا سعيد محمد بن يوسف الثغري قصيدته التي أولها:

لك الويل من ليل تطاول آخره        ووشك نوى حي تزم أباعره

فقال له أبو سعيد: الويل لك والحرب.

وليجتنب في التشبيب من يوافق اسمها بعض نساء الممدوح من أمة أو قرابة أو غيرها، وكذلك ما يتصل به سببه أو يتعلق به وهمه، فإن أرطأة بن سهية الشاعر دخل على عبد الملك بن مروان فقال له: ما بقي من شعرك؟ فقال: ما أطرب ولا أحزن يا أمير المؤمنين وإنما يقال الشعر لأحدهما. ولكني قد قلت:

رأيت الدهر يأكل كل حي      كأكل الأرض ساقطة الحديد

وما تبغي المنية حين تغدو         سوى نفس ابن آدم من مزيد

وأحسب أنها ستكر يوماً          توفي نذرها بأبي الوليد

فقال له عبد الملك: ما تقول ثكلتك أمك؟ فقال: أنا أبو الوليد يا خليفة. وكان عبد الملك يكنى أبا الوليد أيضاً، فلم يزل يعرف كراهة شعره في وجه عبد الملك إلى أن مات. فليجتنب الشاعر هذا وما شاكله مما سبيله كسبيله، وإذا مر له معنى يستبشع اللفظ به لطف في الكناية عنه وأجل المخاطب عن استقباله بما يستكرهه منه وعدل اللفظ عن كاف المخاطبة إلى ياء الإضافة إلى نفسه إن لم ينكر الشعر، او احتال في ذلك بما يحترز به مما ذممناه ويوقف به على أرب نفسه ولطف فهمه كقول القائل:

ولا تحسبن الحزن يبقي فإنه       شهاب حريق واقد ثم خامد

سآلف فقدان الذي قد فقدته         كإلفك وجدان الذي أنت واجد

وإنما أراد الشاعر: ستألف فقدان الذي قد فقدته كإلفك وجدان الذي قد وجدته؛ أي تتعزى عن مصيبتك بالسلو فانظر إليه كيف لطف في إضافة ذكر المفقود الذي يتطير منه إلى نفسه، وما يتفاءل إليه من الوجدان إلى المخاطب، فجعل الموجود المألوف للمعزى، والمفقود لنفسه.

 

103

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.