الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
صناعة الشعر
المؤلف:
عايش الحسن
المصدر:
نظرية المعنى عند قدامة بن جعفر
الجزء والصفحة:
ص9ــــــــــ11
1-04-2015
4991
وقد قادتْ فلسفة الهيولى والصورة قدامة بن جعفر، وغيره من الفلاسفة المسلمين، إلى النظر إلى الشعر بوصفه صناعة من الصناعات، لكنها صناعة عقلية واضحة لا ترتد إلى حكم الذوق الجمالي، بل ترتد إلى حكم عقلاني، منطقي، وقد يتوقف هذا الحكم عند نوع من التناسب القائم في الصناعة، لكن هذا التناسب لا يغادر مبدأ الانسجام العقلي.
لقد أشار الفارابي - معاصر قدامة - إلى أن ثمة تشابهاً بين صناعة الشعر، وصناعة التزويق [فكأنهما مختلفان في مادة الصناعة، ومتفقان في صورتها، وأفعالها، وأغراضها](1)، مثلما أشار ابن طباطبا العلوي - معاصره أيضاً - إلى هذه المسألة، فقد شبه صنعة الشعر بصنعة النقاش [ الذي يضع الأصباغ في أحسن تقاسيم نقشه، ويشيع كل صنيع منهما حتى يتضاعف حسنه في العيان، وكناظم الجوهر الذي يؤلف بين النفيس منها، والثمين الرائق، ولا يشين عقوده بأن يفاوت بين جواهرها، في نظمها، وتنسيقها ](2)، وقد ترسخ هذا الفهم عند عبد القاهر الجرجاني، ليصبح النظم صناعة من الصناعات [ فكما لا تكون الفضة، أو الذهب، خاتماً، وأسواراً، أو غيرهما من أصناف الحلي بأنفسها، ولكن بما يحدث فيها من الصورة - كذلك لا تكون الكلم المفردة التي هي أسماء وأفعال وحروف شعرا من غير أن يحدث فيها النظم الذي حقيقته توخي معاني النحو بإحكامه ](3).
وبهذا الفهم يصبح الشعر صناعة من الصناعات، وهي صناعة بمعزل تماماً عن الارتباطات النفسية، وما تثيره من أحاسيس جمالية، فهي وليدة العقل والمنطق، والذوق الجمالي فيها إدراك عقلي منطقي، يقوم على نسب متجانسة في الصناعة كفن الأرابيسك تماماً، ومادة هذه الصناعة لا تبرز قيمتها الجمالية إلاّ من خلال الصورة التي تظهر فيها، وهي صورة تعكس نسباً رياضية متجانسة، وتصبح الصياغة مجرد حاشية، أو زينة لتلك المادة، وهي مقولة لا تختلف كثيراً عما قاله الجاحظ، بل هي تفسير وتوضيح لها، ولكنْ هل يمكن النظر إلى المعنى الشعري نظرتنا إلى الصناعات الأخرى ؟ الصناعات الأخرى تتعامل مع مادة صماء، خيطا كان أم حجراً، لونا كان أم صوتاً، الشعر مادته الكلمة، والكلمة تلتبس بالمشاعر والعواطف وهي لا تنضبط انضباط المادة الصماء، وهو خطأ وقع فيه أغلب نقادنا العرب القدماء، الصورة حاشية للهيولى، زينة لها، والألفاظ حاشية للمعنى، زينة له، والصياغة الشعرية لا قيمة لها بذاتها، فلا تعدو كونها زينة للمعنى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أرسطو طاليس : فن الشعر : 257.
2- ابن طباطبا العلوي : عيار الشعر، تحقيق عباس عبد الستار، ومراجعة نعيم زرزور، دار الكتب العلمية، بيروت، طبعة 4 : 11.
3- عبد القاهر الجرجاني ( 1994 ) : دلائل الإعجاز، علق عليه محمد رشيد رضا، تصحيح الشيخ محمد ني ، ومحمد محمود النقيطي، دار المعرفة، بيروت، طبعة 1 : 168.
الاكثر قراءة في النقد القديم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
