المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

[غرس الرسالة في قلب الحسين]
25-3-2016
Exact Covering System
8-1-2020
عبء إثبات الدعوى الإدارية
31-1-2023
تردّدَ القرآن ولم يبين بشكل واضح مسألة خلود العذاب في جهنّم
16-1-2019
مواد الأيض Metabolites
29-1-2019
مناخ اوربا في الصيف
2024-09-04


الاقتباس  
  
19070   04:57 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : عبد الرحمن الميداني
الكتاب أو المصدر : البلاغة العربية أسسها وعلومها وفنونها
الجزء والصفحة : ص864-868
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2015 2403
التاريخ: 26-09-2015 4739
التاريخ: 25-03-2015 6017
التاريخ: 24-09-2015 2103

الاقتباس وما اشْتُقّ منه من فروع وهي: التضمين - العقد - الحلّ - التلميح

الاقتباس: أن يُضَمِّنَ المتكلّم كلامه من شعر أو نثر كلاماً لغيره بلفظه أو بمعناه، وهذا الاقتباس يكون من القرآن المجيد، أو من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم، أو من الأمثال السائرة، أو من الْحِكَم المشهورة، أو من أقوال كبار البلغاء والشعراء المتداولة، دون أن يعزو المقتبس القول إلى قائله.

والاقتباس مِنْهُ ما هو حسن بديع يقوي المتكلّم به كلامه، ويُحْكِمُ به نظامه، ولا سيما ما كان منه في الخطب، والمواعظ، وأقوال الحكمة، ومقالات الدعوة والإِرشاد، ومقالات الإِقناع والتوجيه للفضائل في نفوس المؤمنين بكتاب الله وكلام رسوله.

وبعض الأدباء يقتبس من القرآن المجيد أو من أقوال الرسول مستنصراً بما اقتبس لتقوية فكرته، أو لتزيين كلامه في أغراض مختلفة كالمدح والهجاء والغزل والإِخوانيات ونحو ذلك، فإذا لم يُحَرّف في المعنى، ولم يكن في اقتباس سوء أدب مع كلام الله أو كلام الرسول فلا بأس باقتباسه، وإذا كان في اقتباسه تحريف في المعنى، أو سوء أدب فهو ممنوع ويأثم به المقتبس، وقد يَصِلُ بعض الاقتباس إلى دركة الكفر والعياذ بالله.

أمثلة:

1) قال عبد المؤمن الأصفهاني:

لاَ تَغُرَّنَّكَ مِنَ الظَّلَمَةِ كَثْرَةُ الْجُيُوشِ وَالأَنْصَارِ {إِنَّمَا نُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ}.

(2) قول ابن نُباتة في بعض خطبه:

فَيَا أَيُّهَا الْغَفَلَةُ الْمُطْرِقُون، أَمَا أَنْتُمْ بِهذَا الْحَدِيثِ مُصَدِّقُون، مَا لَكُمْ لاَ تُشْفِقُونَ {فوَرَبِّ السَّمَاءِ والأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}.

(3) قول ابن سَنَاء الْمُلْك:

*رَحَلُوا فَلَسْتُ مُسَائِلاً عَنْ دَارِهِمْ * أنا "بَاخِعٌ نَفْسِي عَلَى آثَارِهمْ"* مقتبس من قول الله عزَّ وجلَّ لرسوله: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهمْ}.

باخِعٌ نَفْسَك: أي: قاتل نفسك غمّاً من أجلهم.

(4) قول بديع الزمان الهمذاني:

 

*لآِلِ فَرِيغُونَ فِي الْمَكْرُمَا * تِ يَدٌ أَوَّلاً واعْتِذَارٌ أَخِيراً*

*إِذَا مَا حَلَلْتَ بِمَغْناهُمُو * "رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً"*

الشطرة الأخير مُقْتَبَسَةٌ مِنَ القرآن.

(5) قول الحماسي:

*إِذَا رُمْتُ عَنْهَا سَلْوَةٌ قَالَ شَافِعٌ * مِنَ الْحُبِّ مِيعَادُ السُّلُوِّ الْمَقَابِرُ*

*سَتَبْقَى لَهَا فِي مُضْمَرِ الْقَلْبِ والْحَشَا * سَرِيرَةُ حُبٍّ "يَوْمَ تُبْلَى السَّرائَر"*

"يوم تُبْلَى السَّرائِرُ": عبارة قرآنيّة.

(6) قول أبي جعفر الأندلسيّ:

*لاَ تُعَادِ النَّاسَ في أَوْطَانِهِمْ * قَلَّمَا يُرْعَى غَرِيبُ الْوَطَنِ*

*وَإِذَا مَا شِئْتَ عَيْشاً بَيْنَهُمْ * "خَالِقِ النَّاسَ بُخُلْقٍ حَسَنِ"*

الشطرة الأخيرة مأخوذة من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم.

(7) قول الصّاحب بن عبَّاد:

*قَالَ لي: إِنَّ رَقِيبي * سيِّيءُ الْخُلْقِ فَدَارِهُ*

*قُلْتُ: دَعْنِي "وَجْهُك * الْجَنَّةُ حُفَّتْ الْمَكارِه"*

العبارة الأخيرة مقتبسة من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: حُفَّتِ الجنَّةُ بالمكاره، وحُفَّتِ النّارُ بالشَّهَوات.

ولست أرى استخدام مثل هذه المعاني الدينيّة في فانيات الدنيا ولو كانت خالية من المعصية، فلا يستقيم هذا إلاَّ بتحريفٍ في أصل المعنى.

(8) قول الصاحب بن عباد أيضاً:

*أَقُولُ وَقَدْ رَأَيْتُ لَهُ سَحَابَا * مِنَ الْهِجْرَانِ مُقْبِلَةً إلَيْنَا*

*وَقَدْ سَحَّتْ غَوَادِيهَا بِهَطْلٍ * "حَوَالَيْنَا" الصُّدُودُ "وَلاَ عَلَيْنَا"*

مقتبس من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا".

(9) قول ابن الرّومي:

*لَئِنْ أَخْطَأْتُ فِي مَدْحِكَ مَا أَخْطَأْتَ فِي مَنْعِي*

*لَقَدْ أَنْزَلْتُ حَاجَاتِي * "بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعِ"*

مقتَبسٌ من دعاء إبراهيم عليه السلام كما جاء في القرآن: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكنْتُ مِنْ ذُرّيَتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّم} استعمله ابن الرومي مجازاً في رجل بخيل لا خير فيه ولا نفع.

(10) من كتاب لمُحْيِ الدّين عبد الظّاهر (من الكتّاب المقدَّمِين في دولة المماليك):

لاَ عَدِمَتِ الدَّوْلَةُ بيضَ سُيُوفِهِ الَّتِي {تَرَى بِهَا الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}.

(11) قول عمر الخيّام:

*سَبَقْتُ الْعَالَمِينَ إلَى الْمَعَالِي * بِصَائِبِ فِكْرَةٍ وَعُلُوِّ هِمَّه*

*وَلاَحَ بِحِكْمَتِي نُورُ الْهَدَى في * لَيَالٍ لِلضَّلاَلَةِ مُدْ لَهِمَّهْ*

*يُرِيدُ الْجَاهِلُونَ ليُطْفِئُوهُ * "وَيَأْبَى اللَّهُ إلاَّ أَنْ يُتِمَّهْ"*

الشطرة الأخيرة مُقْتَبَسة من القرآن.

ما اشْتَقَّ من الاقتباس من فروع

اشتقّ البلاغيّون من الاقتباس أربعة فروع، وهي:

(1) التضمين (2) الْعَقْد (3) الْحَلُّ (4) التلميح.

الفرع الأول: "التضمين" ومنه: "الاستعانة"، و "الإِيداع" و "الرّفْو".

التضمين: هو أن يُضْمِّنُ الشاعر شعرَه شيئاً مِنْ شعْرِ غَيْرِه، مع التنبيه عليه إنْ لم يكن مشهوراً عند الْبُلَغاء، ودون التنبيه عليه إنْ كان مشهوراً.

* ومن هذا التضمين قول الحريري:

*عَلَى أَنِّي سَأُنْشِدُ عِنْدَ بَيْعي * "أضَاعُونِي وَأَيَّ فَتىً أضَاعُوا"*

الشطر الأخير لِلْعَرْجِى، وبيت العرجى هو:

*أضاعوني وأَيَ فَتىً أَضَاعُوا * لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ وَسِدَادِ ثَغْرِ*

وقد نبَّه الحريري على التضمين بقوله: "سأُنْشِد".

* ومن هذا التضمين قول ابن العميد:

*وَصَاحِبٍ كُنْتُ مَغْبوطاً بِصُحْبَتِه * دَهْراً فَغَادَرَنِي فَرْداً بِلاَ سَكَنِ*

*هَبَّتْ لَهْ رِيحُ إقْبَالٍ فَطَارَ بِهَا * نَحْوَ السُّرُور وَألْجانِي إلَى الْحَزَنِ*

*كَأَنَّهُ كَانَ مَطْوِيّاً عَلَى إِحَنٍ * وَلَمْ يَكُنْ فِي ضُرُوبِ الشِّعْرِ أَنْشَدَنِي*

*"إِنَّ الكِرَامَ إِذَا مَا أَيْسَرُوا ذَكَرُوا * مَنْ كَانَ يَأْلَفُهُمْ فِي الْمَنْزِل الْخَشِنِ"*

البيت الأخير لأبي تَمَّام، وقد نبّه ابن العميد على التضمين بقوله: "ولم يكن في ضروب الشِّعْرِ أنْشَدَني".

وأحْسَنُ التضمين ما زاد على الأصل أمراً حسناً، كتورية، أو تشبيه، ومنه قول ابن أبي الإِصبع مستغلاًّ شعر المتنبي لمعنى آخر غير الذي قصده:

*إِذَا الْوَهْمُ أَبْدَى لِي لَمَاهَا وَثَغْرَهَا * "تَذَكَّرْتُ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ وَبَارقِ"*

*وَيُذْكِروني مِنْ قَدِّهَا وَمَدامِعِي * "مَجَرُّ عَوَالينَا وَمَجْرَى السَّوابِقِ"*

الشطران الثانيان مطلع قصيدة للمتنبّي يمدح بها سيف الدولة، ولم يُنَبّه ابن أبي الإِصبع على التضمين لأن قصيدة المتنبّي مشهورة عند المشتغلين بالأدب.

الْعُذَيب وبَارِق: موضعان بظاهر الكوفة مَجَرُّ عَوَالينا: أي: مكان جرّ الرماح، وحركة جرّها. ومَجْرى السَّوابق: أي: مكان جري الخيل السوابق، وحركةُ جريها.

فأخذ ابن أبي الإِصبع من "الْعُذَيْب" معنى عذوبة ريق صاحبته، وأخذ من "بَارِق" البريق الذي يُرَى من ثغرها، على سبيل التورية.

وشبّه قدّها بحركة جرّ الرّماح، وشبّه جريان دمعهِ بِجَرْيِ الخيل السوابق.

قالوا: ولا يَضُرُّ التغيير اليسير عند التضمين.

والتضمين على حَالتين:

* فإِذا بلغَ مقدارُه تضمينَ بيت فأكثر، فقد يُطْلَق عليه لفظ "الاستعانه".

* وإذا كان مقدارُهُ شَطْرَ بيتٍ أوْ دونه، فقد يُطْلٌَ عليه "الإِيداع" إذ الشاعر قد أودع شعره شيئاً من شعر غَيْره، وقَدْ يُطْلَقُ عليه "الرَّفْوُ" لأنّ الشاعر "رَفَا" خَرْقَ شِعْرِه بشيءٍ من شعر غيره.

الفرع الثاني: "الْعَقْد":

وهو أن ينظم الشاعر نثراً لغيره لا على طريقة الاقتباس.

* ومن الْعَقْد قول أبي العتاهية:

 

 

ص867

*مَا بَالُ مَنْ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ * وَجِيفَةٌ آخِرُهُ يَفْخَرُ؟!*

عقد أو العتاهية في هذا البيت قول عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه:

"وَمَا لابْنِ آدَمَ والْفَخْرَ، وإِنَّمَا أَوَّلُهُ نُطْفَة، وآخِرُهُ جِيفَة".

ومن الْعَقْدِ قول أبي العتاهية أيضاً:

*وَكَانَتْ فِي حَيَاتِكَ لِي عِظَاتٌ * وَأَنْتَ الْيَوْمَ أَوْعَظُ مِنْكَ حَيّاً*

عقَدَ في هذا البيت قول بعض الحكماء في الإِسْكَنْدَرِ لمّا توفّي:

كَانَ الْمَلِكُ أَمْسِ أنْطَقَ مِنْهُ الْيَوْم، وهُوَ الْيَوْمَ أَوْعَظُ مِنْهُ أَمْسِ".

الفرع الثالث: "الحلّ":

وهو أن يَنْثُر الكاتب أو المتكلّم شِعْراً لِغَيرِهِ، ويكون حَسَناً إذا كان سَبْكُ الحلِّ حسَنَ الموقع، مستقرّاً غير قَلِقٍ، وافِياً بمعاني الأصل، غَيْرَ ناقصٍ في الْحُسْنِ عن سَبْكِ أصْلِه، أو أن يكون بمثابة الشَّرْح لدقائقه، وإلاَّ كان عملاً غَيْرَ مقبولٍ في الأعمال الأدبية.

* ومن أمثلة الحلِّ الَّتي ذكرها البلاغيون قول بعض المغاربة، يَصِفُ شخصاً بأنَّه سَيِّئُ الظَّنّ، إذْ يَقِيسُ غَيْرَهُ عَلَى نَفْسِه:

"فَإِنَّهُ لَمَّا قَبُحَتْ فَعَلاتُهُ، وَحَنْظَلَتْ نَخَلاتُهُ، لَمْ يَزَلْ سُوءُ الظَّنِّ يَقْتَادُهُ، وَيُصَدِّقُ تَوَهُّمَهُ في الّذِي يَعْتَادُه".

حلّ بقوله قول المتنبّي:

*إِذَا سَاءَ فِعْلُ الْمَرءِ سَاءَتْ ظُنُونُهُ * وَصَدَّقَ مَا يَعْتَادُهُ مِنْ تَوَهُّم*

أي: ما يتوهُّمُه من أنّ الآخرين أساءوا يُصَدِّقُ توهُّمَهُ فيهم، لأنَّهُ يقيسُهم على نفسه، وما يَعْتَادُه من سوء عَمَل.

* ومنه قول صاحب "الوشي المرقوم في حلّ المنظوم" يصف قلم كاتب:

"فَلاَ تَحْظَى بِهِ دَوْلَةٌ إِلاَّ فَخَرَتْ عَلَى الدُّوَل، وَغَنِيَتْ بِهِ عَنِ الْخَيْلِ والْخَوَلِ، وَقَالَتْ: أَعْلَى الْمَمَالِكِ مَا يُبْنَى عَلَى الأَقْلاَمِ لاَ عَلَى الأَسَل".

 

ص868

العبارة الأخيرة حلّ لقول أبي الطيّب مع ردّ لمقاله وجعل أعْلَى الممالك ما يبنى على الأقلام:

*"أَعْلَى الْمَمَالِكِ مَا يُبْنَى عَلَى الأَسَلِ" * وَالطَّعْنُ عِنْدَ مُحِبِّيهِنَّ كَالْقُبَلِ.

الفرع الرابع: "التَّلْمِيح":

وهو أن يُشِيرُ الناثر أو الشاعر إلى قصة أو شعْرٍ أو نثرٍ ذكر ما أشار إليّه.

* ومنه قول أبي تَمَّام:

*لَحِقْنَا بأُخْرَاهُمْ وَقَدْ حَوَّمَ الْهَوَى * قُلُوباً عَهِدْنَا طَيْرَهَا وَهْيَ وُقَّعُ*

*فَرُدَّتْ عَلَيْنَا الشَّمْسُ وَاللَّيْلُ رَاغِمٌ * بِشَمْسٍ لَهُمْ مِنْ جَانِبِ الْخِدْرِ تَطْلُعُ*

*نَضَا ضَوْؤُهَا صِبْغَ الدُّجُنَّةِ وانْطَوَى * لِبَهْجَتِهَا ثَوْبُ السَّمَاءِ الْمُجَزَّعُ*

*فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَأَحْلاَمُ نَائِمٍ * ألَمَّتْ بِنَا أَمْ كَانَ فِي الرّكْبِ يُوشَعُ*

فقد أشار إلى قصّة يُوشع عليه السلام على ما رُوي أنّه قاتل الجبّارين يوم الجمعة، فلمَّا أدبَرَتِ الشمس خاف أن تغيب قبل أن يفرغ منهم، ويدخل السبت فلا يحلّ له قتالهم، فدعا الله عزَّ وجلَّ فردّ له الشمس حتّى فرغ من قتالهم.

ومنه قول أبي تمّام أيضاً:

*لَعَمْرٌو مَعَ الرَّمْضَاءِ وَالنَّارُ تَلْتَظِي * أَرَقُّ وَأحْفَى مِنْكَ في سَاعَةِ الْكَرْبِ*

يشير إلى البيت المشهور:

*الْمُسْتَجِيرُ بِعَمْروٍ عِنْدَ كُرْبَتِهِ * كَالمُسْتَجِيرِ مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ*

وقصة ذلك أنّ عمرواً تَرصَّدَ كُلَيْباً حتى ابتعد عن الحمى، فركب فرسه فأتبعه فرمَى صُلْبَهُ، ثُمَّ وقَفَ عليه فقال له: يا عَمْرو أغِثْنِي بِشَرْبَةِ ماءٍ فَأَجْهَزَ عليه، فمات، فقيل هذا البيت.

ونشبت العداوة بين تغلب وبكر أربعين سنة، وكان سببها ناقةً رماها كليب فقتلها، وكان اسم هذه الناقة أو اسم صاحبتها "الْبَسُوس" وفيها قيل: "أشأم من البسوس" وهذه الحادثة من حروب الجاهليّة قبل الإِسلام في قبائل العرب.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.