المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
مسائل في زكاة الفطرة
2024-11-06
شروط الزكاة وما تجب فيه
2024-11-06
آفاق المستقبل في ضوء التحديات
2024-11-06
الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / حرمة الربا.
2024-11-06
تربية الماشية في ألمانيا
2024-11-06
أنواع الشهادة
2024-11-06



ذكر الجن والعفاريت والأشباح  
  
1331   03:38 مساءاً   التاريخ: 23-03-2015
المؤلف : د. علي الشعيبي
الكتاب أو المصدر : الإيجابية والسلبية في الشعر العربي بين الجاهلية والإسلام
الجزء والصفحة : ص204-205
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8945
التاريخ: 22-03-2015 11186
التاريخ: 3-12-2019 5099
التاريخ: 23-03-2015 20382

حديث الجن وحده كافٍ، فهو تعزيز سلبي يضعف الحقائق الموضوعية. ولسنا بهذا نعني إنكاراً له، لا، لكن الذي نريده في معرض تبيان ما يسيء إلى تربية المرء والأطفال خاصة أن نبين مدى الخرافات التي امتلأ بها بعض الشعر فأساء إلى تربية الأطفال، وأوقعهم بالخوف.

وقد أدرك الجاحظ هذه الحقيقة وكشف خطرها في تربية الأطفال، ثم راح يعلل تصورهم في هذا الأمر فقال(1): "إذا استوحش الإنسان تمثل له الشيء في صورة الكبير وارتاب وتفرق ذهنه وانتقصت أخلاطه، فرأى ما لا يرى، وسمع ما لا يسمع وتوهم على الشيء اليسير الحقير أنه عظيم جليل ثم جعلوا ما تصور لهم من ذلك شعراً تناشدوه، وأحاديث توارثوها، فازدادوا بذلك إيماناً، ونشأ عليه الناشئ، وربى به الطفل...".

ومن هذه الأحاديث ما كان الأعرابي يعلل به سبب إسلامه، ترفعاً كيلا يقال بأنه أسلم عنوة أو خوفاً!

وفد سوادُ بنُ قارب على عمر بن الخطاب، وكان كاهناً. وحدّث عمر قائلاً: كان لي نجيٌّ من الجن، إذ أتاني في ليلة وأنا كالنائم فركضني برجله ثم قال: "قم يا سواد، فقد ظهر بتهامة نبي يدعو إلى الحق وإلى صراط مستقيم. قلت له: تنح عنّي فإني ناعس، فولّى عني وهو يقول(2):

 

عجبت للجن وتبكارها ... وشدّه العيس بأكوارها

تهوى إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمنو الجن ككفارها

فارحل إلى الصَّفوة من هاشم ... بين روابيها وأحجارها

 

كل هذه المفاهيم يعيشها رجال القبلية وأفرادها، كما يتوارثونها أبّاً عن جد، وهذا يشير إلى ما تنطوي عليه علاقة الفرد بالمجتمع، من علاقة تتأثر بقواعد السّلوك السائدة في القبيلة، كما تتأثر بالمفاهيم التي تؤمن بها القبيلة فتنعكس على تصرفاته، ويتغير ما في نفسه من فطرة سليمة وهذا مصدر الخطر السلبي الذي ينجم عن التربية من خلال المفاهيم الاجتماعية السلبية.

إن هذه المفاهيم السلبية ما زالت تحظى برصيد هائل وكبير في بعض البيئات الإسلامية، وربما كان من المفيد أن نتذكر خطر التعميم، وإلا كنّا نقول بأن أغلب البيئات الاجتماعية الإسلامية ما زالت مشدودة إلى الوراء مدة ألفي عام بفضل هذه الترّهات التربويّة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجاحظ، الحيوان: ج6/ ص 250-251.

 

 (2) جمهرة أشعار العرب. ج1/ ص 51 وما بعد.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.