المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05

Monogenic Function
18-10-2018
تصنف شبكة شوارع المدينة - التصنيف حسب معياري المرتبة والسعة
7-1-2023
معنى كلمة عسى
17-12-2015
طبقات العرب قبل الاسلام واصل التقسيمات
5-2-2017
Possessive Pronoun
23-5-2021
الـرقابـة عـلـى المـبـيعـات (نـظـام معـلومـات)
2024-03-26


موضوعات الكتابة في الجاهلية  
  
5097   06:37 صباحاً   التاريخ: 3-12-2019
المؤلف : ناصر الدين الأسد
الكتاب أو المصدر : مصادر الشعر الجاهلي
الجزء والصفحة : ص :59-75ج1
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015 2548
التاريخ: 22-03-2015 1473
التاريخ: 22-03-2015 3071
التاريخ: 4-12-2019 4166

موضوعات الكتابة في الجاهلية:

إن الكتابة كانت شائعة عند عرب الجاهلية شيوعًا يكفى لأن ينفي عنهم ما ألحقه بهم تاريخنا الأدبي من وصمة الجهل والأمية. ولعلنا في غنى عن أن نقرر أننا -في حكمنا هذا بشيوع الكتابة في الجاهلية- لا نملك الوسيلة التي تحدد لنا مدى هذه الوسيلة عند سائر الأمم التي سبقت عرب الجاهلية أو عاصرتهم أو تلتهم. فعلم الإحصاء علم حديث النشأة لم نعرفه إلا في عصرنا الحديث، وبغيره لا سبيل إلى القطع الجازم في مدى شيوع الكتابة عند أية أمة من أمم الأرض(1). وحكمنا على عرب الجاهلية لا يختلف عن حكمنا عن الإغريق أو
(1/59)

البابليين أو الفينيقيين أو المصريين القدماء في إبان حضارتهم. فهل كانت الكتابة شائعة عند الإغريق والفينيقيين والمصريين القدماء؟ أحسب أن نعم. وهل كان شيوعًا عامًّا يشمل كل فرد في تلك الأمم؟ أو كان تعميمًا غالبًا يشمل الكثرة الكاثرة منها؟ سؤال لا سبيل إلى القطع فيه، ولكن المنطق المادي لتاريخ أدوات الكتابة وآلاتها يجعلنا نرجح أن الشيوع العام الشامل أو التعميمي الغالب عسير المنال في مثل تلك الأطوار التاريخية. بل ما لنا نبعد والأمثلة قريبة بين أيدينا؟ فهل الكتابة شائعة الآن في البلاد العربية؟ لا ريب أنها كذلك، وأمثلة شيوعها واضحة في هذه الجامعات والمعاهد العالية، والمدارس المختلفة، والمطبوعات والمنشورات والصحف؛ فهل شيوعها عام شامل لكل فرد، أو هو تعميمي غالب يشمل الكثرة الكاثرة؟ الحق أنه لا هذا ولا ذاك. ومع أننا نفتقد الإحصاء الدقيق إلا أن المعروف أن شيوع الكتابة في البلاد العربية، لعصرنا هذا, لا يشمل إلا نسبة ضئيلة من قطان هذه البلاد تتراوح بين عشرين وثلاثين لكل مائة. أما الثمانون أو السبعون الباقون من كل مائة فما زالوا بعيدين عن أن تصل إليهم معرفة الكتابة. ومع أن هذه النسبة للكاتبين نسبة ضئيلة إلا أنه عددهم كبير، فهم -على قلتهم- يعدون بالملايين.
فنحن إذن لا نقصد بشيوع الكتابة بين عرب الجاهلية أن كل عربي آنذاك كان كاتبًا، بل لا نقصد أن الكثرة الغالبة كانت كاتبة، وإنما نقصد أن الكتابة كانت أمرًا معروفًا مألوفًا شائعًا عند قومنا آنذاك، كما كانت الأمية شائعة منتشرة؛ وأن عدد الكاتبين كان كبيرًا، كما كان عدد الأميين كبيرًا. أما تحديد العدد وتحديد النسبة فأمران لا سبيل لنا ولا لغيرنا إلى بيانهما.
بقي أمران يتم بهما هذا الفصل، أولهما: استقراء الموضوعات التي كان عرب الجاهلية يكتبونها، وثانيهما: الكشف عن أدوات الكتابة وآلاتها آنذاك.

(1/60)

أما موضوعات الكتابة في العصر الجاهلي فقد كانت -فيما يبدو لنا من استقرائنا- كثيرة متنوعة، فقد كان القوم آنذاك يكتبون كثيرًا من شئون حياتهم وألوانًا متعددة من الموضوعات التي يفرضها عليهم نشاطهم العملي أو العلمي أو الوجداني. ومع اعترافنا بأن استقراءنا ناقص -بسبب إغفال المصادر العربية هذا اللون من النشاط العلمي في الجاهلية- فقد وصلنا إلى أمور نراها جديرة بالذكر والتسجيل. وسنسردها هنا غير مراعين في ترتيبنا لها تقديم الأهم على المهم، ولا الأكثر على الكثير؛ لأن الحكم على أهمية هذه الموضوعات أو كثرتها حكم لا نملك الآن وسائله.
وأول هذه الموضوعات التي كانوا يدونونها: الكتب الدينية: ونحن لا نشك في أن أهل الكتاب: اليهود والنصارى، كانت كتبهم مدونة بين أيديهم يتلونها، وأن هذه الكتب لم تكن نسخًا قليلة العدد موقوفة على الرهبان والأحبار وحدهم، وإنما كانت مصاحف كثيرة يتداولها أهل هاتين الديانتين، حتى إن المسلمين بعد فتح خيبر وجدوا مصاحف فيها التوراة فجمعوها ثم ردوها على اليهود(2).
وقد مر بنا أن ورقة بن نوفل "كان يكتب الكتاب العبراني فيكتب بالعبرانية من الإنجيل ما شاء أن يكتب"(3). ومع أن هذا النص يشير إلى أن التوراة والإنجيل كانا مكتوبين بالعبرية أو السريانية(4)، وأن بعض العرب كان يقرؤهما بهذه اللغة فإنه -مع ذلك- لا ينفي أن هذين الكتابين كانا يكتبان بالعربية، وأن بعض العرب كان يقرؤهما بهذه اللغة. فنحن نعلم أن قبائل عربية
(1/61)

كاملة كثيرة العدد كانت قد تهودت أو تنصرت(5). فهل كان هؤلاء العرب لا يقرءون كتبهم الدينية؟ أو هل كانوا يقرءونها باللغة العبرية أو بغيرها من اللغات؟ وهل من المعقول أن نفترض أن هؤلاء العرب كانوا، حين يتهودون أو يتنصرون، يشترط فيهم أن يتعلمون العبرية أو الآرامية؟ الأقرب إلى المعقول أن نفترض أنهم كانوا يقرءون كتبهم الدينية مترجمة إلى لغتهم العربية. وليس هذا في الحق فرضًا أو استنتاجًا لا تدعمه النصوص، وإنما هو نتيجة أملتها علينا -مع سلامة المنطق- شواهد من الروايات:
ففي حديث سويد بن الصامت أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لعل الذي معك مثل الذي معي! فقال: وما الذي معك؟ قال سويد: مجلة لقمان(6) يريد كتابًا فيه حكمة لقمان(7). فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعرضها علي. فعرضها عليه، فقال له: إن هذا لكلام حسن والذي معي أفضل من هذا، قرآن أنزله الله تعالى، هو هدى ونور(8).
وقد مر بنا حديث خالد بن عرفطة حين كان جالسًا مع عمر بن الخطاب فأُتي برجل من عبد القيس نسخ كتاب دانيال، فضربه عمر وقال له: انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض، ولا تقريه أحدًا من الناس، فلئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدًا من الناس لأنهكنك عقوبة. ثم قال عمر: انطلقت أنا فانتسخت كتابًا من أهل الكتاب، ثم جئت به في أديم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا في يدك يا عمر؟ قلت: يا رسول الله كتاب
(1/62)

انتسخته. لنزداد به علمًا إلى علمنا فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه(9).
وقال عمرو بن ميمون الأودي(10): كنا جلوسًا بالكوفة فجاء رجل، ومعه كتاب، فقلن: ما هذا الكتاب؟ قال: كتاب دانيال. فلولا أن الناس تحاجزوا عنه لقُتل، وقالوا: أكتاب سوى القرآن!
وقال عمر بن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم(11): إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال: أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟
وقال مُرة(12): بينما نحن عند عبد الله بن مسعود إذ جاء ابن قرة بكتاب قال: وجدته بالشام، فأعجبني فجئتك به. فنظر فيه عبد الله ثم قال: إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم الكتب. وتركهم كتابهم. ثم دعا بطست فيه ماء فماثه فيه ثم محاه فقال مُرة(13): أما إنه لو كان من القرآن أو السنة لم يمحه ولكن كان من كتب أهل الكتاب.
يفهم من هذه الأخبار والأحاديث أن هذه الكتب كانت مكتوبة بالعربية لغة القوم، وإلا فهل كان سويد بن الصامت يحمل معه مجلة لقمان وهي مكتوبة بغير العربية؟ وهل قرأها على رسول الله بتلك اللغة وفهمها رسول الله؟ ثم هل كان هذا الرجل العربي من عبد القيس قد نسخ كتاب دانيال من لغة غير عربية؟ وهل نهاه عمر أن يقرأه وأن يقرئه أحدًا من الناس بتلك اللغة غير العربية؟ وهل كان ذلك شأن عمر حينما نسخ كتابًا من كتب أهل الكتاب فأغضب رسول الله؟ ثم هذا الكتاب الذي جاء به ابن قرة من الشام "فنظر فيه" عبد الله بن
(1/63)

مسعود ثم محاه؛ لأنه لم يكن من القرآن أو السنة وإنما كان من كتب أهل الكتاب، أترى عبد الله بن مسعود نظر فيه وعرف ذلك وهو مكتوب بغير العربية؟
فلعل القوم كانوا يكتبون الكتب الدينية بالكتابة العربية كما كانوا يكتبونها بغير العربية.
ومن الشعر الجاهلي الذي يشير إلى معرفة عرب الجاهلية بهذه الكتب الدينية قول خزز بن لوذان(14):
وكذاك لا خير ولا ... شر على أحد بدائم
قد خط ذلك في الزبو ... ر الأوليات القدائم
ومنه قول امرئ القيس(15):
أتت حجج بعدي عليها فأصبحت ... كخط زبور في مصاحف رهبان
وقول السموءل يصف اليهود(16):
وبقايا الأسباط يعقو ... ب دراس التوراة والتابوت
وقول النابغة يمدح الغساسنة النصارى ويذكر الإنجيل(17):
مجلتهم ذات الإله ودينهم ... قويم فما يرجون غير العواقب
(1/64)

-3-
ولعل الموضوع الثاني الذي كانوا يكتبونه، حريصين على كتابته ما وسعهم الحرص، هو هذه العهود والمواثيق والأحلاف التي يرتبطون بها فيما بينهم أفرادًا وجماعات. قال الجاحظ(18): "كانوا يدعون في الجاهلية من يكتب لهم ذكر الحلف والهدنة تعظيمًا للأمر، وتبعيدًا من النسيان". وقد ورد ذكر هذه العهود المكتوبة في الشعر الجاهلي، قال الحارث بن حلزة اليشكري في شأن بكر وتغلب(19):
واذكروا حلف ذي المجاز وما ... قدم فيه، العهود والكفلاء(20)
حذر الجور والتعدي، وهل ينـ ... ـقض ما في المهارق الأهواء؟
وذكر الجاحظ أنه "لا يقال للكتب:
مهارق، حتى تكون كتب دين أو كتب عهود وميثاق وأمان".
ومن الشعر الجاهلي الذي تذكر فيه هذه المهارق قول الأعشى(21):
ربي كريم لا يكدر نعمة ... وإذا يناشد بالمهارق أنشدا
وربه هذا إنما يعني به سيدًا كريمًا متفضلًا عليه -كما يتضح من البيت السابق لهذا البيت- والمهارق هنا قد تعني الكتب الدينية، فيصف هذا السيد بالتدين وبأنه يلبي داعي الدين إلى صلة المحروم وإعطاء المحتاج، وقد تعني المهارق كتب العهود والأحلاف، فيكون معنى البيت أن هذا السيد الكريم لا يخفر ذمته ولا ينقض عهده، وإنما يفي بما عاهد عليه، فإذا ما ذكره بهذه العهود المكتوبة في المهارق بادر إلى المحافظة عليها والوفاء بها.
(1/65)

ومن أوضح الشعر الجاهلي الذي يذكر هذا الضرب من تسجيل الأحلاف والعهود: قول درهم بن زيد الأوسي يُذكِّر الخزرج ما بينهم من عهود مكتوبة على الصحف(22):
وإن ما بيننا وبينكم ... حين يقال: الأرحام والصحف
وقول قيس بن الخطيم(23):
لما بدت غدوة جباههم ... حنت إلينا الأرحام والصحف
يعني بالصحف: العهود والمواثيق والأحلاف المسجلة في الصحائف.
ومن الأحلاف التي كتبت في الجاهلية حلف خزاعة، بين عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجال من خزاعة، وكتب لهم الحلف أبو قيس بن عبد مناف بن زهرة، وعلقوا الكتاب في الكعبة(24)؛ وقد جاء خزاعة رسول الله يوم الحديبية بكتاب جده فقرأه عليه أبي بن كعب(25).
وقد زعم أبو حنيفة الدينوري(26) أن عمر بن إبراهيم من ولد أبرهة بن الصباح ملك حمير أرسل إلى الكرماني نسخة حلف اليمن وربيعة الذي كان بينهم في الجاهلية. ثم أورد نص هذا الحلف.
ومن أشهر هذه العهود والمواثيق: صحيفة قريش التي تعاقدوا فيها "على بني هاشم وبني المطلب على ألا ينكحوا إليهم ولا يُنكحوهم، ولا يبيعوهم شيئًا ولا يبتاعوا منهم. فلما اجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة، ثم تعاهدوا وتواثقوا على ذلك، ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيدًا على أنفسهم(27)".
(1/66)

 (1/67)

وكما كانوا يكتبون العهود والأحلاف بين الجماعات، كانوا كذلك يكتبون العهود والمواثيق بين الأفراد. ومن أمثلة ذلك حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال(33): كاتبت أمية بن خلف كتابًا في أن يحفظني في صاغيي بمكة وأحفظه في صاغيته بالمدينة(34).
ويبدو أنهم كانوا يسجلون كل أمر عام ذي بال يتصل بمجموع الناس أو بجماعات منهم -إذا أرادوا لهذا الأمر توكيدًا أو أرادوا أن يشهدوا عليه الملأ- ولا يقتصرون في ذلك على الأحلاف والمواثيق. فمن أمثلة هذه الأمور العامة التي كانوا يسجلونها ما قاله أبو جهل للعباس بن عبد المطلب حين شاعت في مكة رؤيا أخته عاتكة بنت عبد المطلب، قال(35): "يا بني عبد المطلب، أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم! قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال(36): انفروا من ثلاث. فسنتربص بكم هذه الثلاث، فإن يك حقًّا ما تقول فسيكون، وإن تمض الثلاث، ولم يكن من ذلك شيء، نكتب عليكم كتابًا أنكم أكذب أهل بيت في العرب".
ومما يتصل بكتابة العهود والمواثيق والأحلاف كتابة كتب الأمان، وربما كانت أقل من سابقتها إذ أنها لا تصدر إلا في حالات لا تتكرر كثيرًا. فمن ذلك كتاب النعمان الذي أرسله إلى الحارث بن ظالم وهو في مكة يؤمِّنه(37)، فلما ذهب إليه الحارث ودخل عليه قال: أنعم صباحًا أبيت اللعن. قال النعمان: لا أنعم الله صباحك. فقال الحارث: هذا كتابك! قال النعمان: كتابي والله ما أنكره أنا كتبته لك ...
(1/67)

في آخر الخبر: "وكان الخط شبه خط النساء" ناقض لقوله إنه بخط عبد المطلب؟ أو أنه يقصد إلى القول إن هذا الخط الذي هو خط عبد المطلب شبه خط النساء؟ فنحن إذن نضعف ذلك الخبر على هذا الوجه الذي ورد عليه، وإن كنا مع ذلك لا نستطيع أن نقطع بنفيه؛ لأننا نرى أن الخبر في جوهره: وهو أن ثمة صكًّا ما فيه حق لعبد المطلب على رجل حميري لا سبيل إلى الطعن فيه.
وقد كان كثير من القوم آنذاك تجارًا، فكان من الطبيعي أن يكثر عندهم هذا الضرب من الكتابة يحفظون به حقوقهم أن تضيع، حتى لقد كانت النساء التاجرات يلجأن إلى هذه الوسيلة، شأنهن في ذلك شأن الرجال. فقد رُوي أن عبد الله بن أبي ربيعة كان يبعث بعطر من اليمن إلى أمه أسماء بنت مخربة، وهي أم أبي جهل، فكانت تبيعه إلى الأعطية، فذهبت إليها الربيع بنت معوذ في نسوة من الأنصار ليشترين منها العطر؛ قالت الربيع: فلما جعلت لي في قواريري، ووزنت لي كما وزنت لصواحبي، قالت: اكتبن لي عليكن حقي. فقلت: نعم، اكتب لها على الربيع بنت معوذ ... (38)
وقد حفظ لنا الشعر الجاهلي ذكر هذا الضرب من الصحف التي يسجل فيها الدين، قال علباء بن أرقم بن عوف من بني بكر بن وائل(39):
أخذت لدين مطمئن صحيفة ... وخالفت فيها كل من جار أو ظلم
وقال أبو ذؤيب الهذلي يصف كاتبًا من اليمن يكتب دينه على رجل آخر يُثني عليه الناس بالوفاء(40):
عرفت الديار كرقم الدوا ... ة يزبره الكاتب الحميري
(1/68)

برقم ووشي كما زخرفت ... بميشمها المزدهاة الهدى
أدان وأنبأه الأولو ... ن أن المدان الملي الوفي
فنمنم في صحف كالريا ... ط فيهن إرث كتابٍ محي
وثمة ضرب آخر من الصكوك، وهي التي يسجل فيها ما كان يقطعه الأمير أو السيد للمتعرض لنواله، وكان هذا الصك يُسمى: الوصر، والإصر، والأوصر، والوصرة. ووصره: أقطعه أرضًا وكتب له الوصر(41). قال عدي بن زيد(42):
فأيكم لم ينله عرف نائله ... دثرًا سوامًا وفي الأرياف أوصارا
أي: أقطعكم وكتب لكم السجلات.
وذكر شاعر، بعده، هذا الضرب من الصكوك فقال -يشير إلى فرسه: صدام، ويخاطب خاتمه(43):
وما اتخذت صدامًا للمكوث بها ... ولا انتقشتك إلا للوصرات
وهذا الضرب من الصكوك قد يسمى أيضًا القط، وجمعها: قطوط. قال الأعشى(44):
ولا الملك النعمان يوم لقيته ... بإمته يُعطِي القطوط ويأفق
أي: يدفع إلى الناس صكوكهم بما أقطعهم أو بما قسم لهم من جوائز.
وقال المتلمس لما ألقى الصحيفة المشهورة في نهر الحيرة(45):
(1/69)

وألقيتها بالثني من جنب كافر ... كذلك أُلقِي كل قط مضلل
وقد جاء ذكر القط أيضًا في التنزيل الحكيم، قال تعالى:
 وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} (46)
-5-
وضرب رابع أحسبه لا يقصر عن الضروب السابقة كثرة واتساعًا وخطرًا، وهو كتابة الرسائل بين الأفراد، يحملونها أخبارهم، ويضمنونها ما تتطلبه شئون حياتهم. ومن يقرأ أخبار الجاهلية في كتب الأدب أو كتب التاريخ يعجب لكثرة رسائلهم آنذاك، ويكد يلمس أن كتابة الرسائل في الجاهلية أمر مألوف ميسور شائع في شتى الشئون. وسنكتفي -توخيًا للإيجاز- بذكر أمثلة قليلة، ثم لا نثبت نصوصها بل نشير إشارة مقتضية إلى موضوعها.
فمن رسائلهم التي كانوا يحملونها أخبارهم ما كتبه حنظلة بن أبي سفيان إلى أبيه -وكان أبو سفيان مع العباس بن عبد المطلب بنجران في اليمن- فكتب حنظلة إليه يخبره بقيام محمد بن عبد الله يدعو إلى الله(47).
ومنها كتاب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرهم، وكان كتابه إلى ثلاثة نفر: صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل، يقول فيه: إن رسول الله قد أذن في الناس بالغزو، ولا أراه يريد غيركم، وقد أحببت أن يكون لي عندكم يد بكتابي إليكم(48)
(1/70)

ومنها رسالة الوليد بن الوليد بن المغيرة إلى أخيه خالد بن الوليد، وذلك أن خالدًا خرج من مكة فرارًا أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في عمرة القضية، كراهة للإسلام وأهله، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه الوليد، وقال: لو أتانا لأكرمناه، وما مثله سقط عليه الإسلام في عقله. فكتب بذلك الوليد إلى خالد أخيه، فوقع الإسلام في قلب خالد، وكان سبب هجرته(49).
وقدم على الحارث بن مارية الغساني الجفني رجلان من بني نهد بن زيد يقال لهما: حزن وسهل ابنا رزاح. وكان عندهما حديث من أحاديث العرب، فاجتباهما الملك، ونزلا بالمكان الأثير عنده، فحسدهما زهير بن جناب الكلبي -وكان ينادم الحارث ويحادثه- فقال له إنهما عين عليه للمنذر الأكبر -جد النعمان بن المنذر- "وهما يكتبان إليه بعورتك وخلل ما يريان منك"(50).
وكانوا يكتبون الرسائل يطلبون فيها العون والنصرة، ومن أمثلة ذلك: كتاب قصي بن كلاب إلى أخيه ابن أمه رزاح بن ربيعة بن حرام العذري يدعوه إلى نصرته(51)، وكتاب السموءل إلى الحارث بن أبي شمر الغساني يوصي بامرئ القيس لعله يمده بما يحقق له أمله(52).
وكان المسافرون النازحون يكتبون إلى أهلهم بما يعرض لهم من أمور. فهذه أم سلمة لما قدمت المدينة، وذلك قبل زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرتهم أنها بنت أبي أمية بن المغيرة، فكذبوها، وقالوا: ما أكذب الغرائب! "حتى أنشأ ناس منهم للحج، فقالوا: أتكتبين إلى أهلك؟ فكتبت معهم. فرجعوا إلى المدينة فصدقوها"(53).
(1/71)

وكتب الزبرقان بن بدر إلى زوجته أن تحسن إلى الحطيئة وتستوصي به خيرًا(54).
وقد كانوا يبدؤون كتبهم هذه بـ "باسمك اللهم"، ويقال إن أمية بن أبي الصلت هو الذي علم أهل مكة ذلك فجعلوها في أول كتبهم(55). فكانت قريش تكتب في جاهليتها "باسمك اللهم" وكان النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، ثم نزلت سورة "هود" وفيها {بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يكتب في صدر كتبه "بسم الله"، ثم نزلت في سورة "بني إسرائيل: {قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} فكتب "بسم الله الرحمن" ثم نزلت في سورة "النمل": {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فجعل ذلك في صدر الكتب إلى الساعة(56).
-6-
وضرب سادس من الكتابة لا ندري عنه إلا النزر اليسير، ولكنا مع ذلك لا نستبيح إغفاله؛ لأننا في هذا الاستقصاء إنما نثبت كل ما عثرنا عليه، وعسى أن يكمل غيرنا ما فيه من نقص، أو يفصل ما فيه من إيجاز. وهذا الضرب السادس هو: مكاتبة الرقيق. وذلك أن يتفق العبد وسيده على قدر معلوم من المال يكون في الغالب مساويًا لثمنه، فإذا أداه لسيده عتق وأصبح حرًّا.
وأغلب الظن أن هذا الاتفاق كان يتم في بعض الأحوال شفاهًا لا تسجيل فيه، ولكنه في حالات أخرى يسجل ويكتب، فقد رُوي أن أبا أيوب
(1/72)

الأنصاري ندم على مكاتبة مولاه أفلح، فأرسل إليه فقال: إني أحب أن ترد إليَّ الكتاب، وأن ترجع كما كنت. فقد لأفلح ولده وأهله: أترجع رقيقًا وقد أعتقك الله؟ فقال أفلح: والله لا يسألني شيئًا إلا أعطيته إياه. فجاءه بمكاتبته فكسرها (57).
وكذلك قال بكار بن محمد: "مكاتبة أنس بن مالك سيرين الصك في صحيفة حمراء عندنا: هذا ما كاتب عليه ... ، قال بكار: الطينة التي فيها الخاتم وسط الصحيفة والكتاب حولها"(58).
والمرجح أن هذه المكاتبة لم تكن أمرًا مستحدثًا في الإسلام، وإنما كانت من أمور الجاهلية التي أقرها الإسلام وثبتها، وإنما كانت في الجاهلية تتوقف على رغبة السيد أو المالك، فقد يأذن لعبده أن يكاتبه وقد يمنعه. فلما جاء الإسلام فرض على المسلم أن يستجيب لعبده إذا أراد المكاتبة، وذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ ... } (59).
ودليل وجود هذا الضرب من الكتابة في الجاهلية ما تذكره كتب التفسير من أسباب نزول هذه الآية، وذلك أنها نزلت في غلام لحويطب بن عبد العزى يقال له: صبح -وقيل صبيح- طلب من مولاه أن يكاتبه، فأبى، فأنزل الله تعالى هذه الآية فكاتبه حويطب(60). فقد طلب الغلام المكاتبة إذن قبل نزول هذه الآية، وذلك امتداد لما ألفوه قبل الإسلام، ولكن مولاه أبى عليه، حتى إذا نزلت الآية كاتبه. وبذلك أصبحت المكاتبة نظامًا ملزمًا في الإسلام.
(1/73)

-7-
وثمة موضوعات أخرى للكتابة فرعية جزئية، آثرنا أن نجمعها معًا ونقرنها في عقال واحد. فمنها: النقش في الخاتم. والخاتم على أنواع:
أ- فمنها الخاتم الذي تختم به الرسائل، وقد ورد ذكره في الشعر الجاهلي، فمن ذلك قول امرئ القيس(61):
ترى أثر القرح في جلده ... كنقش الخواتم في الجرجس
والجرجس هنا: إما الطين الذي يختم به، وإما الصحيفة نفسها.
وقال المخبل السعدي يذكر رجلًا أعطاه النعمان بن المنذر خاتمه، ويقال لخاتم الملك الحلق(62):
وأُعطِي منَّا الحلق منا الحلق أبيض ماجد ... رديف ملوك ما تغب نوافله
ويقال إن أول من ختم الرسائل وطبعها عمرو بن هند(63) وذلك بعد الذي حدث من المتلمس في صحيفته.
وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم من ورق نقش عيه "محمد رسول الله"(64)؛ وكذلك اتخذ الصحابة رضوان الله عليهم نقوشًا مختلفة(65).
(1/74)

وكانت هذه النقوش إما كتابة عربية وإما علامات وصورًا(66).
ب- ومن أنواع الخاتم: الطابع الذي تُطبع وتختم به أوعية الطعام أو الشراب، قال الأعشى(67):
وصهباء طاف يهوديها ... وأبرزها وعليها ختم
ومن أسماء هذا الضرب من خاتم الطعام: الروسم، وهي خشبة مكتوبة بالنقر يختم بها الطعام والأكداس. والرواسيم كتب كانت في الجاهلية(68).
ومن أنواع النقش: الحفر والكتابة على الخشب، فقد رُوي أن أبا سفيان حين أراد الخروج إلى أحد امتنعت عليه رجاله. فأخذ سهمين من سهامه، فكتب على أحدهما: نعم، وعلى الآخر: لا، ثم أجالهما عند هبل، فخرج سهم الإنعام، فاستجرهم بذلك(69)!
ومن تمام الحديث على النقش أن نشير إلى موضوع آخر كانوا ينقشونه وهو: شواهد القبور على الحجارة والصخور. وقد مر بنا طرف من ذلك حين تحدثنا عن نشأة الخط العربي، ونزيد عليه ما ذكره ابن النديم(70) من أن حجرًا عثر عليه بمسجد السور عند قبر المريين حينما حسم السيل عن الأرض، وفيه كتابة نقشها أسيد بن أبي العيص تشبه أن تكون شاهد قبر .

 

 

(1/75)

 

 

__________
 (1) لقد أدرك الباحثون في هذا الضرب من الموضوعات كثرة العقبات التي تعترض سبيلهم فيقول بول مونرو
the educational renaissance of the sixteenth century في مقدمة كتابه paul Monroe
"إنه لمن الشاق العسير أن يحاول الإنسان أن يحصل على معلومات دقيقة عن النشاط التعليمي في العهود الماضية وبخاصة ما يتعلق بتفاصيل عن الحياة المدرسية". وقد أورد الدكتور أحمد شلبي هذا القول في كتابه "تاريخ التربية الإسلامية" "ط. دار الكشاف 1954 ص1" ثم عقب عليه بقوله: "وقد لمست أن ما قرره بول مونرو عن صعوبة الحصول على هذه المادة فيما يتعلق بالتعليم في أوربا، ينطبق تمام الانطباق على النظم التعليمية عند المسلمين".
فإذ كانت هذه الصعوبة قائمة عند المسلمين بعد أن كثر العلم وشاعت الكتابة وانتشرت المدارس، وإذا كانت كذلك قائمة عند الأوربيين، فما أحرى أن تكون قائمة عند دراستنا لهذا الموضوع في العصر الجاهلي ..

 المقريزي، إمتاع الأسماع: 323.(2)
 الأغاني "دار الكتب" 3: 120.(3)
 (4)يذكر الأب لويس شيخو عند حديثه عن كتابة ورقة بالعبرانية أن "عبرانية ذلك العهد هي الآرامية أو السريانية" انظر كتابه "النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية" ص157.

 ابن حزم. جمهرة أنساب العرب: 457-458.(5)
 الزمخشري. الفائق 1: 206.(6)
 لسان العرب "حلل".(7)
. ابن هشام. السيرة 2: 68.(8)

 تقييد العلم: 51-52.(9)
 (10)تقييد العلم: 56-57
 الفائق 3: 218.(11)
 تقييد العلم: 53.(12)
 سنن الدارمي 1: 123.(13)

 (14)لسان العرب "حتم"، وانظر خزانة الأدب 3: 11 حيث يذكر أن خزز بن لوذان السدوسي جاهلي.
 ديوانه "ط. هندية سنة 1906" ص125.(15)
 (16)ديوانه "ط. شيخو" ص12
 (17)ديوانه "خمسة دواوين سنة 1293" ص8، ويروى في عجز البيت: "خير العواقب" برفع "خير" خبر "ما يرجون".

 (18)الحيوان 1: 69-70
 (19)شرح المعلقات للتبريزي: 268-269، وقد شرح التبريزي البيتين بقوله: إن كانت أهواؤكم زينت لكم الغدر والخيانة بعد ما تحالفنا وتعاقدنا، فكيف تصنعون بما هو في الصحف مكتوب عليكم من العهود والمواثيق والبينات فيما علينا وعليكم؟
 الكفلاء: الرهائن.(20)
 (21) ديوانه: قصيدة: 34، بيت: 13

 (22)ديوان حسان بن ثابت. مخطوط في مكتبة أحمد الثالث بإسطنبول، رقم 2534، وميكروفيلم في معهد المخطوطات، ورقة: 20.
 ديوانه: 19.(23)
 ديوان حسان، مخطوطة أحمد الثالث، ورقة: 15-16.(24)
 محمد حميد الله، الوثائق السياسية: 50 وقد خرج هناك مصادره.(25)
 الأخبار الطوال "ط. السعادة 1330هـ" ص336.(26)
 ابن هشام، السيرة 1: 375-376.(27)

 الزمخشري، الفائق 2: 26.(28)
 الصاغية: هم الذين يصغون إلى المرء ويميلون إليه، أي: جماعته.(29)
 (30)ابن هشام، السيرة 2: 259-260؛ وانظر أيضًا ابن سعد، الطبقات 8: 30؛ والأغاني "دار الكتب" 4: 172.
 القائل هنا راكب رأته عاتكة في نومها مقبلًا على بعير له حتى وقف بالأبطح.(31)
 الأغاني 11: 120.(32)

 الزمخشري، الفائق 2: 26.(33)
 الصاغية: هم الذين يصغون إلى المرء ويميلون إليه، أي: جماعته.(34)
 (35)ابن هشام، السيرة 2: 259-260؛ وانظر أيضًا ابن سعد، الطبقات 8: 30؛ والأغاني "دار الكتب" 4: 172.
 القائل هنا راكب رأته عاتكة في نومها مقبلًا على بعير له حتى وقف بالأبطح.(36)
 الأغاني 11: 120.(37)

 الواقدي، المغازي: 65؛ وابن سعد، الطبقات 8: 220.(38)
 (39)الأصمعيات "برلين 1902" ص63، وانظر اسم الشاعر وبيتين من القصيدة في معجم المرزباني: 304.
 ديوان الهذليين 1: 64.(40)

 الزمخشري، أساس البلاغة "وصر".(41)
 الزمخشري، الفائق3: 166، والدثر: المال الكثير.(42)
 أساس البلاغة "وصر"، وصدام: اسم فرسه.(43)
 (44)ديوانه ق: 34، ب: 13، والإمة: النعمة؛ ويأفق: يطبع القطوط "أي: صكوك الجوائز" ويختمها.
 ابن السيد البطليوسي، الاقتضاب في شرح أدب الكتاب: 93.(45)

1 سورة "ص" آية: 16.(46)
2 الأغاني "دار الكتب" 6: 250.(47)
3 المقريزي، إمتاع الأسماع: 362.(48)

 نسب قريش: 324.(49)
 الأغاني "دار الكتب" 5: 118.(50)
 ابن هشام، السيرة 1: 124؛ وابن سعد؛ الطبقات 1: 38.(51)
 الأغاني "دار الكتب" 9: 99.(52)
 ابن سعد، الطبقات 8: 65.(53)

 الأغاني 2: 180.(54)
 الأغاني 3: 123.(55)
 الصولي، أدب الكتاب: 31؛ وابن السيد البطليوسي، الاقتضاب، 103-104.(56)

 ابن سعد 5: 62.(57)
 ابن سعد 7: 87.(58)
 سورة النور، آية: 33.(59)
 تفسير القرطبي 12: 244.(60)

 (61) ديوانه "السندوبي": 102، وقد ورد البيت في الاقتضاب البطليوسي ص97 هكذا  
ترى أثر القرح في جلدتي ... كما أثر الختم في الجرجس
 البطليوسي، الاقتضاب: 97.(62)
 الاقتضاب: 104.(63)
 الصولي، أدب الكتاب: 139؛ والزمخشري، الفائق2: 72-73.(64)
 (65)ابن سعد، الطبقات 3/ 1: 19-20، 150، 280، 300، وج6: 26، 51، 96، 146، وج7: 5، 11، 14.

(66)ابن سعد 6: 96، 146، وج7: 5؛ ويذكر الأستاذ جروهمان أنه عثر على ورقة بردي كتبها عمرو بن العاص نفسه وعليها خاتمه وهو صورة ثور هائج، انظر:
Dr. A. Grohmann, from the world of Arabic papyri, Cairo, 1952, p. 115.
 ديوانه ق: 4، ب: 10.(67)
 لسان العرب والتاج "رسم".(68)
 الفائق 3: 190.(69)
 الفهرست: 8.(70)

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.