المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

الشهادة أعلى مراتب البر
2023-08-01
اصناف ذرة المكانس
6-4-2016
صدق الله تعالى
25-10-2014
اختطاف الافراد و اخذ الرهائن من اساليب الارهاب
5-4-2016
اعراب الملحق بجمع المؤنث السالم
16-10-2014
بحث الجبر و التفويض
24-09-2014


بعد الثورة العرابية  
  
1036   11:46 صباحاً   التاريخ: 1-10-2019
المؤلف : عمر الدسوقي
الكتاب أو المصدر : في الأدب الحديث
الجزء والصفحة : ص :293ج1
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الحديث /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-10-2019 3339
التاريخ: 24-03-2015 1891
التاريخ: 24-03-2015 2479
التاريخ: 24-03-2015 2990


وفي بيروت التف العلماء والأدباء حول الشيخ محمد عبده , ودرَّسَ بالمدرسة السلطانية, وكانت أشبه بمدرسة أولية، فارتفع بها حتى صارت مدرسة عالية, ولكن مقامه بها لم يطل؛ إذ طلب إليه أستاذه جمال الدين أن يلحق به في باريس فلبى دعوته(1) وأصدرا معًا مجلة "العروة الوثقى" وقد مر بك شيء كثير عنها ونبذ من مقالاته بها. وهنا تعجب كيف تغيرت لهجة الشيخ محمد عبده في "العروة الوثقى" ولم يعد ذلك المصلح المتأني الذي يأخذ الأمور بالرفق، ويسعى للإصلاح في هوادةٍ, بل نراه ثورة متأججة وذا قلم عنيف، كما اتسع غرضه، ولم ينظر لمصر وحدها, بل شمل العالم الإسلامي كله، والحق أن الشيخ محمد عبده في "العروة والوثقى" لم يستطع أن يقاوم تأثير جمال الدين عليه، وناهيك بجمال الدين قوةً وحماسةً ونارًا مشبوبة.
وعُطِّلَت "العروة الوثقى" بعد ثمانية عشر عددًا، وسافر جمال الدين إلى إيران.. وعاد الشيخ محمد عبده إلى بيروت، وقد أخفق مرتين: أخفق في الثورة العرابية، وأخفق في استمرار العروة الوثقى, فالتف حوله مريدوه، وشرح لهم نهج البلاغة، ومقامات بديع الزمان، وأخذ يفسر لهم القرآن الكريم على النحو الذي اتبعه بمصر, من غير أن يتقيد بكتاب أو تفسير خاص، بل اتخذ آيات القرآن مجالًا لوصف أدواء المسلمين وعلاجها، ودرس الفقه على المذهب الحنفي بالمدرسة السلطانية، وهناك ألَّف رسالة التوحيد، وصار يكتب بعض المقالات في جريدة "ثمرة الفنون" مشابهةً لمقالاته في "الوقائع المصرية"(2).

 

(1/293)

كان محكومًا عليه بالنفي ثلاث سنوات، ولكنه مكث ببيروت ست سنوات, وذلك لأن توفيقًا كان غاضبًا عليه(3)، وكان يجهر بخطيئة توفيق في حق الوطن ويقول(4): "إن توفيق أساء إلينا أكبر إساءة، لأنه مهَّدَ لدخولكم -أي: الإنجليز- بلادنا، ورجل مثله انضم إلى أعدائنا أيام الحرب لا يمكن أن نشعر نحوه بأدنى احترام، ومع هذا, إذا ندم على ما فرط منه, وعمل على الخلاص منكم, ربما غفرنا له ذنبه, إننا لا نريد خونة وجوههم مصرية وقلوبهم إنجليزية".
فكان من العسير أن يعود في عهد توفيق، بيد أن رياض باشا عاد إلى الوزارة، وكان من الذين يجلون الأستاذ الإمام, ويتعقدون فيه النفع والخير لمصر، فما لبث أن سعى لدى توفيق هو وبعض ذوي النفوذ(5) حتى عفا عنه، وكان عفوًا قريبًا من الاعتذار.

 

__________
)
1) لم يتجاوز سنه حينذاك أربعة وثلاثين سنة، المنار جـ8 ص455.
(2) ووضع في هذه الأثناء لائحتين: واحدة في إصلاح التعليم الديني بمدراس المملكة العثمانية, ورفعها إلى شيح الإسلام بتركيا، وفيها يقر أن ضعف المسلمين سببه سوء العقيدة والجهل بأصل الدين, وأن ذلك أضاع أخلاقهم وأفسدها، ووضع لائحةً أخرى رفعها إلى والي بيروت, تتضمن إصلاح سوريا, ووصف سوء حالها بانتشار المدارس الأجنبية بها، واقترح تعميم المدارس الوطنية وإصلاح التعليم الديني والعناية به، وهكذا برهن على أنه مصلح في كل مكان يحل به "تاريخ الإمام ج3 ص339 وما بعدها".

(3) لأن محمد عبده جاهر بخلع توفيق أثناء الثورة "مشاهير الشرق ج2 ص282".
(4) من حديث له مع مكاتب "البول ميل جازيت" وهو بإنجلترا.
(5) المعروف أن من الذين توسطوا في طلب العفو عنه الأميرة نازلي, وكانت ذات مكانة، والغازي مختار باشا، ثم اللورد كورمر, وقد كان له الفضل الأكبر في عودته والعفو عنه، وفي الواقع لم يعف عنه توفيق إلّا بضغط الإنجليز, فأي صلة كانت بين محمد عبده تلميذ جمال الدين والإنجليز؟ - يظهر أن أصحاب محمد عبده حين طلبوا عودته إلى مصر تعهدوا بألّا يشتغل بالسياسية، ثم إن كورمر وهو الداهية السياسيّ رأى أن يجذب نحوه هذا العالم الجليل ويأمن شره ما دام لن يشتغل بالسياسة، وهذا ما جعل جمال الدين يحنق عليه ويلومه أشد اللوم، حتى قطعت العلاقة بين الأستاذ وتلميذه؛ لأنهما اختلفا في الوسيلة "راجع المنار ج8 ص467".

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.