المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / حرمة الربا.
2024-11-06
تربية الماشية في ألمانيا
2024-11-06
أنواع الشهادة
2024-11-06
كيفية تقسم الخمس
2024-11-06
إجراءات الاستعانة بالخبير
2024-11-06
آثار رأي الخبير
2024-11-06

نيوكلوتيدات النكهة Flavor Nucleotides
3-5-2018
مستقيم Line
13-12-2015
تقنيات عملية التقييم للأغنام
25-1-2016
المحكمة الجنائية الدولية لراوندا
10-3-2018
استجابة البكتيريا المقامة للإشعاع للاجهادات
3-2-2016
حماية التنفس Respiratory Protection
25-11-2019


الرؤى الذاتية والنوازع الإنسانية  
  
1843   03:22 مساءاً   التاريخ: 24-03-2015
المؤلف : محمد الصالح السليمان
الكتاب أو المصدر : الرحلات الخيالية في الشعر العربي الحديث
الجزء والصفحة : ص146-148
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الحديث /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-12-2019 4895
التاريخ: 2-10-2019 1812
التاريخ: 2-10-2019 2216
التاريخ: 24-03-2015 1003

لقد حاولت بعض الرحلات الخياليّة-رغم رومانتيكيتها-تجاوز واقع التعبير عن الذات الفرديّة لتعبرّ عن بعض الرؤى الإنسانيّة ولم لا؟ والأدب أحد الأسس الهامّة في بناء الحضارة الإنسانيّة، وله دوره الرياديّ الواضح في ذلك.

فقد بدت مطوّلة الهمشري في ظاهرها حديثاً عن الذات الفرديّة، فهي تعبّر عن ارتقاء الروح الفرديّ، ومروره بأطوار من الحزن والمكابدة، مكابدة الأهوال والآلام في سبيل الوصول إلى تطهير النفس من الخوف، ذلك الخوف الذي يأخذ بمجامعها، فصارت تشعر بشبه موات في حياتها فـ (هي خلجات أنهكت قوى هذا القلب وأحالت شعاع الأمل الربيعي الضاحك إلى خطفات باهتة من شفق شتاء، وما زالت تخفق على ضعفها في محراب الحبّ. وزادت هذه الحال في نفسي سوءاً فهبطت نفسي من جراء ذلك إلى قرارٍ من الحزن السحيق لا أدري سببه.."(1).

ومن ثمّ فالقصيدة تعبير عن هذه الروح المتعبة، ومحاولة تطهيريّة لها من ذلك الخوف العميق والحزن الراسخ فكادت تكون القصيدة شكوى إنسانيّة رومانتيكية يبثّها الشاعر للعدم بقوله:

أيّها العدمُ أينَ تنعسُ في الصّمـ ... تِ وتلقى لديهِ راحةَ جفنكْ

قفْ ودَعْني أبثُثْ إليكَ شكاتي ... والتياعي مُهمهماً في أُذنِكْ

لمْ أجدْ في الحياة لي أُذُناً تسـ ... معُ شكوايَ أو فؤاداً حنونا

ولذا قدْ أتيتُ أشكوكَ ما بي ... فلقدْ ترحمُ الكئيبَ الحزينا(2)

 

وتبرز النوازع الإنسانيّة عند الفراتي في (الكوميديا السماويّة) فهو يدعو على لسان إحدى شخصياته المهمّة في الكوميديا إلى الوحدة الإنسانيّة التي تلغي كلّ الفروق بين بني البشر.

فيدعو إلى لغة عالمية: لغة تمجّد الفكر وتلغي كلّ اللّغات الخاصّة بكلّ جماعة من الناس ويمكن لهذه اللغة أن تختزل المسافات الفكريّة بين جميع البشر وهذه الدعوة التي سبق إليها الفراتي تلاقي رواجاً كبيراً في أوربا هذه الأيّام.

كما دعا الفراتي إلى إلغاء جميع الديانات وصراعاتها، ووضع قوانين وضعية تخضع لها جميع الشعوب وتجعلُ الدين وحده للعقل.

ولكنّ الفراتي كان قد عرض هذه الآراء على استحياء، فلم يصرّح بشيء من ذلك لأنّه كان يخشى كثيراً أن يثير حفيظة الناس ضدّه لذا تراه يقول على لسان رفائيل:

بني الأرضِ ما معنى التّبايُنُ في اللُغى ... أمغنِ عناءَ الفكرِ هذا التّكلمُ

فلا تعبدوا الألفاظَ فهي وسيلةٌ ... لدى القّصدِ عمّا في الضّميرِ تترجمُ

فأهلاً بتوحيدِ اللّغاتِ فإنّهُ ... وجدّكَ في شرعِ التّضامنِ سُلّمُ

سهرْنا على تهذيب أخلاقِ نشئنا ... إلى أنْ بلغْنَا ما أردْنَا ونمنمُوا

ففي أيّ دينٍ أمْ بأيّةِ شرعةٍ ... يحلُّ لكُمْ سفكُ الدّماءِ المُحرّمُ

لقدْ قالَ: إنّ الدّينَ للعقلِ وحدهُ ... ولا دينَ إلاّ ما بهِ العقلُ يحكمُ

ألا اقطعْ حديثَ الدّين عنّا فإنّما ... حديثُكَ هذا يا رفائيلُ يؤلمُ

أذاكَ نقصٌ عندكُمْ في كمالنا ... ولمْ أرَ ذا نفسٍ من النّقصِ يسلَمُ(3)

 

وتظهر الدعوة إلى الإنسانيّة الشاملة عند شفيق معلوف حينما لا يميّز بين أحد من البشر، فالأرض واحدة لا حدود لها ولا حواجز، لأنّها بيت كبير للإنسان، أمّا تقسيمها فعمل شيطانيّ يتنافى مع النزوع الإنسانيّ السامي لذا نسب هذا العمل إلى ثبر شيطان الحروب، فيقول:

بانَ لنا ثُبَرْ ... مُسَعّرُ الشّرورْ

القاذِفُ البَشَرْ ... بالويلِ والثّبُورْ

طغى بينَ الوجودْ ... فأنشأ الأوْطَانْ

وخطّطَ الحُدودْ ... سياجُها النّيرانْ(4)

 

يبدو أنّ النوازع الإنسانيّة -اللهمّ نزوع الهمشري-ذات طابع حالم كثيراً ما كانت تصطدم بصخرة الواقع لتتحطّم عليه وتنكفئ على نفسها تتجرّع غصص الحرقة والخيبة والمرارة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرف، عبد العزيز، الهمشري، شاعر أبولو، ص:117.

(2) المصدر نفسه، ص:144.

 (3) الفراتي، محمد، الكوميديا السماوية، مجلة الحديث، مج 31-ع4، ص: 152.

(4) معلوف، شفيق، عبقر، ص: 193.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.