أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-9-2019
1953
التاريخ: 19-9-2019
1727
التاريخ: 2023-05-12
1751
التاريخ: 20-9-2019
3068
|
علينا أن نمنع الغرب من السقوط
من الضروري الاهتمام بالمجتمع الإسلامي حتّى ينطلق من جديد وبالمجتمع الغربي حتّى لا يسقط، وسقوط المجتمع الغربي بسبب بعده عن القيم السماوية وبسبب استعماره للآخرين، ذلك أن عدم نهوض الأوّل(1) معناه حرمان البشريّة عن الروح، وسقوط الثاني(2) معناه سقوط حضارة الآلة والجمال والنظام ـ وكلها نسبية كما لا يخفى ـ إلى أمد غير معلوم.
ويتم ذلك بحقن المجتمع الإسلامي بمحاسن المجتمع الغربي ـ التي أخذها بالأساس من تموجات الحضارة الإسلامية كالشورى والتعددية و... ـ حتّى يكمل الجسد إلى جانب كمال الروح، فيكون إنساناً كاملاً بجسده وروحه، ويكون إنساناً بدنياه وآخرته، كما يكون بحقن المجتمع الغربي بمعنويّات الإسلام وقيمه ومثله العليا في الفرد والعائلة والمجتمع، وفي الدين والأخلاق والدنيا الصحيحة والآخرة السعيدة، وبذلك يمكن أن نصل إلى روح الحضارة البشريّة وفلسفة الحياة الإنسانية.
إنّ ما نلمسه اليوم من المجتمعات الغربية أنها في طريقها إلى السقوط والاضمحلال بالإضافة إلى ما تعاني من المشاكل والضياع في الحال الحاضر.
لقد كتب بعض علماء الغرب عن الحضارة الغربية قائلاً: إنّ مصير البشرية معلّق على مسلك الحضارة الغربية، وهذه معلّقة بإصبعي رجلين أحدهما في موسكو والآخر في واشنطن بحيث أن مجرّد ضغط أحدهما على الزر كافٍ لكي تهدّم الحضارة الغربية وربّما البشريّة جميعاً.
أقول: قرأت في تقرير أنّ الحرب العالمية الثالثة إذا قامت ستكون حرباً نوويةً، والحرب النووية تقتل في الساعات الأولى أربعمائة مليون من البشر بالإضافة إلى الدمار والخراب غير المسبوق في العالم.
ثمّ يضيف التقرير: فهل يمكن تجنّب هذا المصير الرهيب؟ إنّه من الملاحظة أنّ البشريّة تحاول الاهتداء إلى السلام الدائم في طريق يحفّه نقيضان عقيمان، الصراع الرهيب بين دولٍ إقليمية والسلام القائم على الرعب النووي. إنّ مشكلة الحضارة الغربية كمشكلة الحضارات السابقة في التردي إلى عبادة وثن من صنع المجتمع، إنّه تاريخ الدولة السائدة الآن بين أربعة أخماس سكّان العالم، فقد أدّى هذا التأليه إلى تدمير أربع عشرة وربّما ستّ عشرة حضارة سابقة من عشرين حضارة. وتأليه اليوم أشدّ رعباً لأنّه تتزعمه البرجوازية وتدعمه التكنولوجيا الحديثة سواء في مسائل الإعلام أو غيرها.
والقول بأنّ هزيمة النازية وتوأمه الفاشية في الحرب العالمية الثانية قد أدّت إلى القضاء على النزعة الحربية موضع شكّ كبير.
أقول: وذلك لأنّ الإنسان المنحرف عن سبيل الله سبحانه وتعالى الذي لا يخاف الله واليوم الآخر هو السبب في بروز هذه النزعات مثل نزعة هتلر وموسيليني(3) بالإضافة إلى ستالين، وهذا الانحراف موجود.
ومن يقول إنه بعد مدّة ولو خمسين سنة أو ما أشبه ذلك لا تعود النزعة إلى الظهور؟ فاللازم أن ننزع فكرة الانحراف حتّى تأمن البشريّة.
ثمّ يقول هذا العالم في تقريره: تعدّ هذه الأنظمة تأليهاً للدولة لأنّ النظم الديكتاتورية تعد صورةً مماثلة لعبادة قيصر أو عبادة يهوا فضلاً عن أنّها تُعدُّ غيرها شعوباً بربرية.
أقول: وذلك أنّ الغربيّين ومن إليهم يعدون غيرهم ـ وهم قلّة وغيرهم كثرة ـ أناساً متوحّشين، فإنّ ذلك وإن كان غير صحيح في الجملة إلاّ أنه صادق في الجملة أيضاً لما نشاهد من بعض الحروب المدمّرة بين هذه الأقلّيّات حروباً إقليميّة وما أشبه ذلك. إلاّ أنّ الأمر ليس بتلك الشدّة التي يرى الغربيّون إيّاها في سائر الشعوب حتّى إنّ بعض الشعوب كبعض البلاد الغربيّة إذا أرادوا إرسال إنسان إلى بلاد غيرهم أعطوه حقّ التوحّش، لأنّه يعيش مع المتوحّشين.
ثمّ يضيف في تقريره: ولا زال الفراغ الروحي مستبدّاً بالنفوس في الغرب فنفتح الأبواب لتدخل شياطين التعصّب للدولة وتستبدل لعبادة الله الواحد وثناً واحداً اسمه عبادة الدولة، كما تستبدل بالأديان الدول من صنع المجتمع، إنّ افتقار المرء للدين يدفعه إلى حالة من اليأس الروحي فيضطره إلى التماس فتات العزاء الديني على موائد لا تملك منها شيئاً، ولقد أراد بعض الفلاسفة إحلال أفكار فلسفية كبديل عن الدين كفكرة دين الإنسانية لدى أوجست كونت ولكنّها بدت عقيدةً باهتة منسوخة ومن ثمّ لم تلق قبولاً على أن عقول العالم مفتونةً اليوم بأيديولوجية أشدّ خطراً ممثّلة في الماركسية وهذه تُناظر اليهودية إلى حدّ كبير، ليس لأنّ المبشّر بها يهوديٌّ فحسب بل لأنّها أحلّت عبادة الشيوعية محلّ الإله يهوا كما جعلت البروليتاريا مناظرة بشعب الله المختار، والخارجون عن البروليتاريا كشعوب الأمميّة لدى اليهود وعدوا الناس بفردوس على الأرض بديلاً عن نعيم الحياة، لقد تكالبت الجماهير على مثل هذه الإيديولوجيات كبديل عن الدين ولكن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، فدنس المجتمع الغربي هو في جوهره دنس الروحية وليست مادّيّة(.
أقول: فالروح إنّما تكتمل باتّخاذ الدين الصحيح منهجاً له والدين الصحيح هو الإسلام وحده الذي أتى به رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرآن الحكيم وبالسيرة العطرة وإلاّ فكيف يمكن للروح أن ترتوي من غير هذا المعين.
وعلى كل حال: إذا أردنا منع الحضارتين الإسلاميّة والغربية ـ الأولى بروحياتها والثانية بماديّاتها ـ من السقوط لم يكن بُدٌ إلاّ الرجوع إلى الإسلام والأخذ من منبعه حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي) (4)،ولو فرضنا ورود الرواية الأخرى: (كتاب الله وسنّتي)(5)، فإنّ كلا الحديثين يؤدّي معنىً واحداً، لأنّ من سنّة الرسول العترة، كما أنّ المراد بالعترة المفسّرة للسنّة أيضاً.
والخلاصة: أنّ روح الحضارة وفلسفة التاريخ إنّما تكون بالواقعيّات لا بالأوهام والتعصّبات والقوميات والجغرافيات أو ما أشبه ذلك، فإذا اكتشفنا هذه الروح وصلنا إلى هذه الفلسفة ولو عملنا بذلك ونشرناه في طول البلاد وعرضها لأوقفنا السقوطين، وإلاّ فيمكن أن تصل الإنسانية إلى السقوط الكامل حيث الآن تعيش في الحافّة كما قال القرآن الحكيم: ((عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ))(6)، النار الدنيويّة التي هـي عبـارة عـن الفقـر والمـرض والجـهل والفوضـى، والنار الآخـرة الموقدة ((الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ))(7)، لأنّ نار الدنيا تنتهي إلى نار الآخرة، كما أنّ جنّة الدنيا تنتهي إلى جنّة الآخرة، فهما من إلهٍ حكيم قدير، أحدهما مقدّم على الآخر، ولذا ورد في الحديث: (الدنيا مزرعة الآخرة) (8) فليس من المعقول أن يزرع الزارع الحنظل ويحصد السكر وكذلك العكس، وقد قال شاعر:
لا يجتني الجاني من الشوك الرطب***ولا من الحنظل يجتني الرطب
______________
(1) أي المجتمع الإسلامي.
(2) أي المجتمع الغربي.
(3) بنيتو موسيليني، ولد سنة 1883م، وقتل في 28 نيسان 1945م، مؤسس الحزب الفاشي الإيطالي في ميلانو سنة 1919م، زحفت ميليشياته على روما سنة 1922م وأسندت إليه الوزارة، أصبح رئيساً لإيطاليا في نفس السنة، أنشأ مع هتلر محور روما ـ برلين سنة 1936م، تحالف مع هتلر في الحرب العالمية الثانية، وأدّت هزيمة قواته إلى سقوطه، أُقصي من الحكم سنة 1943م ثم أعاده الألمان إلى الحكم مرة أخرى سنة 1944م.
(4) فقد ورد الحديث بألفاظ مختلفة، نذكر بعضها :
1- قال رسول الله (ص) : (إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما تمسكتم بهما، وإنهما لن يفترقا حتى يردا)، بحار الأنوار : ج5 ص68 ب 2 ح1.
2- قال رسول الله (ص) : (إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض كهاتين، وضمّ بين سبابتيه)، بحار الأنوار : ج23 ص147 ب7 ح111.
3- قال رسول الله (ص) : (إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)، بحار الأنوار : ج25 ص221 ب7 ح20.
4- قال رسول الله (ص) في يوم الغدير : (إني مخلف فيكم الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما. قال الراوي : قلنا يا رسول الله وما الثقلان ؟ قال (ص) : الثقل الأكبر كتاب الله سبب بيدي الله وسبب بأيديكم فتمسكوا به لن تهلكوا وتضلوا، والآخر عترتي وإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)، بحار الأنوار : ج37 ص190 ب52 ح74.
5- قال رسول الله (ص) : (إني تارك فيكم أمرين أحدهما أطول من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض طرف بيد الله وعترتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)، كمال الدين : ص236.
6- قال رسول الله (ص) : (إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدي ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض كهاتين وجمع بين مسبحتيه)، الكافي (أصول) : ج2 ص415 ح1.
7- قال رسول الله (ص) : (إني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، همـا الخليفتان فيكـم، وإنهمـا لـن يفترقـا حتى يردا عليّ الحوض) ، إرشاد القلوب : ص340.
8- قال رسول الله (ص) : (إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا)، فقه القرآن : ج1 ص63.
9- قال رسول الله (ص) : (إني تارك فيكم الثقلين، الثقل الأكبر والثقل الأصغر، فأما الثقل الأكبر فكتاب ربي، وأما الأصغر فعترتي أهل بيتي، واحفظوني فيهما فلن تضلوا ما إن تمسكتم بهما)، بحار الأنوار : ج89 ص27 ب1 ح 29.
10- قال رسول الله (ص) : (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)، نهج الحق ص394 الفصل الثاني.
11- قال رسول الله (ص) : (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي)، رواه مسلم والترمذي والحاكم وأحمد.
(5) فقد ورد في كمال الدين : ص235 الحديث التالي : قال رسول الله (ص) : (إني قد خلفت فيكم شيئين لم تضلوا بعدي أبداً ما أخذتم بهما وعملتم بما فيهما كتاب الله وسنتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض)، وقريب منه في بحار الأنوار : ج23 ص132 ب7 ح66.
(6) سورة التوبة : الآية 109.
(7) سورة الهمزة : الآيات 7 ـ 9.
(8) كشف الخفاء : ج1 ص 495 ح 1320، وسائل الشيعة : ج 30 ص 196 خاتمة الوسائل الفائدة السادسة، وفي مجموعة ورام : ج1 ص92 وإرشاد القلوب : ص89 ?بيان.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|