أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-11
1027
التاريخ: 2023-08-17
845
التاريخ: 2023-04-24
887
التاريخ: 2023-08-10
1048
|
الوراثة الحضارية هى انتقال القيم والافكار والروى والأعراف والاخلاق من جيل الى جيل، ولهذه الوراثة قوانين واصول كما للوراثه فى النبات والحيوان والانسان. وبموجب هذه القوانين تنتقل الحضاره من جيل الى جيل، فيبدا الجيل الجديد حياته من حيث انتهى الجيل السابق وليس من الصفر. وعبر هذه العوامل انتقل الينا هذا التيار الحضارى الكبير من عصر آدم (عليه السلام) وعصور ابراهيم ونوح وموسى وعيسى ورسول اللّه (صلى الله عليه وآله). ونحن قطعه من هذا الماضى العريق، وفرع من تلك الجذور الممتده فى عمق التاريخ، تلقينا هذه القيم والمعارف عبر قنوات الوراثة الحضارية من جيل الى جيل، ومن الموكد ان سلامه هذه الجسور والقنوات تسرع عمليه انتقال الحضاره من جيل الى جيل، كما ان تعطيلها وخرابها يعرقل الصله بين الاجيال. ولو توقفت هذه الجسور بصوره نهائيه عن اداء دورها الحضارى في المجتمع لانقطع الجيل اللاحق عن الجيل السابق، انقطاعا كاملا. واهم هذه القنوات والجسور:
1- البيت.
2 - المدرسه.
3 - المسجد.
وعبر هذه الجسور الثلاثه تحركت الحضاره الالهيه ووصلت الحاضر بالماضى والخلف بالسلف، وبسبب الدور الكبير الذى يقوم به البيت والمدرسه والمسجد، فى عمليه الاتصال الحضارى، يعط ى الاسلام اهتماما كبيرا لهذه المراكز الثلاثه وبنائها واعمارها. وفى ما يلى توضيح موجز لهذه القنوات الثلاث.
1- البيت
ونقصد بالبيت: الاسره. ودور الاسره، فى نقل المواريث الحضارية الى الجيل الصاعد، كبير. والانطباعات الاولى التي تنطبع عليها شخصيه الطفل تتكون فى داخل الاسره، وتبقى هذه الانطباعات ذات تاثير فعال فى شخصيه الانسان في مستقبل حياته.
يقول امير المؤمنين(عليه السلام) لولده الامام الحسن المجتبى(عليه السلام):
(وانما قلب الحدث كالارض الخاليه، ما القى فيها من شى ء قبلته، فبادرتك بالادب قبل ان يعشو قلبك، ويشتغل لبك).
ولسلامه بناء الاسره اثر كبير فى سلامه تربيه الابناء، كما ان لفسادها دور كبير فى افساد الجيل الناشى ء وتخريبه. روى عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله):
(ما من بيت ليس فيه شى ء من الحكمه الا كان خرابا).
وبعكس ذلك الاسره الصالحه، فهى قادره على اداء دور فعال فى بناء الجيل ونقل القيم والمواريث الحضارية الى الجيل الذى ينشا فى احضانها.
ولنستمع الى امير المؤمنين(عليه السلام) يشرح لولده الحسن المجتبى(عليه السلام) كيف نقل اليه خلاصه خبراته ووعيه للحضاره والتاريخ:
(اى بنى، انى وان لم اكن عمرت عمر من كان قبلى، فقد نظرت فى اعمالهم وفكرت في اخبارهم وسرت فى آثارهم، حتى عدت كاحدهم، بل كانى بما انتهى الى من امورهم قد عمرت مع اولهم الى آخرهم... فعرفت صفو ذلك من كدره، ونفعه من ضرره، فاستخلصت لك من كل امر نخيله، وتوخيت لك جميله، وصرفت عنك مجهوله).
ويتحدث امير المؤمنين(عليه السلام) عن الجو العائلى الذى احتضنه بالتربيه والرعايه وهو صغير، وما تركت هذه التربيه والرعايه العائليه فى بناء شخصيته من اثر:
(وقد علمتم موضعى من رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) بالقرابه القريبه والمنزله الخصيصه، وضعنى فى حجره وانا ولد، يضمنى الى صدره، ويكنفنى فى فراشه، ويمسنى جسده، ويشمنى عرفه، وكان يمضغ الشى ء ثم يلقمنيه، وما وجد لى كذبه فى قول، ولا خطله فى فعل... ولقد كنت اتبعه اتباع الفصيل اثر امه، يرفع لى فى كل يوم من اخلاقه علما، ويامرنى بالاقتداء به، ولقد كان يجاور كل سنه بحراء فاراه ولا يراه غيرى، ولم يجمع بيت واحد فى الاسلام غير رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وخديجه وانا ثالثهما، ارى نور الوحى والرساله، واشم ريح النبوه).
2- المدرسه
واقصد بالمدرسه المراكز والوسائل التثقيفيه فى مختلف مراحلها، والجهاز البشرى الذى يتولى تثقيف الناشئه وتعليمها..
وهذا حقل واسع يشمل المدرسه والكتب والمناهج والمدرسين والفعاليات الثقافيه والتربويه والخط والحرف واللغه والثقافه والاعلام والصحافه وغير ذلك.
والمدرسه، فى هذا الاطار الواسع، تعد من اهم الجسور التي تقوم بعمليه نقل المواريث الحضارية من جيل الى جيل وربط الاجيال بعضها ببعضها الاخر، ووصل الجيل الصاعد بالجيل الهابط.
واذا كان الانسان يتلقى الانطباعات الاولى فى حياته من البيت، فان المرحله الثانيه من هذه الانطباعات تتكون في عقله ونفسه فى المدرسه.
وقد ورد فى النصوص الاسلاميه تاكيد كثير على قيمه المعلم واحترامه.
عن ابى جعفر(عليه السلام)، قال: قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) :
(ان معلم الخير يستغفر له دواب الارض وحيتان البحر وكل ذى روح فى الهواء وجميع اهل السماء والارض).
وعن ابى عبداللّه الصادق((عليه السلام)):
(من علم خيرا فله بمثل اجر من عمل به. قلت: فان علمه غيره، يجرى ذلك له؟ قال: ان علم الناس كلهم جرى له. قلت: وان مات؟ قال: وان مات).
وعن ابى عبداللّه (عليه السلام))، قال: قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) :
(يجى ء الرجل يوم القيامه، وله من الحسنات كالسحاب الركام او كالجبال الرواسى، فيقول: يا رب انى لى هذا ولم اعملها؟ فيقول: هذا عملك الذى علمته الناس يعمل به بعدك).
وعلم عبد الرحمن السلمى ولدا للحسين(عليه السلام) سوره الحمد، فلما قراها على ابيه اهدى الامام للمعلم مالا كثيرا وحليه كثيره وحشا فاه درا. فقيل له فى ذلك، فقال((عليه السلام)):
(واين يقع هذا من عطائه يعنى تعليمه ).
3- المسجد
والجسر الثالث من الجسور الثلاثه: المسجد، وهو، فى الاسلام، مركز للعباده والتوجيه الفكرى والاخلاقى والسياسى، وللتعاون على اعمال الخير والبر، وله دور مركزى ورئيسى فى الفعاليات والاعمال التى تقع فى هذه الدائره.
والنص التالى يكشف عن قيمه المسجد ودوره فى المجتمع الاسلامى: عن امير المؤمنين على((عليه السلام)): (من اختلف الى المسجد اصاب احدى الثمان: 1 اخا مستفادا فى اللّه. 2 او علما مستطرفا. 3 او آيه محكمه. 4 او رحمه منتظره. 5 او كلمه ترده عن ردى. 6 او يسمع الى كلمه تدل على الهدى. 7 او يترك دنيا خسيسه. 8 او حياء).
وقد كانت المساجد، فى التاريخ الاسلامى، مدارس للفكر والثقافه، ومنابر للتهذيب والتربيه ومواقع للحركه والثوره والعمل الاجتماعى والسياسى، ومن انشط المؤسسات الاجتماعية والثقافيه والسياسيه فى حياه المسلمين. وكانت تقوم بمهمه اساسيه فى نقل مواريث الحضاره الاسلاميه من جيل الى جيل.
كما كانت معقلا من امنع معاقل الفكر والقيم الاسلاميه، وفى هذا المعقل استطاع المسلمون ان يحفظوا تراثهم الفكرى والحضارى من غاره العدوان الجاهلى.
موسسه الحوزه العلميه
ولكى يمارس المسجد دوره، فى خدمه الامه، وفى نقل المواريث الحضارية بقوه وفعاليه، لا بد له من روافد بشريه وثقافيه لتامين حاجه المسجد الى العلماء والخطباء والموجهين الذين يقومون بدور التوعيه والتحريك فى المجتمع الاسلامى من خلال هذه الموسسه (المسجد).
وهذه المهمه تتطلب وجود جامعات اسلاميه (حوزات علميه) مهمتها تخريج المتخصصين فى شوون الثقافه الاسلاميه.
ولا بد من ان تنفر طائفه من المسلمين ليتعلم افرادها هذه الثقافه بصوره اختصاصيه، وليقوموا بهذا الدور التوجيهى الحساس فى المجتمع، انطلاقا من قوله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقه منهم طائفه ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون).
وعليه فان (موسسه المسجد) تشمل هذه الموسسات الثقافيه التى نصطلح عليها بالحوزات العلميه، والموسسات التابعه والمقومه للحوزات العلميه كالمرجعيه ومنصب الافتاء ومنابر التوجيه والوعظ.
والمسجد، بمثل هذا الشمول والسعه، يشغل مساحه واسعه من حياه الناس، ويعد واحدا من اهم الجسور التى قامت، فى تاريخ الانسان، بعمليه نقل القيم والافكار من جيل الى جيل. ومن اهم المعاقل التى استطاعت ان تحفظ لنا تراثنا من الضياع والانحراف ولا سيما فى السنوات العجاف الطويله التى تعرضت فيها جسورنا وقلاعنا الحضارية لضربات قويه من قبل العدو.
فقد حافظ المسجد، خلال هذه السنوات العجاف، على استقلاله، ولم يتمكن العدو من مصادره هذه الموسسه وتطويقها وحرفها عن رسالتها. وكان المسجد، فى هذه المعركه، آخر قلعه من قلاعنا الحضارية التى قاومت حركه التغريب، ولو كان يتاتى لهذه الانظمه والموسسات الخاضعه لسلطان الغرب ان تضع يدها على المساجد ورافدها من الحوزات العلميه الاسلاميه لم يسلم لنا من عبثهم وافسادهم شى ء.
نسف الجسور
خهذه هى اجمالا الجسور الثلاثه التى تنتقل عليها حضارتنا من جيل الى جيل، والتى تربط حاضرنا بماضينا، وتربطنا بجذورنا الحضارية العميقه، ولولا هذه الجسور لانقطع حاضرنا عن ماضينا، انقطاعا تاما، وتحولت الامه من امه ممتده فى التاريخ، ذات حضاره واصاله وعمق، مستقره فى الارض، الى نبته مجتثه من فوق الارض ما لها من قرار، ومن شجره اصلها ثابت وفرعها فى السماء، الى نباتات طحلبيه تنبت هنا وهناك، ثم تموت كما تكونت، وبقدر ما يحرص الاسلام على سلامه هذه الجسور الثلاثه وفاعليتها فى حياه الامه، فان اجهزه الاستكبار العالمى تخطط لتقطيع هذه الجسور فى حياه امتنا وتعطيل ادوارها. وبامكاننا ان نقول ان الصراع السياسى فى المرحله الاخيره من حياتنا، بيننا وبين الكفر العالمى، كان يدور حول
محور قطع هذه الجسور ومدها.
بين الحداثه والقديم، ام بين الانقطاع والاتصال؟
لقد حاول الاستكبار وعملاوه، فى العالم الاسلامى، من الحكام والمفكرين، ان يصوروا هذا الصراع على انه صراع بين (القدم) و(الحداثه). لكن الحقيقه شى ء آخر، فلم يكن الصراع على
القديم والجديد، وانما كان الصراع على (الانقطاع) و (الاتصال). لقد كان الاستكبار العالمى يعمل لقطع هذه الامه عن ماضيها وجذورها التاريخيه، ولنسف الجسور التى تربط حاضر الامه
بماضيها. وكان المخلصون الواعون، من ابناء الامه، يدركون عمق هذه الموامره ويحرصون على ان يبقى حاضرنا مرتبطا بماضينا وتراثنا وجذورنا فى التاريخ. وكان هذا الصراع قائما في كل مكان: فى المدرسه، وفى الجامعه، وفى الشارع، وفى الفن، وفى الادب، وفى المصطلحات، وفى الاعراف، وفى اللغه، وفى الخط، وفى الشعر، وفى المعاشره، وفى الاسره، وفى طريقه التفكير، وفى لغه التخاطب، وفى اشياء كثيره اخرى فى حياتنا.
التفكير، وفى لغه التخاطب، وفى اشياء كثيره اخرى فى حياتنا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|