أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-5-2016
6382
التاريخ: 31-01-2015
6150
التاريخ: 2023-10-31
3505
التاريخ: 24-2-2019
2823
|
ضمت اسرة علي وفاطمة (عليهما السلام) ثلاث خصائص مستقاة من رسول الله (صلى الله عليه واله) وهي: الارث، والخلافة «الولاية»، والنسب. فالارث كان متمثلاً بانتقال ملكية رسول الله (صلى الله عليه واله) الى ابنته الوحيدة (عليه السلام) من خديجة بنت خويلد. والخلافة او الولاية كانت متمثلة بانتقال المنصب الالهي الى علي (عليه السلام) بالامامة، لانه لا نبي بعد رسول الله (صلى الله عليه واله). والنسب كان متمثلاً بانتقال العوامل الوراثية النبوية من رسول الله (صلى الله عليه واله) الى ابنته الطاهرة فاطمة (عليه السلام)، ومن فاطمة وعلي (عليه السلام) الى ذريتهما الطيبة الطاهرة. فكانت الذرية الطاهرة تحمل صفات جدها (صلى الله عليه واله) وخصاله الحميدة في الكرم والشجاعة والاخلاص والتضحية والتفاني والعلم والتقوى والتعبد.
ولا شك ان انتقال الملكية، والمنصب الالهي، والعوامل الوراثية بشكلٍ متوازٍ في اسرة واحدة، يشكل ظاهرة فريدة في الاسلام. فلم توفق اسرة رسالية الى مثل ذلك التوفيق العظيم. فلابد ان تكون حياة علي (عليه السلام) الزوجية ظاهرة فريدة لم تتكرر في التأريخ الديني على الارض.
والخصوصية في ذلك تكمن في ان التزاوج بين فردين من اشراف القوم يعني استمرار الفكرة او الرسالة التي يحملانها الى الجيل الجديد عبر ذريتهما. ولذلك فان اقترانهما يعني انتصاراً للفكرة التي يحملانها. بمعنى ان عملية التزاوج تلك تعكس مبدأ الحفاظ على الرسالة الدينية اكثر مما تعكس مجرد اشباع العواطف والرغبات المشروعة.
وتوكأً على عكازة تلك الفكرة نفهم ان عملية الزواج العرفية تقوم على اساس انها علاقة بين رجل وامرأة اعترف بها المجتمع واقرها. بينما نفهم ان لزواج علي وفاطمة (علهما السلام) _ اضافةً الى الاقرار الاجتماعي به _ إقراراً آخر، وهو اقرار السماء وايمان الملائكة بملاكه ومصلحته. ويؤيده قول رسول الله (صلى الله عليه واله): «ان الله امرني ان ازوج فاطمة من علي».
ومعناه ان شرعية زواج علي (عليه السلام) من فاطمة (عليه السلام) لم تكن حسبما يقتضيه العرف الاجتماعي والديني على الارض فحسب، بل كانت لشرعية ذلك الزواج قدسية معينة في السماء، ذلك لان للزوجين خصائص روحية وعقلية وطاقات كامنة لا يعدلها شيء. فالمرأة التي لها منـزلة دينية كفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) لابد ان تقترن برجل له منـزلة دينية كعلي بن ابي طالب (عليه السلام)، حتى يكون الزواج متكافئاً في عالمي الشهادة والغيب. والتكافؤ كان مخصوصاً في العصمة في فهم احكام الدين وادراك معانيه العظيمة. ومع ان للنسب دوراً وشرفاً ايضاً، الا انه ليس الاصل. لان جعفر بن ابي طالب كان ينبغي ان يكون كفؤاً لفاطمة (عليه السلام)، لو اخذنا بنظرية النسب. ولكنه لم يكن كفؤاً لانه لم يكن يمتلك تلك العصمة في ادراك الدين كما كان يمتلكها علي (عليه السلام).
ولا شك ان الموافقة المتبادلة بينهما على الاقتران دون شروط مادية دنيوية، تكشف عن ان الزوجين كانا يرتضيان الحياة الجديدة بما فيها من قدسية وتعبد لله سبحانه، وبما فيها من قدوة طيبة ومنار هداية للمجتمع الاسلامي. فالاقتداء بالاسرة النبوية _ العلوية كان مثار فخر للمسلمين على طول الدهر لانها كانت تمثل الاسرة الامثل والاتقى والاطول بقاءً في تأريخ القيم والمثل السماوية.
واذا كان الزواج الشرعي _ بشكله العام المطلق _ يعطي المرأة زوجاً يعترف به المجتمع، فان زواج فاطمة (عليه السلام) من علي (عليه السلام) بالخصوص اعطاها كفؤً في فهم الدين وادراك الشريعة السماوية. ولم يسبق اننا قرأنا في التأريخ الديني ان السماء قد صممت زواجاً يبن فردين طاهرين كما تذكره الروايات بالنسبة لعلي وفاطمة (عليهما السلام)، كما اشار (صلى الله عليه واله): «ان الله امرني ان ازوج فاطمة من علي».
واذا كان الزواج يشكل عند الملوك انشاء عائلة سياسية شابة جديدة، وعند التجار يشكل انشاء عائلة تجارية جديدة، وعند العمال يشكل انشاء عائلة عمالية جديدة، فان عائلة فاطمة وعلي (عليهما السلام) اصبحت تشكل عائلة دينية لها قدسية فريدة. فقد بسط الوحي النازل على ابيها (صلى الله عليه واله) جناحيه السماويتين في بيتهما، وكان عبق النبوة وعطر العصمة واريج الامامة يشع من ارجاء ذلك البيت الطاهر. وبكلمة، فان وظيفة اهل بيت النبوة (عليه السلام) _ الاسرة الاولى في المجتمع الاسلامي _ كانت تتلخص بحمل المسؤولية الاخلاقية والشرعية من جل الحفاظ على الرسالة الالهية حية الى يوم القيامة.
ان اختيار الرجل زوجته، او المرأة زوجها، له علاقة مباشرة بالدور المتوقع الذي سوف تقوم به الزوجة او الذي سيقوم به الزوج في المستقبل. فالاختيار الزوجي هنا مرتبط بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهما. فالمَلِك مثلاً يختار زوجته لتصبح السيدة الاولى في المجتمع، ورئيس الدولة يختار قرينته لتشاركه همومه في الادارة الاجتماعية. ومن هذا المنطلق نتوقع من تزاوج الاشراف ثمرات على صعيد الدين والفكر والاجتماع والقدوة والمُثل العليا. وكلما كانت درجة الشرف عالية، كانت المسؤولية المتوقع تحملها من قبل الزوجين اثقل.
فكان تكافؤ الاسرة العلوية يُصبُّ في هذا المصبّ. فمعدن علي (عليه السلام) الرسالي يتكافأ مع اخلاقية فاطمة (عليه السلام) ومعدنها الطيب الطاهر المتصل بسلالة النبوة في التأريخ. والاصل في فكرة الزواج تلك انها كانت مبينة على تكافؤ عصمة علي (عليه السلام) مع عصمة فاطمة (عليه السلام). ومن هنا كان قول رسول الله (صلى الله عليه واله): «لولا علي لم يكن لفاطمة كفؤ». ولذلك، فانه (صلى الله عليه واله) لم يزوج فاطمة (عليه السلام) لابي بكر او عمر بن الخطاب، مع انهما كانا يترددان عليه (صلى الله عليه واله) ويسألانه عن فاطمة (عليه السلام). فكان يجيبهم ان امرها عند الله سبحانه. وهو جواب نبوي في غاية الادب يكشف عن انهما ليسا كفوءاً لسيدة نساء العالمين (عليه السلام) في العصمة في الدين، والطهارة في النسب.
لقد كان من ثمار بناء الاسرة العلوية هو انجاب ثلّة طيبة من ائمة الهدى (عليه السلام) حفظت رسالة الدين حيّة نابضة الى يوم القيامة. لقد كان الدور المتوقع لاسرة علي (عليه السلام) هو حفظ الدين من تلاعب الظالمين والطغاة وطلاب الدنيا، وصيانته من كل تحريف.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|