أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-1-2019
1026
التاريخ: 5-1-2019
1398
التاريخ: 3-1-2019
758
التاريخ: 2-1-2019
2037
|
أشار الرسول (صلى الله عليه واله) إلى أمير المؤمنين [حول موضوع الغلو فيه] ، حيث قال له: يا علي فيك شبهاً من عيسى بن مريم (عليه السلام) أحبته النصارى حتى أنزلوه منزلة ليس بها ، وابغضته اليهود حتى بهتوا أمه.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) يهلك في رجلان محب غال ومبغض قال (1).
[ظهر الغلو في امير المؤمنين في حياته ووقف بوجهه الامام وحاربه ولما استشهد أمير المؤمنين علي بي أبي طالب عليه السلام ] افترقت الشيعة التي قالت سابقاً بإمامة أمير المؤمنين إلى ثلاث فرق ، منها قالت أن علياً (عليه السلام) لم يقتل ولم يمت ولا يموت حتى يملك الأرض ويسوق العرب بعصاه ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً ، وهذه هي ثاني فرقة في الإسلام قالت بالوقوف بعد النبي (صلى الله عليه واله) ثم غالت في ذلك.
كتب التراجم والفرق والمذاهب والكتب الرجالية القديمة توعز نشوء هذه الفرقة إلى عبد الله بن سبأ وهذا مما ترجم له في أغلب الكتب ، قديماً وحديثاً ، فمثلاً : ذكر النوبختي المتوفى بين عام 300 ـ 310 هـ في كتابه ( فرق الشيعة ) ، وأبو خلف سعد بن عبد الله الأشعري القمي المتوفى سنة 301 هـ ذكره في كتابه المقالات والفرق وذكره الكشي المتوفى في ق 4 هـ في رجاله ، والطوسي المتوفى عام 460 هـ ذكره في رجاله ، والشهرستاني المتوفى عام 548 هـ والعلامة الحلي وابن داوود وابن طاووس والمجلسي ومن المتاخرين الشيخ عبد الله المامقاني والسيد مرتضى العسكري ، والسيد الخوئي.
ويجدر بنا أن نذكر طرفاً من تلك المقولات نسب إلى عبد الله بن سبأ :
- قال أبو خلف الأشعري ... وهذه الفرقة تسمى السبائية أصحاب عبد الله بن سبأ وهو عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني وساعده على ذلك عبد الله بن حرس وابن أسود وهما من أجلة أصحابه ، وكان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم وادعى أن علياً (عليه السلام) أمره بذلك ، وأن التقية لا تجوز ولا تحل ، فأخذه علي وسأله عن ذلك فأقر به وأمر بقتله ، فصاح الناس إليه من كل ناحية يا أمير المؤمنين أتقتل رجلاً يدعو إلى حبكم أهل البيت وإلى ولايتك والبراءة من أعدائك فسيره إلى المدائن ، ثم قال : وحكي جماعة من أهل العلم : أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً ، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بهذه المقالة ، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) في علي بمثل ذلك ، وهو أول من شهد بالقول بفرض إمامة علي بن أبي طالب ، وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه وأكفرهم.
فمن ها هنا من خالف الشيعة : إن اصل الرفض مأخوذ من اليهودية ، ولما بلغ ابن سبأ وأصحابه نعى علي وهو بالمدائن وقدم عليهم راكب فسأله الناس فقالوا : ما خبر أمير المؤمنين ، قال ضربه أشقاها ضربة قد يعيش الرجل من أعظم منها ويموت من وقتها. ثم اتصل خبر موته فقالوا للذي نعاه كذبت يا عدو الله لو جئتنا والله بدماغه ضربة فأقمت على قتله سبعين عدلاً ما صدّقناك ، ولعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل أنه لا يموت حتى أماخوا بباب علي فاستأذنوا عليه استئذان الواثق بحياته والطامع في الوصول إليه ، فقال لهم من حضره من أهله وأصحابه وولده. سبحان الله ما علمتم أن أمير المؤمنين قد استشهد ، قالوا إنا لنعلم أنه لم يقتل ولا يموت حتى يسوق العرب بسيفة وسوطه كما قادهم بحجته وبرهانه وأنه ليسمع النجوى ويعرف تحت الديار العتل ويلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام ...
وقالوا بعد ذلك في علي أنه إله العالمين وأنه توارى عن خلقه سخطاً منه عليهم وسيظهر (2).
- ذكر الكشي في رجاله عن محمد بن قولويه القمي بإسناده عن عبد الله ابن سنان قال حدثني أبي جعفر (عليه السلام) أن عبد الله بن سبأ كان يدعي النبوة ويزعم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الله ، تعالى عن ذلك.
فبلغ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فدعاه وسأله ، فأقر بذلك وقال نعم أنت هو وقد كان القمي في روعي إنك أنت الله وإني نبي. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) ويلك قد سخر منك الشيطان فأرجع عن هذا ثكلتك أمك وتب ، فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب ... [فقتله] وقال [عليه السلام] : إن الشيطان استهواه ، فكان يأتيه ويلقي في روعه ذلك (3).
- وقال الكشي حدثني محمد بن قولويه ، يإسناده عن هشام بن سالم ، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول وهو يحدث أصحابه بحديث عبد الله بن سبأ وما ادعى من الربوبية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قال إنه لمّا ادعى ذلك فيه استتابه أمير المؤمنين (عليه السلام) فأبى أن يتوب ... [فقتله] . (4).
- وفي رواية ابن قولويه بإسناده عن علي بن مهزيار ، عن فضالة بن أيوب الأزهري عن أبان بن عثمان ، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : لعن الله عبد الله بن سبأ أنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان والله أمير المؤمنين (عليه السلام) عبداً لله طائعاً ، الويل لمن كذب علينا وإن قوماً يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا نبرأ إلى الله منهم نبرأ إلى الله منهم .
- وعن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي حمزة الثمالي ، قال ، قال علي بن الحسين (عليه السلام) لعن الله من كذب علينا إني ذكرت عبد الله ابن سبأ فقامت كل شعرة في جسدي ، لقد ادع أمراً عظيماً ما له لعنه الله ، كان علي (عليه السلام) والله عبداً لله صالحاً أخو رسول الله ، ما نال الكرامة من الله إلا بطاعته لله ولرسوله ، وما نال رسول الله (صلى الله عليه واله) الكرامة من الله إلا بطاعته لله.
- الكشي بإسناده عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن ابن أبي نجران عن عبد الله قال. قال أبو عبد الله (عليه السلام) إنا أهل بيت صدّيقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس ، كان رسول الله (صلى الله عليه واله) أصدق الناس لهجة وأصدق البرية كلها وكان مسيلمة يكذب عليه.
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) أصدق من برأ الله بعد الرسول ، وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه ويفتري على الله الكذب عبد الله بن سبأ (5).
وفي البحار زيادة على ما تقدم ... وكان أبو عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام) قد ابتلى بالمختار ثم ذكر أبو عبد الله (عليه السلام) الحارث الشامي وبنان فقال : كانا يكذبان على علي بن الحسين (عليه السلام) ثم ذكر المغيرة بن سعيد وبزيعا والسري وأبا الخطاب ومعمراً وبشار الشعيري وحمزة الترمذي وصائد النهدي فقال : لعنهم الله إنا لا نخلو من كذاب يكذب علينا أو عاجز الرأى كفانا الله مؤنة كل كذاب وأذاقهم حر الحديد (6).
هذه جملة من الروايات والتي مصدرها عبد الله بن سبأ :
فمن هو عبد الله بن سبأ...؟
- قال الكشي : كان يدعي النبوة وأن علياً (عليه السلام) هو الله فاستتابه ثلاثة أيام فلم يرجع ... [فقتله] في جملة سبعين رجلاً ادعوا فيه ذلك (7).
- وقال الشهرستاني : السبائية : أصحاب عبد الله بن سبأ ، الذي قال لعلي كرم الله وجهه : ( أنت أنت ) يعني : أنت الإله. فنفاه إلى المدائن. زعموا أنه كان يهودياً فأسلم ، وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وصي موسى (عليه السلام) مثل ما قال في علي رضي الله عنه. وهو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي رضي الله عنه ، ومنه انشعبت أصناف الغلاة (8).
- وقال الشيخ الطوسي في رجاله في باب أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) : عبد الله بن سبأ الذي رجع إلى الكفر وأظهر الغلو (9).
- وقال الحلي في الخلاصة في القسم الثاني منه : عبد الله بن سبأ ... غال ملعون ... [فقتله] أمير المؤمنين (عليه السلام) ... كان يزعم أن علياً (عليه السلام) إله وأنه نبي لعنة الله (10).
- وقال ابن داود : عبد الله بن سبأ رجع إلى الكفر وأظهر الغلو (11) ، فلفظه مطابق إلى الشيخ الطوسي.
هذه أهم المصادر القديمة التي ترجمت لعبد الله بن سبأ.
إلا أنها لم تتحر الحقيقة فتكشف النقاب عنه ، حتى قيض الله لنا العلامة المحقق آية الله السيد مرتضى العسكري ليثبت إلى التاريخ بعد مضي 14 ق من الزمان أن عبد الله بن سبأ رجل مختلق وأسطورة مفتعله من نسج سيف بن عمر التميمي المتوفى بعد عام 179 هـ ، والمعروف بالوضع والكذب والتحريف قال فيه يحيى بن معين ت 233 : ( ضعيف الحديث ، فَلسٌ خير منه ) (12).
قال النسائي ت 303 هـ : ( ضعيف متروك الاحاديث ليس بثقة ولا مأمون ... ) وقال ابن حيان ت 354 هـ : يروي الموضوعات عن الاثبات اتهم بالزندقة ، وقال : قالوا : كان يضع الحيث.
وقال الحاكم ت 405 هـ : متروك اتهم بالزندقة.
وهكذا جميع المصادر التاريخية والرجالية تؤكّد على كذبه وزندقته ... فراجع.
وعبد الله بن سبأ من مختلقات سيف بن عمر التميمي ولم يذكرهُ من قبله أحد.
وقد بحث العلامة العسكري في كتابه عبد الله بن سبأ بجزئين كبيرين أحوال هذا الرجل وأبطال قصصه المفتعلة والروايات التي وضعها والدس الذي بثه في كتاباته ومروياته.
فالروايات التي جاءت تحدّث عن عبد الله بن سبأ وفي طريقها الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) والإمام الحسين (عليه السلام) والإمام علي بن الحسين (عليه السلام) والإمام الباقر (عليه السلام) والإمام الصادق (عليه السلام) كلها من مفتعلات سيف بن عمر حيث كان أموّياً متعصباً لهم ، معادياً لأهل البيت ، وقد نشط في زمانه أهل الوضع واتسعت حركة الزندقة وذلك في أواخر العصر الأموي والذي وقف حكام بني أمية من وراء الحركة يمدّونها بالمال والدّعم والتأييد والتبنّي لبعض أفكارها حقداً منهم وحسداً لأهل البيت : وللإطاحة بالدّين الجديد حتى يتسنّى لهم التحكم في رقاب الناس واستعبادهم (13).
وبالتالي لا يشك أدنى باحث بأن السبائية ليست لها أي وجود وإنما ابتدعها سيف بن عمرو وخلق لها بطلها عبد الله بن سبأ اليهودي الأصل ـ على حدّ زعمه ـ ثم أسلم ، وبعد ذلك أصبح من أقطاب المألّهين للإمام علي (عليه السلام) وهذا كله مختلق لا يقبل الشك ولو قارنت بين مروياته لبدا لك التناقض فيها جلياً واضحاً ، وما كتبه العلامة يغنينا عن كل تفصيل.
نعم هناك فرقة تسمى الحربية نسبة إلى عبد الله بن عمر بن حرب الكندي ، قالت هذه الفرقة بأن علياً إله العالمين وأنه توارى عن خلقه سخطاً منه عليهم وسيظهر (14).
- ما دار بين الإمام الرضا والمأمون قال له الإمام (عليه السلام) قال علي (عليه السلام) : يهلك فيّ اثنان ولا ذنب لي ، محبّ مفرط ، ومبغض مفرط وأنا أبرأ إلى الله تبارك وتعالى ممن يغلو فينا ويرفعنا فوق حدّنا كبراءة عيسى ابن مريم {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: 116، 117].
وقال عزّ وجّل : {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: 172].
وقال عزّ وجّل : {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} [المائدة: 75].
ومعناه أنهما كانا يتغوطان ، فمن ادعى للأنبياء ربوبية وادعى للأئمة ربوبية أو نبوة أو لغير الأئمة إمامة فنحن منه براء في الدنيا والآخرة (15) ...
اقول : ويمكن توضيح العبارة بهذا الاستدلال ، وهو أن أكل الطعام يستلزم كون الآكل محتاج لا يكون ربّاً ؛ لأن الأشياء كلّها محتاجة إليه وهو سبحانه غني عن الكُل.
- الكشّي عن يحيى بن عبد الحميد الحمّاني في كتابه المؤلف في إثبات إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) قلت لشريك أن أقواماً يزعمون أن جعفر بن محمد ضعيف في الحديث فقال : أخبرك القصة :
كان جعفر بن محمد رجلاً صالحاً مسلماً ورعا فاكتنفه قوم جهال يدخلون عليه ويخرجون من عنده ويقولون حدّثنا جعفر بن محمد ، ويحدّثون بأحاديث كلها منكرات كذب موضوعة على جعفر ، يستأكلون الناس بذلك ويأخذون منهم الدراهم فكانوا يأتون من ذلك بكل منكر ، فسمعت العوام بذلك منهم فمنهم من هلك ، ومنهم من أنكر.
هؤلاء مثل المفضل بن عمر ، وبنان ، وعمرو النبطي وغيرهم ، ذكروا جعفراً حدثهم أن معرفة الإمام تكفي عن الصوم والصلاة ، وحدّثهم عن أبيه عن جدّه أنه حدثهم (عليه السلام) ـ بالرجعة ـ قبل القيامة ، وأن علياً (عليه السلام) في السحاب يطير مع الريح ، وإنه كان يتكلم بعد الموت ، وإنه كان يتحرك على المغتسل ، وإن إله السماء وإله الأرض الإمام ، فجعلوا لله شريكاً ، جهال ضلال.
والله ما قال جعفر شيئاً من هذا قط ، كان جعفر أتقى لله وأورع من ذلك فسمع الناس فضعفوه ولو رأيت جعفراً لعلمت أنه واحد من الناس (16).
- الكشي عن حمدويه وإبراهيم بن نصير قالا : حدثنا محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن مرازم ، قال قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) : تعرف مبشر بشر ، بتوهم الاسم قال : الشعيري ، فقلت : بشار؟ قال : بشار ، فقلت : نعم جار لي ، قال أن اليهود قالوا وحدوا الله ، وإن النصارى قالوا وحدوا الله ، وإن بشاراً قال قولاً عظيماً إذا قدمت الكوفة فأته وقل له : يقول لك جعفر يا فاسق يا مشرك أنا بريء منك.
قال مرازم : فلما قدمت الكوفة فوضعت متاعي وجئت إليه فدعوت الجارية ، فقلت قولي لأبي إسماعيل هذا مرازم فخرج إلي فقلت له : يقول لك جعفر بن محمد يا كافر يا فاسق يا مشرك أنا بريء منك ، فقال لي وقد ذكرني سيدي ، قال : قلت نعم ذكرك بهذا الذي قلت لك ، فقال : جزاك الله خيراً وفعل بك وأقبل يدعو لي.
ومقالة بشار هي مقالة ، والحقيقة شخص علي ، لأنه أول هذه الأشخاص في الإمامة.
وأنكروا شخص محمد (صلى الله عليه واله) وزعموا أن محمداً عبد ع وع ب (17) وأقاموا محمداً مقام ما أقامت المخمسة سلمان وجعلوه رسولاً لمحمد (صلى الله عليه واله) فوافقهم في الإباحات والتعطيل والتناسخ ، والعليائية سمتها المخمسة العليائية وزعموا أن بشاراً الشعيري لما أنكر رسالة سلمان مسخ صدره طيراً يقال له علياء يكون في البحر فلذلك سمّوهم العليائية.
- في الاحتجاج عن أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) : إن أبا الحسن الرضا (عليه السلام) قال : إن من تجاوز بأمير المؤمنين (عليه السلام) لا تتجاوزوا بنا العبودية ، ثم قولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا وإياكم والغلو كغلو النصارى فإني بريء من الغالين.
فقال إليه رجل فقال : يا ابن رسول الله صف لنا ربك فإن من قبلنا قد اختلفوا علينا. فوصفه الرضا (عليه السلام) أحسن وصف ، ومجّده ونزّهه عمّا لا يليق به تعالى ، فقال الرجل بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله فإن معي من ينتحل موالاتكم ويزعم أن هذه كلها من صفات علي (عليه السلام) وأنه هو رب العالمين.
قال : فلما سمعها الرضا (عليه السلام) ارتعدت فرائصه وتصبّب عرقاً وقال : سبحان الله عما يشركون سبحانه عما يقول الكافرون غلواً كبيراً ، أوليس علي كان أكلا في الأكلين ، وشارباً في الشاربين ، وناكحاً في الناكحين ، ومحدثاً في المتحدثين؟
وكان مع ذلك مصلياً خاضعاً بين يدي الله ذليلاً ، وإليه أواها منيباً أفمن هذه صفته يكون إلهاً؟ فإن كان هذا إلهاً فليس منكم أحد إلا وهو إله لمشاركته له في هذه الصفة الدالات على حث كل موصوف بها.
فقال الرجل : يا ابن رسول الله إنهم يزعمون أن علياً لما أظهر من نفسه المعجزات التي لا يقدر عليها غير الله دل على أنه إله ، ولما اظهر لهم بصفات المحدثين العاجزين لبس ذلك عليهم وامتحنهم ليعرفوه ، وليكون إيمانهم اختياراً من انفسهم.
فقال الرضا (عليه السلام) أول ما هاهنا أن لا ينفصلون ممن قلب هذا عليهم فقال : لما ظهر منه الفقر والفاقة دل على أن من هذه صفاته وشاركه فيها الضعفاء المحتاجون لا تكون المعجزات فعله ، فعلم بهذا أن الذي أظهره من المعجزات إنما كانت فعل القادر الذي لا يشبه المخلوقين ، لا فعل المحدث المشارك للضعفاء في صفات الضعف (18).
ولهذه الفرقة اعتقادات فاسدة كثيرة أغلبها تدور في التشبيه والتناسخ ، ويدعون أن الله ظهر لهم أي للناس بالنورانية فدعاهم إلى وحدانَية فلم يقبلوا ثم ظهر لهم من باب التوبة والرسالة فأنكروا عليه ذلك ، ثم ظهر لهم من باب الإمامة فقبلوه.
فظاهر الله عزّ وجّل عندهم الإمامة وباطنه الله ، وهذا سبيلهم في كل الأنبياء والملوك من آدم حتى ظهور محمد صلى الله عليه واله .
ثم قالوا كل من كان من الأوائل مثل أبي الخطاب ، وبيان التبّان ، وصائد النهدي والمغيرة بن سعيد ، وحمزة بن عمّار البربري وبزيع الحائك ، وبيان بن سمعان النهدي ، والسري ، ومحمد بن بشير الشعيري ... هم أنبياء أبواب بتغيير الجسم وتبديل الاسم وزعمت هذه الفرقة أن الشرائع التي وضعت عن الانسان وأنه ممتحن بها وأن جميع ما حرم الله مباح ، وإن المحرمات هي رجال ونساء من أهل الجحود والكفر ، وإن جميع العبادات والفرائض من صوم ، وحج وزكاة ... هي الأغلال وإنّما كانت واجبة على أهل الجحود والإنكار ، أما الزنا والسرقة والخمر واللواط والرّبا وغير ذلك من المحرّمات إنّما هي رجال ونساء فإذا حرمت على نفسك توايتهم واجتنابهم فقد اجنبت ما حرم الله عليك.
وقد أباحوا الفروج وأبطلوا النكاح والطلاق ، ثم ادعوا أن النكاح باطنه مواصلة أخيك المؤمن. فإذا نكحته فقد وصلته وأديت ما عليك من حق (19).
وهؤلاء المخمسة قبل أن يظهر لهم أبو الخطاب كانت بينهم عقيدة سائدة إن تلك الأشباح الخمسة قد حلوا في أبدان وكل إليهم تدبير العالم وإنهم مأمورون من الله عزّ وجّل في اداء هذه المهمة والرّبّ ـ عندهم ـ هو الذي أرسل هؤلاء الخمسة وهم : سلمان الفرسي ، وعمار بن ياسر ، والمقداد بن الأسود الكندي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمر بن أمية الصيمري ، وإنهم مأمورون من عند الله ـ علي ـ بإدارة مصالح العالم وسلمان رئيسهم.
وهذه الفرقة تسمى بالعلياوية أو العلبائية ، وقال فيهم الشهرستاني : أصحاب العباء بن ذارع الدوسي وقال قوم ، هو الأسدي. وكان يفضّل علياً على النبي (صلى الله عليه واله) وزعم أنه الذي بعث محمداً ، يعني علياً وسماه إلهاً. وكان يقول بذم محمد (صلى الله عليه واله) ، وزعم أنه بعث ليدعو إلى علي فدعاه إلى نفسه. ويسمون هذه الفرقة ( الذميّة ).
ومنهم من قال بالألهية جميعاً ويقدمون علياً في الأحكام الإلهية ويسمونهم ( العينية ).
ومنهم من قال بإلهيتهما جميعاً ويفضلون محمداً في الإلهية ويسمونهم ( الميمية ) ومنهم من قال بالألهية لجملة أشخاص أصحاب الكساء : محمد وعلي ، وفاطمة والحسن والحسين ، وقالوا خمستهم شيء واحد والروح حاله فيهم بالسوية (20) ... وتابع هذه الفرقة في معتقداتها الباطلة بشّار الشعيري ، ومقالته هي مقالة العلياوية الذي تعتقد أن علياً ربّ وظهر بالعلوية الهاشمية وأظهر أنه عبده ورسوله بالمحمدية ، فوافق أصحاب أبي الخطاب في أربعة أشخاص علي وفاطمة والحسن والحسين : ، وأن معنى الأشخاص الثلاثة فاطمة والحسن والحسين تلبيس ، والحقيقة شخص علي ، لأنه أول هذه الأشخاص في الإمامة.
وانكروا شخص محمد (صلى الله عليه واله) وزعموا أن محمداً عبد علي وعلي هو الربّ وأقاموا محمداً مقام ما أقامت المخمّسة سلمان وجعلوه رسولاً لمحمد صلوات الله عليهم ، فوافقهم في الإباحات والتعطيل والتناسخ ، والعليائية سمتها المخمسة (21) .
أقول يطابق هذه الفرق من المخمسة والعليائية والبشرية (22) هي بعض فرق الكيسائية والحربية ، زعم بعضهم أن الله القديم عزّ وجّل قد حلّ في علي وفاطمة الحسن والحسين والكل في معنى واحد هو الرب الخالق الذي خلف لنفسه فأسكنها أجساد هؤلاء الأربعة فحلّت فيهم وكانت وعاء سكناً لروح الله فالسكن الفعلي والحالي في هذه الأجساد هو الرب محمد ثم قالوا حل الله في جسد محمح اللحماني الدماني فأصبح ظرفاً للرب والنطق منه الله القديم.
وأحلت المحرمات والفروج (23) ... وكل ذلك تجده في معتقدات محمد بن أبي زينب ، أبو الخطاب.
وللخطابية عقائد كثيرة يمكن ذكر بعضها :
1 ـ إن أبا الخطاب تصدى لبعث الأنبياء والرسل ، وكما ورد أن أصحابه من الأنبياء الذين يقولون به قد بلغ عددهم سبعين نفراً.
2 ـ زعموا أن الإمام جعفر الصادق هو الله وإنما هو نور يدخل في أبدان الأوصياء فيحل فيها فكان ذلك النور في جعفر ثم خرج منه فدخل في أبي الخطاب.
وبعضه زعموا أن جعفراً هو الإسلام والإسلام هو السلم والسلم هو الله ونحن بنو الإسلام كما قالت اليهود : نحن أبناء الله وأحباؤه.
3 ـ صلوا وصاموا وحجوا لجعفر الصادق (عليه السلام) فقالوا : لبيك يا جعفر لبيك.
4 ـ ثم الخطابية لما برز فيهم بيان وادعى النبوة أمر أصحابه بإباحة كل الأمور وأحل لهم الشهوات ما حل منها وما حرم وادعى أن الله لم يحرم شيئاً على خلقه ، لذا حلل السرقة والزنا والخمر والربا والدم ولحم الخنزير ونكاح جميع ما حرمه الله في كتبه من الأمهات والبنات والأخوات ونكاح الرجال ، ووضع عن أصحابه غسل الجنابة.
5 ـ قالوا الأرواح تتناسخ وتحل في أجسام غيرها فإن الله كان نوراً حل في عبد المطلب ثم صار هذا النور في أبي طالب ثم صار في محمد ثم صار في علي فهؤلاء كلهم آلهة إلى أن انتهى هذا النور في معمر أحد مريديهم ومّمن ادّعى النبوة لنفسه.
قول الرسول (صلى الله عليه واله) في علي وتنبؤه عن الغلاة :
عن محمد بن أحمد بن شاذان بإسناده إلى الصادق (عليه السلام) عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال قال : رسول الله (صلى الله عليه واله): يا علي مثلك في أمتي مثل المسيح عيسى بن مريم افترق قومه ثلاث فرق ، فرقة مؤمنة وهم الحواريون ، وفرقة عادوه وهم اليهود وفرقة غلوا فيه فخرجوا عن الإيمان ، وإن أمتي ستفترق فيك ثلاث فرق : فقرقة شيعتك وهم المؤمنون وفرقة عدوك وهم الشاكون ، وفرقة تغلو فيك وهم الجاحدون وأنت في الجنة يا علي وشيعتك ومحب شيعتك [و]عدوك والغالي في النار (24).
أمير المؤمنين (عليه السلام) يتبرّأ من الغلاة :
في أمالي الطوسي بإسناده عن ابن نباتة قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : اللهم إني بريء من الغلاة كبراءة عيسى بن مريم من النصارى ، الله اخذلهم أبداً ولا تنصر منه أحداً (25).
وفي الخصال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إياكم والغلو فينا ، قولوا : إنا عبيد مربوبون وقولوا في فضلنا ما شئتم (26).
الكليني بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : جاء رجل من الأحبار إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال :
يا أمير المؤمنين متى كان ربك؟ فقال له (عليه السلام) : ثكلتك أمك ومتى لم يكن. حتى يقال متى كان. كان ربي قبل القبل بلا قبل وبعد العبد بلا بعد ، ولا غاية ولا منتهى لغاية ، انقطعت الغايات عنده فهو منتهى كل غاية فقال : يا أمير المؤنين افنبي أنت.
فقال : ويلك إنما أنا عبد من عبيد محمد (صلى الله عليه واله) (27).
وفي رواية أبي الحسن الموصلي ... إنما أنا عبد من عبيد رسول الله (صلى الله عليه واله) (28).
__________________
(1) انظر شاعر العقيدة للمؤلف ص | 145.
(2) المقالات والفرق 20 ـ 21.
(3) رجال الكشي ، تصحيح ميرداماد الاستربادي ص 323.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق.
(6) البحار 25 | 263.
(7) الكشي 1 | 323.
(8) الملل والنحل 155.
(9) رجال الطوسي ص 51.
(10) الخلاصة ص 237.
(11) رجال ابن داود ص 254.
(12) ميزان الاعتدال 2 | 255.
(13) انظر كتابنا علم الرجال ، سبب الوضع والإفتراء على الرسول 6.
(14) المقالات والفرق 21.
(15) عيون أخبار الرضا 2 | 201.
(16) الكشي 4 | 616.
(17) (ع) رمز علي و (ب) رمز الرب.
(18) الاحتجاج 2 | 439.
(19) المقالات والفرق | 56.
(20) الملل والنحل | 156.
(21) رجال الكشي 5 | 702.
(22) نسبة إلى محمد بن بشير.
(23) المقالات والفرق | 60.
(24) دفائن النواصب ( المناقب ) 33 والبحار 25 | 265.
(25) أمالي الطوسي | 54.
(26) الخصال 2 | 36 والبحار 25 | 270.
(27)(28) أصول الكافي 1 | 89.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|