أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-5-2021
1639
التاريخ: 16-11-2018
2876
التاريخ: 13-6-2021
2027
التاريخ: 25-5-2021
3346
|
السيدة مارية القبطية
تأملات في الطريق من مصر إلى المدينة :
هي : مارية بنت شمعون . كان أهل الكتاب ينتظرون نبيا " يبعث من جزيرة العرب . وكان بعض من الرهبان يقيمون داخل مكة وحولها وعلى الجبال التي تربط بينها وبين الشام . وكانوا يتحسسون أخبار هذا النبي من التجار الذين يخرجون من مكة أو الذين يقصدونها . ولم تقف دائرة الانتظار وتتبع الأخبار عند هذا الحيز الذي يحيط بمكة . وإنما اتسع ليصل إلى بلاد اليمن وبلاد الحبشة ومصر.
وكان بمصر في هذه الآونة مكتبة عامرة بالإسكندرية، وكانت الإسكندرية لا تخلو من الباحثين عن الحقيقة ، نظرا " لأن عقيدة إلوهية المسيح عقيدة غير مفهومة لم يقرها المسيح ولا يعلم عنها شيئا " ، وإنما هي من إختراع الذين جاؤا من بعده ولم يروه ولم يسمعوا منه ، ولما كانت عقيدة التثليث عقيدة مستعصية عن الفهم ولا يفهمها حتى القائمين عليها . فإن دائرة الخاصة بالإسكندرية بحثت عن الحقيقة كما بحث عنها دائرة الخاصة في الحبشة وعلى رأسهم النجاشي، وكما بحث عنها دائرة الخاصة في خيبر وعلى رأسهم صفية بنت حيى .
وكما اهتم النجاشي ملك الحبشة بالدعوة الخاتمة . اهتم مقوقس الإسكندرية أيضا " بهذه الدعوة .
ومن الثابت أن مصر كانت ترتبط بالحبشة يومئذ بروابط اقتصادية وسياسية وكانت الكنيسة الحبشية ترتبط بالكنيسة القبطية المصرية الأرثوذكسية .
وروي أن مقوقس مصر بعث بهدية إلى النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم . ومن صفاته عندهم إنه يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة ، والمتدبر في هدية صاحب الإسكندرية . يجد أنه بعث للنبي صلى الله عليه وآله بثلاثة من بيت واحد وأسرة واحدة ، قال صاحب الإصابة عن أبي صعصعة قال : بعث المقوقس صاحب الإسكندرية إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم في سنة لينا ، وبغلته الدلال وحماره عفير . ومع ذلك خصي يقال له : مأبور شيخ كبير كان أخا مارية ( 1 ).
ويمكن الوقوف على أصول هذه الأسرة . إذا علمنا أن مارية القبطية لم تكن جارية عادية شأنها كشأن غيرها من الجواري . بمعنى إنها لم تكن من العامة وإنما كانت من الخاصة . فعن عروة عن عائشة قالت : أهدى ملك بطارقة الروم يقال له المقوقس جارية من بنات الملوك يقال لها مارية إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ( 2 ) .
ولا يخفى أن مكتبات القصور لا تخلو من الكتب العتيقة والنادرة التي تختصر الطريق للوصول إلى الحق ولقد قال بعض علماء الآثار : إن عقيدة التوحيد التي اعتنقها ( أخناتون ) وصلت إليه من بقايا تراث الأسرة الفرعونية الثانية عشرة .
وهذا التراث كان ينتقل من قصر إلى قصر . وأجمع علماء الآثار على أن نزول إبراهيم عليه السلام إلى مصر كان في عهد الأسرة الثانية عشرة . ولقد أهدى فرعون مصر إلى إبراهيم عليه السلام هاجر أم إسماعيل . وذكر ابن كثير في البداية والنهاية إن هاجر كانت جارية من بنات الملوك .
وبالجملة : كانت هاجر عند المقدمة الأولى من بنات الملوك . وسارت في القافلة الإبراهيمية . ثم كانت مارية عند الدعوة الخاتمة من الملوك . وسارت نحو المدينة لتكون ضمن أمهات المؤمنين ، وكأن التاريخ يحدثنا أن سنة إبراهيم سنة جارية استقرت في نهاية المطاف عند النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم ، أو كأنه يقول إن حركة المقدمة يستقيم مع حركة الخاتمة .
إن هدية المقوقس تفيد أن الحجة قد قامت على الخاصة من قبل أن يبعثوا بالهدية . وعندما بعثوا بهذه الهدية فإن هذا يعني أن الحجة دامغة على دائرة أوسع من دائرة الخاصة . وتحت هذا السقف يمكن أن نفهم بكل يسر ما روي عن كعب بن مالك . قال : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ( استوصوا بالقبط خيرا " فإن لهم ذمة ورحما " . قال : ورحمهم أن أم إسماعيل بن إبراهيم منهم . وأم إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم منهم ) ( 3 ) .
وروى ابن كثير وغيره : أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم كان يركب في المدينة البغلة التي أهداها إليه المقوقس . وأنه ركبها يوم حنين . وقد تأخرت هذه البغلة وطالت مدتها . وكانت عند علي بن أبي طالب . كان يركبها يوم الجمل . ثم صارت إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب . وكبرت حتى كان يحش لها الشعير لتأكله ( 4 ) .
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يطأ مارية بملك اليمين . ووهب أختها لحسان بن ثابت فولدت له عبد الرحمن ( 5 ) ،
وروي عن عبد الرحمن بن زياد قال : أتى جبريل عليه السلام . فقال للنبي صلى الله عليه [وآله] وسلم : إن الله قد وهب لك غلاما " من مارية . وأمرك أن تسميه إبراهيم ) ( 6 ) .
وروي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ( 7 ) .
وروى أبو عمر : إن إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم توفي وهو ابن ثمانية عشر شهرا " ( 8 ) وقيل : وهو ابن ستة عشر شهرا " ( 9 ).
وذكر ابن كثير في البداية والنهاية : لما توفي إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله . بعث علي بن أبي طالب إلى أمه مارية . فحمله علي بن أبي طالب وجعله بين يديه على الفرس . ثم جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله . فغسله وكفنه وخرج به وخرج الناس معه . فدفنه في الزقاق الذي يلي دار محمد بن زيد . فدخل علي بن أبي طالب في قبره . حتى سوى عليه ودفنه . ثم خرج ورش على قبره وأدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده في قبره وبكى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم . وبكى المسلمون حوله حتى ارتفع الصوت . ثم قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : تدمع العين ويحزن القلب . ولا نقول ما يغضب الرب. وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون ( 10 ) .
وفاتها :
روي أن مارية رضي الله عنها توفيت سنة ست عشر في خلافة عمر بن الخطاب .
وروي أنها ماتت بعد النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم بخمس سنين ودفنت بالبقيع ( 11 ) .
_______________
( 1 ) الإصابة 404 / 4 ، الطبقات الكبرى 212 / 7 .
( 2 ) البداية والنهاية 304 / 5.
( 3 ) الطبقات الكبرى 214 / 7 .
( 4 ) البداية والنهاية 303 / 5.
( 5 ) الطبقات الكبرى 215 / 7 .
( 6 ) البداية والنهاية 309 / 5 .
( 7 ) الإستيعاب 42 / 4 .
( 8 ) المصدر السابق 43 / 4 .
( 9 ) البداية والنهاية 309 / 5 .
( 10 ) المصدر السابق 309 / 5.
( 11 ) الإصابة 405 / 4 .
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|