خلال الحفل التكريمي لعوائل شهداء طلبة العلوم الدينية والذي اقامته العتبة العباسية المقدسة في مسجد الخضراء بمحافظة النجف الأشرف، كانت هناك كلمة لمتوليها الشرعي سماحة السيد احمد الصافي (دام عزه) والتي بين فيها جملة من الأمور أهمها:
- المرجع الديني الأعلى اكد أن بُعيدة قضية داعش ان الامة التي تفقد ارادتها لا تستطيع ان تدافع عن نفسها.
- فتوى الدفاع الكفائي جاءت لإعادة ثقة الامة بنفسها، وكانت داعية بحمد الله تعالى الى ان تقوض الفتنة الداعشية.
- النجف لم تغب عن احداث العراق منذ ان حل فيها الشيخ الطوسي (رضوان الله تعالى عليه)، فكانت دائما هي الراعية والاب والمدافع عن كل ما يمس هذا البلد وبقية البلدان.
- ولو استعرضنا تاريخ المرجعية المباركة لأكثر من الف سنة، لوجدنا الحكمة والدقة وقوة الفتوى التي قد تتجاوز الحدود في بعض الحالات من اجل الحفاظ على هذه المقدسات.
- داعش كانت فتنة، ولعلها من اشرس الفتن، وارادت ان تحرق الاخضر واليابس، وان تقضي على مقدسات المسلمين وغير المسلمين، وتقضي على كل ما هو متحضر.
- فتنة داعش تحب الجهل بل هي من محوره، وان الجاهل يبقى يعادي العالم مهما كان، لكن الله تبارك وتعالى اراد شيئاً اخر، اراد ان تتعظم على ما هي من عظمة، واراد ان يتعظم دور المرجعية الدينية العليا.
- تم القضاء على فتنة داعش في وقت قد يكون قصيراً بلحاظ ما قرئ من احداث في هذه المنطقة، لكن كان الثمن غالياً، ومن جملة الاثمان التي دفعت هي هذه الكوكبة الطيبة من ابناء الحوزة العلمية المشرفة.
- الشهداء من طلبة العلوم الدينية، كانوا مثالاً للمثابرة العلمية الجدية، ويتمتعون بعقيدة سليمة.
- الشهداء من طلبة العلوم الدينية كان همهم الاكبر عندما تركوا الدرس ان يقفوا مع اخوتهم في ساحات القتال، معززين هذا الدور ومثيرين فيهم الحمية، ومثيرين فيهم القوة والبسالة، وكانوا يتحدثون عندما يرجعون عن عظمة الابطال والمرابطين وعن الاندفاع الكبير الذي كان يتمتع به الاخوة الابطال.
- الشهداء من طلبة العلوم الدينية كانو ينقلون لنا اننا نستمد في بعض الحالات العون من المقاتلين انفسهم، عندما نراهم في هذه الصورة من الضبط ورباطة الجأش، وكانوا ينتظرون الهجوم كأنهم ينتظرون جائزة.
- ان التلاحم الذي حدث بين الطلبة الاعزاء الشهداء، وبين المقاتلين الاعزة حقيقة هو تلاحم تفرضه طبيعة الخطر الذي داهم البلاد، فحضورهم كان حضورا مؤيداً وموفقاً.
- نشير الى قضية دائما كنا نثيرها الا وهي مسألة التوثيق لكل ما جرى, نحن الان شهود على احداث هذه السنة، والسنة الماضية والسنة التي قبلها، لكن بعد خمسين عاماً لا نكون من الشاهدين وانما سيكون الكتاب هو الشاهد، الآخر سيقرأ تأريخ العراق من خلال الكتاب، فإذا كان الكتاب بخيلاً ولا يغطي هذه الصفحة بشكل واقعي سيزور التاريخ.
- اذا لم نوثق هذه الأحداث ستكون الاجيال القادمة معاتبة لنا بطبيعة ما جرى، وكيفية التخلص من هذه الفتنة، اما اذا وثقنا ودققنا في التوثيق ابتداءً من زمن صدور الفتوى الى ختامها وما بينهما من معارك شرسة ودماء سائلة ومواقف مشرفة وقتلاً كان في سبيل الله من المؤمنين وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى على نحور الكافرين والدواعش.. فهنا سيتغير الكثير ونحفظ هذا التاريخ، ونوصله بأمانة الى الاجيال الأخرى.. فلابد ان توثق بشكل دقيق.
- شرعنا بحمد الله تعالى في العتبة العباسية المقدسة في مشروع مهم وهو مشروع موسوعة ضخمة جداً تربو على الخمسة وعشرين مجلداً، وهي موسوعة توثق هذه الفترة الزمنية المنصرمة، وممكن ان نستعين بالاخوة ايضا لكل من يمتلك وثيقة او قصة او معلومة ان لا يبخل علينا بكتابتها من اجل توثيقها.
- يا عوائل شهداء الطلبة وابناءهم، انا بين تعزية لكم لما فقدتم من اعزة علينا وعليكم وايضا في تهنئة لما اقتطفتموه من ثمار، هذه الثمار التي توجت هذا النصر الذي حصل بهذه الدماء العزيزة، وكنتم انتم من وراء هذه الثمار.. فطوبى لكم ثم طوبى.
- ياعوائل شهداء الطلبة، انتم ستبقون كما كنتم مرفوعي الرأس في هذا البلد؛ كونكم من المحافظين عليه، وان الانسان عندما يمر مثلا من بناء ويتذكر ان اباه ساهم في هذا البناء قطعاً سيشعر بالغبطة والسرور، فكيف بكم اذا مررتم بهذا البلد من اقصاه الى اقصاه، وستتذكرون الشهداء وتتذكرون ان الزوج او الاب او الاخ كان من الذين حافظوا على هذه التربة الطاهرة، فهذا وسام ميزكم الله تبارك وتعالى به لعنايته بكم لطيب عنصركم للهمة التي كانت عندكم، وانتم تدفعون بهذه الوجوه البررة والاجساد الطيبة والنحور التي تتشوق الى لقاء الله تبارك وتعالى تأسيا بسيد الشهداء صلوات الله وسلامه عليه.
- يا أبناء الطلبة الشهداء.. ان آباءكم في الحوزة العلمية هذه الحوزة التي تصنع قادة وهي مكان لوراثة الانبياء وخرج منها ما خرج على مر التاريخ انتم ابناء الشهداء لابد ان تكونوا كبارا واحلامكم كبيرة؛ لان حجم الاباء كان كبيراً.
- النجف اليوم ليست المكان او الرقعة الجغرافية المحددة ادارياً، هذا اشتباه، فالنجف اليوم هي عبارة عن عنوان كبير جداً، عنوان للفضيلة، بل هي عنوان علي عليه السلام، وعلي لا يتحدد بمساحة جغرافية صغيرة، انتم ايضا ابناء النجف وابناء طلبة العلوم الدينية لابد ان تكونوا كباراً، واحلامكم لابد ان تكون كبيرة، وان تفكروا بذلك العطاء الكبير الذي بناه الاباء، فوطدوا الاباء لكم ارضاً ومستقبلاً، قد لا يتوفر لكل احد.
- سمعت من بعض الجرحى كان كبيرا فقد كلا طرفيه، وكان جداً متفائلاً، وكان يبتسم ويضحك شعوراً منه بالزهو ، فقال: ما اسعدنا ونحن نستجيب لفتوى لا تتكرر هذه الفتوى دائماً، لاحظوا دقة وصف هذا الرجل عندما كان مستأنساً بموقفه ونسى في نفس الوقت فقدانه قدميه، وانما كان همه انني وفقت الى ان استجيب لهذه الفتوى؛ لأنه لا يمكن ان تصدر فتوى دائماً في كل عصر في كل سنة لا يمكن فالله وفقنا لان نكون في زمان حتى نستجيب لهذه الفتوى .
- نحن بين فترة واخرى نحضر مجالس العزاء ونستذكر اصحاب الحسين صلوات الله وسلامه عليه، ثم يقول الخطيب: يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيما، طبعاً المرجعية ذكرت هذا النص في اكثر من خطبة وقالت للشهداء: يا ليتنا كنا معكم.. وهذه الـ(يا ليت) حالة من التمني قد لا تحصل وان حصلت قد الانسان لا يتوفق لها قد يخاف قد ينظر الى اولاده قد ينظر الى ما عنده قد ينظر الى الدنيا.
- بعض الحالات الانسان يحب الارض وما بنى عليها وله متعلقات فمن غير المعلوم ان (يا ليتنا كنا معكم) هو يصدقها اذا جاءت الحالة المشابهة، من غير المعلوم الكلام سهل، لكن ما حدث خلال هذه الفترة شيء لافت للنظر أن هؤلاء الاعزة صدقوا هذه المقولة، وهذا الذي قلت فقد ساقيه كان يريد ان يقول اني صدقت هذه المقولة، لم اقل يا ليتنا ولم اذهب وانما انا فعلاً وفيت بما كنت انادي به، وطبعاً العشرات من الاخوة كانوا على هذه الروح المعنوية حتى ان البعض كان يقول عجلوا لي في الطرف الصناعي حتى التحق بإخوتي، هذه الروح لم تأتِ من فراغ بل من حس وطني وديني جعل هذا الانسان لا يشعر بنفسه ازاء هذا الكيان.
- ياعوائل شهداء طلبة العلوم الدينية هذا التكريم لا شك لا يليق بكم انتم اجلّ، وانتم اعلى منزلة، وانتم أرفع شأناً من ان تكرمون ببعض هذه الاشياء، وهذا لا يتناسب مع حجم تضحياتكم فالله سبحانه وتعالى هو المكرم الحقيقي لكم والنبي صلى الله عليه واله هو الذي استقبلكم والائمة الاطهار عليهم السلام هم الذين يكرمونكم.
- انتم فقدتم اعزة قد نحسبهم انا وانتم اموات لكن الله يرفض ذلك ويحسبهم احياء عند ربهم يرزقون.
- هذا التكريم من باب سنة جرت حتى نحفظ فيه الحد الادنى من ذكر الاعزة الشهداء، فضلا عن انهم شهداء هذه الحوزة المباركة بعضهم كانوا من الفضلاء الاعزاء ولو الله تعالى مد به العمر لعلنا كنا نراه عالماً مرموقا في قادم الايام، لكن الله تعالى اختار له الشهادة والشهادة كفى بها فخراً انها لا تعطى لأي احد، فسلام على الشهداء السعداء منا جميعاً، وسلام عليهم يوم ولدوا وسلام عليهم يوم نزفت دماؤهم وروت هذه الارض، وسلام عليهم يوم يبعثون ويشتكون الى الله تعالى من ظلم الظالمين.