ثورة الامام الحسين "ع" تتجدد في كل عهد وزمان، ومعها يتجدد الحزن وتتسع دائرة المحبين والقاصدين حتى تجاوزت عشرات الملايين، وفي كل عام نرى امور جديدة يستنبطها اصحاب المواكب والسائرين او الجهات الساندة، ولا غرابة ان تصبح طريقة السير الى كربلاء المقدسة على شكل كروبات، فهذه مجموعة نساء اتفقن بين قريبة وصديقة سرن من بغداد الى كربلاء متعاونات يواسين الحوراء والسبايا، وهذا كروب المعلمات والطالبات يجتمعن في المدرسة ويقررن اداء الزيارة مجتمعات، وكروب آخر جاء به رب العائلة مصطحباً افراد عائلته من صغيرهم الى كبيرهم، ليتبادل الادوار بين الخدمة والزيارة مع والده وزوجاته.
كل الاجيال
اوقفنا سير مجموعة من النساء تقودهم صبرية جاسم (65 عاماً) التي قالت "جئنا من مدينة الصدر الى كربلاء سيراً على الاقدام، ونجتمع منذ عشر سنوات اني وبناتي الثلاثة واثنان من اخواتي وحفيداتي وحفيدات اختي وبنات عمي وعددنا 12 امرأة وبنت وطفلتين، ونصر على السير من مختلف الاعمار والاجيال في مختلف الاجواء في الصيف والشتاء في الحر والمطر، نريد ان نكون من المواسين للسيدة زينب "ع" والامام السجاد "ع" والسبايا والايتام"، وتشدد "قد نتعب او يصيبنا الارهاق ان نترك بيوتنا وعائلاتنا لكننا كزائرات "مدللات" ففي الطريق يخدمنا الالاف من المحبين، فالطعام مباح على مسير مئة كيلومتر، والمنام جاهز وامكنة الصلاة معدة والخدمات الصحية والطبية متوفرة في كل مكان، لكن عزائنا بسيدتنا الحوراء زينب "ع" التي ذهبت مسبية وتضرب بالسياط وتسمع شتائم الاجلاف المجرمين بحق ابيها واخوتها، وعادت مكسورة الظهر تصحب الرؤوس لتدفنها مع الاجساد التي فارقتها اربعين يوماً، ولنا فيها اسوة حسنة".
كروب المعلمات والطالبات
لا يقتصر سير الزائرين على الاقارب او الاصدقاء بل تعداه الى تشكيل مجموعات (كروبات) للتآزر في السير نحو قبلة الاحرار، حيث تؤكد المعلمة (جليلة ثامر) "نحن مجموعة من المعلمات والطالبات اتفقنا على السير من حي التراث في كرخ بغداد منذ 11 سنة الى كربلاء المقدسة خلال الزيارة الاربعينية، ونجتمع للسير سوية لنسير في طريق بدون رجال يصحبوننا لكي نشعر بغربة زينب الكبرى وعذابها وكربتها وتحملها لمختلف انواع الاذى"، مبينة ان "مبادئ الامام الحسين "ع" وثورته لم تستثني احداً من المشاركة بها، فتجد للرجل والمرأة والشيخ والطفل والعجوز والشابة بل وحتى الاطفال والرضع دوراً في تلك الثورة يفضح الباطل وينصر الحق ويظهر المظلومية"، مشددة ان "تهديدات الدواعش والارهابيين لن تثنينا عن السير الى قبلة الاحرار ونحن النساء فكيف برجالنا الذين لقنوهم دروساً في القتال اعادوا بها بطولات كربلاء وصناديدها".
فيما تضيف زميلتها زينب محمد "اننا نرسخ مبادئ الحسين "ع" في نفوس طالباتنا ونولد لهم سؤالاً مفاده لماذا خرج الحسين؟ وماهي مبادئ ثورته؟ ولماذا اصطحب الاطفال والنساء والعيال؟ وكيف واجه الاعلام المظلل المغرض؟"، مبينة انهن "بدأن بالسير اربع سيدات حتى وصل عددهن الان الى 11 امرأة وفتاة بينهن تسع معلمات وطالبتان من خلال حث الجميع على المشاركة"، مستدركة ان "المعلمات والطالبات يقدمن اجازات اعتيادية مراعاة للواجب الشرعي وعدم التقصير في مهمتهم التربوية، فيما يكلفن الطالبات زميلاتهن لتزويدهن بالمحاضرات التي تدرس خلال سيرهن الى كربلاء الفداء لمواصلة التفوق العلمي الذي ينصر الحسين "ع" وقضيته".
تبادل الأدوار
يقطعون الطريق بين قضاء الصويرة الى مدينة كربلاء المقدسة بطول 150 كيلومتراً عائلة واحدة مكونة من عشرة افراد خمس اطفال واربع نساء ورجل، يقول رب العائلة على حسن كاظم "منذ تسع سنوات عقدنا العزم انا وعائلتي على ان نكون ممن تسجل اسمائهم في سجل الزائرين للإمام الحسين "ع" في اربعينيته تطبيقاً لقول الامام الحسن العسكري "ع" (من علامات المؤمن زيارة الاربعين) ونسير من قرية المنتصرين الى كربلاء بمسافة 150 كيلومتراً، ومنذ يومين نسير على الاقدام، واصطحبت معي ابنائي الثلاثة وابتني ولا يتعدى عمر اكبرهم العشر سنوات، وكذلك زوجتي وبنات عمي الثلاثة"، مؤكداً انه "يصر على جلب عائلته لأغرس في نفوسهم حب الحسين " ع" وآل بيته الاطهار".
ويوضح انهم "يخدمون الزوار في موكب لهم بقضاء الصويرة ويأتون الى كربلاء سيراً على الاقدام ويتركون والده وزوجاته يخدمن في الموكب، وعند اتمامهم للزيارة يعودون الى خدمة الزائرين ويأتي والده وزوجاته لإداء الزيارة، في طريقة تبادل الادوار لنيل الثواب الجزيل".