اشار ممثل المرجعية الدينية العليا في الخطبة الأولى من صلاة الجمعة في الصحن الحسيني الشريف بتاريخ (23 /6 /2017م) ان أيام الشهر الفضيل قد انتهت، سائلين الله تبارك وتعالى أن يتقبّل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يتجاوز عنا فيما أسرفنا وأن يغفر لنا ويجعلنا من المرحومين ولا يجعلنا من المحرومين.
وقال السيد احمد الصافي "سبق ان تم التطرق في وقت سابق الى بعض مناجاة الأئمة (عليهم السلام) في الشهر الشريف مع الله تبارك وتعالى وخصوصا في ساعات الخلوة، موضحا ان الإنسان ينفرد في أوقات محددة لغرض تجديد عهد مع الله، أو طلب العفو والمغفرة أو الاستزادة من الخير أو الستر على ذنب، وأمثال ذلك سواء كان من حاجات الدنيا أو حاجات الآخرة".
واضاف ان "الانسان يعلم بأن الله مطلع ويعلم أن الأرزاق أو الأعمار بيده ويحاول أن يعزز ذلك بما يوفقه الله تعالى من أوقات، مبينا ان هذا سيعطي للإنسان حصانة ويقلل جرأته على الذنوب، ويقلل حالة التجاوز على حدود الله التي حددها، مؤكدا ان شهر رمضان من أفضل الفرص لزيادة هذه المعارف بالله تعالى".
واوضح "اننا نلاحظ الآن ان الإنسان في غير شهر رمضان والعياذ بالله يهجر قراءة القرآن الكريم، أو تقل قراءته، ولكن في شهر رمضان يكون هنالك أنس وعهد ما بينه وبين القرآن الكريم، أو لا يفزع إلى الله في أوقات الليل فيقضيها في الراحة والنوم، ولكن في شهر رمضان قد يوفّق لأن يجلس جلسة العبد أمام سيده، أو يقف مع الله تبارك وتعالى، وهذه الحالة التدريبية أن ـ صحّت ـ تساعد الإنسان أن يكون عبداً موفقاً في علاقته مع الله تبارك وتعالى وعلاقة طيبة".
ونوه الى "ان بعض ما يتعلق بالأدعية الشريفة فانها تعرّج على مجموعة من الالتفاتات الخاصة التي نحن بحاجة لها في العلاقة مع الله، فنسأله أن يرحمنا ويتجاوز عن خطايانا، مبينا ان الإنسان لا يملك إلا نفساً واحدة، ولذلك لابد أن لا يجعلها إلا في مواطن الاطمئنان على مصيرها، وكلما كانت هذه النفس محل اهتمام، كلما حاول الإنسان العاقل أن يحافظ عليها، ولا يوجد شيء أسوء من النار، ولذا يجب على الإنسان أن يقي هذه النفس أن تنزل ذلك المنزل المخيف".
واشار ان "من جملة ما تقدّم من دعاء أبي حمزة الثُمالي (رضوان الله تعالى عليه)، بعض الفقرات التي بينها الإمام (عليه السلام)، والتي يتعامل فيها مع الله، والآن نصور أنفسنا أننا مذنبون وكما هو الواقع وفي هذا التصوير يبين حالة المذنب، بعد أن يبين يقول: فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما فعلته، ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته؟!"، مبينا ان الانسان في واقع الحال يسأل نفسه، والإمام (عليه السلام) يبين حالة كأنها واقعية، أن الإنسان إذا اطلع على ذنبه غير الله تعالى، وهو يعلم بان الله مطلع، الا انه مع ذلك يذنب".
واستدرك ممثل المرجعية العليا اننا "نعلم بأن الله مطلع ولا يغيب عنه شيء في أي بقعة أو في اي ظرف أو زمان او مكان، والانسان دائماً مفضوح أمام الله، مشيرا انه في هذه حالة والحالة الثانية تنبهنا باننا حينما نريد أن نقبل على الذنب يوجد شخص يرانا فنتجنب حتى لا يرانا هذا الشخص، مهما صغر أو عظم، وبالنتيجة سيكون هذا الشخص مانعاً عن الارتكاب، وليس الله هو المانع، لأننا في الحالة الأولى نقبل والله موجود، والثانية نحجم وأيضاً الله تعالى موجود، ولكن لا يكون تعالى هو سبب الاحجام ولكن ذلك الشخص الموجود".
وتابع اننا في الدعاء نعترف باننا ارتكبنا الذنوب ونعترف أنه لو كان غير الله مطلعا لما ارتكبناها، مستدركا عند فقرة الدعاء (ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبتها)، اي بمعنى أنني لو أذنبت وأنت الآن يا إلهي تعاقبني على الذنب فأنا أجتنبه، مشيرا الى وجود رادعين، الأول هو نظر إنسان لي فأجتنب، والأمر الثاني أن الله تعالى لم يعاجلني بالعقوبة، ولأنه لم يعاجلني فأنا قد أقبلت على الذنب، فالحالتان حالة غير صحية عند الإنسان".
واكد ممثل المرجعية العليا ان الإمام السجاد (عليه السلام) يتدارك المذنب في هذه النقطة، اذ يقول لا، إنني عندما أذنبت لا لأنك أهون الناظرين إليّ، وهذا من مواطن استدرار الرحمة، ويقول أنا عندما أقبلت على الذنب وأعلم أنك تراني ولا أقدم وغيرك يطلع لا لأنك أهون الناظرين إليّ، وأخف المطلعين عليّ، ولكن لماذا ارتكب؟ إذا كان الله تبارك وتعالى ليس أهون الناظرين وأخف المطلعين؟!.. هذه نقطة مهمة وقلنا أن هذه حالة غير صحية، فكيف نتدارك بما فعلنا، يقول الإمام (عليه السلام): (لأنك يا رب خير الساترين وأحكم الحاكمين وأكرم الأكرمين)".