المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
Untitled Document
أبحث في الأخبار


كلام في معنى العرش


  

2212       02:58 صباحاً       التاريخ: 22-10-2014              المصدر: محمد حسين الطباطبائي

أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2015 6298
التاريخ: 21-1-2016 13953
التاريخ: 16-12-2015 7941
التاريخ: 22-10-2014 20828
التاريخ: 10-1-2016 23950
 للناس في معنى العرش بل في معنى قوله : {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف : 54] والآيات التي في هذا المساق مسالك مختلفة ، فأكثر السلف على أنها وما يشاكلها من الآيات من المتشابهات التي يجب أن يرجع علمها إلى الله سبحانه ، وهؤلاء يرون البحث عن الحقائق الدينية والتطلع إلى ما وراء ظواهر الكتاب والسنة بدعة ، والعقل يخطئهم في ذلك والكتاب والسنة لا يصدقانهم فآيات الكتاب تحرض كل التحريض على التدبر في آيات الله وبذل الجهد في تكميل معرفة الله ومعرفة آياته بالتذكر والتفكر والنظر فيها والاحتجاج بالحجج العقلية ، ومتفرقات السنة المتواترة معنى توافقها ، ولا معنى للأمر بالمقدمة والنهي عن النتيجة ، وهؤلاء هم الذين كانوا يحرمون البحث عن حقائق الكتاب والسنة - حتى البحث الكلامي الذي بناؤه على تسليم الظواهر الدينية ووضعها على ما تفيده بحسب الفهم العامي ثم الدفاع عنها بما تيسر من المقدمات المشهورة والمسلمة عند أهل الدين - ويعدونها بدعة فلنتركهم وشأنهم.
وأما طبقات الباحثين فقد اختلفوا في معناه على أقوال :
 1 - حمل الكلمة على ظاهر معناها فالعرش عندهم مخلوق كهيئة السرير له قوائم وهو موضوع على السماء السابعة والله - تعالى عما يقول الظالمون - مستو عليه كاستواء الملوك منا على عروشهم ، وأكثر هؤلاء على أن العرش والكرسي شيء واحد ، وهو الذي وصفناه.
وهؤلاء هم المشبهة من المسلمين ، والكتاب والسنة والعقل تخاصمهم في ذلك وتنزه رب العالمين أن يماثل شيئا من خلقه ويشبهه في ذات ، أو صفة ، أو فعل تعالى وتقدس.
2 - أن العرش هو الفلك التاسع المحيط بالعالم الجسماني والمحدد للجهات والأطلس الخالي من الكواكب ، والراسم بحركته اليومية للزمان ، وفي جوفه مماسا به الكرسي وهو الفلك الثامن الذي فيه الثوابت ، وفي جوفه الأفلاك السبعة الكلية التي هي أفلاك السيارات السبع : زحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر بالترتيب محيطا بعضها ببعض.
وهذه هي التي يفرضها علم الهيئة على مسلك بطليموس لتنظيم الحركات العلوية الظاهرة للحس طبقوا عليها ما يذكره القرآن من السماوات السبع والكرسي والعرش فما وجدوا من أحكامها المذكورة في الهيئة والطبيعيات لا يخالف الظواهر قبلوه ، وما وجدوه يخالف الظواهر الموجودة في الكتاب ردوه كقولهم : ليس للفلك المحدد وراء لا خلأ ولا ملأ ، وقولهم بدوام الحركات الفلكية ، واستحالة الخرق والالتيام عليها ، وكون كل فلك يماس بسطحه سطح غيره من غير وجود بعد بينها ولا سكنة فيها ، وكون أجسامها بسيطة متشابهة لا ثقب فيها ولا باب.
والظواهر من القرآن والحديث تثبت أن وراء العرش حجبا وسرادقات ، وأن له قوائم ، وأن له حملة ، وأن الله سيطوي السماء كطي السجل للكتب ، وأن في السماء سكنة من الملائكة ليس فيها موضع إهاب إلا وفيه ملك راكع أو ساجد يلجونه وينزلون منه ويصعدون إليه ، وأن للسماء أبوابا ، وأن الجنة فيها عند سدرة المنتهى التي ينتهي إليها أعمال العباد إلى غير ذلك مما ينافي بظاهره ما افترضه علماء الهيئة والطبيعيات سابقا ، والقائلون منا إن السماوات والكرسي والعرش هي ما افترضوه من الأفلاك التسعة الكلية يدفعون ذلك كله بمخالفة الظواهر.
ولم ينبههم هذا الاختلاف في الوصف على أن ما يصفه القرآن غير ما يفترضه أولئك لتوجيه الحركات العلوية حتى أوضحت الأبحاث الأخيرة العميقة في الهيئة والطبيعيات المؤيدة بالحس والتجربة بطلان الفرضيات السابقة من أصلها فاضطر هؤلاء إلى فسخ تطبيقهم ورفع اليد عنه.
3 - أن لا مصداق للعرش خارجا وإنما قوله تعالى : {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف : 54] و{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5] كناية عن استيلائه تعالى على عالم الخلق ، وكثيرا ما يطلق الاستواء على الشيء على الاستيلاء عليه كما قيل :
قد استوى بشر على العراق                من غير سيف ودم مهراق
أو أن الاستواء على العرش معناه الشروع في تدبير الأمور كما أن الملوك إذا أرادوا الشروع في إدارة أمور مملكتهم استووا على عروشهم وجلسوا عليه والشروع والأخذ في أمر وجميع ما ينبىء عن تغير الأحوال وتبدلها وإن كانت ممتنعة في حقه تعالى لتنزهه تعالى عن التغير والتبدل لكن شأنه تعالى يسمى شروعا وأخذا بالنظر إلى حدوث الأشياء بذواتها وأعيانها يومئذ فيسمى شأنه تعالى وهو الشمول بالرحمة إذا تعلق بها شروعا وأخذا بالتدبير نظير سائر الأفعال الحادثة المقيدة بالزمان المنسوبة إليه تعالى كقولنا خلق الله فلانا ، وأحيا فلانا ، وأمات فلانا ، ورزق فلانا ، ونحو ذلك.
وفيه : أن كون قوله : {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف : 54] جاريا مجرى الكناية بحسب اللفظ وإن كان حقا لكنه لا ينافي أن يكون هناك حقيقة موجودة تعتمد عليها هذه العناية اللفظية ، والسلطة والاستيلاء والملك والإمارة والسلطنة والرئاسة والولاية والسيادة وجميع ما يجري هذا المجرى فينا أمور وضعية اعتبارية ليس في الخارج منها إلا آثارها على ما سمعته منا كرارا في الأبحاث الاعتبارية السابقة ، والظواهر الدينية تشابه من حيث البيان ما عندنا من بيانات أمورنا وشئوننا الاعتبارية لكن الله سبحانه يبين لنا أن هذه البيانات وراءها حقائق واقعية ، وجهات خارجية ليست بوهمية اعتبارية.
فمعنى الملك والسلطنة والإحاطة والولاية وغيرها فيه سبحانه هو المعنى الذي نفهمه من كل هذه الألفاظ عندنا لكن المصاديق غير المصاديق فلها هناك مصاديق حقيقية خارجية على ما يليق بساحة قدسه تعالى وأما ما عندنا من مصاديق هذه المفاهيم فهي أوصاف ذهنية ادعائية وجهات وضعية اعتبارية لا تتعدى الوهم ، وإنما وضعناها وأخذنا بها للحصول على آثار حقيقية هي آثارها بحسب الدعوى فلا يسمى الرئيس رئيسا إلا لأن يتبع الذين نسميهم مرؤوسين إراداته وعزائمه لا لأن الجماعة بدون حقيقة وهو رأسهم حقيقة ، ولا نسمي جزء الهيئة المؤتلفة عضوا لأنه يد أو رجل أو كبد أو رئة حقيقة بل لأن يتصدى من الأمور المقصودة في هذا التشكيل والاجتماع ما يتصداه عضو من الأعضاء الموجودة في بدن الإنسان مثلا.
وهذا هو الذي يسميه الله تعالى لعبا ولهوا إذ يقول : {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ} [العنكبوت : 64] ، فالمقاصد الدنيوية من زينة ومال وأولاد وتقدم ورئاسة وحكومة وأمثالها ليست إلا عناوين وهمية لا تحقق لها إلا في الأوهام ، وليس الاشتغال بها لغير المقاصد الأخروية إلا اشتغالا بأمور وهمية وصور خيالية ، ولا المسابقة في تحصيلها إلا كمسابقة الأطفال في تحصيل التقدم في الملاعب التي يشتغلون بها ، وليس إلا تحصيل حالة خيالية ليس منها في خارجة عين ولا أثر.
وحاشا لله سبحانه أن يذم هذه الحياة الفانية الغارة ، ويسميها لعبا لما تشتمل عليه من الشئون الوهمية ثم يكون تعالى وتقدس أول اللاعبين!.
وبالجملة قوله تعالى : " ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ " في عين أنه تمثيل يبين به أن له إحاطة تدبيرية لملكه يدل على أن هناك مرحلة حقيقية هي المقام الذي يجتمع فيه جميع أزمة الأمور على كثرتها واختلافها ، ويدل عليه آيات أخر تذكر العرش وحده وينسبه إليه تعالى كقوله تعالى : {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة : 129] ، وقوله : {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ } [غافر : 7] ، وقوله : {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة : 17] ، وقوله : {حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر : 75].
فالآيات - كما ترى - تدل بظاهرها على أن العرش حقيقة من الحقائق العينية وأمر من الأمور الخارجية ، ولذلك نقول : إن للعرش في قوله : {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف : 54] مصداقا خارجيا ، ولم يوضع في الكلام لمجرد تتميم المثل كما نقوله في أمثال كثيرة مضروبة في القرآن فلا نقول في مثل آية النور مثلا : أن في الوجود زجاجة إلهية أو شجرة زيتونة إلهية أو زيتا إلهيا ، ونقول : إن في الوجود عرشا إلهيا أو لوحا وقلما إلهيين وكتابا مكتوبا فافهم ذلك.


Untitled Document
د. فاضل حسن شريف
يوم الغدير كذلك جعل فيه عيسى عليه‌ السلام شمعون...
حسن الهاشمي
الآثار الوضعية للذنوب... سيدتي لكي تبتعدي عن الزنا...
د. فاضل حسن شريف
يوم الغدير كذلك نصب فيه موسى عليه‌ السلام وصيه يوشع بن...
محمدعلي حسن
ما عقاب الحاسد؟
د. فاضل حسن شريف
يوم الغدير كذلك جعل الله تعالى النار فيه على إبراهيم...
جواد مرتضى
المباهلة
د. فاضل حسن شريف
يوم الغدير كذلك انتصر فيه موسى عليه السلام على السحرة...
جواد مرتضى
نبذة من سيرة الامام الهادي (عليه السلام)
د. فاضل حسن شريف
الشهادة الثالثة و مفردات من القرآن الكريم (أشهد أن) (ح 12)
زيد علي كريم الكفلي
مَسِيرَةٌ الْمَنَايَا...الْإِمَامُ الْحُسَيْنُ...
زيد علي كريم الكفلي
لَا شَيْءَ يُعْجِبُنِي ....
علي الحسناوي
امتيازات الشهادة التي يحصل عليها الموظف اثناء الخدمة
طه رسول
كيمياء الشاي: سحر العلوم في كوبك!
منتظر جعفر الموسوي
النمو الاقتصادي وتعزيز البنى التحتية للدول