المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

Crystal Defects
6-5-2020
خصائص نزول سورة العاديات
2024-09-04
خنفساء القثاء Epilachna chrysomelina
2024-10-03
التحذيرات والعواقب
2023-03-18
ما هي أسرار آل محمد (صلى الله عليه وآله) التي امروا شيعتهم بالمحافظة عليها ؟
2024-08-17
تحضير الكوبوليمرات التكثيفية الكتلية
15-11-2017


يحيى بن هُذيل القرطبي الكفيف  
  
3806   03:23 مساءً   التاريخ: 2-3-2018
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج4، ص309-311
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-12-2015 3428
التاريخ: 26-1-2016 4094
التاريخ: 2-3-2018 2968
التاريخ: 24-06-2015 2110

 

هو أبو بكر يحيى بن هذيل بن الحكم بن عبد الملك بن اسماعيل التميميّ القرطبيّ الكفيف، كان مولده نحو سنة ٣٠٠(٩١٢-٩١٣ م) . سمع الحديث من أحمد ابن غالب، و أخذ عن ابن القوطية (ت 367 ه‍) . و قدم يحيى بن هذيل إلى المشرق (شرق الأندلس!) فأخذ عنه الرّماديّ الشاعر (ت 4٠٣ ه‍) و غيره (معجم الأدباء ٢٠: ٣٩) . و كانت وفاة يحيى بن هذيل سنة ٣٨٩(٩٩٩ م) (1) .

كان يحيى بن هذيل من أهل العلم و الأدب و الشعر ذا بديهة - قيل فيه: عالم أدباء الأندلس (نفح الطيب 4:٣6) - و لكن غلب عليه الشعر. و شعره جيد رائق تكثر فيه المقطّعات الوجدانية في النسيب و الحكمة.

مختارات من شعره:

-لأبي بكر يحيى بن هذيل مقطّعات منها:

لا تلمني على الوقوف بدارٍ... أهلها صيّروا السقام ضجيعي (2)

جعلوا لي إلى هواهم سبيلا... ثمّ سدّوا عليّ باب الرجوع

- و قال في النسيب أيضا:

شاهدتهم و أنا أخاف عناقهم... شحّا على أجسامهم أن تحرقا (3)

فتركت حظّي من دنوّي منهم... و من الوفاء بأن تحبّ و تصدقا

و أقلّ فعلي يوم بانوا أنّني... قبّلت آثار المطيّ تشوّقا (4)

و لو انّ عذرة شاهدت من موقفي شيئا لحذّرها بألاّ تعشقا (5)

- في نفح الطيب (3:153-154) : قال الحميديّ: أنشد بحضرة بعض ملوك الأندلس قطعة لبعض أهل المشرق، و هي:

و ما ذا عليهم لو أجابوا فسلّموا... و قد علموا أنّي المشوق المتيّمُ (6)

سروا و نجوم الليل زهر طوالعٌ... على أنّهم بالليل للناس أنجمُ (7)

و أخفوا على تلك المطايا مسيرهم... فنمّ عليها في الظلام التبسّمُ (8)

فأفرط بعض الحاضرين في استحسانها، و قال: هذا ما لا يقدر أندلسيّ على مثله، و بالحضرة أبو بكر يحيى بن هذيل فقال بديها:

عرفت بعرف الريح أين تيمّموا... و أين استقلّ الظاعنون و خيّموا (9)

خليليّ، ردّاني إلى جانب الحمى... فلست إلى غير الحمى أتيمّم

أبيت سمير الفرقدين كأنّما... وسادي قتاد أو ضجيعي أرقم (10)

و أحور و سنان الجفون كأنّه... قضيب من الريحان لدنٌ منعّم (11)

نظرت إلى أجفانه و إلى الهوى... فأيقنت أنّي لست منهنّ أسلمُ (12)

- قال يحيى بن هذيل القرطبي في المباهاة ببناء القبور:

أرى أهل الثراء إذا توفّوا... بنوا تلك المراصد بالصخورِ (13)

أبوا إلاّ مباهاة و فخرا... على الفقراء حتّى بالقبور

عجبت لمن تأنّق في بناءٍ... أمينا من تصاريف الدهورِ

أ لم يبصر بما قد خرّبته الـ...ـدهور من المدائن و القصور (14)

و أقوام مضوا قوما فقوما... و صار صغيرهم إثر الكبير (15)

لعمر أبيهم، لو أبصروهم... لما عرفوا الغنيّ من الفقير

و لا عرفوا العبيد من الموالي... و لا عرفوا الإناث من الذكور (16)

إذا أكل الثرى هذا و هذا... فما فضل الجليل على الحقيرِ

____________________

١) من نكت الهميان و معجم الأدباء. و في معجم الأدباء أيضا: و قد جاوز التسعين. و في جذوة المقتبس و وفيات الأعيان: توفّي سنة 356 أو 358 و هو ابن ستّ و ثمانين سنة.

٢) الوقوف بدار: الوقوف في مكان كان يسكنه الأحبّة.

٣) شحّا: بخلا، ضنّا. -أخاف إن دنوت منهم (اقتربت إليهم) لأعانقهم أن يحترقوا من شدّة نار حبّي.

4) بانوا: ابتعدوا، رحلوا. المطيّ جمع مطيّة: الراحلة، الدابة التي يسافر الناس عليها.

5) عذرة-بنو عذرة. بنو عذرة قبيلة كانت تسكن في بادية الحجاز اشتهر أفرادها بالحبّ، و بأنّ أحدهم كان إذا أحبّ ترك طعامه و شرابه و نومه و ربّما مات من شدّة حبّه. يقول الشاعر: لو أنّ بني عذرة شاهدوا أثر الحبّ فيّ أنا لتركوا هم الحبّ خوفا من نتائجه على المحبّ.

 

6) المشوق: المشتاق، المحبّ. المتيّم: الذي ذلّله الحبّ و أضناه (أسقمه و أمرضه) .

7) سرى: سار ليلا. زهر: لامعات (لشدة ظلام الليل) . طوالع: عاليات في كبد السماء (في نصف الليل)

8) المطيّة: الدابة التي يسافر الناس عليها-سافروا على تلك المطايا في منتصف الليل حتّى يخفوا مسيرهم (سفرهم) عن المحبّ.

9) العرف: الرائحة الطيّبة. تيمّم: قصد، اتّجه. و أين استقل-و من أين استقلّ (بدأ السفر، نهض من مكانه ليسير) . الظاعن: المسافر. خيّم: نزل، نصب خيامه ليسكن.

10) أبيت: أقضي الليل. سمير الفرقدين: ساهرا مع الفرقدين. الفرقدان: النجم القطبي (و هو نجم مزدوج يتألف من نجمين) و هو لا يغيب أبدا-يقصد الشاعر أن الحبّ يجعله يسهر الليل كلّه فلا ينام أبدا.

11) الحور (بفتح ففتح) شدّة بياض بياض العين و شدّة سواد سوادها. و سنان الجفون: ناعس العينين. الريحان: نبت له رائحة طيّبة. لدن: طريّ. المنعّم: الذي لا يكلّفه أهله أعمالا متعبة، و لذلك يظلّ جسمه لينا ناعما ممشوقا.

12) منهنّ-من أجفانه.

13) المرصد: مكان رصد النجوم (المكان المرتفع) ، يقصد: بنوا (بفتح النون) قبورهم عالية مشرفة (ليراها الناس) .

14) بصر (بفتح فضمّ) به: علم، أدرك.

15) صار: انتهى إلى مصيره.

16) المولى: السيّد

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.