المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

التفسير ومقاصد القرآن
23-09-2015
اصناف المحرومين من الايمان
2024-07-02
طرفا التشبيه
6-1-2019
الخردل الأبيض أو الكبر
2024-09-10
صناعة وتعبئة وانواع الخبز
2-1-2018
الحرّاس الصامدون
28-5-2017


تفسير الاية (13-18) من سورة الحجرات  
  
11896   05:46 مساءً   التاريخ: 13-10-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الحاء / الحجرات /

قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [الحجرات : 13 - 18].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى } أي من آدم وحواء والمعنى أنكم متساوون في النسب لأن كلكم يرجع في النسب إلى آدم وحواء زجر الله سبحانه عن التفاخر بالأنساب وروى عكرمة عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال: ((إنما أنتم من رجل وامرأة كجمام الصاع ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى)) ثم ذكر سبحانه أنه إنما فرق أنساب الناس ليتعارفوا لا ليتفاخروا فقال { وجعلناكم شعوبا وقبائل } وهي جمع شعب وهو الحي العظيم مثل مضر وربيعة وقبائل هي دون الشعوب كبكر من ربيعة وتميم من مضر هذا قول أكثر المفسرين وقيل الشعوب دون القبائل وإنما سميت بذلك لتشعبها وتفرقها عن الحسن وقيل أراد بالشعوب الموالي وبالقبائل العرب في رواية عطا عن ابن عباس وإلى هذا ذهب قوم فقالوا الشعوب من العجم والقبائل من العرب والأسباط من بني إسرائيل وروي ذلك عن الصادق (عليه السلام).

 { لتعارفوا } أي جعلناكم كذلك لتعارفوا فيعرف بعضكم بعضا بنسبه وأبيه وقومه ولولا ذلك لفسدت المعاملات وخربت الدنيا ولما أمكن نقل حديث { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } أي إن أكثركم ثوابا وأرفعكم منزلة عند الله أتقاكم لمعاصيه وأعملكم بطاعته وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال ((يقول الله تعالى يوم القيامة أمرتكم فضيعتم ما عهدت إليكم فيه ورفعتم أنسابكم فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم أين المتقون)) { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } وروي أن رجلا سأل عيسى بن مريم أي الناس أفضل فأخذ قبضتين من تراب فقال أي هاتين أفضل الناس خلقوا من تراب فأكرمهم أتقاهم.

 أبوبكر البيهقي بالإسناد عن عباية بن ربعي عن ابن عباس قال:  قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ((إن الله عز وجل جعل الخلق قسمين فجعلني في خيرهم قسما وذلك قوله { وأصحاب اليمين } و{ أصحاب الشمال } فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا وذلك قوله { فأصحاب الميمنة } و{ أصحاب المشأمة } و{ السابقون السابقون } فأنا من السابقين وأنا خير السابقين ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله { وجعلناكم شعوبا وقبائل } الآية فإني أتقي ولد آدم ولا فخر وأكرمهم على الله ولا فخر ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا وذلك قوله عز وجل { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب)).

{ إن الله عليم } بأعمالكم { خبير } بأحوالكم لا يخفى عليه شيء من ذلك { قالت الأعراب آمنا } وهم قوم من بني أسد أتوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في سنة جدية وأظهروا الإسلام ولم يكونوا مؤمنين في السر إنما كانوا يطلبون الصدقة والمعنى أنهم قالوا صدقنا بما جئت به فأمره الله سبحانه أن يخبرهم بذلك ليكون آية معجزة له فقال { قل لم تؤمنوا } أي لم تصدقوا على الحقيقة في الباطن { ولكن قولوا أسلمنا } أي أنقدنا واستسلمنا مخافة السبي والقتل عن سعيد بن جبير وابن زيد ثم بين سبحانه أن الإيمان محله القلب دون اللسان فقال { ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } قال الزجاج الإسلام إظهار الخضوع والقبول لما أتى به الرسول وبذلك يحقن الدم فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب فذلك الإيمان وصاحبه المؤمن المسلم حقا فأما من أظهر قبول الشريعة واستسلم لدفع المكروه فهو في الظاهر مسلم وباطنه غير مصدق وقد أخرج هؤلاء من الإيمان بقوله { ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } أي لم تصدقوا بعد بما أسلمتم تعوذا من القتل فالمؤمن مبطن من التصديق مثل ما يظهر والمسلم التام الإسلام مظهر

للطاعة وهو مع ذلك مؤمن بها والذي أظهر الإسلام تعوذا من القتل غير مؤمن في الحقيقة إلا أن حكمه في الظاهر حكم المسلمين وروى أنس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال ((الإسلام علانية والإيمان في القلب)) وأشار إلى صدره { وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا } أي لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئا عن ابن عباس ومقاتل { إن الله غفور رحيم } .

وقوله تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحجرات: 15 - 18] :

نعت سبحانه الصادقين في إيمانهم فقال { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا } أي لم يشكوا في دينهم بعد الإيمان { وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون } في أقوالهم دون من يقول بلسانه ما ليس في قلبه قالوا فلما نزلت الآيتان أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يحلفون أنهم مؤمنون صادقون في دعواهم الإيمان فأنزل الله سبحانه { قل أ تعلمون الله بدينكم } أي أ تخبرون الله بالدين الذي أنتم عليه والمعنى أنه سبحانه عالم بذلك فلا يحتاج إلى إخباركم به وهذا استفهام إنكار وتوبيخ أي كيف تعلمون الله بدينكم { والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم } لأن العالم لنفسه يعلم المعلومات كلها بنفسه فلا يحتاج إلى علم يعلم به ولا إلى من يعلمه كما أنه إذا كان قديما موجودا في الأزل لنفسه استغنى عن موجد أوجده وكانوا يقولون آمنا بك من غير قتال وقاتلك بنو فلان فقال سبحانه { يمنون عليك أن أسلموا } أي بأن أسلموا والمعنى أنهم يمنون عليك بالإسلام { قل لا تمنوا علي إسلامكم } أي بإسلامكم { بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان } أي بأن هداكم للإيمان وأرشدكم إليه بأن نصب لكم من الأدلة عليه وأزاح عللكم ووفقكم له { إن كنتم صادقين } في ادعائكم الإيمان { إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون } من طاعة ومعصية وإيمان وكفر .

____________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9، ص229-232.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأُنْثى وجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهً عَلِيمٌ خَبِيرٌ} . كل الناس يعلمون ان الأب آدم والأم حواء . . ولكن الغرض من قوله تعالى : { خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأُنْثى } ان يعلم الناس ، كل الناس ، انهم إخوة والاخوة سواسية في الحقوق والواجبات ، قوله : { لِتَعارَفُوا } فمعناه ليس القصد من اختلافكم في البلدان والأنساب والألوان أن تتفرقوا شيعا ، وتتناحروا وتتفاخروا بشعوبكم وآبائكم وأجناسكم . . كلا ، وإنما القصد أن تتعاطفوا وتتعاونوا على ما فيه خيركم وصلاحكم . . وأفضل الناس عنده تعالى أخوفهم منه ، وأنفعهم لعباده .

وهذه الآية دعوة من القرآن الكريم إلى أمة إنسانية وعالم واحد يجمعه العدل والمحبة ، وهذا العالم أمل الصفوة من المفكرين وحلم المصلحين ، وفي يقيننا ان الاعتراف بحقوق الإنسان سيظل حبرا على ورق ومجرد نظرية إذا لم تتحقق الوحدة الإنسانية الشاملة التي دعا إليها القرآن منذ أكثر من ألف وثلاثمائة سنة . . فلقد وقّعت الولايات المتحدة ومعها إسرائيل وثيقة حقوق الإنسان ، ومع ذلك تقترف الأولى جريمة إبادة الجنس البشري في شعب فيتنام والثانية في شعب فلسطين .

أكتب هذه الكلمات يوم 23 نيسان سنة 1970 واللجنة الدولية التابعة للأمم المتحدة تحقق في انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان ، وقد سجلت اللجنة في محاضرها ان إسرائيل هدمت في الأراضي المحتلة على المدنيين بيوتهم رجالا ونساء وأطفالا وتركت الجثث تحت الأنقاض ورفضت السلطات الإسرائيلية دفنها ، وانها تعتدي على الأماكن المقدسة والمستشفيات ، وتعذب المواطنين العرب بالنار والكهرباء ، وتستأصل الأعضاء الحساسة من أجساد الكبار ، وتقطع أيدي الصغار وتبقر بطونهم بمرأى من الآباء والأمهات . . إلى غير ذلك من الجرائم الوحشية والإبادة الجماعية .

{قالَتِ الأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ولكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا ولَمَّا يَدْخُلِ الإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ وإِنْ تُطِيعُوا اللَّهً ورَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ } - أي لا ينقصكم - { مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهً غَفُورٌ رَحِيمٌ } . عند تفسير الآية 82 من سورة البقرة ج 1 ص 138 تكلمنا عن الفرق بين المؤمن والمسلم ، وننقل هنا ما ذكره الدكتور طه حسين حول هذه الآية في كتاب ( مرآة الإسلام ) لأنه أديب يستشهد بفهمه على أسرار البلاغة قال :

(كان في عهد النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) مؤمنون ومسلمون ، فما عسى أن يكون الفرق بين الايمان والإسلام ؟ . أما الايمان فالظاهر من هذه الآية انه شيء في القلب قوامه الإخلاص للَّه والتصديق بكل ما أوحى إلى الرسول في أعماق الضمير ، ونتيجة هذا الايمان الاستجابة للَّه ولرسوله في كل ما يدعوان إليه من غير جمجمة ولا لجلجة ولا تردد مهما تكن الظروف والخطوب والكوارث والأحداث . . ولازمة أخرى من لوازم هذا الايمان هي الخوف العميق من اللَّه إذا ذكر اسمه والثقة العميقة به إذا جد الجد وازدياد التصديق إذا تليت آياته . . والايمان يزيد وينقص . . أما الإسلام فهو الطاعة الظاهرة بأداء الواجبات واجتناب المحظورات وان لم يبلغ الايمان الصادق . . فمن الناس من يسلمون خوفا من البأس كما أسلم الطلقاء من قريش يوم فتح مكة ، ومنهم من يسلم خوفا وطمعا كالأعراب الذين ذكرهم اللَّه في هذه الآية ) .

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } المؤمنون حق الايمان هم الذين لا تشوبهم الريبة في عقائدهم ، ويبذلون النفس والنفيس لإحقاق الحق وإبطال الباطل . وتقدم مثله في أكثر من آية ، من ذلك الآية 88 من سورة التوبة ج 4 ص 82 .

{قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهً بِدِينِكُمْ واللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرْضِ واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }. قالت الأعراب : آمنا . فأجابهم سبحانه : أتخبرون اللَّه بايمانكم ، وهو يعلم السر وأخفى ، وله الإحاطة بكل شيء ، والغلبة على كل شيء . ثم هل يكون الايمان بمجرد الادعاء ؟ . وكفى بالمرء جهلا ان لا يعرف قدره .

{ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ } . المراد بمنّه تعالى لطفه وتفضله ، لأنه نهى عن المن ، وما كان اللَّه لينهي عن شيء ثم يفعله ، والمراد بهدايته إلى الايمان الإرشاد إلى الحق والترغيب فيه ، والمعنى ان الاعراب ومن على شاكلتهم من أهل الجهل يمنون بدينهم على ربهم ونبيهم ، ويطلبون عليه الثمن . . واللَّه سبحانه هو صاحب الفضل عليهم حيث أرشدهم إلى الايمان ورغبّهم فيه على لسان نبيه الكريم ، فعليهم أن يحمدوه شكرا على تفضله وإنعامه ، لا ان يمنوا ويطلبوا الثمن . . . هذا ،

ان صدقوا في دينهم وأخلصوا في إيمانهم ، وإلا استحقوا من اللَّه ما أعد للكاذبين والخائنين { إِنَّ اللَّهً يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ والأَرْضِ واللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ } . يعلم سبحانه الايمان الصادق والكاذب ، ويميز بين الأعمال التي يطلبون بها الدنيا ، والأعمال التي يقصدون بها وجه اللَّه ، والأعمال بشتى أنواعها مع الايمان أو الكفر هي ميزان العدل للحساب والجزاء .

________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7، ص123-126.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} إلخ، الشعوب جمع شعب بالكسر فالسكون وهو على ما في المجمع الحي العظيم من الناس كربيعة ومضر، والقبائل جمع قبيلة وهي دون الشعب كتميم من مضر.

وقيل: الشعوب دون القبائل وسميت بها لتشعبها، قال الراغب: الشعب القبيلة المنشعبة من حي واحد، وجمعه شعوب، قال تعالى: {شعوبا وقبائل} والشعب من الوادي ما اجتمع منه طرف وتفرق طرف فإذا نظرت إليه من الجانب الذي تفرق أخذت في وهمك واحدا يتفرق، وإذا نظرت من جانب الاجتماع أخذت في وهمك اثنين اجتمعا فلذلك قيل: شعبت إذا جمعت، وشعبت إذا فرقت.

انتهى.

وقيل: الشعوب العجم والقبائل العرب، والظاهر أن مآله إلى أحد القولين السابقين، وسيجيء تمام الكلام فيه(2) .

ذكر المفسرون أن الآية مسوقة لنفي التفاخر بالأنساب، وعليه فالمراد بقوله: {من ذكر وأنثى} آدم وحواء، والمعنى: أنا خلقناكم من أب وأم تشتركون جميعا فيهما من غير فرق بين الأبيض والأسود والعربي والعجمي وجعلناكم شعوبا وقبائل مختلفة لا لكرامة لبعضكم على بعض بل لأن تتعارفوا فيعرف بعضكم بعضا ويتم بذلك أمرا اجتماعكم فيستقيم مواصلاتكم ومعاملاتكم فلو فرض ارتفاع المعرفة من بين أفراد المجتمع انفصم عقد الاجتماع وبادت الإنسانية فهذا هو الغرض من جعل الشعوب والقبائل لا أن تتفاخروا بالأنساب وتتباهوا بالآباء والأمهات.

وقيل: المراد بالذكر والأنثى مطلق الرجل والمرأة، والآية مسوقة لإلغاء مطلق التفاضل بالطبقات كالأبيض والأسود والعرب والعجم والغني والفقير والمولى والعبد والرجل والمرأة، والمعنى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من رجل وامرأة فكل واحد منكم إنسان مولود من إنسانين لا تفترقون من هذه الجهة، والاختلاف الحاصل بالشعوب والقبائل – وهو اختلاف راجع إلى الجعل الإلهي - ليس لكرامة وفضيلة وإنما هو لأن تتعارفوا فيتم بذلك اجتماعكم.

واعترض عليه بأن الآية مسوقة لنفي التفاخر بالأنساب وذمه كما يدل عليه قوله: {وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا{ وترتب هذا الغرض على هذا الوجه غير ظاهر، ويمكن أن يناقش فيه أن الاختلاف في الأنساب من مصاديق الاختلاف الطبقاتي وبناء هذا الوجه على كون الآية مسوقة لنفي مطلق الاختلاف الطبقاتي وكما يمكن نفي التفاخر بالأنساب وذمه استنادا إلى أن الأنساب تنتهي إلى آدم وحواء والناس جميعا مشتركون فيهما، كذلك يمكن نفيه وذمه استنادا إلى أن كل إنسان مولود من إنسانين والناس جميعا مشتركون في ذلك.

والحق أن قوله: {وجعلناكم شعوبا وقبائل} إن كان ظاهرا في ذم التفاخر بالأنساب فأول الوجهين أوجه، وإلا فالثاني لكونه أعم وأشمل.

وقوله: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} استئناف مبين لما فيه الكرامة عند الله سبحانه، وذلك أنه نبههم في صدر الآية على أن الناس بما هم ناس يساوي بعضهم بعضا لا اختلاف بينهم ولا فضل لأحدهم على غيره، وأن الاختلاف المترائي في الخلقة من حيث الشعوب والقبائل إنما هو للتوصل به إلى تعارفهم ليقوم به الاجتماع المنعقد بينهم إذ لا يتم ائتلاف ولا تعاون وتعاضد من غير تعرف فهذا هو غرض الخلقة من الاختلاف المجعول لا أن تتفاخروا بالأنساب وتتفاضلوا بأمثال البياض والسواد فيستعبد بذلك بعضهم بعضا ويستخدم إنسان إنسانا ويستعلي قوم على قوم فينجر إلى ظهور الفساد في البر والبحر وهلاك الحرث والنسل فينقلب الدواء داء.

ثم نبه سبحانه في ذيل الآية بهذه الجملة أعني قوله: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} على ما فيه الكرامة عنده، وهي حقيقة الكرامة.

وذلك أن الإنسان مجبول على طلب ما يتميز به من غيره ويختص به من بين أقرانه من شرف وكرامة، وعامة الناس لتعلقهم بالحياة الدنيا يرون الشرف والكرامة في مزايا الحياة المادية من مال وجمال ونسب وحسب وغير ذلك فيبذلون جل جهدهم في طلبها واقتنائها ليتفاخروا بها ويستعلوا على غيرهم.

وهذه مزايا وهمية لا تجلب لهم شيئا من الشرف والكرامة دون أن توقعهم في مهابط الهلكة والشقوة، والشرف الحقيقي هو الذي يؤدي الإنسان إلى سعادته الحقيقية وهو الحياة الطيبة الأبدية في جوار رب العزة وهذا الشرف والكرامة هو بتقوى الله سبحانه وهي الوسيلة الوحيدة إلى سعادة الدار الآخرة، وتتبعها سعادة الدنيا قال تعالى: { تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [الأنفال: 67] ، وقال: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] ، وإذا كانت الكرامة بالتقوى فأكرم الناس عند الله أتقاهم كما قال تعالى.

وهذه البغية والغاية التي اختارها الله بعلمه غاية للناس لا تزاحم فيها ولا تدافع بين المتلبسين بها على خلاف الغايات والكرامات التي يتخذها الناس بحسب أوهامهم غايات يتوجهون إليها ويتباهون بها كالغنى والرئاسة والجمال وانتشار الصيت وكذا الأنساب وغيرها.

وقوله: {إن الله عليم خبير} فيه تأكيد لمضمون الآية وتلويح إلى أن الذي اختاره الله كرامة للناس كرامة حقيقية اختارها الله بعلمه وخبرته بخلاف ما اختاره الناس كرامة وشرفا لأنفسهم فإنها وهمية باطلة فإنها جميعا من زينة الحياة الدنيا قال تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64].

وفي الآية دلالة على أن من الواجب على الناس أن يتبعوا في غايات الحياة أمر ربهم ويختاروا ما يختاره ويهدي إليه وقد اختار لهم التقوى كما أن من الواجب عليهم أن يختاروا من سنن الحياة ما يختاره لهم من الدين.

قوله تعالى: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} إلخ الآية وما يليها إلى آخر السورة متعرضة لحال الأعراب في دعواهم الإيمان ومنهم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بإيمانهم، وسياق نقل قولهم وأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يجيبهم بقوله: {لم تؤمنوا{ يدل على أن المراد بالأعراب بعض الأعراب البادين دون جميعهم، ويؤيده قوله: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 99].

وقوله: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا} أي قالوا لك آمنا وادعوا الإيمان قل لم تؤمنوا وكذبهم في دعواهم، وقوله: {ولكن قولوا أسلمنا} استدراك مما يدل عليه سابق الكلام، والتقدير: فلا تقولوا آمنا ولكن قولوا: أسلمنا.

وقوله: {ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} لنفي دخول الإيمان في قلوبهم مع انتظار دخوله، ولذلك لم يكن تكرارا لنفي الإيمان المدلول عليه بقوله: {لم تؤمنوا}.

وقد نفي في الآية الإيمان عنهم وأوضحه بأنه لم يدخل في قلوبهم بعد وأثبت لهم الإسلام، ويظهر به الفرق بين الإيمان والإسلام بأن الإيمان معنى قائم بالقلب من قبيل الاعتقاد، والإسلام أمر قائم باللسان والجوارح فإنه الاستسلام والخضوع لسانا بالشهادة على التوحيد والنبوة وعملا بالمتابعة العملية ظاهرا سواء قارن الاعتقاد بحقية ما شهد عليه وعمل به أولم يقارن، وبظاهر الشهادتين تحقن الدماء وعليه تجري المناكح والمواريث.

وقوله: {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا} الليت النقص يقال: لاته يليته ليتا إذا نقصه، والمراد بالإطاعة الإخلاص فيها بموافقة الباطن للظاهر من غير نفاق، وطاعة الله استجابة ما دعا إليه من اعتقاد وعمل، وطاعة رسوله تصديقه واتباعه فيما يأمر به فيما له الولاية عليه من أمور الأمة، والمراد بالأعمال جزاؤها المراد بنقص الأعمال نقص جزائها.

والمعنى: وإن تطيعوا الله فيما يأمركم به من اتباع دينه اعتقادا، وتطيعوا الرسول فيما يأمركم به لا ينقص من أجور أعمالكم شيئا، وقوله: {إن الله غفور رحيم} تعليل لعدم نقصه تعالى أعمالهم إن أطاعوه ورسوله.

قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون} تعريف تفصيلي للمؤمنين بعد ما عرفوا إجمالا بأنهم الذين دخل الإيمان في قلوبهم كما هو لازم قوله: {لم تؤمنوا{ و{لما يدخل الإيمان في قلوبكم}.

فقوله: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله{ فيه قصر المؤمنين في الذين آمنوا بالله ورسوله إلخ، فتفيد تعريفهم بما ذكر من الأوصاف تعريفا جامعا مانعا فمن اتصف بها مؤمن حقا كما أن من فقد شيئا منها ليس بمؤمن حقا.

والإيمان بالله ورسوله عقد القلب على توحيده تعالى و حقية ما أرسل به رسوله وعلى صحة الرسالة واتباع الرسول فيما يأمر به.

وقوله: {ثم لم يرتابوا} أي لم يشكوا في حقية ما آمنوا به وكان إيمانهم ثابتا مستقرا لا يزلزله شك، والتعبير بثم دون الواو- كما قيل - للدلالة على انتفاء عروض الريب حينا بعد حين كأنه طري جديد دائما فيفيد ثبوت الإيمان على استحكامه الأولى ولو قيل: ولم يرتابوا كان من الجائز أن يصدق مع الإيمان أولا مقارنا لعدم الارتياب مع السكوت عما بعد.

وقوله: {وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله{ المجاهدة بذل الجهد والطاقة وسبيل الله دينه، والمراد بالمجاهدة بالأموال والأنفس العمل بما تسعه الاستطاعة وتبلغه الطاقة في التكاليف المالية كالزكاة وغير ذلك من الإنفاقات الواجبة، والتكاليف البدنية كالصلاة والصوم والحج وغير ذلك.

والمعنى: ويجدون بإتيان التكاليف المالية والبدنية حال كونهم أوحال كون عملهم في دين الله وسبيله.

وقوله: {أولئك هم الصادقون} تصديق في إيمانهم إذا كانوا على الصفات المذكورة.

قوله تعالى: {قل أ تعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم} توبيخ للأعراب حيث قالوا: آمنا ولازمه دعوى الصدق في قولهم والإصرار على ذلك، وقيل: لما نزلت الآية السابقة حلفت الأعراب أنهم مؤمنون صادقون في قولهم: آمنا، فنزل: {قل أ تعلمون الله بدينكم} الآية، ومعنى الآية ظاهر.

قوله تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} أي يمنون عليك بأن أسلموا وقد أخطئوا في منهم هذا من وجهين أحدهما أن حقيقة النعمة التي فيها المن هو الإيمان الذي هو مفتاح سعادة الدنيا والآخرة دون الإسلام الذي له فوائد صورية من حقن الدماء وجواز المناكح والمواريث، وثانيهما أن ليس للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أمر الدين إلا أنه رسول مأمور بالتبليغ فلا من عليه لأحد ممن أسلم.

فلوكان هناك من لكان لهم على الله سبحانه لأن الدين دينه لكن لا من لأحد على الله لأن المنتفع بالدين في الدنيا والآخرة هم المؤمنون دون الله الغني على الإطلاق فالمن لله عليهم أن هداهم له.

وقد بدل ثانيا الإسلام من الإيمان للإشارة إلى أن المن إنما هو بالإيمان دون الإسلام الذي إنما ينفعهم في الظاهر فقط.

فقد تضمن قوله: {قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن} إلخ، الإشارة إلى خطئهم من الجهتين جميعا: إحداهما: خطئهم من جهة توجيه المن إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو رسول ليس له من الأمر شيء، وإليه الإشارة بقوله: {لا تمنوا علي إسلامكم}.

وثانيهما: أن المن - لوكان هناك من - إنما هو بالإيمان دون الإسلام، وإليه الإشارة بتبديل الإسلام من الإيمان.

قوله تعالى: {إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون} ختم للسورة وتأكيد يعلل ويؤكد به جميع ما تقدم في السورة من النواهي والأوامر وما بين فيها من الحقائق وما أخبر فيها عن إيمان قوم وعدم إيمان آخرين فالآية تعلل بمضمونها جميع ذلك.

والمراد بغيب السماوات والأرض ما فيها من الغيب أو الأعم مما فيهما ومن الخارج منهما.

__________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج18، ص265-269.

2- في البحث الروائي الآتي.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

التقوى أغلى القيم الإنسانية:

كان الخطاب في الآيات السابقة موجّهاً للمؤمنين وكان بصيغة: {يا أيّها الذين آمنوا} وقد نهى الذكر الحكيم في آيات متعدّدة عمّا يُوقِع المجتمع الإسلامي في خطر، وتكلّم في جوانب من ذلك.

في حين أنّ الآية محل البحث تخاطب جميع الناس وتبيّن أهم أصل يضمن النظم والثبات، وتميّز الميزان الواقعي للقيم الإنسانية عن القيم الكاذبة والمغريات الباطلة. فتقول: {يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا}.

والمراد بـ{خلقناكم من ذكر وأنثى} هو أصل الخلقة وعودة أنساب الناس إلى (آدم وحواء)، فطالما كان الجميع من أصل واحد فلا ينبغي أن تفتخر قبيلة على أُخرى من حيث النسب، وإذا كان الله سبحانه قد خلق كلّ قبيلة وأولاها خصائص ووظائف معيّنة فإنّما ذلك لحفظ نظم حياة الناس الإجتماعية! لأنّ هذه الإختلافات مدعاةً لمعرفة الناس، فلو كانوا على شاكلة واحدة ومتشابهين لساد الهرج والمرج في المجتمع البشري أجمع.

وقد اختلف المفسّرون في بيان الفرق بين (الشعوب) جمع شعب ـ على زنة صعب ـ (الطائفة الكبيرة من الناس) و{القبائل} جمع قبيلة فاحتملوا احمالات متعدّدة:

قال جماعة إنّ دائرة الشعب أوسع من دائرة القبيلة، كما هو المعروف في العصر الحاضر أن يطلق الشعب على أهل الوطن الواحد.

وقال بعضهم: كلمة {شعوب} إشارة إلى طوائف العجم، وأمّا {القبائل} فإشارة طوائف العرب.

وأخيراً فإنّ بعضهم قال بأنّ {الشعوب} اشارة إلى انتساب الناس إلى المناطق (الجغرافية) و{القبائل} إشارة إلى انتسابهم إلى العرق والدم.

لكنّ التّفسير الأوّل أنسب من الجميع كما يبدو! وعلى كلّ حال فإنّ القرآن بعد أن ينبذ أكبر معيار للمفاخرة والمباهات في العصر الجاهلي ويُلغي التفاضل بالأنساب والقبائل يتّجه نحو المعيار الواقعي القيم فيضيف قائلاً: {إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم}.

وهكذا فإنّ القرآن يشطب بالقلم الأحمر على جميع الإمتيازات الظاهرية والمادية، ويعطي الأصالة والواقعية لمسألة التقوى والخوف من الله، ويقول إنّه لا شيء أفضل من التقوى في سبيل التقرّب إلى الله وساحة قدسه.

وحيث أنّ {التقوى} صفة روحانية وباطنية ينبغي أن تكون قبل كلّ شيء مستقرّةً في القلب والروح، وربّما يوجد مدّعون للتقوى كثيرون والمتّصفون بها قلة منهم، فإنّ القرآن يضيف في نهاية الآية قائلاً: {إنّ الله عليم خبير}.

فالله يعرف المتّقين حقّاً وهو مطّلع على درجات تقواهم وخلوص نيّاتهم وطهارتهم وصفائهم، فهو يكرمهم طبقاً لعلمه ويثيبهم، وأمّا المدّعون الكذَبَة فإنّه يحاسبهم ويجازيهم على كذبهم أيضاً.

{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } [الحجرات: 14، 15] :

الفرق بين الإسلام والإيمان:

كان الكلام في الآية المتقدّمة على معيار القيم الإنسانية، أي التقوى، وحيث أنّ التقوى ثمرة لشجرة الإيمان، الإيمان النافذ في أعماق القلوب، ففي الآيتين الآنفتين بيان لحقيقة الإيمان إذ تقول الآية الأولى: {قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم}.

وطبقاً لمنطوق الآية فإنّ الفرق بين (الإسلام) و(الإيمان) في أنّ: الإسلام له شكل ظاهري قانوني، فمن تشهد بالشهادتين بلسانه فهو في زمرة المسلمين وتجري عليه أحكام المسلمين.

أمّا الإيمان فهو أمر واقعي وباطني، ومكانه قلب الإنسان لا ما يجري على اللسان أو ما يبدو ظاهراً!

الإسلام ربّما كان عن دوافع متعدّدة ومختلفة بما فيها الدوافع الماديّة والمنافع الشخصية، إلاّ أنّ الإيمان ينطلق من دافع معنوي، ويسترفد من منبع العلم، وهو الذي تظهر ثمرة التقوى اليانعة على غصن شجرته الباسقة!

وهذا ما أشار إليه الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في تعبيره البليغ الرائع: (الإسلام علانية والإيمان في القلب)(2).

كما إنّا نقرأ حديثاً آخر عن الإمام الصادق يقول فيه: الإسلام يحقن الدم وتؤدّى به الأمانة وتستحلُّ به الفروج والثواب على الإيمان(3).

وربَّما كان لهذا السبب أنّ بعض الروايات تحصر مفهوم الإسلام بالإقرار اللفظي، في حين أنّ الإيمان إقرار باللسان وعمل بالأركان، إذ تقول الرواية (الإيمان إقرار وعمل، والإسلام إقرار بلا عمل)(4).

وهذا المعنى نفسه وارد في تعبير آخر في بحث الإسلام والإيمان، يقول (فضيل بن يسار) سمعت الإمام الصادق (عليه السلام)

يقول: إنّ الإيمان يشارك الإسلام ولا يشاركه الإسلام، إنّ الإيمان ما وقر في القلوب والإسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء(5).

وهذا التفاوت في المفهومين فيما إذا اجتمع اللفظان معاً، إلاّ أنّه إذا انفصل كلٌّ عن الآخر فربَّما أطلق الإسلام على ما يُطلق عليه بالإيمان، أي أنّ اللفظين قد يستعملان في معنى واحد أحياناً.

ثمّ تضيف الآية محل البحث فتقول: {وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً} وسيوفّيكم ثواب أعمالكم بشكل كامل ولا ينقص منها شيئاً.

وذلك لـ{انّ الله غفورٌ رحيم}.

(لا يلتكم) مشتقٌّ من (لَيت) على زنة (ريب) ومعناه الإنقاص من الحق(6).

والعبارات الأخيرة في الحقيقة إشارات إلى أصل قرآني مسلّم به وهو أنّ شرط قبول الأعمال (الإيمان)، إذ مضمون الآية أنّه إذا كنتم مؤمنين بالله ورسوله إيماناً قلبياً وعلامته طاعتكم لله والرّسول فإنّ أعمالكم مقبولة، ولا ينقص من أجركم شيء، ويثيبكم الله، وببركة هذه الأعمال يغفر ذنوبكم لأنّ الله غفور رحيم.

وحيث أنّ الحصول على هذا الأمر الباطني أي الإيمان ليس سهلاً، فإنّ الآية التالية تتحدّث عن علائمه، العلائم التي تميّز المؤمن حقّاً عن المسلم والصادق عن الكاذب، وأولئك الذين استجابوا لله وللرسول رغبةً وشوقاً منهم عن أولئك الذين استجابوا طمعاً أو للوصول إلى المال والدنيا فتقول: {إنّما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثمّ لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله}!

أجل، إنّ أوّل علامة للإيمان هي عدم التردّد في مسير الإسلام، والعلامة الثانية الجهاد بالأموال، والعلامة الثالثة التي هي أهم من الجميع الجهاد بالنفس.

وهكذا فإنّ الإسلام يستهدف في الإنسان أجلى العلائم {ثبات القدم وعدم الشك والتردّد من جهة، والإيثار بالمال والنفس من جهة أخرى}.

فكيف لا يرسخ الإيمان في القلب والإنسان لا يقصّر عن بذل المال والروح في سبيل المحبوب!؟

ولذلك فإنّ الآية تُختتم بالقول مؤكّدةً: {أولئك هم الصادقون}.

هذا هو المعيار الذي حدّده الإسلام لمعرفة المؤمنين الحق وتمييزهم عن الكاذبين المدّعين بالإسلام تظاهراً، وليس هذا المعيار منحصراً بفقراء جماعة بني أسد، بل هو معيار واضح وجلي ويصلح لكلّ عصر وزمان لفصل المؤمنين عن المتظاهرين بالإسلام، ولبيان قيمة أُولئك الذين يمنّون بأنّ أسلموا على النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وذلك بحسب الظاهر فحسب، إلاّ أنّه عند التطبيق والعمل لا يوجد فيهم أقلّ علامة من الإيمان أو الإسلام.

وفي قبال أُولئك رجال لا يدّعون شيئاً ولا يمنّون، بل يرون أنفسهم مقصّرين دائماً، وفي الوقت ذاته هم في طليعة المضحّين والمؤثرين بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله.

ولو أنّا اتخذنا معيار القرآن لمعرفة المؤمنين الواقعيين وتمييزهم عن سواهم لما كان معلوماً من خلال هذا العدد الهائل من آلاف الآلاف و(الملايين) ممّن يدّعون الإسلام كم هم المؤمنون حقّاً؟! وكم هم المسلمون في الظاهر فحسب؟!

وقوله تعالى : {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [الحجرات: 16 - 18] :

لا تمنُّوا عليَّ إسلامكم:

كانت الآيات السابقة قد بيّنت علائم المؤمنين الصادقين، وحيث أنّا ذكرنا في شأن النّزول أنّ جماعة جاؤوا النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقالوا إنّ ادّعاءهم كان حقيقةً وإنّ الإيمان مستقرٌّ في قلوبهم، فإنّ هذه الآيات تنذرهم وتبيّن لهم أنّه لا حاجة إلى الإصرار والقسم، كما أنّ هذا البيان والإنذار هو لجميع الذين على شاكلة تلك الجماعة، فمسألة (الكفر والإيمان) إنّما يطّلع عليها الله الخبير بكل شيء!

ولحن الآيات فيه عتاب وملامة، إذ تقول الآية الأولى من الآيات محل البحث: {قل أتُعلّمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض}.

ولمزيد التأكيد تقول الآية أيضاً: {والله بكلّ شيء عليم}. فذاته المقدّسة هي علمه بعينه وعلمه هو ذاته بعينها(7) ولذلك فإنّ علمه أزلي أبدي!

ذاته المقدّسة في كلّ مكان حاضرة، وهو أقرب إليكم من حبل الوريد، ويحول بين المرء وقلبه، فمع هذه الحال لا حاجة لإدّعائكم، وهو يعرف الصادقين من الكاذبين ومطّلع على أعماق أنفسهم حتى درجات إيمانهم المتفاوتة ضعفاً وقوّةً، وقد تنطلي عليهم أنفسهم، إلاّ أنّه يعرفها بجلاء، فعلامَ تصرّون أن تعلّموا الله بدينكم؟!

ثمّ يعود القرآن لكلمات الأعراب من أهل البادية الذين يمنّون على النّبي بأنّهم أسلموا وأنّهم أذعنوا لدينه في الوقت الذي حاربته القبائل العربية الأُخرى.

فيقول القرآن جواباً على كلماتهم هذه: {يمنّون عليك أن أسلموا قل لا تمنّوا عليَّ إسلامكم بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين}.

{المنَّة} كما بيّنا سابقاً من مادة {المن} ومعناه الوزن الخاص الذي يوزن به، ثمّ استُعمل هذا اللفظ على كلّ نعمة غالية وثمينة، والمنّة على نوعين: فإذا كان فيها جانب عملي كعطاء النعمة والهبة فهي ممدوحة، ومنن الله من هذا القبيل، وإذا كان فيها جانب لفظي، كمنّ كثير من الناس بالقول بعد العمل، فهي قبيحة وغير محبوبة!

الطريف أن صدر الآية يقول {يمنّون عليك أن أسلموا} وهذا تأكيد آخر على أنّهم غير صادقين في إيمانهم.

وفي ذيل الآية يأتي التعبير قائلاً: {بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين}.

وعلى كلّ حال فهذه مسألة مهمّة أن يتصوّر قاصر والتفكير غالباً أنّهم بقبول الإيمان وأداء العبادات والطاعات يقدّمون خدمةً لساحة قدس الله أو للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وأوصيائه، ولذلك فهم ينتظرون الثواب والأجر.

في حين أنّه لو أشرق نور الإيمان في قلب أحد، ونال هذا التوفيق بأن كان في زمرة المؤمنين، فقد شمله لطف عظيم من الله عزَّ وجلّ.

فالإيمان وقبل كلّ شيء يمنح الإنسان إدراكاً جديداً عن عالم الوجود، ويكشف عنه حجب الأنانية والغرور، ويوسع عليه أفق نظرته، ويجسّد له عظمة خلقه في نظره!

انّه يلقي على عواطفه النور والضياء ويُربّيها ويُحيي في نفسه القيم الإنسانية، وينمّي استعداداته العالية فيه، ويمنحه العلم والقوة والشهامة والإيثار والتضحية والعفو والتسامح والإخلاص، ويجعل منه انساناً قوياً ذا عطاء وثمر بعد أن كان موجوداً ضعيفاً.

إنّه يأخذ بيده ويصعد به في مدارج الكمال إلى قمة الفخر، ويجعله منسجماً مع عالم الوجود، ويسخّر عالم الوجود طوع أمره!

أهذه النعمة التي أنعمها الله على الإنسان ذات قيمة، أم ما يمنّه الإنسان على النبي؟!!

كذلك كلّ عبادة وطاعة هي خطوة نحن التكامل، إذ تمنح القلب صفاءً وتسيطر على الشهوات، وتقوّي فيه روح الإخلاص، وتمنح المجتمع الإسلامي الوحدة والقوّة والعظمة فكأنّه نسيج واحد!

فكل واحدة منها درس كبير في التربية، ومرحلة من المراحل التكاملية!

ومن هنا كان على الإنسان أن يؤدّي شكر نعمة الله صباح مساء، وأن يهوي إلى السجود بعد كلّ صلاة وعبادة، وأن يشكر الله على جميع هذه الأُمور!

فإذا كانت نظرة الإنسان ـ في هذا المستوى ـ من الإيمان والطاعة فإنّه لا يرى نفسه متفضلاً، بل يجد نفسه مديناً لله ولنبيّه وغريق إحسانه. ويؤدّي عبادته بلهفة، ويسعى في سبيل طاعته على الرأس لا على القدم، وإذا ما أثابه الله أجراً فهو تفضّل آخر منه ولطف، وإلاّ فإنّ أداء الأعمال الصالحة يكون بنفع الإنسان، والحقيقة أنّه بهذا التوفيق يضاف على ميزانه عند الله.

فهداية الله ـ بناءً على ما بيّنا ـ لطف، ودعوة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لطف آخر، والتوفيق للطاعة مضاعف، والثواب لطف فوق لطف!.

وفي آخر آية من الآيات محل البحث التي هي آخر سورة الحجرات تأكيد آخر على ما ورد في الآية الآنفة إذ تقول: {إنّ الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون} فلا تصرّوا على أنّكم مؤمنون حتماً ولا حاجة للقسم.. فهو حاضر في أعماق قلوبكم، وهو عليم بما يجري في غيب السماوات والأرض جميعاً، فكيف لا يعلم ما في قلوبكم وما تنطوي عليه صدروكم؟!

اللّهمَّ: مننت علينا بنور الإيمان، فنقسم عليك بعظيم نعمة الهداية أن تثبّت أقدامنا في هذا الطريق وتقودنا في سبيل الكمال...

________________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج13 ، ص129-144.

2- تفسير مجمع البيان ، ج9 ، ص138.

3 ـ اصول الكافي، ج2، باب أنّ الإسلام يحقن به الدم، ح2.

4 ـ المصدر السابق، ح2.

5 ـ أصول الكافي، ج2، باب أنّ الإيمان يشرّك الإسلام، الحديث 3.

6 ـ فعلى هذا يكون الفعل ليت أجوف يائياً وإن كان الفعل ولت بهذا المعنى أيضاً.

7 ـ يشيع على ألسنة بعضهم التعبير بـ {صفاته عين ذاته وذاته عين صفاته} وما أشبه ذلك وهذا التعبير ركيك والصحيح ما ورد في المتن (المصحّح).

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .