أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-9-2017
1258
التاريخ: 24-9-2017
886
التاريخ: 14-3-2018
1258
التاريخ: 24-9-2017
1118
|
اعتقال الإمام (عليه السلام) وإقامته الجبرية:
أمر المتوكل بحبس الإمام (عليه السلام) وزجه في السجن، وفرض عليه الإقامة الجبرية في داره، وبقي ملازما لها، ويدل على ذلك جملة أخبار نذكر منها:
1 - عن الحسن بن محمد بن جمهور، قال: كان لي صديق مؤدب ولد بغا أو وصيف - الشك مني - فقال لي: قال الأمير [عند] منصرفه من دار الخلافة: حبس أمير المؤمنين هذا الذي يقولون له ابن الرضا اليوم، ودفعه إلى علي بن كركر، فسمعته يقول: أنا أكرم على الله من ناقة صالح: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [هود: 65] (1) ليس يفصح بالآية ولا بالكلام، أي شيء هذا؟ قال: قلت: أعزك الله تعالى توعدك، أنظر ما يكون بعد ثلاثة أيام. فلما كان من الغد أطلقه واعتذر إليه، فلما كان اليوم الثالث وثب عليه باغر وبغلون أوتامش وجماعة معهم، فقتلوه وأقعدوا المنتصر ولده خليفة (2).
2 - وقد منعه المتوكل من الخروج عن داره، وفرض عليه إقامة جبرية استمرت طيلة حكمه وبعد حكمه، ففي حديث يوسف بن يعقوب النصراني الذي ذكرناه كاملا في المعاجز، قال: صرت إلى سر من رأى وما دخلتها قط، فنزلت في دار، وقلت: يجب أن أوصل هذه المئة دينار إلى ابن الرضا قبل مصيري إلى دار المتوكل، وقبل أن يعرف أحد قدومي، وعرفت أن المتوكل قد منعه من الركوب وأنه ملازم لداره (3) ... الحديث.
قاسى الإمام من بني العباس *** ما ليس في الوهم وفي القياس
كــــم مرة من بعد مرة حبس *** وهو بما يـــــراه منهم محتبس
حتـى قضى بالغم عمرا كاملا *** فسمــــــه المـــــــــعتز سمــــــا
قاتلا قضى شهيدا في ديار الغربة *** في شدة ومحنة وكربه (4)
محاولة قتل الإمام (عليه السلام):
ولم يتوقف المتوكل عند هذه الحدود، بل ذهب إلى أبعد من هذا حين أراد الإقدام على قتل الإمام (عليه السلام). لكنه لم يصل إلى مرامه، وباءت محاولاته بالخيبة والخسران، وفيما يلي بعض الأخبار الدالة على ذلك:
1 - عن أبي العباس فضل بن أحمد بن إسرائيل الكاتب، قال: كنا مع المعتز، وكان أبي كاتبه، فدخلنا الدار والمتوكل على سريره قاعد، فسلم المعتز ووقف ووقفت خلفه، وكان عهدي به إذا دخل عليه رحب به وأمره بالقعود، ونظرت إلى وجهه يتغير ساعة بعد ساعة، ويقبل على الفتح بن خاقان ويقول: هذا الذي تقول فيه ما تقول! ويردد عليه القول، والفتح مقبل عليه يسكنه ويقول: مكذوب عليه يا أمير المؤمنين، وهو يتلظى ويقول: والله لأقتلن هذا المرائي الزنديق، وهو الذي يدعي الكذب، ويطعن في دولتي. ثم قال: جئني بأربعة من الخزر وأجلاف لا يفقهون. فجئ بهم، ودفع إليهم أربعة أسياف، وأمرهم أن يرطنوا بألسنتهم إذا دخل أبو الحسن، وأن يقبلوا عليه بأسيافهم فيخبطوه ويقتلوه، وهو يقول: والله لأحرقنه بعد القتل. وأنا منتصب قائم خلفه من وراء الستر، فما علمت إلا بأبي الحسن (عليه السلام) قد دخل، وقد بادر الناس قدامه فقالوا: جاء. والتفت ورائي وهو غير مكترث ولا جازع، فلما بصر به المتوكل رمى بنفسه من السرير إليه وهو بسيفه، فانكب عليه يقبل بين عينيه، واحتمل يده بيده، وهو يقول: يا سيدي، يا ابن رسول الله، ويا خير خلق الله، يا ابن عمي، يا مولاي، يا أبا الحسن. وأبو الحسن يقول: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا.
فقال: ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت؟ قال: جاءني رسولك. فقال المتوكل: كذب ابن الفاعلة، ارجع يا سيدي من حيث جئت، يا فتح، يا عبد الله ويا معتز، شيعوا سيدي وسيدكم. فلما بصر به الخزر خروا سجدا مذعنين، فلما خرج دعاهم المتوكل ثم أمر الترجمان أن يخبره بما يقولون، ثم قال لهم: ثم لا تفعلوا ما أمرتكم به؟ قالوا: لشدة هيبته، ورأينا حوله أكثر من مائة سيف لم نقدر أن ننالهم، فمنعنا ذلك عما أمرنا به، وامتلأت قلوبنا رعبا من ذلك. فقال المتوكل: هذا صاحبكم، وضحك في وجه الفتح، وضحك الفتح في وجهه، وقال: الحمد لله الذي بيض وجهه، وأرانا حجته (5).
2 - وعن علي بن محمد بن متويه، عن الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن عبد الله بن أحمد الموصلي، عن الصقر بن أبي دلف، قال: لما حمل المتوكل سيدنا أبا الحسن (عليه السلام) جئت أسأل عن خبره، قال: فنظر إلي حاجب المتوكل، فأمر أن أدخل عليه فقال: يا صقر، ما شأنك؟ فقلت: خير أيها الأستاذ. فقال: اقعد. قال الصقر: فأخذني ما تقدم وما تأخر. فقلت: أخطأت في المجيء. قال: فوحى (6) الناس عنه، ثم قال: ما شأنك وفيم جئت؟ قلت: لخبر ما. فقال: لعلك جئت تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له: ومن مولاي؟ [مولاي] أمير المؤمنين. فقال: اسكت مولاك هو الحق، فلا تحتشمني، فإني على مذهبك. فقلت: الحمد لله. فقال: تحب أن تراه؟ قلت: نعم. قال: اجلس حتى يخرج صاحب البريد. قال: فجلست فلما خرج، قال لغلامه: خذ بيد الصقر فأدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس وخل بينه وبينه، قال: فأدخلني إلى الحجرة، وأومأ إلى بيت، فدخلت فإذا هو (عليه السلام) جالس على صدر حصير، وبحذاه قبر محفور، قال: فسلمت، فرد [علي السلام] ثم أمرني بالجلوس، فجلست. ثم قال: يا صقر، ما أتى بك؟ قلت: سيدي جئت أتعرف خبرك. قال: ثم نظرت إلى القبر فبكيت، فنظر إلي فقال: يا صقر، لا عليك، لن يصلوا إلينا بسوء. فقلت: الحمد لله (7).
3 - ومنها ما روى ابن أرومة، قال: خرجت إلى سر من رأى أيام المتوكل فدخلت إلى سعيد الحاجب، ودفع المتوكل أبا الحسن (عليه السلام) إليه ليقتله، فقال لي: أتحب أن تنظر إلى إلهك! فقلت: سبحان الله، إلهي لا تدركه الأبصار! فقال: الذي تزعمون أنه إمامكم؟ قلت: ما أكره ذلك، قال: قد أمرت بقتله، وأنا فاعله غدا، فإذا خرج صاحب البريد فادخل عليه، فخرج ودخلت وهو جالس وهناك قبر يحفر، فسلمت عليه وبكيت بكاء شديدا، فقال: ما يبكيك؟ قلت: ما أرى. قال: لا تبك إنه لا يتم لهم ذلك، وإنه لا يلبث أكثر من يومين حتى يسفك الله دمه ودم صاحبه، فوالله ما مضى غير يومين حتى قتل (8).
يــا بن النبــي المصطفى ووصيـه *** وابــن الهداة الســـادة الأمناء
كـــم معجز لك قـــد رأوه ولم يكن *** يخفى على الأبصار نور ذكاء
أن يجحدوه فطالما شمس الضحى *** خفيــــت على ذي مقلة عمياء
برا وتعظيمـا أروك وفـــي الخفـــا *** يسعـــون في التحقير والإيذاء
كمـا حاولوا إنقاص قدرك فاعتلى *** رغمــــــا لأعلـــى قنــة العلياء
فقضيت بينهــــم غـــــريبا نائيــــا *** بأبــي فديتك مـــن غريب نائي (9)
ملاحقة شيعته (عليه السلام) وقتلهم:
ولم يكتف المتوكل بإيذاء الإمام (عليه السلام) وحسب، بل منع شيعته من الدخول إليه، وكان ذلك هو الهدف الأول من إشخاص الإمام (عليه السلام) إلى مدينة العسكر، وتابعت أجهزة المتوكل وعيونه بعض الملازمين للإمام (عليه السلام) والقائلين بإمامته من شيعتهم الكرام، لتوصل كل ما يبدو منهم إلى أسماع الطاغية، فيأمر برميهم من أعالي الجبال، أو قطع أرزاقهم، أو حبسهم لمدة طويلة وتحت ظروف قاسية، وقتل بعضهم بأبشع أنواع القتل، وفي كل ذلك يهرعون إلى الإمام (عليه السلام) فينجو بعضهم ببركة دعائه (عليه السلام):
1 - عن الحسن بن محمد بن علي، قال: جاء رجل إلى علي بن محمد بن علي ابن موسى (عليهم السلام) وهو يبكي وترتعد فرائصه، فقال: يا ابن رسول الله، إن فلانا - يعني الوالي - أخذ ابني واتهمه بموالاتك، فسلمه إلى حاجب من حجابه، وأمره أن يذهب به إلى موضع كذا فيرميه من أعلى جبال هناك، ثم يدفنه في أصل الجبل. فقال (عليه السلام): فما تشاء؟، فقال: ما يشاء الوالد الشفيق لولده. قال: إذهب فإن ابنك يأتيك غدا إذا أمسيت، ويخبرك بالعجب من أمره. فانصرف الرجل فرحا (10). الحديث.
2 - وعن عبد الله بن سليمان الخلال، قال: وكتبت إليه (عليه السلام) أسأله الدعاء أن يفرج الله عنا في أسباب من قبل السلطان... إلى أن قال: فرجع الجواب بالدعاء... الحديث (11).
3 - وروى القطب الراوندي بالإسناد عن أبي القاسم بن القاسم، عن خادم علي بن محمد (عليه السلام)، قال: كان المتوكل يمنع الناس من الدخول إلى علي بن محمد (عليه السلام)، فخرجت يوما وهو في دار المتوكل، فإذا جماعة من الشيعة جلوس خلف الدار، فقلت: ما شأنكم جلستم ها هنا؟ قالوا: ننتظر انصراف مولانا لننظر إليه ونسلم عليه وننصرف (12) ... الحديث.
4 - وروى الشيخ الطوسي بالإسناد عن أبي محمد الفحام، عن أبي الحسن محمد بن أحمد المنصوري، قال: حدثني عم أبي، قال: قصدت الإمام يوما فقلت: إن المتوكل قد أطرحني وقطع رزقي ومللني، وما اتهم في ذلك إلا علمه بملازمتي لك، فينبغي أن تتفضل علي بمسألته، فقال: تكفى إن شاء الله. فلما كان في الليل طرقني رسل المتوكل، رسول يتلو رسولا، فجئت إليه، فوجدته في فراشه، فقال: يا أبا موسى، نشغل عنك وتنسينا نفسك (13) ... الحديث.
5 - وروى المؤرخون أنه في سنة 244هـ قتل المتوكل يعقوب بن السكيت الإمام في العربية، فإنه ندبه إلى تعليم أولاده، فنظر المتوكل يوما إلى ولديه المعتز والمؤيد، فقال لابن السكيت: من أحب إليك: هما أو الحسن والحسين؟ فقال: قنبر خادم علي (عليه السلام) خير منك ومن ابنيك، فأمر الأتراك فداسوا بطنه حتى مات، وقيل: أمر بسل لسانه من قفاه فمات، وأرسل إلى ابنه بديته (14).
6 - وروى الكشي عن محمد بن مسعود، قال: قال يوسف بن السخت: كان علي بن جعفر وكيلا لأبي الحسن (عليه السلام)، وكان رجلا من أهل همينيا - قرية من قرى سواد بغداد - فسعي به إلى المتوكل، فحبسه فطال حبسه، واحتال من قبل عبد الله ابن خاقان، بمال ضمنه عنه بثلاثة آلاف دينار، فكلمه عبد الله فعرض جامعة على المتوكل فقال: يا عبد الله، لو شككت فيك لقلت: إنك رافضي، هذا وكيل فلان - أي علي بن محمد (عليه السلام) - وأنا عازم على قتله.
قال: فتأدى الخبر إلى علي بن جعفر، فكتب إلى أبي الحسن (عليه السلام): يا سيدي، الله الله في، فقد والله خفت أن أرتاب. فوقع في رقعته: أما إذا بلغ بك الأمر ما أرى فسأقصد الله فيك، وكان هذا في ليلة الجمعة، فأصبح المتوكل محموما، فازدادت عليه حتى صرخ عليه يوم الاثنين. فأمر بتخلية كل محبوس عرض عليه اسمه حتى ذكر هو علي بن جعفر، فقال - الإمام علي الهادي عليه السلام - لعبيد الله: لم لم تعرض على أمره؟ فقال: لا أعود إلى ذكره أبدا. قال: خل سبيله الساعة، وسله أن يجعلني في حل، فخلى سبيله، وصار إلى مكة بأمر الحسن (عليه السلام)، فجاور بها، وبرأ المتوكل من علته (15).
__________
(1) هود: 65.
(2) الثاقب في المناقب: 536، إعلام الورى: 363.
(3) كشف الغمة 3: 182.
(4) الأنوار القدسية: 101.
(5) الثاقب في المناقب: 556، الخرائج والجرائح 1: 417 / 21، كشف الغمة 3: 185، الصراط المستقيم 2: 205، حلية الأبرار 2: 465.
(6) وحي: أسرع وعجل. والمراد هنا عجلوا بالانصراف.
(7) كفاية الأثر: 285، كمال الدين: 382 / 9، معاني الأخبار: 123 / 1، الخصال: 394 / 102، بحار الأنوار 36: 413 / 3.
(8) كشف الغمة 3: 184.
(9) المجالس السنية 5: 655.
(10) الثاقب في المناقب: 543، المناقب 4: 416.
(11) الثاقب في المناقب: 548، إثبات الوصية: 208.
(12) بحار الأنوار 50: 148 / 33.
(13) بحار الأنوار 50: 127 / 5، مسند الإمام الهادي (عليه السلام): 112 / 24 عن المناقب.
(14) تأريخ الخلفاء: 279، تأريخ ابن الوردي 1: 313.
(15) رجال الكشي: 505، بحار الأنوار 50: 183 / 58.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|