أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-6-2018
728
التاريخ: 3-8-2017
794
التاريخ: 26-8-2017
417
التاريخ: 26-8-2017
490
|
وقد انفجر الصراع بين الأخوين الأمين والمأمون .
الأمين يحرّك جيشاً جرّاراً لاحتلال خراسان ، فيردّ المأمون بأعداد جيش تحت قيادة « طاهر بن الحسين » ، فتدور ملحمة رهيبة جنوب طهران ويهزم جيش الأمين .
وفيما كانت الحرب تدور رحاها ، اشتعلت ثورة في « دمشق » بقيادة « السفياني » مستنصراً بقبائل اليمانية .
جيش آخر يغادر « بغداد » تحت قيادة « الانباري » يصطدم بقوات المأمون في همدان... وينتصر المأمون مرّة أخرى فيعلن خلافته رسمياً .
أصبح مصير بغداد على كفّ عفريت ، الجيوش الخراسانية تزحف باتجاه بغداد تتساقط المدن ، كتفاحات في موسم قطاف.
جيوش الامين تتراجع الى بغداد للدفاع عن عاصمة الرشيد .
مئة الف أو يزيدون من اللصوص والمحتالين يتطوّعون ويشتركون في عملية الدفاع عن المدينة المهدّدة .
وطلائع من قوات طاهر بن الحسين تصل بغداد وتأخذ مواقعها .
المجانيق تبدأ قصفها المدينة المحاصرة وتدك مواقع المدافعين ، بغداد بين نارين نار في الشمال ونار في الجنوب ، ودجلة يجري غير مكترث بما يجري ، ونسائم أيلول تبشّر بشتاء قارص ، والرياح تجري بغير ما تشتهي « حرّاقات » الأمين .
أرخى المساء ستائره على بغداد ، وقذائف المجانيق تشتعل في سماء المدينة المحاصرة كشهب العذاب .
الأمين في قصره على ضفاف دجلة، وألحان موسيقية تنساب كمياه دجلة، كانت القذائف الملتهبة تسقط قريباً، وتفرّ بعض فتيات القصر مذعورات، وكانت زبيدة تراقب قلقة ابنها الذي سينطفئ.
سقطت قذيفة مشتعلة، وتطايرت الشظايا لتسدل الستار على آخر حفل ملوكي للأمين.
نهض الخليفة المهزوم ليواجه قدره، لقد فرّ وزيره الفضل بن ربيع وتركه وحيداً.
سوف تسقط بغداد في يد « ابن مراجل » وسينعم بلذائذ لا نهاية لها .
أمر الخليفة بنقل اسرته الى قلعة المنصورة ، وكانت حلقة الحصار تشتد .
وفي غمرة الليل البهيم اشتعلت النار في قصور الخلافة قصور بناها المنصور والمهدي، والرشيد، تلتهما النار... الأمين ينظر من فوق « المنصورة » الى الحرائق، فتحترق معها أحلامها .
ابن الرشيد تموج في أعماقه رغبات مجنونة ، وحملته ذاكرته الى مشاهد من حياة أبيه اللاهية ، وما روته له زبيدة من أقاصيص هارون، وحكاياته ، وها هي المجانيق تحرق كل شيء أحلامه وآماله ورغباته التي لا تنتهي و... حياته وهو بعد لم يبلغ الثلاثين .
وفي لحظة يأس مرير، وفيما كان قادته يفرّون تحت جنح الظلام كتب الأمين الى « هرثمة » قائد القوّات الشمالية :
يسأله التوسط لدى أخيه، مقابل التنازل عن الخلافة.
وجاء الجواب : لقد « بلغ السيل الزبى » ، و« شغل الحلي أهله أن يعارُ » مع ذلك فاني مجتهد في الاصلاح وسآخذ لك عهداً ، وثيقاً يحفظ لك حياتك ولكن توجه اليّ ليلاً لنتباحث في الأمر ».
حل المساء تلك الليلة من اُخريات « المحرّم » ونسائم أيلول الباردة تحمل رائحة النخيل الذي يحف دجلة كأهداب حورية .
ارتدى خليفة ثياباً بيضاء وارتدى فوقها طيلساناً اسود اللون لإضفاء الصفة الرسمية كملك عباسي .
وشهدت النخيل موكباً صغيراً فيه شبّان وفتيات يتجهون نحو « الحرّاقة الأسد » في مرساها بدجلة .
لقد فضل الأمين ركوب زورقه الملكي، فربما يكون له هيبة الليث وحصّة الأسد.
وبدأ أسد البحر يشق أمواج دجلة صوب الشمال ، وأشار الى جارية أن تغنيه أبيات « أبي نؤاس » التي دشن بها زورقه العجيب ، وراحت الكلمات الشاعرة تتناثر فوق ضفاف دجلة :
سخر الله للأمين مطاي فاذا ما ركابه سرن برّاً عجب الناس إذ رأوك عليه ذات ظفر ونسر وجناحين ... لم تسخر لصاحب المحراب سار في الماء راكباً ليث غاب كيف لو أبصروك فوق العقاب تشق العباب بعد العباب
اشتعلت في اعماقه رغبة في أن يعانق غلامه الاثير ،ولكنه ترك ذلك لحين عودته .
توقفت المجانيق عن قصفها وساد الهدوء تلك الليلة المتوتّرة وخامر زبيدة شعور بان المحادثات قد اسفرت عن نتائج طيبة ، ولكن قلقاً مدمّراً يعصف بقلبها ، ان قلب الأم لا يخطئ !
كان الأسد النهري ما يزال يشق طريقه وسط الأمواج المتدافعة صوب البصرة، فجأة من قلب الليل والمياه المتدافعة اندفعت اشباح مخيفة كالتي يرويها البحارة القادمون من المحيط الهندي... حدث كل شيء بسرعة فقد اهتز المركب الاسطوري ووجد الخليفة الشاب نفسه في قبضة عمالقة أولي بأس شديد .
انبعث صرخات مذعورة من الفتيات ، والقي القبض على الخليفة الذي شدّ وثاقه بغلظة ؛ واستدار الزورق منقلباً باتجاه الجنوب الى حيث تربض قوّات طاهر بن الحسين وتترقب لحظة الاقتحام بشهوة من يريد استباحة آلاف الجواري الحسان.
وفي لحظة يأس القى الخليفة العابث نفسه وسط أمواج دجلة لتبتلعه المياه ، ولكن عمالقة الانس انتشلوه ، حتى لا تنسج حوله الاساطير .
وفي غمرة تلك الليلة العاصفة سقط رأس الخليفة العباسي السادس ليصلب على برج بغداد .
ليس هناك ما هو اكثر مرارة من أن يشهد الانسان لحظات الانهيار.. انهيار الاشياء.. اهتزاز ثوابت الزمن..
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|