أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-7-2017
676
التاريخ: 26-7-2017
783
التاريخ: 27-7-2017
1248
التاريخ: 28-7-2017
969
|
التاريخ ذاكرة الجنس البشري.. ذلك الشيخ الغارق في السنين
مثلما هبّ موسى بن عمران في وجه الفرعون.. مثلما هبّ في وجه هامان وقارون ؛ هبّ موسى بن جعفر في وجه هارون.. هارون الذي قال جدّه من قبل:
إنّما أنا سلطان الله في الارض... انه ظلّ السماء في الارض... انه مشيئة الله وإرادته...
من أجل هذا نهض موسى بأمر الله ليقول لهارون لا.. جاء ليطالب بفدك.. فدك التي كانت يوماً ما بقعة صغيرة فوهبتها السماء الى فاطمة لتكون نحلة لها.. لتكون ارثاً.. ولتكون فيما بعد رمزاً للميراث المغتصب والحق المقهور.. رمزاً لكل الارض الاسلامية .
من أجل هذا نهضت فاطمة بنت محمد... لتطلب حقها في فدك .
ما اصغر فدكاً فوق الارض.. وفي الجغرافيا.. وما أوسعها في خارطة التاريخ ؟!
اهتزت المدينة من اقصاها الى اقصاها فقد جاء موسى يطلب ميراث جدّته البتول... جاء يسترد فدكاً بحدودها العجيبة : من عدن الى سمرقند الى أفريقيا الى سيف البحر مما يلي الجزر وارمينيا...
اشتعل هارون حقداً.. ان موسى يهدد عرشه.. كنوزه.. وقصوره سلطانه ودولته...
وقفت فاطمة بسنيها الستّ تترقب عودة أبيها الذي خرج عند الفجر ولم يعد.. ليست فاطمة وحدها كانت تنتظر عودة الرجل الأسمر الذي يحمل في وجهه طيوف النبوّات.. بل المدينة بأسرها كانت تترقب ما يريد هارون من موسى..
كانت تنتظر الى شقيقها علي وقد بدا وجهه سماءً تنوء بغيوم حزينة.. أدركت فاطمة أن أباها سيغيب ولعلّه لن يعود.. ربّما لن تراه ولن تسمع صوته الدافئ.. شعرت فاطمة بالبرد.. بالخوف يملأ أعماقها.. امتلأت عيناها بالدموع حزناً..
ان موجات الحزن أعمق تأثيراً من هزّات الفرح.. إنّها تحفر أماكنها عميقاً في الذاكرة.. ولا شيء أخلد في دنيا الطفولة البريئة من مشاهد اليتم..
لقد فقدت فاطمة امها قبل أن تعي ما حولها من الدنيا وها هي تشهد العاصفة.. عاصفة القدر عندما تنتزع الأيدي الغليظة أباها الرحيم من أهله وبنيه ، لتثقله بالقيود والأغلال..
نظرت فاطمة الى أخيها.. خُيّل اليها أنها ترى سماءً مثقلة بالغيوم... الله وحده الذي يعرف اغوار الحبّ الذي تتدفق ينابيعه الصافية في قلب فاطمة.. فاطمة التي شهدت بأمّ عينيها عاصفة الزمن المرير..
لقد بدأ زمن الشتات.. زمن التشرّد.. زمن تصبح تهمة الزندقة فيه أهون بكثير من أن يقال هذا من أبناء علي.. من أحفاد محمد...
هارون يخشى موسى.. يخشى كلماته... إنّها صدى لكلمات محمد... لخطب علي .
وقفت فاطمة تودّع من بعيد قافلة أخذت طريق البصرة ـ وقد خفق قلبها الى قبّة تحفّها سيوف ورماح.. ان قلبها لا يخطئ..
غابت القافلة في الأفق البعيد.. وكانت السماء ما انفكّت تمطر على هون .
عادت فاطمة مع شقيقها علي.. عادت تجرجر نفسها وخطاها الى منزل بدا في ذلك الصباح الغائم خيمة مزقتها رياح الزمهرير.. لقد رحل الاب.. انهار عمود الخيمة.. رحل السلام.. وربما دون عودة نظرت فاطمة الى السماء المثقلة بالغيوم.. والمطر.. انبجست دموع طفولية من عينيها.. دموع تشبه مطراً حزيناً راحت تتساقط بصمت .
يا لوعة اليتم في قلوب اليتامى.. ويا لقسوة الزمهرير ، زمهرير الخوف... الخوف من المجهول..
عندما يرحل الأب تصبح الدنيا برداً وصعيقاً.. تصبح بلا شمس.. بلا دفء ولا نور .
ومضى التاريخ يشعل الحوادث هنا وهناك في دنيا الناس .
وتمرّ الايام متتابعة كأمواج نهر تتدافع باتجاه نقطة ما .
وفي بغداد عاصمة الشرق ، تربّع هارون ، يقود أزمّة الأيّام... يحاول دفع الأيام في اتجاه الذي يريد ، ويأبى التاريخ . جلس هارون يفكّر ويدبّر ، وبدت آثار الارهاق على وجهه المكدود لكأنه يصارع قدراً لا مفرّ عنه .
ولو قدّر للمرء أن يجوس خلال القصر تلك الليلة لرأى كيف يسعى الانسان بكل ما أوتي من قدرة الى تغيير مسار التاريخ .
ها هو الرشيد تجتاحه موجة من الأرق المدمّر ، الأرق الذي لا يمكن مواجهته برحلة في مياه دجلة ولا ارتياد قصور برامكة وعبّ كؤوس اللذة.. لقد اندثر البرامكة الى الأبد ، ولم يعد الرشيد يستمتع بالليالي الحمراء فقد غزا جسده مرض لا يُعرف دواؤه! واستولى عليه هاجس الخوف على ملكه العريض الممتد من سمرقند الى حدود أفريقيا ؛ وما برحت الغيوم المسافرة تهطل في تلك الاراضي المترامية لتتدفق بعد حين ذهباً وفضاً ؛ وهارون غارق حتى هامة رأسه في بحر من اللذائذ فكأنه عاد الذي أراد أن يبني جنته في الأرض !
ولكن ما باله هذه الليلة مكدّر الخاطر ، تعصف في رأسه آلاف الهواجس كخنازير وحشية ؟!
اشار الى حارس يقف كتمثال :
ـ عليّ بالأصمعي !
وما أسرع، جاء فجلس قريباً منه ، وأدرك الاصمعي أن هارون يصارع هواجس في أعماقه.. هواجس لا نهاية لها !
وطال الانتظار، لشدّ ما يتغير الكائن البشري... أين دماء العافية التي كانت تموج في وجهه ، لقد غادره ذلك الألق الوردي وحلّت مكانه صفرة رجل حيث الخطى نحو رمسه .
لا أظن ذلك يا سيدي فالعهد مودع في جوف الكعبة ولن يجرؤ أحد على نقض ما يؤسسه الرشيد .
سكت هارون على مضض، وحانت منه التفاته فرأى نور الفجر يخترق ظلمة الفضاء... وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح .
ومضى التاريخ يشعل الحوادث ، مات الرشيد بعد ربع قرن من الحياة اللاهية ، حياة حافلة بكل لذائذ الدنيا الفاتنة ، ومات الفضل البرمكي في السجن ، مات الرشيد ودفن في طوس ، قبل أن، يخمد ثورة اشتعل أوارها في خراسان .
المأمون في خراسان يترقب ما تتمخض عنه الأيام.. الأمين يعتلي العرش الخلافة ، ويبدأ بتحريض من الفضل بن الربيع وزبيدة ومن نفسة الأمّارة بالسوء تنفيذ خططه في إقصاء أخيه من ولاية العهد.. ويعلن تنصيب ابنه موسى ويمنحه لقب « الناطق بالحق » !
ويردّ المأمون بإلغاء العملة التي تحمل اسم الأمين، ويرفض دعوات متكررة للحضور في بغداد.
مئات العمّال ينهمكون ببناء ميادين للصيد حول القصور الخلافة في بغداد، وعمال السفن يبدأون صنع سفن الخليفة الجديد... سفن تشبه سفن الأحلام .
ومياه البحر المتوسط تحمل سفناً اسلامية متوجهه لاسترداد جزيرة « قبرص » .
سيوف الاسلام في الاندلس تسترد « طرطوشة » من « لويس » ، ومعارك ضارية على الحدود ، وجفاف يبشر بقحط شديد .
ثورة في « حمص » ضد الأمين ، ثورات في « افريقية » ضد « الاغالبة » والعيون التي تحلم بالحريّة تبحث عن علوي مشرّد يفجّر فوهّة البركان القادم .
كل شيء يتزلزل تحت الأقدام... لم يكن هناك من شيء ثابت منذ رحيل السلام .
العقول تسقط صريعة تحت بروق المطامع رجال من الشيعة ينفون وفاة الامام موسى، ويرفضون إمامة ابنه علي يغتالون الحقيقة من أجل حطام رخيص دراهم معدودة .
وعلي بن موسى يعلن امامته لوقف حالة التداعي ويربك خطط « الواقفية » في تصفية مذهب أهل البيت عليهم السلام .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|