المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



تفاصيل فتح مكّة  
  
2970   07:55 صباحاً   التاريخ: 21-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص463-466.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2017 3181
التاريخ: 4-5-2017 3212
التاريخ: 23-5-2017 3588
التاريخ: 21-6-2017 3231

لقد قرأنا في ما مضى أنّ رسول الله (صلى الله عليه واله) عقد في السنة السادسة معاهدة صلح مع قريش، نصّت المادة الثالثة منها على : أنّ لكل من قريش والمسلمين أن يتحالفوا مع من شاءوا من القبائل، فتحالفت خزاعة  مع المسلمين، وتعهّد رسول الله (صلى الله عليه واله) لخزاعة في هذا التحالف بان يدافع عن أرضهم وأموالهم وأنفسهم كلما تعرّضوا لخطر، وطلبوا ذلك، وتحالفت قبيلة بني كنانة  ـ وكانوا من أعداء خزاعة التقليديين ـ مع قريش، ولقد تم كل هذا في ضوء عقد معاهدة صلح مدتها عشر سنوات تعهّد فيها الطرفان بالحفاظ على الأمن الاجتماعي، والسلام الشامل في كافة أرجاء الجزيرة العربية، ولقد تعهّد الطرفان ـ في هذه المعاهدة ـ بأن لا يقوم أي واحد منهما بعمليات عسكرية وتحركات عدائية، لا ضدّ الآخر، ولا ضدّ حليف الطرف الآخر، كما لا يحرّك حليفه ضد حليف الطرف الآخر.

ولقد انقضت سنتان من تاريخ التوقيع على هذه المعاهدة، وعاش الجانبان في هذه الفترة في سلام ورفاه، وأمن واستقرار إلى درجة أنّ المسلمين استطاعوا ـ بعد مضيّ سنة واحدة من التوقيع على تلك المعاهدة، أن يزوروا ـ بكامل حريتهم ـ بيت الله الحرام، في مكة المكرمة، ويؤدوا مناسك العمرة أمام عيون الآلاف من أعدائهم الوثنيين وهي العمرة التي سميّت بعدئذ بعمرة القضاء كما عرفت.

ولقد بعث رسول الله (صلى الله عليه واله) في شهر جمادى الاولى من السنة الثامنة للهجرة كتيبة قوامها ثلاثة آلاف مقاتل بقيادة ثلاثة فرسان من أركان جيشه، إلى تخوم الشام وحدودها، لمعاقبة وتأديب المتمردين والجناة من ولاة الروم وعمّالهم فيها، وبالضبط أولئك الذين قتلوا دعاة الاسلام ـ الذين ابتعثهم (صلى الله عليه واله) للدعوة والتبليغ ـ من دون ذنب أو جرم.

والجيش الاسلامي وإن استطاع أن ينجو بنفسه من هذه المعركة، ويخرج منها بسلام، من دون أن تكلّفه تلك المواجهة خسائر كبرى في الأرواح سوى ثلاثة هم قادة الجيش ـ على ما مر في قصة غزوة مؤتة ـ إلاّ أنه ما عاد بانتصار باهر كان يأمله جنود الاسلام المجاهدون، بل كانت العملية في هذه المعركة اشبه ما تكون بعملية الكرّ والفرّ.

وقد أوجب انتشار هذا النبأ جرأة سادة قريش وسراتها، فقد تصوروا أن المسلمين تضاءلت فيهم ( أو انعدمت ) روح الفروسية والاقدام، وروح الشجاعة والبسالة.

من هنا قرّرت قريش أن تخلّ بالأمن والهدوء اللّذين استتبّا بعد اتّفاقية الحديبية، فبادرت ـ أوّلا ـ إلى توزيع الاسلحة على قبيلة بني بكر  من كنانة، وإلى تحريضهم على أن يبيّتوا خزاعة  المتحالفين مع المسلمين، فيغيروا عليهم ليلا، ويقتلوا فريقا، ويأسروا آخرين!!

بل لم تكتف قريش بهذا، إنما اشترك جماعة من رجالها في هذا العمل الغادر بصورة مباشرة، وبذلك نقضوا عهدهم الذي أعطوه في الحديبية، وأخلّوا عمليا بالأمن والسلام، وأحلّوا الفوضى والقتال، مكان الاستقرار والهدوء اللذين سادا الجزيرة خلال عامين في أعقاب عقد معاهدة الحديبية!

أجل، لقد حملت بنو بكر ومن ساعدهم من رجال قريش بتحريك من زعامة مكة على خزاعة  ليلا، وكان بعضهم نياما، والبعض الآخر يتهجد ويعبد الله ليلا، فقتلوا من خزاعة جماعة، وأسروا آخرين، وغادر ـ منهم ـ فريق منازلهم تحت جنح الظلام، ولجئوا إلى مكة التي كانت للعرب يومئذ منطقة أمن لا يجيزون الاعتداء فيها على لاجئ إليها، ودخل الذين لجئوا إلى الحرم دار بديل بن ورقاء وشكوا إليه ما حلّ بهم على ايدي رجال قريش، وحلفائهم من بني كنانة ليلا، من قتل وأسر وتشريد!!

كما وعد المظلومون من خزاعة إبلاغ مظلمتهم إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) فارسلوا رئيسهم : عمرو بن سالم  فقدم المدينة على رسول الله (صلى الله عليه واله) فوقف عليه وهو (صلى الله عليه واله) جالس في المسجد بين ظهرانيي الناس، وأخبره بما لحق بحلفائه من خزاعة على أيدي بني بكر من كنانة بتحريك وتحريض من قريش، وأنشد أبياتا يستغيث فيها برسول الله (صلى الله عليه واله) اذ قال :

يا ربّ إني ناشد محمّدا

                   حلف أبينا وأبيه الا تلدا

فانصر هداك الله نصرا أعتدا

                   وادع عباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله قد تجردا

                   إن سيم خسفا وجهه تربّدا

في فيلق كالبحر يجري مزبدا

                   إنّ قريشا اخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكّدا

                   وجعلوا لي في كداء رصدا

هم بيتونا بالوتير هجّدا

                   وقتلونا ركّعا وسجّدا

وقد كان ابن سالم يعيد البيت الأخير ويكرّره إثارة لمشاعر المسلمين، ويكرّر عبارة : قتلنا وقد أسلمنا.

فانزعج رسول الله (صلى الله عليه واله) من قريش لغدرها ونقضها للعهد، ووعد خزاعة  بالنصرة، وقال : نصرت يا عمرو بن سالم.

وقد أفاض هذا الوعد القاطع والقوي حالة من الطمأنينة على قلب مبعوث خزاعة : عمرو بن سالم اذ قد تيقّن أن رسول الله (صلى الله عليه واله) سينتقم لخزاعة ممن غدروا بها وبيتوها، وفتكوا بأبنائها، وبخاصة من قريش التي حرّضت بني بكر على خزاعة، واشعلت شرارة هذه الفتنة، وبالتالي كانت السبب الحقيقي وراء هذه الجريمة النكراء، ولكن ابن سالم ما كان يظن أن هذه المسألة ستنتهي بفتح مكة، وتقويض دعائم الحكومة الوثنية الجاهلية، والقضاء عليها إلى الأبد!!

ولم يلبث أن قدم المدينة على رسول الله (صلى الله عليه واله) بديل بن ورقاء في جماعة من خزاعة ، وأخبروه بما فعلته قريش وبنو بكر من قتل فتيان خزاعة، ثم عادوا قافلين إلى مكة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.