أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-12-2015
2416
التاريخ: 18/12/2022
1350
التاريخ: 2024-09-07
470
التاريخ: 2023-04-07
1697
|
من الظواهر اللغوية القرآنية مخالفة الخطاب للمخاطب لحكمة ما في كل مورد بحسبه يمكن ان يتصور لهذه الحكمة وجوها تفسيرية متعددة يترتب عليها تنوع الفهم التفسيري عند المفسرين، يحدوهم بهم اتساع الاستعمالات اللغوية من جانب وصدهم قدسية كلام الله تعالى من جانب آخر، مما جعلهم يتفاوتون في فهم النص القرآني جراء هذه الظواهر وغيرها من الأسباب، فمن تلك الظواهر اطلاق لفظ موضوع للجمع يراد به المفرد او موضوع للمفرد ويراد به الجمع، وقد يطلق المثنى ويراد به الجمع وقد يطلق الجمع ويراد به المثنى، وهذا في كلام الخطباء ونظم الشعراء معروف، فعند الاطلاق يتعدد احتمال المراد فيكون بمنزلة المشترك، لاحتمال ان يكون المراد فردا او افرادا او بعض ما تناوله اللفظ، وذلك البعض لا يمكن معرفته بالتأمل في صيغة اللفظ(1).
فمما جاء في اختلافهم في استعمال صيغة الجمع ويراد به المفرد لدى فهم – جملة من المفسرين – لفظ (ارجعون) في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: 99] ، فيعرض البحث جملة من ذلك:
1- انهم استعانوا أولا بالله، ثم رجعوا الى الطلب من الملائكة ان يسالوا الله تعالى(2).
2- انما كان قول (ارجعون) للملائكة الذين يقبضون الأرواح(3).
3- قال رب ارجعون: يعني يقول لملك الموت واعوانه يا سيدي ردني(4).
4- انه جرى على تعظيم الذكر في خطاب الواحد بلفظ الجمع لعظم القدر كما يقول ذلك المتكلم (نحن)(5).
5- انما جمع ليدل على التكرار، كانه قال: ارجعني، ارجعني، ارجعني(6).
6- قال رب ارجعون ولم يقل: ارجعن، فيه معنى التوكيد والتكرير(7).
7- رب ارجعون: أي ارددني الى الدنيا(8).
8- رب ارجعون: هو قول من حضرته الشياطين وزبانية العذاب، فاختلط ولا يدري ما يقول من الشطط، وقد اعتاد امرا يقوله في الحياة، من رد الامر الى المخلوقين(9).
وهذا التنوع في الفهم نتج عما للصيغة من دلالة مختلف فيها لدى أئمة اللغة، حتى نقل بعض المفسرين ما رواه النضر بن شميل (ت 203هـ) عن الخليل بن احمد الفراهيدي (ت 170هـ) قوله: (سئل الخليل عن قوله (رب ارجعون) ففكر ثم قال: سالتموني عن شيء لا احسنه ولا اعرف معناه، والله اعلم)(10)، فاخذ المفسرون ينتظرون في إيجاد معنى مناسب لتفسير هذه الآية كل بحسب ما اوتي من معرفة باللغة وظواهرها وما تؤديه من معان، قال السيوطي (ت 911هـ): (ومثال اطلاق الجمع على المفرد {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: 99] ، أي ارجعني.. وفيه نظر)(11)، وذلك من وقوع الاحتمال الذي ينتج الترديد في المراد، مما دعا بعض المفسرين الى ذكر الوجوه من دون ترجيح اذ كل وجه قد يورد عليه ايراد معين، فالنتيجة ان هذه التأملات والتنظرات افرزت عطاء كميا ونوعيا مما يفصح عن ثراء النص القرآني، اذ ان هذه المفهوم تدور في فلك خدمة الدين والقرآن العظيم.
ومثل هذا الاختلاف والتنوع في استعمال صيغة الجمع لمخاطبة المفرد جاء في استعمال المفرد وإرادة الجمع كما في قوله تعالى: {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ } [النحل: 48] ، فاراد باليمين الايمان، ويفهم ذلك من تقابل في المعنى(12)، واستعمال المفرد وإرادة المثنى كقوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62] ، (ومعناه ان يرضوهما)(13)، واختلفوا في تقديره(14)، وفي اطلاق المثنى وإرادة المفرد كما في قوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [ق: 24] ، والخطاب لمالك خازن النار(15)، كما وقع الخلاف جراء اطلاق صيغة الجمع ويراد بها المثنى كما في قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } [التحريم: 4] ، أي قلباكما، (وانما قال (قلوبكما) مع ان لهما قلبين، لان كلما تثبت الإضافة فيه معنى التثنية، فلفظ الجمع احق به، لانه امكن واخف بإعراب الواحد وقلة الزائد. وذلك في كل شيئين من شيئين، ويجوز التثنية لانها الأصل)(16)، واطلاق صيغة المثنى والمراد الجمع كما في قوله تعالى: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ} [الملك: 4] ، (فانه وان كان لفظه لفظ التثنية فهو جمع، والمعنى (كرات) لان البصر لا يحسر الا بالجمع)(17)، وترتب الخلاف على جعل قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] ، من ذلك الباب(18)، وكذلك اطلاق المفرد وإرادة المثنى كما في قوله تعالى: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: 117] ، فان الشقاء يتناول الاثنين والخطاب للواحد، وذلك (ان في ضمن شقاء الرجل وهو قيم اهله واميرهم شقاءهم، كما ان في ضمن سعادته سعادتهم فاختص الكلام بإسناده اليه دونها مع المحافظة على رعاية الفاصلة)(19)، وامثالها كثيرة.
فكل ظاهرة من هذه الظواهر اللغوية بما فيها من خلاف لدى أئمة اللغة تزيد من الاحتمالات التفسيرية، فكانت مثارا من مثارات تقصي المعاني المترتبة على كل مبنى من المباني التي اوسعت المجال للحراك الفكري التفسيري والتتبع المعرفي اللغوي القرآني.
ــــــــــــــــــــــــ
1) ينظر: السرخسي – أصول السرخسي: 1/ 134.
2) ينظر: الطوسي – التبيان: 7/ 393 والطبرسي – مجمع البيان: 7/ 208.
3) ينظر: الطبري – جامع البيان: 18/ 68 والسمعاني – تفسير السمعاني: 3/ 489 والرازي – تفسير الرازي: 23/ 120.
4) ينظر: السمرقندي – تفسير السمرقندي: 2/ 489.
5) ينظر: الثعلبي – تفسير الثعلبي: 7/ 56 والبغوي – تفسير البغوي: 3/ 317 والنسفي – تفسير النسفي: 3/ 130 وأبو السعود – تفسير ابي السعود: 6/ 150.
6) ينظر: الطبرسي – تفسير مجمع البيان: 9/ 242.
7) ينظر: النحاس – معاني القرآن: 4/ 484.
8) ينظر: الواحدي – تفسير الواحدي: 2/ 753.
9) ينظر: حكاه الزركشي – البرهان: 2/ 235 والسيوطي – الاتقان: 2/ 90.
10) الطوسي – التبيان: 7/ 393 والطبرسي – مجمع البيان: 7/ 208.
11) الاتقان: 2/ 105.
12) الطوسي – التبيان: 6/ 387.
13) الطوسي – التبيان: 1/ 172.
14) ينظر: القرطبي: تفسير القرطبي: 8/ 193 – 194.
15) ينظر: الزركشي – البرهان: 2/ 239 وج3/ 4 والسيوطي – الاتقان: 2/ 90 و104.
16) الطوسي – التبيان: 10/ 47 وينظر: السيوطي – الاتقان: 2/ 105.
17) ينظر: الزركشي – البرهان: 3/ 8.
18) الزركشي – البرهان: 3/ 8.
19) الرازي – تفسير الرازي: 22/ 125.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|