أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-08-2015
1144
التاريخ: 7-08-2015
1058
التاريخ: 30-07-2015
1362
التاريخ: 11-4-2017
2209
|
الدليل على كون هذا الخبر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أنه مع شهرة نقل العامة هذا الخبر لم يجسر أحد من قدمائهم إنكار هذا الخبر لا تصريحا ولا تلويحا ، فلما رأوا دلالة الخبر على إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) واستدلال أهل الحق به عليها ، ارتكبوا فيجب لو لم يكن صدوره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) معلوما عندهم منعه أولا ، ثم تعرض ما يتعلق بالدلالة ، وعدم تعرض أحد منهم المنع مع كون عادتهم وقانون المناظرة تقديم المنع ، يدل على عدم قبول المنع عندهم ، ولعل كثرة الكتب المشتملة على أسناد هذا الخبر في زمانهم وخوفهم من الفضيحة منعاهم عن جرأة المنع .
قال السيد المرتضى (رحمه الله) : أما الدلالة على صحة الخبر ، فما يطالب بها إلا متعنت لظهوره وانتشاره ، وحصول العلم لكل من سمع الإخبار به ، وما المطالب بتصحيح خبر الغدير والدلالة عليه إلا كالمطالب بتصحيح غزوات النبي (صلى الله عليه وآله) الظاهرة المنشورة وأحواله المعروفة ، وحجة الوداع نفسها ، لأن ظهور الجميع وعموم العلم به بمنزلة واحدة .
وبعد فإن الشيعة قاطبة تنقله وتتواتر به ، وأكثر رواة أصحاب الحديث يرويه بالأسانيد المتصلة، وجميع أصحاب السير ينقلونه عن أسلافهم خلفا عن خلف نقلا بغير إسناد مخصوص، كما نقلوا الوقائع والحوادث الظاهرة ، وقد أورده مصنفوا الحديث في جملة الصحيح ، وقد استبد هذا الخبر بما لا يشركه فيه سائر الأخبار .
لأن الأخبار على ضربين : أحدهما لا يعتبر في نقله الأسانيد المتصلة ، كالخبر عن وقعة بدر وخيبر والجمل وصفين ، وما جرى مجرى ذلك من الأمور الظاهرة التي يعلمها الناس قرنا بعد قرن بغير إسناد وطريق مخصوص .
والضرب الآخر يعتبر فيه اتصال الأسناد ، كأكثر أخبار الشريعة ، وقد اجتمع في خبر الغدير معا ، مع تفرقهما في غيره من الأخبار ، على أن ما اعتبر في نقله من أخبار الشريعة اتصال الأسانيد لو فتشت عن جميعه لم تجد إلا الآحاد ، وخبر الغدير قد رواه بالأسانيد الكثيرة المتصلة الجمع الكثير ، فمزيته ظاهرة .
ومما يدل على صحة الخبر إطباق علماء الأمة على قبوله ، ولا شبهة فيما ادعيناه من الاطباق ، لأن الشيعة جعله الحجة في النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) بالإمامة ، ومخالفوا الشيعة تأولوه على خلاف الإمامة على اختلاف تأويلاتهم ، فمنهم من يقول إنه يقتضي كونه (عليه السلام) الأفضل ، ومنهم من يقول : إنه يقتضي موالاته على الظاهر والباطن ، وآخرون يذهبون فيه إلى ولاء العتق ، ويجعلون سببه ما وقع من زيد بن حارثة أو ابنه أسامة بن زيد من المشاجرة ، إلى غير ما ذكرناه من ضروب التأويلات والاعتقادات .
وما نعلم أن فرقة من فرق الأمة ردت هذا الخبر أو اعتقدت بطلانه ، أو امتنعت من قبوله ، وما تجمع الأمة عليه لا يكون إلا حقا عندنا وعند مخالفينا ، وإن اختلفنا في العلة والاستدلال (1) انتهى .
والدليل الآخر على صحة الخبر ما اشتهر بين العامة والخاصة ، على ما ذكره السيد ( رحمه الله ) بقوله : وقد استدل قوم على صحة الخبر بما تظاهرت به الروايات من احتجاج أمير المؤمنين (عليه السلام) في الشورى على الحاضرين في جملة ما عدده من فضائله ومناقبه ، وما خصه الله تعالى به حين قال : أنشدكم الله هل فيكم أحد أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده ، فقال : من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه غيري ؟ فقال القوم : اللهم لا .
وإذا اعترف به من حضر الشورى من الوجوه ، واتصل أيضا بغيرهم من الصحابة ممن لم يحضر الموضع ، كما اتصل به سائر ما جرى ، ولم يكن من أحد نكير له ولا إظهار الشك فيه، مع علمنا بتوفر الدواعي إلى إظهار ذلك ، لو كان الخبر بخلاف ما حكمنا عليه من الصحة ، فقد وجب القطع على صحته (2) .
ولا يخفى أن كل واحد من الوجهين يفيد بانفراده القطع بصحة الخبر في الجملة ، فكيف مع الاجتماع .
اعترض بعدم تواتر المقدمة التي هي العمدة في الاستدلال ، لأن بعض المانعين لدلالة الخبر لم يذكروا المقدمة ، وحديث الشورى أيضا خال عنها .
أجاب السيد بما حاصله : إن كل الشيعة وأكثر رواة العامة نقلوا الخبر بمقدمته وبنقل من نقل ، بل بنقل بعضهم تتم الحجة لنا ، وإغفال البعض لا يضرنا .
وأما حكاية الشورى ، فمن باب الاكتفاء بذكر ما هو المشهور عن الباقي ، كاكتفائه ( عليه السلام ) في الشورى في حكاية الطائر بقوله " أفيكم رجل قال له النبي (صلى الله عليه وآله) اللهم أبعث إلي بأحب خلقك يأكل معي غيري ؟ " وكذلك ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شأنه في خيبر (3) .
أقول : مع علمنا بمقدمة الخبر إذا شرعنا في الاستدلال بالخبر ، نستدل به على فرض عدم المقدمة أيضا .
قال السيد طاب ثراه : فإن قال : أليس قد حكي عن ابن أبي داود السجستاني دفع الخبر ، وحكي عن الخوارج مثله ، وطعن الجاحظ في كتابه العثمانية فيه .
قيل له : أول ما نقوله أنه لا معتبر في باب الاجماع بشذوذ كل شاذ عنه ، بل الواجب أن يعلم أن الذي خرج عنه ممن يعتبر قوله في الاجماع ، ثم يعلم أن الاجماع لم يتقدم خلافه ، فإن ابن أبي داود والجاحظ لو صرحا بالخلاف لسقط خلافهما بما ذكرناه من الاجماع ، خصوصا بالذي لا شبهة فيه من تقدم الاجماع وفقد الخلاف ، وقد سبقهما ثم تأخر عنهما .
على أنه قد قيل : إن ابن أبي داود لم ينكر الخبر ، وإنما أنكر كون المسجد الذي بغدير خم متقدما ، وقد حكي عنه التنصل من القدح في الخبر والتبري مما قذفه به محمد بن جرير الطبري .
وأما الجاحظ ، فلم يتجاسر أيضا على التصريح بدفع الخبر ، وإنما طعن في بعض رواته وادعى اختلاف ما نقل من لفظه ، ولو صرح الجاحظ والسجستاني وأمثالهما بالخلاف لم يكن قادحا لما قدمناه .
فأما الخوارج ، فما يقدر أحد على أن يحكي عنهم دفعا لهذا الخبر ، أو امتناعا من قبوله ، وهذه كتبهم ومقالاتهم موجودة وهي خالية مما ادعي ، والظاهر من أمرهم حملهم الخبر على التفضيل، أو ما جرى مجراه من صنوف (4) تأويل مخالفي الشيعة .
وإنما آنس بعض الجهلة بهذه الدعوى على الخوارج ما ظهر عنهم فيما بعد من القول الخبيث في أمير المؤمنين (عليه السلام) فظن أن خلافهم له ورجوعهم عن ولايته يقتضي أن يكونوا جحدوا فضائله ومناقبه ، وقد أبعد هذا المدعي غاية البعد ، لأن انحراف الخوارج إنما كان بعد التحكيم للسبب المعروف ، وإلا فاعتقادهم لإمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) وفضله وتقدمه قد كان أمرا ظاهرا ، وهم على كل حال بعض أنصاره وممن جاهد معه الأعداء ، وكانوا في عداد الأولياء إلى أن كان من أمرهم ما كان (5) انتهى .
اعلم أنه لا حاجة لنا في إثبات قطعية الخبر إلى إثبات الاجماع ، لأن العلم بالخبر قد يحصل بالتواتر ، وقد يحصل بالقرائن ، وإن لم يكن متواترا ، وقد لا يحصل لآخر للاعتقاد بما ينافيه لشبهة ، أو لعدم تخلية النفس ، فكما أن الاعتقاد بما ينافي الأوليات لشبهة مع جلائها وغنائها عن جميع ما هو خارج عنها مانع عن الاذعان بها ، فكذا غيرها .
ولا يخفى على أحد ممن خلى نفسه عن الأغراض ، وفرض عرض عقائده وأعماله على الميزان ، قطعية الخبر بملاحظة الدليلين المنقولين ، لصحة الخبر من السيد (رحمه الله) بل بأحدهما ، وإن فرض إصرار الخوارج والجاحظ وابن أبي داود في إنكار الخبر من غير حاجة إلى ملاحظة زمان سابق ولاحق عن زمانهم .
اعلم أن صاحب المغني سئل بما حاصله : أن مقدمة الرواية لما دلت على وجوب الإطاعة والانقياد ، فكذا الجملة التابعة لها . وأجاب بما حاصله : تجويز إرادة الاشفاق والرحمة وحسن النظر وغيرها مما لا حاجة لنا إلى نقله ، إلى أن قال : على أن كثيرا من شيوخنا (6) ينكر أن يكون هذه المقدمة ثابتة بالتواتر ، ونقول : إنها من باب الآحاد ، والثابت قوله (صلى الله عليه وآله) " من كنت مولاه " إلى آخر الخبر ، وهو الذي ذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) في مجالس عدة عند ذكر مناقبه (7) انتهى .
ولا يخفى من سياق الكلام أنه لم يجترأ من إنكار المقدمة ولا من انتسابه إلى مشايخه مطلقا ، بل نسبه إلى كثير من شيوخه التي تدل على كون المقدمة متواترة عند باقي شيوخه ، وهذا قاطع في كون المقدمة متواترة عند بعضهم ، وتواتر المقدمة لا ينافي عدم نقل بعضهم ، فلعل ترك بعضهم للمنافاة لما أصروا عليه لبعض الدواعي ، وبعضهم لشبهة عدم التواتر من عدم نقل البعض الأول ، أو عدم ذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) في الشورى .
_________________
(1) الشافي للشريف المرتضى 2 : 261 - 262 .
(2) الشافي 2 : 265 .
(3) الشافي 2 : 267 - 268 .
(4) في الشافي : ضروب .
(5) الشافي 2 : 263 - 265 .
(6) اعلم أن قول القاضي بأن كثيرا من شيوخنا ينكر أن يكون هذه المقدمة ثابتة بالتواتر ، لا يدل على أقلية القائلين بالتواتر من مشايخه عنده ، وإنما يدل عليها لو كانت كثرة المنكرين إضافية عنده ، ولا دلالة في كلامه عليه ، فلا تنافي بين ما ذكره السيد في جواب منع تواتر المقدمة ، من أن كل الشيعة وأكثر رواة العامة نقلوا الخبر بمقدمته ، وما ذكرته في عدم إخلال السند في نقل حكاية السقيفة جار في هذا وأمثاله .
ولو فرض دلالة ما ذكره على أقلية القائلين بالتواتر من مشايخه لعدم عده أكثر ناقلي المقدمة من المشايخ ، وإن كانوا من أهل السنة ، فلا ضرر فيها أصلا ، لأن نقل بعض مشايخه كاف كما ذكرته في الأصل ، وإن كان الناقلون قليلا إضافيا وحقيقيا أيضا ، فإذا كان الناقلون أكثر فالدلالة على الكفاية أظهر وإن لم يعد القاضي واحدا منهم من المشايخ " منه " .
(7) الشافي 2 : 297 عنه .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|